ارشيف من :آراء وتحليلات
عودة علي عبد الله صالح: حرب بالوكالة على الشعب اليمني!

عقيل الشيخ حسين
بغضّ النظر عن أهدافها الحقيقية، نصت المبادرة الخليجية بشأن اليمن على نقل صلاحيات الرئيس علي عبد الله صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، تمهيداً لإجراء انتخابات حرة كمدخل للعودة باليمن إلى حياة طبيعية ومستقرة.
والمعروف أن هذه المبادرة قد أطلقت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة الاتحاد الأوروبي وبتوجيه مباشر من قبل الأميركيين. ما يعني أنها نتاج لإجماع دولي وإقليمي لم يتوافر إلا في الحرب العراقية على إيران، ومن بعدها في الحروب على أفغانستان والعراق وليبيا، وصولاً إلى الحملات الدولية والإقليمية على إيران وسوريا ولبنان.
والملاحظ أن الغائب الأكبر في موقف التحالف الدولي/ الإقليمي تجاه اليمن هو الصرامة والحسم اللذان ميزا سلوكه في الحروب والحملات المذكورة، وهي الحملات التي لم يحل دون تحولها إلى حروب ساخنة إلا خوف التحالف الدولي/ الإقليمي من أن تفضي إلى هزيمة أشد من تلك التي مُني بها الجيش الإسرائيلي في لبنان، صيف العام 2006.
والإشارة ضرورية هنا إلى أن استقرار اليمن وعودته إلى الحياة الطبيعية هما آخر هموم أميركا وحلفائها الغربيين الذين لا يهمهم ـ بشهادة تاريخهم الاستعماري وحاضرهم المسكون بمفاهيم النظام العالمي الجديد والفوضى البناءة ـ غير توسعة مناطق نفوذهم خدمة لأغراض الهيمنة وقهر الشعوب.
وهما أيضاً، وبعيداً عن دعاوى الأخوة والتعاطف بين الأشقاء، مدعاة قلق وخوف عند الأشقاء الخليجيين الذين ابتكرت لهم عمليات التجزئة الاستعمارية دولاً وإمارات عديدة بأعداد محدودة من السكان وثروات نفطية هائلة في حين يعاني اليمن، بملايينه الذين يزيدون عن العشرين من ويلات الفقر والبؤس.
وفيما لو أغفلنا النوازع التوسعية التي كانت في أساس توحيد الحجاز ونجد عسكرياً تحت العلم السعودي، وفي أساس ضم العديد من المناطق اليمنية إلى السعودية، فإن الأكيد أن المملكة العربية هي الأكثر حساسية بين جاراتها الخليجيات تجاه أي تطور تشهده الساحة اليمنية.
وخصوصاً أن البلدين متلاصقان جغرافياً على جانبي حدود تمتد لآلاف الكيلومترات، ومساعي سعودية لإقامة جدران عازلة في بعض المناطق الحدودية للحد من تدفق اليمنيين الباحثين عن عمل في البلد المجاور العائم على بحر من النفط والبترودولارات.
وتكفي "أبقوا اليمن ضعيفاً" وهي الوصية الشهيرة التي تركها الملك عبد العزيز آل سعود لأبنائه، للتدليل على حساسية السعودية تلك. فمنذ ضم عسير وجيزان، ومعاداة النظام الجمهوري الذي نشأ بعد انقلاب عبد الله السلال، واغتيال إبراهيم الحمدي، والتحيز السعودي لطرف على طرف في الحروب الأهلية اليمنية... وصولاً إلى محاولات زعزعة نظام علي عبد الله صالح لمواقفه الرافضة للحرب على العراق، قبل الانتقال إلى دعمه في الفترة الحالية... كان العمل على إضعاف اليمن ثابتة من ثوابت السياسات السعودية في شبه الجزيرة العربية.
أما المبادرة الخليجية فلا تخرج عن هذا الإطار: إزاحة علي عبد الله صالح عن الحكم، وإبداله بحاكم من الطراز نفسه مع المحافظة على طبيعة النظام، أو إبقاؤه في الحكم وإنزال الهزيمة بالثورة اليمنية مع كل ما يعنيه ذلك من وأد لمستقبل اليمن وطموحات شعبه.
