ارشيف من :آراء وتحليلات

إزدواجية معايير مجلس الأمن في القضايا العربية: "عمى جرائم" و"بوابة خلاص" لعملاء أميركا و"إسرائيل"

إزدواجية معايير مجلس الأمن في القضايا العربية: "عمى جرائم" و"بوابة خلاص" لعملاء أميركا و"إسرائيل"
علي مطر

كل يوم نسمع عن عشرات القتلى والجرحى في اليمن، وعن إطلاق النار على المتظاهرين في صنعاء وتعز وغيرها من قبل قوات الأمن اليمني، على الرغم مما ينص عليه كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الشرعة الدولية للحقوق المدنية والسياسية، تلك المواثيق الدولية التي تؤكد على التعبير عن الحريات بشكل سليم وحرية الرأي والتعبير والمعتقد.
 حق اليمنيين في إسقاط نظام صالح حق مكفول بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة

تشدد المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن "لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه"، وتشير المادة 5 الى انه "لا يعرّض اي انسان للتعذيب ولا للعقوبات او المعاملات القاسية او الوحشية او الحاطة بالكرامة"، أما المادة 19 فتؤكد ان "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير"، اما الأهم فهو نص المادة 21 التي تشدد على ان "لكل فرد الحق في الاشتراك في الادارة العامة لبلاده وان ارادة الشعب هي مصدر الحكومة، ويعبر عن هذه الارادة بانتخابات نزيهة".

وبالنسبة للشرعة الدولية للحقوق المدنية والسياسية فإنها في مادتها الخامسة والعشرين قد أكدت كما الشرعة الدولية للحقوق الثقافية والإجتماعية على "الحق في تقرير المصير".

والأهم أن ميثاق الأمم المتحدة والذي يعتبر ملزماً لجميع الدول الأعضاء وغير الأعضاء بالمنظمة الدولية يشير في المادة الأولى منه، الفقرة الثالثة إلى "تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الناس على الإطلاق دون أي تمييز في اللون او الدين او الجنس أو المعتقد". تلك المادة التي تشكل قاعدة آمرة تتحدث عن مقاصد الأمم المتحدة، كما يمكننا التذكير بالعودة إلى المادة 55 من الميثاق.

أما على صعيد إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة لعام 1949 فقد عرّفت التعذيب على أنه" اي عمل ينتج عنه ألم او عذاب شديد، جسديا كان ام عقليا".

 
قرار مجلس الأمن ضد صالح ليس ملزماً وهو لإعطاءه الوقت للقضاء على المعارضة اليمنية

كل ما تقدم من مواد قانونية ملزمة لجميع الدول، وتدعو إلى إحترام حقوق الإنسان وحقه في التعبير وتغيير السلطة التي امتدت على أكثر من ثلاثة عقود، لم يدفع بمجلس الأمن الدولي إلى أن يصدر قراراً تحت الفصل السابع ضد الرئيس اليمني على عبدالله صالح للتنحي عن السلطة. فقط اكتفى ذلك المجلس في قراره 2014 الذي قدمت مشروعه بريطانيا والذي صوت له الأعضاء الخمسة عشر بالإجماع مساء يوم الجمعة، إصدار قرار تحت الفصل السادس يدعو فيه الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الى توقيع المبادرة الخليجية على الفور، وصوب سهامه نحو المعارضة أيضاً.

هذا القرار ليس ملزماً للرئيس اليمني الذي سيبقى موجوداً على كرسي الرئاسة ويستمر بالتنكيل بالمواطنين اليمنيين العزل. وقد كان من الجدير بمجلس الأمن، أن يقدم قراراً تحت الفصل السابع وأن لا يكتفي بقرار تحت الفصل السادس، لأن الأخير لا يصبح ملزماً إلا إذا تحول إلى فصل سابع. لذلك فإن بمقدور المجلس أن يكرره ويؤكد عليه ليحوله إلى فصل سابع، أو يعود ويذكر الدولة اليمنية به على أساس انه فصل سادس، أو أن ينسى الموضوع من أصله. وبانتظار ما سيقوم به المجلس يكون قد أصبح في اليمن مئات القتلى والجرحى ويكون علي عبدالله صالح قام بتصفية المعارضين. وذلك ما يشير إلى إعطاءه فرصة للمحافظة على حكمه سواء من خلال قمع المتظاهرين أو التوقيع على المبادرة الخليجية لأن ذلك يصبح تفصيل وليس أساس لأن الأساس أن يبقى صالح في الحكم.

يبقى السؤال الذي يثير الريبة وهو لماذا اعتبر المجلس أن ما قام به معمر القذافي جرائم حرب وبالتالي أصدر قراره 1970 الذي يقرر العقوبات الإقتصادية تحت الفصل السابع، ومن ثم القرار 1973 الذي يسمح بالتدخل العسكري تحت مسمى التدخل الإنساني، في حين أن المجلس لم يكلف نفسه أن يرسل لجنة تحقيق دولية لتحقق بجرائم علي عبد الله صالح او ان تضطلع على الأوضاع في اليمن؟

  مجلس الأمن يستخدم صلاحياته بازدواجية ويدولها لمصلحة أميركا

وبما أن الحديث عن التدخل الإنساني، لماذا لا يقوم مجلس الأمن بإصدار قرار ولو حتى تحت الفصل السادس ضد النظام البحريني الذي يقمع ويقتل البحرانيين في كل يوم ولا يتورع عن تدنيس المقدسات والتنكيل بالرجال والاطفال والنساء؟ لكن ذلك يبقى بعيداً، طالما أن نظام البحرين يعبر عن تطلعات أميركا اللانسانية. والكثير من الأسئلة المطروحة تؤكد على ازدواجية المعايير من قبل مجلس الأمن الذي يقوم في تجاوز صلاحياته في كثير من الحالات، وهو في حالات أخرى يكون كالضرير الذي لا يرى، أو كمن يرى فقط ما يكون في صالحه ويعبر عن تطلعات أميركا و"إسرائيل" والغرب فقط.

2011-10-23