ارشيف من :آراء وتحليلات
14 آذار: غضب من الراعي أم احتجاج على الغرب!

هيلدا المعدراني
الأهم في مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة لجهة الوضع في سوريا ودفاعه عن سلاح المقاومة والتي تواكبت مع زيارة تاريخية له لمنطقتي بعلبك الهرمل والجنوب، هي أن هذه المواقف تمثل استجابة ذكية لإرهاصات أولية لتبدلات دولية وإقليمية كبرى، بدأت تظهر ملامحها في ساحات المنطقة، بعد عجز القوى الغربية بالتحالف مع تركيا إضافة إلى الإسناد العربي عن استثمار الربيع العربي بقصد كسب سوريا لجانب المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي وضرب المقاومة في لبنان ومحاصرة إيران وحرمانها من حصتها عندما يحين موعد توزيع النفوذ بين القوى الإقليمية الكبرى، والمقصود (تركيا، إيران، وإسرائيل).
إذاً، لم يكن التغيير الذي أحدثه الراعي على مواقف بكركي سوى استباق لهندسة إقليمية يجري العمل حالياً على إخراجها ووضعها موضع التنفيذ، على أن تضمن هذه الهندسة البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه للمتورطين بالمؤامرة على سوريا عبر تسوية لا تمس ثبات وقوة النظام في دمشق، والتلويح لطهران بصفقة كبرى تشمل ما يسمى ملفها النووي والاعتراف بوزنها الاقليمي والدولي، والسعي لدى قادة الحراك المصري للحفاظ على المكاسب الأمنية التي كانت قد أحرزتها "إسرائيل" من خلال معاهدة كمب ديفيد وعلاقاتها مع نظامي أنور السادات وحسني مبارك.
ما يعرفه الراعي لم يكن مجهولاً من قبل قوى 14 آذار، وبالأخص من مسيحيي هذا الفريق، فقد بلغ مسامعهم من مشغليهم الدوليين، عقم الرهان على إسقاط النظام في دمشق أو تدجينه، وكانت قد بلغت مسامعهم أيضاً أن الوقت بدأ ينفد لدى القوى الغربية لإجراء هذا التغيير، وأن هذه القوى مضطرة للتفرغ لقضاياها الداخلية وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية التي تتخبط بها والتي بلغت مستويات تهدد بانفراط الاتحاد الاوروبي وانقسامات داخل الولايات المتحدة الاميركية نفسها، إضافة إلى مخاوف الغرب بأسره من استمرار الوضع في المنطقة العربية على وتيرته الحالية، الأمر الذي سيضع الأمن الدولي على محك أخطار رهيبة تؤسس لصدام كوني أين منه الحربان العالميتان الأولى والثانية.
على هذا، لم تكن مشكلة فريق 14 آذار مع البطريرك الماروني، على صحة أو عدم صحة العوامل والدوافع التي أملت عليه مواقفه الأخيرة، ففي هذا المجال يقرأ هذا الفريق مع الراعي من نفس الكتاب، فهو على دراية بالوجهة الجديدة التي تسلكها القوى الغربية في المنطقة، غير أن خلافه مع البطريرك، هو أن الأخير سارع إلى تدارك مصلحة المسيحيين في الشرق وحماية عيشهم المشترك مع سائر الجماعات الدينية في المنطقة، مخافة استخدامها من القوى السياسية التي راهنت على المشروع الغربي الفاشل لإعادة تعويم نفسها وإعادة انتاج دور لها بعد تبلور التبدلات المنتظرة على صعيد المنطقة ككل.
من هنا، يمكن فهم خطاب 14 آذار اليوم من مواقف الراعي أو زيارتيه لكل من بعلبك الهرمل والجنوب، وهذا الخطاب يمكن اختصاره بما قاله سمير جعجع في مهرجان قواته الأخير، وهو ينطوي على رسالة مزدوجة، الأولى فرعية، وهي تعبير عن حنق هذا الفريق من الراعي وتحميله مسؤولية تضييع ورقة المساومة بالمسيحيين في المشرق عامة ولبنان خاصة مع القوى المحلية التي أثبتت جدارة وكفاءة في التصدي للقوى الغربية ومؤامراتها، والثانية، هي رسالة احتجاج وصرخة أخيرة يطلقها هذا الفريق بوجه مشغليه الغربيين رافضاً أن يكون من القرابين التي سيضحي بها الغرب على مذبح التسوية القادمة حتماً.
