ارشيف من :آراء وتحليلات
الازمة الرأسمالية في الدول الغربية تستعصي والاحتجاجات الشعبية تتصاعد
صوفيا ـ جورج حداد*
منذ اكثر من سنتين والدول الغربية تبذل جهوداً محمومة تحت عنوان الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية. ولكن تلك الجهود تختلط بالصفقات المشبوهة والقرارات الخاطئة و"غير النظيفة" والهجوم على المكتسبات الاجتماعية وزيادة الميزانيات الحربية، مما يزيد الازمة تعقيداً واستعصاءً على الحل.
وفي هذا السياق فإن "اللجنة الاوروبية" (اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي) دعت دول الاتحاد وغيرها من الدول الاعضاء في منطقة اليورو الى اعادة تشكيل رساميل البنوك (recapitalization)، حسبما اذاعت وكالة الصحافة الفرنسية. وصرح رئيس اللجنة الاوروبية جوزيه باروزو لـ"يورونيوز" بالقول انه " يتم اتخاذ مثل هذه الاجراءات، ولكن التنسيق على المستوى الاوروبي هو في غاية الاهمية". ووصف الوضع في منطقة اليورو بأنه يمثل "بلبلة حقيقية".
وقبل ذلك كان البنك المركزي الأوروبي قد اعلن انه يوم الاربعاء الفائت تلقى مبلغاً قياسياً من الودائع لأجل قصير جداً (اي ليوم واحد فقط) مقداره 221،4 مليار يورو. وقرر مجلس ادارة البنك المركزي الاوروبي ابقاء الفائدة على عمليات اعادة التمويل الذاتي بدون تعديل ـ 1،5%.
وكان ذلك في اخر جلسة عقدها البنك المركزي الاوروبي برئاسة رئيسه المنتهية ولايته جان ـ كلود تريشيه. واثر ذلك شارك تريشيه في اللقاء الذي دعت اليه المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، والذي اجتمع فيه في برلين قادة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وفي غضون ذلك كان من المتوقع ان توافق هولندا على توسيع اداة الاستقرار المالي, الا ان مالطا أجـّلت التصديق على الصندوق الانقاذي البالغ 440 مليار يورو. وسلوفاكيا هي البلد الثالث في منطقة اليورو الذي لم يصادق بعد على الاتفاق الذي تم في مطلع الصيف. الا ان احد الناطقين باسم الائتلاف الحاكم في براتيسلافا صرح بأن ذلك سيتم حتماً، حتى لو ادى الى سقوط الحكومة واجراء انتخابات مبكرة.
وفي هذه الاثناء وعدت فرنسا والمانيا انهما ستطرحان برنامجاً جديداً لانقاذ اليورو. ويتوقع ان تتم اعادة تشكيل رساميل (recapitalization) وتعديلات في الاتفاقيات الاوروبية.
ووعد قادة المانيا وفرنسا بتقديم حزمة شاملة من الاجراءات لاجل التغلب على ازمة المديونية في منطقة اليورو، بما في ذلك اعادة تشكيل رساميل البنوك الاوروبية واجراء تعديلات ملحوظة في الاتفاقات الاوروبية بهدف رفع مستوى التنسيق الاقتصادي.
وبعد اجتماعهما في برلين، فإن انجيلا ميركيل ونيكولا ساركوزي لم يتحدثا عن اية تفاصيل، الا انهما وعدا بطرح برامجهما في نهاية الشهر الجاري. واشار الزعيمان إلى ان اقتراحاتهما سوف تتضمن برنامجاً لاعادة تشكيل رساميل البنوك الاوروبية، وتسريع التنسيق الاقتصادي بين بلدان مجموعة اليورو وحل مشكلات الديون لليونان.
وصرح ساركوزي ان المانيا وفرنسا تقع على عاتقهما مسؤولية كبيرة لاجل ضمان استقرار اليورو. واشار إلى انه من الضروري ان يتم ايجاد حل "دائم وشامل" للازمة في منطقة اليورو "قبل نهاية الشهر، لان اوروبا ينبغي ان تحل مشاكلها قبل اجتماع قمة العشرين الكبار G-20 في مدينة كان" في 3 و 4 تشرين الثاني القادم.
