ارشيف من :آراء وتحليلات
عن أي حزن يتحدث السيد جوبيه؟!
عقيل الشيخ حسين
لا شيء يثلج صدور الحاقدين على سوريا بسبب ما تعتمده من سياسة رفض الانبطاح، مثلما يثلجه سفك دماء السوريين. يلاحظ ذلك بحدّه الأدنى في الابتهاج الذي يظهر على مُحيا المذيعات والمذيعين في الأبواق الفضائية عندما يقرأون التقارير عن سقوط القتلى السوريين.
ويتهمون الجيش العربي السوري وقوى الأمن ومن يسمونهم بالشبيحة بأنهم يطلقون النار على تظاهرات الاحتجاج السلمي. لكنهم يحجبون أو يمرون مروراً سريعاً على كل ما له علاقة بوجود شبكات من الإرهابيين المدربين في قواعد الحلف الأطلسي وبعض البلدان المجاورة، والمجهزين بأعتدة وأسلحة يستخدمونها في اغتيال رجال الأمن والعلماء والأكاديميين والمواطنين العاديين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وفي عمليات تفجير القطارات وأنابيب النفط والإدارات العامة.
ولا يترددون لخدمة أغراضهم الكيدية في اللجوء إلى الكذب، ذلك السلاح الذي استخدم لتبرير غزو العراق وأفغانستان وقبلهما لتبرير اغتصاب فلسطين والكثير غير ذلك من مشاريع السطو والهيمنة. فيختلقون أخباراً من نوع القصة التي تمت دبلجتها حول زينب الحصني، ويستلهمون هوليود في تصوير أفلام في المختبرات عما يسمونه القمع في سوريا، أو يستخرجون من الأرشيف صوراً قديمة لأحداث جرت هنا وهناك ويقدمونها على أنها أحداث واقعية تجري في سوريا.
ويصل الأمر بأصحاب المآرب والمندسين وعملاء الاستخبارات، وكذلك بمن تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب إلى رفع العقائر للمطالبة بمنطقة حظر جوي فوق سوريا أو بتدخل عسكري أطلسي على غرار ما يجري في ليبيا! وكأن الويلات التي بدأت تضرب ليبيا والتي لا يعرف أحد مدى ما تجره وما ستجره على الشعب الليبي هي عين الاستقلال والتغيير والحرية والديموقراطية.
وأكثرهم تظاهراً بالعفة، ذلك النوع من المعارضين الذين تحتضنهم عواصم الغرب، وتفتح أمامهم قنوات الإعلام بما فيها الإسرائيلية، ويعينهم على تنظيم مؤتمراتهم وندواتهم صهاينة معروفون، والذين يعتبرون أن التغيير لا بد أن يكون من صنع الشعب السوري لا عن طريق التدخل العسكري، لكنهم يفضحون أنفسهم عندما يعبرون عن استيائهم إزاء الصمت الخارجي الذي يقتلهم، وإزاء تقاعس المجتمع الدولي عن نصرتهم.
يفعلون ذلك ويتناسون الدول الأوروبية التي لا يمر أسبوع من دون أن تتقدم من مجلس الأمن بطلب لإصدار قرار بإدانة سوريا يكون تمهيداً لتبرير التدخل العسكري وقصف المدن السورية بصواريخ كروز وتوما هوك وبالقنابل الذكية.
ولا يلاحظون، إذا كانوا عرباً كما يزعمون، كيف أن أميركا وحلفاءها في مجلس الأمن يضعون كل ثقلهم في إصدار قرارات وبيانات رئاسية في إدانة سوريا وفي فرض العقوبات الاقتصادية على شعبها، ويبخلون في الوقت نفسه على الشعب الفلسطيني حتى بحق العضوية كمراقب في هذه أو تلك من المؤسسات الهامشية التابعة للأمم المتحدة.
وعندما تستخدم روسيا والصين حق النقض في اعتراض قرارات مجلس الأمن الجائرة بحق سوريا، يتناسون عشرات المرات التي استخدم فيها الفيتو من قبل رعاتهم الغربيين في اعتراض، أو حتى في التراجع عن قرارات عادلة بخصوص القضية الفلسطينية... وعلى خطى رعاتهم الغربيين يوجهون إلى روسيا والصين تهماً باللاأخلاقية واللامسؤولية!
لكن المشكلة الحقيقية ليست مع أولئك الذين يسمون أنفسهم بالمعارضين ويريدون لأنفسهم أن يكونوا أبطالاً لما يسمى بـ "الربيع العربي"، ذلك الربيع الذي انكشف حتى الآن عن "جحيم" أطبق على ليبيا وعن أبطال "ليبيين" تربطهم علاقات وثيقة بنتنياهو وغيره من المسؤولين الصهاينة.