وخلافاً للتصريحات الأميركية والأوروبية والسعودية التي تظهر التمسك بالمبادرة الخليجية بقدر ما أوحت أن علي عبد الله صالح قد انتهى بعد سفره الاستشفائي إلى السعودية، يبدو أن الغلبة كانت للخيار الأخير.
فبمجرد مغادرته اليمن بعد نجاته من القصف الذي طاول قصره في صنعاء، ظهرت دعوات في الواشنطن بوست مفادها أن اليمن قد بدأ يشق طريقه نحو الاستقرار والازدهار في ظل عبد ربه منصور هادي والديموقراطية، بالتوازي مع كلام سعودي عن إصابة صالح بجروح يصعب التعافي منها في الإطار المنظور.
وقبل أيام تواترت التصريحات السعودية والأميركية عن تنحي صالح في غضون أسبوع على الأكثر. ومع ذلك فوجئ العالم بعودة صالح إلى اليمن، وخصوصاً بتصريحاته "الرئاسية"، في وقت كان نجله أحمد يعلن بالصوت الملآن أن الحسم العسكري هو الحل الوحيد... ويقرن القول بالعمل عبر ارتكاب مجازر في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى سقط فيها مئات القتلى والجرحى.
من الواضح أن تنحية علي عبد الله صالح كانت أمراً ميسوراً أثناء إقامته الاستشفائية في السعودية. ومن الواضح أنه لم يعد إلى اليمن بل أرسل إليها لشن حرب أميركية ـ سعودية بالوكالة على الشعب اليمني. ومن الواضح أن التلويح بقرب تنحيه لم يكن، شأنه شأن المبادرة الخليجية، غير محاولة ناجحة لكسب الوقت.
ومن الواضح، في زمن الهزائم الذي أصبح سمة العصر الدولي/ الإقليمي، أن كسب الوقت شيء وكسب الحرب شيء آخر.
بغضّ النظر عن أهدافها الحقيقية، نصت المبادرة الخليجية بشأن اليمن على نقل صلاحيات الرئيس علي عبد الله صالح إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، تمهيداً لإجراء انتخابات حرة كمدخل للعودة باليمن إلى حياة طبيعية ومستقرة.
والمعروف أن هذه المبادرة قد أطلقت من قبل دول مجلس التعاون الخليجي بمشاركة الاتحاد الأوروبي وبتوجيه مباشر من قبل الأميركيين. ما يعني أنها نتاج لإجماع دولي وإقليمي لم يتوافر إلا في الحرب العراقية على إيران، ومن بعدها في الحروب على أفغانستان والعراق وليبيا، وصولاً إلى الحملات الدولية والإقليمية على إيران وسوريا ولبنان.
والملاحظ أن الغائب الأكبر في موقف التحالف الدولي/ الإقليمي تجاه اليمن هو الصرامة والحسم اللذان ميزا سلوكه في الحروب والحملات المذكورة، وهي الحملات التي لم يحل دون تحولها إلى حروب ساخنة إلا خوف التحالف الدولي/ الإقليمي من أن تفضي إلى هزيمة أشد من تلك التي مُني بها الجيش الإسرائيلي في لبنان، صيف العام 2006.
والإشارة ضرورية هنا إلى أن استقرار اليمن وعودته إلى الحياة الطبيعية هما آخر هموم أميركا وحلفائها الغربيين الذين لا يهمهم ـ بشهادة تاريخهم الاستعماري وحاضرهم المسكون بمفاهيم النظام العالمي الجديد والفوضى البناءة ـ غير توسعة مناطق نفوذهم خدمة لأغراض الهيمنة وقهر الشعوب.
