ارشيف من :آراء وتحليلات
نتائج الانتخابات التونسية... محطة هامة في مسار الثورة!
عقيل الشيخ حسين
رغم محاولات العرقلة الداخلية المنظور إليها بعين الرضا والتشجيع من الخارج، وخصوصاً من أولئك الذين أبدوا عداءهم للثورة منذ البداية، قبل أن يتراجعوا عن هذا الموقف على أمل التمكن من تطويق الوضع واحتوائه، تمكنت تونس من إجراء انتخاباتها التشريعية الأولى بعد الثورة.
وكانت النتيجة متوقعة سلفاً: فوز حركة النهضة بالأكثرية الساحقة من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتولى صياغة دستور جديد للبلاد وتشكيل حكومة مؤقتة، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.
كما سجلت الحركة فوزاً أكبر (10 من أصل 18) على مستوى المقاعد المخصصة للجالية التونسية في الخارج، وهو الأمر الذي فاجأ المراقبين الغربيين لأن المفترض بأبناء الجالية، وأكثرهم يوجد في أوروبا وفرنسا خصوصاً، أن يكونوا أكثر ميلاً لمنح أصواتهم إلى المرشحين العلمانيين.
وكان الإقبال على صناديق الاقتراع لافتاً حيث تجاوز نسبة التسعين بالمئة من المسجلين في القوائم الانتخابية، الأمر الذي يمكن اعتباره دليلاً ساطعاً، وفق المعايير الغربية، على عمق الوعي ورغبة الشعب التونسي الحقيقية في التغيير والمشاركة الجادة فيه.
ويشهد على ذلك أيضاً أن الانتخابات التي شارك في مراقبتها ما يزيد عن 500 مراقب أجنبي، إضافة إلى 5000 مراقب تونسي، قد جرت بهدوء لم تعكره سوى بعض الخروق الجانبية جداً، وهي خروق اقتصرت على مواصلة أعمال الدعاية أثناء عملية الاقتراع. والواقع أن هذه الخروق قد تمت على أيدي جهات لا تؤيد حركة النهضة.
وبالطبع، رافقت جولة التحضير للانتخابات حملات إعلامية من قبل جميع القوى والأحزاب التونسية. والملاحظ أن الأحزاب العلمانية التونسية والقوى الغربية قد ركزت على التخوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم وما قد يجره ذلك من أخطار على الحداثة والحرية والحقوق، وخصوصاً على حقوق المرأة.
والجدير بالذكر أن تونس كانت قد شهدت، منذ أيام الرئيس الحبيب بورقيبة توجهاً صريحاً نحو تشجيع تحرر المرأة، على المثال الغربي. فتم منع ارتداء الحجاب في الإدارات الرسمية، وألغي تعدد الزوجات، وأقرت تشريعات تنص على المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والمواريث. وكل ذلك تعزز وترسخ في ظل حكم زين العابدين بن علي.
والجدير بالذكر أيضاً، أن من بين أبرز الظواهر التي رافقت مسار الثورة التونسية هو العودة العفوية والمكثفة من قبل النساء إلى ارتداء الزي الشرعي، وصولاً إلى النقاب والبرقع.
وقد حرصت حركة النهضة، خلال الجولات الانتخابية وبعد الفوز في الانتخابات، على إشاعة جو من الطمأنة بخصوص عدم التراجع عما أسماه قائدها الشيخ راشد الغنوشي بـ "القيم التي بدأتها تونس في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة".
كما تعهد الشيخ الغنوشي، بعد التأكيد على أن النموذج التركي هو أقرب نموذج لحركة النهضة، بإقامة علاقات جيدة مع الغرب، وبالانفتاح عل كل الدول، وبالالتزام بالتعددية وحقوق المرأة وعدم التعرض لبيع الخمور وألبسة السباحة النسائية.
وشدد قياديون آخرون في الحركة على احترام كل تعهدات الدولة التونسية والتزاماتها في ما يخص الأمن في منطقة البحر المتوسط وفيما يتعلق بالسياحة وبرؤوس الأموال والأسواق والشركات والاستثمارات...