ولدى سؤالها حول ما إذا كان سيتم اعادة تشكيل رساميل جميع البنوك الاوروبية، لم تعط ميركيل جواباً مباشراً واكتفت بالقول ان جميع البنوك في منطقة اليورو سيتم تقييمها بمعايير واحدة. وقالت: "اننا مصممون ان نقوم بما هو ضروري لاجل ان نضمن اعادة تشكيل رساميل بنوكنا". واوضحت ان المانيا وفرنسا تريدان تطبيق معايير واحدة، من شأنها ان تكون مقبولة من قبل جميع البلدان المعنية.
وكانت المستشارة الالمانية قد عبرت قبل ذلك عن تأييدها لفكرة اعادة تشكيل رساميل البنوك الالمانية بشكل منسق. وقالت ان البنوك عليها اولاً ان تحاول الحصول على الرساميل التي تحتاجها من الاسواق، قبل ان تلجأ الى الحكومات. واكدت ميركيل ان الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي الذي جرى دعمه مؤخراً بمبلغ اجمالي قدره 440 مليار يورو ينبغي استخدامه فقط حينما تعجز دولة ما في المنطقة الاوروبية عن تأمين الاموال الضرورية لبعض البنوك.
ولكن يبدو ان فرنسا تفضل ان يتم الحصول على الاموال المطلوبة مباشرة من الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي، بدلاً من اخذ تلك الاموال من ميزانيتها، لاجل اعادة تشكيل رساميل (recapitalization) بنوكها، التي هي من ضمن اكبر الدائنين لليونان. وتلح ميركيل انه في الاجتماع القادم لقمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل في 17 و18 تشرين الاول الجاري ينبغي ان ترسل اشارة واضحة حول هذه المسألة، في محاولة لاعادة الثقة إلى الاسواق.
وبالنسبة لالمانيا وفرنسا، اللتين تنتجان بشكل عام حوالى نصف الناتج الداخلي القائم لمنطقة اليورو، فإنهما عادة تجتمعان للتنسيق فيما بينهما قبل اجتماعات القمة التي يعقدها الاتحاد الاوروبي... وحسبما كتبت الجريدة اليونانية "ايليفتيروتيبيا" فمن المؤكد ان البرنامج الفرنسي ـ الالماني المشترك لانقاذ اليونان سوف يتضمن "قصقصة" كبيرة في الدين اليوناني، يمكن حسب تقدير ممثلي المانيا ان تبلغ حتى 60 بالمائة من هذا الدين.
ومن جهة ثانية اجتمع في حديقة "اليزابيت" في بروكسل المئات ممن يسمون انفسهم "الغاضبون"، للبحث في مسألة التحضير للقيام بمظاهرة عالمية واسعة النظاق في 15 تشرين الاول الجاري. ودعا "الغاضبون" لعملية تعبئة عالمية، وهم يأملون انه في 15 تشرين الاول سوف يحتشد مئات الالاف للتعبير عن الاستياء من الازمة الاقتصادية.
واعلنت بعض وسائل الاعلام انه تم اعتقال العشرات من اعضاء حركة "الغاضبون" الذين كانوا مجتمعين في حديقة "اليزابيت" في بروكسل. وكان قد شارك في هذا الاجتماع مئات المواطنين من مختلف البلدان الاوروبية. وكانت الشرطة قد ابلغت المجتمعين انه في الساعة العاشرة من مساء السبت الفائت كان ينبغي اخلاء الحديقة العامة، التي هي منطقة امنية، ولكن حتى منتصف الليل لم يكن المجتمعون قد اخذوا التحذير بعين الاعتبار، مما اضطر الشرطة "لاخلاء المنطقة"، مستخدمين العصي التي هددوا بها ايضاً بعض الصحفيين والمصورين الصحفيين. وحسب وكالة "إر تي إل" فإن المجتمعين كانوا قد نظموا هذا الاجتماع للبحث في طرق الحصول على المزيد من الحقوق للمدنيين وللحصول على "دمقراطية اكبر".