المشكلة الحقيقية هي مع الرأس لا مع الأذناب. فالرأس ممثلاً بفرنسا الغيورة على حرية العرب والتي أثبتت حرصها على نصرة قضاياهم في ساحات ليس أقلها رسم خارطة سايكس ـ بيكو، والانتداب على سوريا ولبنان، واحتلال بلدان المغرب، والمشاركة الفعالة في العدوان الثلاثي على مصر، وتزويد الكيان الصهيوني بالقنابل النووية... فرنسا هذه كانت أمينة تماماً لتاريخها الاستعماري الحاقد على العرب عندما كانت الأولى بين دول الغرب التي سارعت منذ اللحظة الأولى إلى معاداة الثورة التونسية ومساندة زين العابدين بن علي.
لذا، لا عجب إزاء صمود سوريا وانتصارها في مجلس الأمن وعلى الأرض في سوريا والمنطقة، أن يطيش عقل وزير الخارجية الفرنسي وأن يزل لسانه وهو يتحدث عن يوم حزين بالنسبة للشعب السوري. فالحقيقة أن كل حزنه هو على تحطم المشروع الاستكباري أمام أبواب سوريا.
هذا بالنسبة لمواقف فرنسا من حرية العرب واستقلالهم. أما بالنسبة للمسلمين، فيكفي موقفها المشهود الرافض لانضمام تركيا (شريكتها في الحلف الأطلسي وفي مناصرة ما يسمى بالربيع العربي) إلى الاتحاد الأوروبي لأسباب "ثقافية"، أي دينية بالدرجة الأولى.
أما مواقف أميركا وبريطانيا وألمانيا وسائر البلدان الغربية التي تكيد الآن لسوريا، في جملة كيدها لقضايا العرب والمسلمين، فهي تملأ كتب التاريخ الراهن، فضلاً عن التاريخ الأسبق عهداً. والأعجوبة ليست في جهل أولئك العرب والمسلمين ممن يسيرون في الركب الأميركي لحقائق التاريخ التي يعرفها الجميع. بل في كونهم يكيدون للتاريخ. وكمن يسعى إلى رد السيل عن عبابه يسعون إلى كسر مسار التاريخ السائر قدماً نحو الانعتاق من ربقة الاستكبار.
إنه مسعى خاسر وغبي، بغضّ النظر عن الأخلاق والقيم وحتى المصالح: ألا يلاحظون الانهيار المعمم الذي تقف على شفيره بلدان الغرب التي يوالونها ويجعلون من أنفسهم أدوات لخدمة مشاريعها المحتضرة؟
لا شيء يثلج صدور الحاقدين على سوريا بسبب ما تعتمده من سياسة رفض الانبطاح، مثلما يثلجه سفك دماء السوريين. يلاحظ ذلك بحدّه الأدنى في الابتهاج الذي يظهر على مُحيا المذيعات والمذيعين في الأبواق الفضائية عندما يقرأون التقارير عن سقوط القتلى السوريين.
ويتهمون الجيش العربي السوري وقوى الأمن ومن يسمونهم بالشبيحة بأنهم يطلقون النار على تظاهرات الاحتجاج السلمي. لكنهم يحجبون أو يمرون مروراً سريعاً على كل ما له علاقة بوجود شبكات من الإرهابيين المدربين في قواعد الحلف الأطلسي وبعض البلدان المجاورة، والمجهزين بأعتدة وأسلحة يستخدمونها في اغتيال رجال الأمن والعلماء والأكاديميين والمواطنين العاديين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وفي عمليات تفجير القطارات وأنابيب النفط والإدارات العامة.
ولا يترددون لخدمة أغراضهم الكيدية في اللجوء إلى الكذب، ذلك السلاح الذي استخدم لتبرير غزو العراق وأفغانستان وقبلهما لتبرير اغتصاب فلسطين والكثير غير ذلك من مشاريع السطو والهيمنة. فيختلقون أخباراً من نوع القصة التي تمت دبلجتها حول زينب الحصني، ويستلهمون هوليود في تصوير أفلام في المختبرات عما يسمونه القمع في سوريا، أو يستخرجون من الأرشيف صوراً قديمة لأحداث جرت هنا وهناك ويقدمونها على أنها أحداث واقعية تجري في سوريا.
ويصل الأمر بأصحاب المآرب والمندسين وعملاء الاستخبارات، وكذلك بمن تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب إلى رفع العقائر للمطالبة بمنطقة حظر جوي فوق سوريا أو بتدخل عسكري أطلسي على غرار ما يجري في ليبيا! وكأن الويلات التي بدأت تضرب ليبيا والتي لا يعرف أحد مدى ما تجره وما ستجره على الشعب الليبي هي عين الاستقلال والتغيير والحرية والديموقراطية.