وهما أيضاً، وبعيداً عن دعاوى الأخوة والتعاطف بين الأشقاء، مدعاة قلق وخوف عند الأشقاء الخليجيين الذين ابتكرت لهم عمليات التجزئة الاستعمارية دولاً وإمارات عديدة بأعداد محدودة من السكان وثروات نفطية هائلة في حين يعاني اليمن، بملايينه الذين يزيدون عن العشرين من ويلات الفقر والبؤس.
وفيما لو أغفلنا النوازع التوسعية التي كانت في أساس توحيد الحجاز ونجد عسكرياً تحت العلم السعودي، وفي أساس ضم العديد من المناطق اليمنية إلى السعودية، فإن الأكيد أن المملكة العربية هي الأكثر حساسية بين جاراتها الخليجيات تجاه أي تطور تشهده الساحة اليمنية.
وخصوصاً أن البلدين متلاصقان جغرافياً على جانبي حدود تمتد لآلاف الكيلومترات، ومساعي سعودية لإقامة جدران عازلة في بعض المناطق الحدودية للحد من تدفق اليمنيين الباحثين عن عمل في البلد المجاور العائم على بحر من النفط والبترودولارات.
وتكفي "أبقوا اليمن ضعيفاً" وهي الوصية الشهيرة التي تركها الملك عبد العزيز آل سعود لأبنائه، للتدليل على حساسية السعودية تلك. فمنذ ضم عسير وجيزان، ومعاداة النظام الجمهوري الذي نشأ بعد انقلاب عبد الله السلال، واغتيال إبراهيم الحمدي، والتحيز السعودي لطرف على طرف في الحروب الأهلية اليمنية... وصولاً إلى محاولات زعزعة نظام علي عبد الله صالح لمواقفه الرافضة للحرب على العراق، قبل الانتقال إلى دعمه في الفترة الحالية... كان العمل على إضعاف اليمن ثابتة من ثوابت السياسات السعودية في شبه الجزيرة العربية.
أما المبادرة الخليجية فلا تخرج عن هذا الإطار: إزاحة علي عبد الله صالح عن الحكم، وإبداله بحاكم من الطراز نفسه مع المحافظة على طبيعة النظام، أو إبقاؤه في الحكم وإنزال الهزيمة بالثورة اليمنية مع كل ما يعنيه ذلك من وأد لمستقبل اليمن وطموحات شعبه.
وخلافاً للتصريحات الأميركية والأوروبية والسعودية التي تظهر التمسك بالمبادرة الخليجية بقدر ما أوحت أن علي عبد الله صالح قد انتهى بعد سفره الاستشفائي إلى السعودية، يبدو أن الغلبة كانت للخيار الأخير.
فبمجرد مغادرته اليمن بعد نجاته من القصف الذي طاول قصره في صنعاء، ظهرت دعوات في الواشنطن بوست مفادها أن اليمن قد بدأ يشق طريقه نحو الاستقرار والازدهار في ظل عبد ربه منصور هادي والديموقراطية، بالتوازي مع كلام سعودي عن إصابة صالح بجروح يصعب التعافي منها في الإطار المنظور.
وقبل أيام تواترت التصريحات السعودية والأميركية عن تنحي صالح في غضون أسبوع على الأكثر. ومع ذلك فوجئ العالم بعودة صالح إلى اليمن، وخصوصاً بتصريحاته "الرئاسية"، في وقت كان نجله أحمد يعلن بالصوت الملآن أن الحسم العسكري هو الحل الوحيد... ويقرن القول بالعمل عبر ارتكاب مجازر في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى سقط فيها مئات القتلى والجرحى.
من الواضح أن تنحية علي عبد الله صالح كانت أمراً ميسوراً أثناء إقامته الاستشفائية في السعودية. ومن الواضح أنه لم يعد إلى اليمن بل أرسل إليها لشن حرب أميركية ـ سعودية بالوكالة على الشعب اليمني. ومن الواضح أن التلويح بقرب تنحيه لم يكن، شأنه شأن المبادرة الخليجية، غير محاولة ناجحة لكسب الوقت.
ومن الواضح، في زمن الهزائم الذي أصبح سمة العصر الدولي/ الإقليمي، أن كسب الوقت شيء وكسب الحرب شيء آخر.