وتكسب حركة "الغاضبون" المزيد من الانصار في كل انحاء العالم. وقد دعي المستاؤون من الازمة الاقتصادية للقيام بتظاهرات احتجاجية جماهيرية في 45 دولة في 15 تشرين الاول. ووجه النداء عبر الانترنت من قبل الحركة الاسبانية لـ"الغاضبون"، التي انبثقت في شهر ايار/مايو الماضي في اعقاب الموجة الجماهيرية من الاضرابات في اسبانيا. وعرض الموقع الالكتروني الذي يدعو الى المظاهرات، والمسمى "متحدون لاجل التغيير العالمي"، خريطة لـ400 مظاهرة في ما لا يقل عن 45 بلداً. وتبين النقاط الحمر على هذه الخريطة ان المنظمين يتوقعون قيام احتجاجات تمتد من تانزانيا حتى هايتي، وتشمل هذه الخريطة حركة "احتلوا وول ستريت" التي تنشط في نيويورك.
"انه ليسرنا ان المزيد من الناس ينخرطون في العمليات الاحتجاجية في نيويورك" هذا ما صرح به الناطق باسم المجموعة الاسبانية المسماة برنامج "نريد دمقراطية حقيقية"، التي سبق لها ان نظمت مظاهرة 15 ايار، التي انبثقت عنها حركة "الغاضبون" ضد البطالة والازمة الاقتصادية. وقد دعا "الغاضبون" المتظاهرين من جميع احياء مدريد للتجمع في وسط المدينة، على غرار ما جرى في 19 حزيران/يونيو الماضي، حينما تظاهر في جميع ارجاء اسبانيا ما لا يقل عن 200000 شخص.
وفي هذا الوقت فإن الاحتجاجات لا تهدأ في الولايات المتحدة الاميركية ايضاً. فمنذ اكثر من 20 يوماً لا تزال الاحتجاجات، التي انطلقت من مدينة نيويورك، تتواصل في مختلف المدن الاميركية. لقد بدأت عملية الاحتجاجات في 17 ايلول في نيويورك تحت شعار "احتلوا وول ستريت"، وهي تتواصل في مختلف المدن. ويعلن المشاركون في الحملة عن معارضتهم لسياسة السلطات والمؤسسات المالية، التي يعرّفونها بأنها "ارهاب مالي". ومساء السبت الماضي وقعت اشتباكات بين وحدات الشرطة ومجموعات من المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المتحف الوطني للطيران وريادة الفضاء في واشنطن . وحسب تصريح الناطق باسم المتحف فإن حوالى 150 ـ 200 متظاهر حاولوا اقتحام مبنى المتحف، ولكن حراس المتحف اعترضوا سبيلهم. وقد استخدم الحراس الغاز المسيل للدموع من اجل تفريق المتظاهرين. وتم اعتقال شخص واحد. واعلن منظمو هذه المظاهرة انها جرت تحت شعار الاحتجاج على الحملة العسكرية في افغانسستان.
وقد تظاهرت مجموعات مختلفة في العاصمة الاميركية خلال الاسبوع المنصرم. والمظاهرة التي توجهت نحو المتحف ضمت في صفوفها مشاركين في مظاهرة "اكتوبر 2001 ـ اوقفوا الآلة" (Stop the Machine) ، التي جرت في ساحة "فريدوم بلازا" تحت شعارات معادية للحرب والشركات الاحتكارية. وكان هناك مشاركون اعضاء في جماعة "احتلوا الدائرة الفيديرالية كولومبيا" (Occupy DC) ، التي، وعلى غرار حركة "احتلوا وول ستريت" (Оccupy Wallstreet) في نيويورك، تقوم بعملياتها الاحتجاجية في ساحة "ماكفيرسون" في واشنطن.
وفي نيويورك شارك عدة الاف في مظاهرة سلمية نظمتها حركة "احتلوا وول ستريت" انطلقت من "زوكوتي بارك" في مانهاتن، حيث تقيم الحركة مخيماً لها منذ 22 يوماً، ووصلت الى "واشنطن سكوير بارك". وكان المناصرون يقدمون الاطعمة والالبسة والادوية للمتظاهرين.
وكان احد المتظاهرين، المقنع كـ"هاكر" مجهول، يحمل لافتة كتب عليها "الولايات المتحدة الاميركية هي في محنة" (U.S. in Distress) كتعبير عن الاحتجاج ضد "اميركا الشركات الاحتكارية". واشارت المعلومات الصحفية إلى انه انضم الى تلك المظاهرة حوالى 5000 شخص، وشارك فيها اعداد من النقابيين والطلا. وقامت مظاهرات احتجاجية في بوسطن، شيكاغو، لوس انجلوس، سان فرانسيسكو وغيرها.