لكن بعض الأوساط العلمانية تعتبر أن حركة النهضة تعتمد خطاباً مزدوجاً لا يعبر عن حقيقة مقاصدها. وما يلمح إليه العلمانيون يقوله كثير من السياسيين والإعلاميين الغربيين بالفم الملآن. فمنهم من يتحدث، بدلاً من الربيع، عن الشتاء العربي (والربيع في عرفهم هو الخير، والشتاء هو الشر) مستشهدين بفوز حركة النهضة في الانتخابات التونسية وبتصريحات المستشار مصطفى عبد الجليل التي أعلن فيها إلغاء جميع القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية في ليبيا، وبإرساء نظام بنكي إسلامي.
ولا يتردد بعض هؤلاء في الحديث عن القادة الدينيين "المرضى نفسياً"، أو عن "الغول النهضوي" والسياسة " القاتلة للحرية" التي ستمارسها حركة النهضة، أو عن "السنوات العشر السوداء" التي افتتحها فوز جبهة الخلاص الإسلامي في انتخابات العام 1991 في الجزائر.
ليخلصوا إلى القول بأن الغرب الذي ساعد على إسقاط نظام بن علي والقذافي وغيرهما من الطغاة العرب قد يتحسر كثيراً على هؤلاء لأنه مهد الطريق، عن غير وعي، لوصول الإسلاميين إلى الحكم.
والأنكى بنظر هؤلاء هو وصول الإسلاميين إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، لأن ذلك يسمح لهم بتأكيد شرعيتهم وفقاً للمعايير الغربية.
وبالطبع، فإن مخاوف الغربيين مبررة. فالثورات العربية لا يمكنها، حتى لو تم اختراق بعضها من هنا أو هناك، إلا أن تعبّر في النهاية عن انتمائها التاريخي للإسلام الأصيل... رضي من رضي وسخط من سخط.
رغم محاولات العرقلة الداخلية المنظور إليها بعين الرضا والتشجيع من الخارج، وخصوصاً من أولئك الذين أبدوا عداءهم للثورة منذ البداية، قبل أن يتراجعوا عن هذا الموقف على أمل التمكن من تطويق الوضع واحتوائه، تمكنت تونس من إجراء انتخاباتها التشريعية الأولى بعد الثورة.
وكانت النتيجة متوقعة سلفاً: فوز حركة النهضة بالأكثرية الساحقة من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتولى صياغة دستور جديد للبلاد وتشكيل حكومة مؤقتة، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.
كما سجلت الحركة فوزاً أكبر (10 من أصل 18) على مستوى المقاعد المخصصة للجالية التونسية في الخارج، وهو الأمر الذي فاجأ المراقبين الغربيين لأن المفترض بأبناء الجالية، وأكثرهم يوجد في أوروبا وفرنسا خصوصاً، أن يكونوا أكثر ميلاً لمنح أصواتهم إلى المرشحين العلمانيين.
وكان الإقبال على صناديق الاقتراع لافتاً حيث تجاوز نسبة التسعين بالمئة من المسجلين في القوائم الانتخابية، الأمر الذي يمكن اعتباره دليلاً ساطعاً، وفق المعايير الغربية، على عمق الوعي ورغبة الشعب التونسي الحقيقية في التغيير والمشاركة الجادة فيه.
ويشهد على ذلك أيضاً أن الانتخابات التي شارك في مراقبتها ما يزيد عن 500 مراقب أجنبي، إضافة إلى 5000 مراقب تونسي، قد جرت بهدوء لم تعكره سوى بعض الخروق الجانبية جداً، وهي خروق اقتصرت على مواصلة أعمال الدعاية أثناء عملية الاقتراع. والواقع أن هذه الخروق قد تمت على أيدي جهات لا تؤيد حركة النهضة.