الأهم في مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة لجهة الوضع في سوريا ودفاعه عن سلاح المقاومة والتي تواكبت مع زيارة تاريخية له لمنطقتي بعلبك الهرمل والجنوب، هي أن هذه المواقف تمثل استجابة ذكية لإرهاصات أولية لتبدلات دولية وإقليمية كبرى، بدأت تظهر ملامحها في ساحات المنطقة، بعد عجز القوى الغربية بالتحالف مع تركيا إضافة إلى الإسناد العربي عن استثمار الربيع العربي بقصد كسب سوريا لجانب المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي وضرب المقاومة في لبنان ومحاصرة إيران وحرمانها من حصتها عندما يحين موعد توزيع النفوذ بين القوى الإقليمية الكبرى، والمقصود (تركيا، إيران، وإسرائيل).
إذاً، لم يكن التغيير الذي أحدثه الراعي على مواقف بكركي سوى استباق لهندسة إقليمية يجري العمل حالياً على إخراجها ووضعها موضع التنفيذ، على أن تضمن هذه الهندسة البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه للمتورطين بالمؤامرة على سوريا عبر تسوية لا تمس ثبات وقوة النظام في دمشق، والتلويح لطهران بصفقة كبرى تشمل ما يسمى ملفها النووي والاعتراف بوزنها الاقليمي والدولي، والسعي لدى قادة الحراك المصري للحفاظ على المكاسب الأمنية التي كانت قد أحرزتها "إسرائيل" من خلال معاهدة كمب ديفيد وعلاقاتها مع نظامي أنور السادات وحسني مبارك.
ما يعرفه الراعي لم يكن مجهولاً من قبل قوى 14 آذار، وبالأخص من مسيحيي هذا الفريق، فقد بلغ مسامعهم من مشغليهم الدوليين، عقم الرهان على إسقاط النظام في دمشق أو تدجينه، وكانت قد بلغت مسامعهم أيضاً أن الوقت بدأ ينفد لدى القوى الغربية لإجراء هذا التغيير، وأن هذه القوى مضطرة للتفرغ لقضاياها الداخلية وفي مقدمها الأزمة الاقتصادية التي تتخبط بها والتي بلغت مستويات تهدد بانفراط الاتحاد الاوروبي وانقسامات داخل الولايات المتحدة الاميركية نفسها، إضافة إلى مخاوف الغرب بأسره من استمرار الوضع في المنطقة العربية على وتيرته الحالية، الأمر الذي سيضع الأمن الدولي على محك أخطار رهيبة تؤسس لصدام كوني أين منه الحربان العالميتان الأولى والثانية.
على هذا، لم تكن مشكلة فريق 14 آذار مع البطريرك الماروني، على صحة أو عدم صحة العوامل والدوافع التي أملت عليه مواقفه الأخيرة، ففي هذا المجال يقرأ هذا الفريق مع الراعي من نفس الكتاب، فهو على دراية بالوجهة الجديدة التي تسلكها القوى الغربية في المنطقة، غير أن خلافه مع البطريرك، هو أن الأخير سارع إلى تدارك مصلحة المسيحيين في الشرق وحماية عيشهم المشترك مع سائر الجماعات الدينية في المنطقة، مخافة استخدامها من القوى السياسية التي راهنت على المشروع الغربي الفاشل لإعادة تعويم نفسها وإعادة انتاج دور لها بعد تبلور التبدلات المنتظرة على صعيد المنطقة ككل.
من هنا، يمكن فهم خطاب 14 آذار اليوم من مواقف الراعي أو زيارتيه لكل من بعلبك الهرمل والجنوب، وهذا الخطاب يمكن اختصاره بما قاله سمير جعجع في مهرجان قواته الأخير، وهو ينطوي على رسالة مزدوجة، الأولى فرعية، وهي تعبير عن حنق هذا الفريق من الراعي وتحميله مسؤولية تضييع ورقة المساومة بالمسيحيين في المشرق عامة ولبنان خاصة مع القوى المحلية التي أثبتت جدارة وكفاءة في التصدي للقوى الغربية ومؤامراتها، والثانية، هي رسالة احتجاج وصرخة أخيرة يطلقها هذا الفريق بوجه مشغليه الغربيين رافضاً أن يكون من القرابين التي سيضحي بها الغرب على مذبح التسوية القادمة حتماً.