كاتب لبناني مستقل
منذ اكثر من سنتين والدول الغربية تبذل جهوداً محمومة تحت عنوان الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية. ولكن تلك الجهود تختلط بالصفقات المشبوهة والقرارات الخاطئة و"غير النظيفة" والهجوم على المكتسبات الاجتماعية وزيادة الميزانيات الحربية، مما يزيد الازمة تعقيداً واستعصاءً على الحل.
وفي هذا السياق فإن "اللجنة الاوروبية" (اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي) دعت دول الاتحاد وغيرها من الدول الاعضاء في منطقة اليورو الى اعادة تشكيل رساميل البنوك (recapitalization)، حسبما اذاعت وكالة الصحافة الفرنسية. وصرح رئيس اللجنة الاوروبية جوزيه باروزو لـ"يورونيوز" بالقول انه " يتم اتخاذ مثل هذه الاجراءات، ولكن التنسيق على المستوى الاوروبي هو في غاية الاهمية". ووصف الوضع في منطقة اليورو بأنه يمثل "بلبلة حقيقية".
وقبل ذلك كان البنك المركزي الأوروبي قد اعلن انه يوم الاربعاء الفائت تلقى مبلغاً قياسياً من الودائع لأجل قصير جداً (اي ليوم واحد فقط) مقداره 221،4 مليار يورو. وقرر مجلس ادارة البنك المركزي الاوروبي ابقاء الفائدة على عمليات اعادة التمويل الذاتي بدون تعديل ـ 1،5%.
وكان ذلك في اخر جلسة عقدها البنك المركزي الاوروبي برئاسة رئيسه المنتهية ولايته جان ـ كلود تريشيه. واثر ذلك شارك تريشيه في اللقاء الذي دعت اليه المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، والذي اجتمع فيه في برلين قادة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وفي غضون ذلك كان من المتوقع ان توافق هولندا على توسيع اداة الاستقرار المالي, الا ان مالطا أجـّلت التصديق على الصندوق الانقاذي البالغ 440 مليار يورو. وسلوفاكيا هي البلد الثالث في منطقة اليورو الذي لم يصادق بعد على الاتفاق الذي تم في مطلع الصيف. الا ان احد الناطقين باسم الائتلاف الحاكم في براتيسلافا صرح بأن ذلك سيتم حتماً، حتى لو ادى الى سقوط الحكومة واجراء انتخابات مبكرة.
وفي هذه الاثناء وعدت فرنسا والمانيا انهما ستطرحان برنامجاً جديداً لانقاذ اليورو. ويتوقع ان تتم اعادة تشكيل رساميل (recapitalization) وتعديلات في الاتفاقيات الاوروبية.
ووعد قادة المانيا وفرنسا بتقديم حزمة شاملة من الاجراءات لاجل التغلب على ازمة المديونية في منطقة اليورو، بما في ذلك اعادة تشكيل رساميل البنوك الاوروبية واجراء تعديلات ملحوظة في الاتفاقات الاوروبية بهدف رفع مستوى التنسيق الاقتصادي.
وبعد اجتماعهما في برلين، فإن انجيلا ميركيل ونيكولا ساركوزي لم يتحدثا عن اية تفاصيل، الا انهما وعدا بطرح برامجهما في نهاية الشهر الجاري. واشار الزعيمان إلى ان اقتراحاتهما سوف تتضمن برنامجاً لاعادة تشكيل رساميل البنوك الاوروبية، وتسريع التنسيق الاقتصادي بين بلدان مجموعة اليورو وحل مشكلات الديون لليونان.
وصرح ساركوزي ان المانيا وفرنسا تقع على عاتقهما مسؤولية كبيرة لاجل ضمان استقرار اليورو. واشار إلى انه من الضروري ان يتم ايجاد حل "دائم وشامل" للازمة في منطقة اليورو "قبل نهاية الشهر، لان اوروبا ينبغي ان تحل مشاكلها قبل اجتماع قمة العشرين الكبار G-20 في مدينة كان" في 3 و 4 تشرين الثاني القادم.