وبالطبع، رافقت جولة التحضير للانتخابات حملات إعلامية من قبل جميع القوى والأحزاب التونسية. والملاحظ أن الأحزاب العلمانية التونسية والقوى الغربية قد ركزت على التخوف من وصول الإسلاميين إلى الحكم وما قد يجره ذلك من أخطار على الحداثة والحرية والحقوق، وخصوصاً على حقوق المرأة.
والجدير بالذكر أن تونس كانت قد شهدت، منذ أيام الرئيس الحبيب بورقيبة توجهاً صريحاً نحو تشجيع تحرر المرأة، على المثال الغربي. فتم منع ارتداء الحجاب في الإدارات الرسمية، وألغي تعدد الزوجات، وأقرت تشريعات تنص على المساواة بين الرجال والنساء في الحقوق والمواريث. وكل ذلك تعزز وترسخ في ظل حكم زين العابدين بن علي.
والجدير بالذكر أيضاً، أن من بين أبرز الظواهر التي رافقت مسار الثورة التونسية هو العودة العفوية والمكثفة من قبل النساء إلى ارتداء الزي الشرعي، وصولاً إلى النقاب والبرقع.
وقد حرصت حركة النهضة، خلال الجولات الانتخابية وبعد الفوز في الانتخابات، على إشاعة جو من الطمأنة بخصوص عدم التراجع عما أسماه قائدها الشيخ راشد الغنوشي بـ "القيم التي بدأتها تونس في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة".
كما تعهد الشيخ الغنوشي، بعد التأكيد على أن النموذج التركي هو أقرب نموذج لحركة النهضة، بإقامة علاقات جيدة مع الغرب، وبالانفتاح عل كل الدول، وبالالتزام بالتعددية وحقوق المرأة وعدم التعرض لبيع الخمور وألبسة السباحة النسائية.
وشدد قياديون آخرون في الحركة على احترام كل تعهدات الدولة التونسية والتزاماتها في ما يخص الأمن في منطقة البحر المتوسط وفيما يتعلق بالسياحة وبرؤوس الأموال والأسواق والشركات والاستثمارات...
لكن بعض الأوساط العلمانية تعتبر أن حركة النهضة تعتمد خطاباً مزدوجاً لا يعبر عن حقيقة مقاصدها. وما يلمح إليه العلمانيون يقوله كثير من السياسيين والإعلاميين الغربيين بالفم الملآن. فمنهم من يتحدث، بدلاً من الربيع، عن الشتاء العربي (والربيع في عرفهم هو الخير، والشتاء هو الشر) مستشهدين بفوز حركة النهضة في الانتخابات التونسية وبتصريحات المستشار مصطفى عبد الجليل التي أعلن فيها إلغاء جميع القوانين المخالفة للشريعة الإسلامية في ليبيا، وبإرساء نظام بنكي إسلامي.
ولا يتردد بعض هؤلاء في الحديث عن القادة الدينيين "المرضى نفسياً"، أو عن "الغول النهضوي" والسياسة " القاتلة للحرية" التي ستمارسها حركة النهضة، أو عن "السنوات العشر السوداء" التي افتتحها فوز جبهة الخلاص الإسلامي في انتخابات العام 1991 في الجزائر.
ليخلصوا إلى القول بأن الغرب الذي ساعد على إسقاط نظام بن علي والقذافي وغيرهما من الطغاة العرب قد يتحسر كثيراً على هؤلاء لأنه مهد الطريق، عن غير وعي، لوصول الإسلاميين إلى الحكم.
والأنكى بنظر هؤلاء هو وصول الإسلاميين إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، لأن ذلك يسمح لهم بتأكيد شرعيتهم وفقاً للمعايير الغربية.
وبالطبع، فإن مخاوف الغربيين مبررة. فالثورات العربية لا يمكنها، حتى لو تم اختراق بعضها من هنا أو هناك، إلا أن تعبّر في النهاية عن انتمائها التاريخي للإسلام الأصيل... رضي من رضي وسخط من سخط.