وأكثرهم تظاهراً بالعفة، ذلك النوع من المعارضين الذين تحتضنهم عواصم الغرب، وتفتح أمامهم قنوات الإعلام بما فيها الإسرائيلية، ويعينهم على تنظيم مؤتمراتهم وندواتهم صهاينة معروفون، والذين يعتبرون أن التغيير لا بد أن يكون من صنع الشعب السوري لا عن طريق التدخل العسكري، لكنهم يفضحون أنفسهم عندما يعبرون عن استيائهم إزاء الصمت الخارجي الذي يقتلهم، وإزاء تقاعس المجتمع الدولي عن نصرتهم.
يفعلون ذلك ويتناسون الدول الأوروبية التي لا يمر أسبوع من دون أن تتقدم من مجلس الأمن بطلب لإصدار قرار بإدانة سوريا يكون تمهيداً لتبرير التدخل العسكري وقصف المدن السورية بصواريخ كروز وتوما هوك وبالقنابل الذكية.
ولا يلاحظون، إذا كانوا عرباً كما يزعمون، كيف أن أميركا وحلفاءها في مجلس الأمن يضعون كل ثقلهم في إصدار قرارات وبيانات رئاسية في إدانة سوريا وفي فرض العقوبات الاقتصادية على شعبها، ويبخلون في الوقت نفسه على الشعب الفلسطيني حتى بحق العضوية كمراقب في هذه أو تلك من المؤسسات الهامشية التابعة للأمم المتحدة.
وعندما تستخدم روسيا والصين حق النقض في اعتراض قرارات مجلس الأمن الجائرة بحق سوريا، يتناسون عشرات المرات التي استخدم فيها الفيتو من قبل رعاتهم الغربيين في اعتراض، أو حتى في التراجع عن قرارات عادلة بخصوص القضية الفلسطينية... وعلى خطى رعاتهم الغربيين يوجهون إلى روسيا والصين تهماً باللاأخلاقية واللامسؤولية!
لكن المشكلة الحقيقية ليست مع أولئك الذين يسمون أنفسهم بالمعارضين ويريدون لأنفسهم أن يكونوا أبطالاً لما يسمى بـ "الربيع العربي"، ذلك الربيع الذي انكشف حتى الآن عن "جحيم" أطبق على ليبيا وعن أبطال "ليبيين" تربطهم علاقات وثيقة بنتنياهو وغيره من المسؤولين الصهاينة.
المشكلة الحقيقية هي مع الرأس لا مع الأذناب. فالرأس ممثلاً بفرنسا الغيورة على حرية العرب والتي أثبتت حرصها على نصرة قضاياهم في ساحات ليس أقلها رسم خارطة سايكس ـ بيكو، والانتداب على سوريا ولبنان، واحتلال بلدان المغرب، والمشاركة الفعالة في العدوان الثلاثي على مصر، وتزويد الكيان الصهيوني بالقنابل النووية... فرنسا هذه كانت أمينة تماماً لتاريخها الاستعماري الحاقد على العرب عندما كانت الأولى بين دول الغرب التي سارعت منذ اللحظة الأولى إلى معاداة الثورة التونسية ومساندة زين العابدين بن علي.
لذا، لا عجب إزاء صمود سوريا وانتصارها في مجلس الأمن وعلى الأرض في سوريا والمنطقة، أن يطيش عقل وزير الخارجية الفرنسي وأن يزل لسانه وهو يتحدث عن يوم حزين بالنسبة للشعب السوري. فالحقيقة أن كل حزنه هو على تحطم المشروع الاستكباري أمام أبواب سوريا.
هذا بالنسبة لمواقف فرنسا من حرية العرب واستقلالهم. أما بالنسبة للمسلمين، فيكفي موقفها المشهود الرافض لانضمام تركيا (شريكتها في الحلف الأطلسي وفي مناصرة ما يسمى بالربيع العربي) إلى الاتحاد الأوروبي لأسباب "ثقافية"، أي دينية بالدرجة الأولى.
أما مواقف أميركا وبريطانيا وألمانيا وسائر البلدان الغربية التي تكيد الآن لسوريا، في جملة كيدها لقضايا العرب والمسلمين، فهي تملأ كتب التاريخ الراهن، فضلاً عن التاريخ الأسبق عهداً. والأعجوبة ليست في جهل أولئك العرب والمسلمين ممن يسيرون في الركب الأميركي لحقائق التاريخ التي يعرفها الجميع. بل في كونهم يكيدون للتاريخ. وكمن يسعى إلى رد السيل عن عبابه يسعون إلى كسر مسار التاريخ السائر قدماً نحو الانعتاق من ربقة الاستكبار.
إنه مسعى خاسر وغبي، بغضّ النظر عن الأخلاق والقيم وحتى المصالح: ألا يلاحظون الانهيار المعمم الذي تقف على شفيره بلدان الغرب التي يوالونها ويجعلون من أنفسهم أدوات لخدمة مشاريعها المحتضرة؟