ولدى سؤالها حول ما إذا كان سيتم اعادة تشكيل رساميل جميع البنوك الاوروبية، لم تعط ميركيل جواباً مباشراً واكتفت بالقول ان جميع البنوك في منطقة اليورو سيتم تقييمها بمعايير واحدة. وقالت: "اننا مصممون ان نقوم بما هو ضروري لاجل ان نضمن اعادة تشكيل رساميل بنوكنا". واوضحت ان المانيا وفرنسا تريدان تطبيق معايير واحدة، من شأنها ان تكون مقبولة من قبل جميع البلدان المعنية.
وكانت المستشارة الالمانية قد عبرت قبل ذلك عن تأييدها لفكرة اعادة تشكيل رساميل البنوك الالمانية بشكل منسق. وقالت ان البنوك عليها اولاً ان تحاول الحصول على الرساميل التي تحتاجها من الاسواق، قبل ان تلجأ الى الحكومات. واكدت ميركيل ان الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي الذي جرى دعمه مؤخراً بمبلغ اجمالي قدره 440 مليار يورو ينبغي استخدامه فقط حينما تعجز دولة ما في المنطقة الاوروبية عن تأمين الاموال الضرورية لبعض البنوك.
ولكن يبدو ان فرنسا تفضل ان يتم الحصول على الاموال المطلوبة مباشرة من الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي، بدلاً من اخذ تلك الاموال من ميزانيتها، لاجل اعادة تشكيل رساميل (recapitalization) بنوكها، التي هي من ضمن اكبر الدائنين لليونان. وتلح ميركيل انه في الاجتماع القادم لقمة الاتحاد الاوروبي في بروكسل في 17 و18 تشرين الاول الجاري ينبغي ان ترسل اشارة واضحة حول هذه المسألة، في محاولة لاعادة الثقة إلى الاسواق.
وبالنسبة لالمانيا وفرنسا، اللتين تنتجان بشكل عام حوالى نصف الناتج الداخلي القائم لمنطقة اليورو، فإنهما عادة تجتمعان للتنسيق فيما بينهما قبل اجتماعات القمة التي يعقدها الاتحاد الاوروبي... وحسبما كتبت الجريدة اليونانية "ايليفتيروتيبيا" فمن المؤكد ان البرنامج الفرنسي ـ الالماني المشترك لانقاذ اليونان سوف يتضمن "قصقصة" كبيرة في الدين اليوناني، يمكن حسب تقدير ممثلي المانيا ان تبلغ حتى 60 بالمائة من هذا الدين.
ومن جهة ثانية اجتمع في حديقة "اليزابيت" في بروكسل المئات ممن يسمون انفسهم "الغاضبون"، للبحث في مسألة التحضير للقيام بمظاهرة عالمية واسعة النظاق في 15 تشرين الاول الجاري. ودعا "الغاضبون" لعملية تعبئة عالمية، وهم يأملون انه في 15 تشرين الاول سوف يحتشد مئات الالاف للتعبير عن الاستياء من الازمة الاقتصادية.
واعلنت بعض وسائل الاعلام انه تم اعتقال العشرات من اعضاء حركة "الغاضبون" الذين كانوا مجتمعين في حديقة "اليزابيت" في بروكسل. وكان قد شارك في هذا الاجتماع مئات المواطنين من مختلف البلدان الاوروبية. وكانت الشرطة قد ابلغت المجتمعين انه في الساعة العاشرة من مساء السبت الفائت كان ينبغي اخلاء الحديقة العامة، التي هي منطقة امنية، ولكن حتى منتصف الليل لم يكن المجتمعون قد اخذوا التحذير بعين الاعتبار، مما اضطر الشرطة "لاخلاء المنطقة"، مستخدمين العصي التي هددوا بها ايضاً بعض الصحفيين والمصورين الصحفيين. وحسب وكالة "إر تي إل" فإن المجتمعين كانوا قد نظموا هذا الاجتماع للبحث في طرق الحصول على المزيد من الحقوق للمدنيين وللحصول على "دمقراطية اكبر".
وتكسب حركة "الغاضبون" المزيد من الانصار في كل انحاء العالم. وقد دعي المستاؤون من الازمة الاقتصادية للقيام بتظاهرات احتجاجية جماهيرية في 45 دولة في 15 تشرين الاول. ووجه النداء عبر الانترنت من قبل الحركة الاسبانية لـ"الغاضبون"، التي انبثقت في شهر ايار/مايو الماضي في اعقاب الموجة الجماهيرية من الاضرابات في اسبانيا. وعرض الموقع الالكتروني الذي يدعو الى المظاهرات، والمسمى "متحدون لاجل التغيير العالمي"، خريطة لـ400 مظاهرة في ما لا يقل عن 45 بلداً. وتبين النقاط الحمر على هذه الخريطة ان المنظمين يتوقعون قيام احتجاجات تمتد من تانزانيا حتى هايتي، وتشمل هذه الخريطة حركة "احتلوا وول ستريت" التي تنشط في نيويورك.
"انه ليسرنا ان المزيد من الناس ينخرطون في العمليات الاحتجاجية في نيويورك" هذا ما صرح به الناطق باسم المجموعة الاسبانية المسماة برنامج "نريد دمقراطية حقيقية"، التي سبق لها ان نظمت مظاهرة 15 ايار، التي انبثقت عنها حركة "الغاضبون" ضد البطالة والازمة الاقتصادية. وقد دعا "الغاضبون" المتظاهرين من جميع احياء مدريد للتجمع في وسط المدينة، على غرار ما جرى في 19 حزيران/يونيو الماضي، حينما تظاهر في جميع ارجاء اسبانيا ما لا يقل عن 200000 شخص.
وفي هذا الوقت فإن الاحتجاجات لا تهدأ في الولايات المتحدة الاميركية ايضاً. فمنذ اكثر من 20 يوماً لا تزال الاحتجاجات، التي انطلقت من مدينة نيويورك، تتواصل في مختلف المدن الاميركية. لقد بدأت عملية الاحتجاجات في 17 ايلول في نيويورك تحت شعار "احتلوا وول ستريت"، وهي تتواصل في مختلف المدن. ويعلن المشاركون في الحملة عن معارضتهم لسياسة السلطات والمؤسسات المالية، التي يعرّفونها بأنها "ارهاب مالي". ومساء السبت الماضي وقعت اشتباكات بين وحدات الشرطة ومجموعات من المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المتحف الوطني للطيران وريادة الفضاء في واشنطن . وحسب تصريح الناطق باسم المتحف فإن حوالى 150 ـ 200 متظاهر حاولوا اقتحام مبنى المتحف، ولكن حراس المتحف اعترضوا سبيلهم. وقد استخدم الحراس الغاز المسيل للدموع من اجل تفريق المتظاهرين. وتم اعتقال شخص واحد. واعلن منظمو هذه المظاهرة انها جرت تحت شعار الاحتجاج على الحملة العسكرية في افغانسستان.
وقد تظاهرت مجموعات مختلفة في العاصمة الاميركية خلال الاسبوع المنصرم. والمظاهرة التي توجهت نحو المتحف ضمت في صفوفها مشاركين في مظاهرة "اكتوبر 2001 ـ اوقفوا الآلة" (Stop the Machine) ، التي جرت في ساحة "فريدوم بلازا" تحت شعارات معادية للحرب والشركات الاحتكارية. وكان هناك مشاركون اعضاء في جماعة "احتلوا الدائرة الفيديرالية كولومبيا" (Occupy DC) ، التي، وعلى غرار حركة "احتلوا وول ستريت" (Оccupy Wallstreet) في نيويورك، تقوم بعملياتها الاحتجاجية في ساحة "ماكفيرسون" في واشنطن.
وفي نيويورك شارك عدة الاف في مظاهرة سلمية نظمتها حركة "احتلوا وول ستريت" انطلقت من "زوكوتي بارك" في مانهاتن، حيث تقيم الحركة مخيماً لها منذ 22 يوماً، ووصلت الى "واشنطن سكوير بارك". وكان المناصرون يقدمون الاطعمة والالبسة والادوية للمتظاهرين.
وكان احد المتظاهرين، المقنع كـ"هاكر" مجهول، يحمل لافتة كتب عليها "الولايات المتحدة الاميركية هي في محنة" (U.S. in Distress) كتعبير عن الاحتجاج ضد "اميركا الشركات الاحتكارية". واشارت المعلومات الصحفية إلى انه انضم الى تلك المظاهرة حوالى 5000 شخص، وشارك فيها اعداد من النقابيين والطلا. وقامت مظاهرات احتجاجية في بوسطن، شيكاغو، لوس انجلوس، سان فرانسيسكو وغيرها.
كاتب لبناني مستقل