ارشيف من :آراء وتحليلات
التدخل العسكري في سوريا: نقطة الانطلاق لبنانية بالضغط على الحكومة
حسين حمية
لم تنتظر مراكز الأبحاث والدراسات التابعة للوبي اليهودي والمحافظين الجدد مصير خطة الجامعة العربية لإنهاء الأزمة في سوريا، فلم تتوقف عن ابتكار توصيات واقتراحات جديدة لتمكين محور واشنطن – باريس ـ لندن وتوابعه الإقليمية والعربية من تطوير المواجهة مع دمشق، واللافت في جداول أعمالها التي تعدها في هذه الفترة، أخذها بعين الاعتبار نجاح دمشق في إحباط محاولة استخدام الجامعة العربية منصة لتدويل الأزمة السورية، فكانت أن لحظت في خططها الجديدة فتح نوافذ للتدخل العسكري للمحور المذكور، لكن بصورة معدّلة عن السيناريو الليبي مع أنها تؤدي إلى النتيجة نفسها.
في هذا المجال، هناك ثلاث أوراق بحثية تم نشرها على الموقع الالكتروني لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو المعهد الأنشط في هندسة وتصميم الفعاليات العدوانية تجاه سوريا منذ اندلاع الاضطربات في آذار الماضي، وكان السبّاق في تحريض الأميركيين والأوروبيين على تنسيق عقوبات قاسية تطال قطاع الطاقة في سوريا، فقد أعد المدير التنفيذي لهذا المعهد اليهودي روبرت ساتلوف سلة توصيات حث فيها الإدارة الأميركية على التعاون مع دول الجوار السوري لاستثمار حدودها من أجل تصنيع الحجج والذرائع الكفيلة لتمرير إقامة ملاذات آمنة على طول هذه الحدود.
ساتلوف: الضغط على سوريا من لبنان
وإذ يدعو ساتلوف واشنطن إلى الاستعانة بمجلس الأمن من أجل نشر مراقبين على هذه الحدود لرصد الوقائع داخل سوريا، أو بالصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية لإقامة مناطق حماية دولية، فإن اللافت كان تركيزه على الحدود اللبنانية – السورية، ومما جاء في الورقة:
ـ الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل إيقاف تعاونها مع سوريا، بحيث يتضمن ذلك دفع الحكومة اللبنانية لجهة الضغط على فعاليات السفارة السورية في لبنان، إضافة إلى إفساح المجال أمام واشنطن وحلفائها لجهة الاستفادة من مزايا الساحة اللبنانية في عملية الضغط على سوريا.
ـ الاستناد إلى معطيات القرار الدولي 1701 المتعلقة بالحدود السورية ـ اللبنانية، بما يتيح هذه المرة القيام عملياً بفرض الرقابة والرصد المنشود على طول الحدود السورية ـ اللبنانية.
الغريب في توصيات شينكر، وكأنه يلفت إدارة أوباما إلى التنبه ل "لأيادي الخفية" التي تدير لعبة التدخل الدولي في سوريا، أنه يدعو إدارة أوباما إلى استلحاق دورها حتى لا تفاجئها التطورات، ويطالبها بالتخلي عن المواقف المذكورة، أو تصعيد هذه المواقف بما يتلاقى مع تبرير حمل المعارضة للسلاح وعسكرة أعمال الاحتجاج والاستعداد للتدخل العسكري الدولي.
يرى وايت أن الهدف الأدنى للتدخل العسكري هو تمكين المعارضة من الاشتباك العسكري مع القوات المسلحة للحكومة السورية (يسميها قوات النظام)، بينما الهدف الأكثر طموحاً هو إسقاط القيادة السورية، على أن يتم تحقيق هذه الأهداف خلال مدة لا تتعدى السنة.
أما الوسائل التي يقترحها ليكون التدخل العسكري نافذاً، فإنه يدعو إلى إنشاء ملاذات آمنة على الحدود السورية، وإلى أن تقوم الدول المتدخلة بإنشاء "مقاومة" عسكرية سرية تتولى دعمها بالأسلحة والتدريب والإرشادات، إضافة إلى العمل على فرض ثلاثة أنواع من مناطق الحظر، وهي حظر الطيران وحظر القيادة وحظر إطلاق النار.
لكن وايت عاد وقلل بنفسه وفي الورقة ذاتها من حظوظ نجاح سيناريو التدخل العسكري في سوريا، وذلك على المستويين:
الأول: عندما دعا واشنطن وحلفاءها إلى مناقشة التدخل العسكري علانية أي بمعنى آخر استخدام هذا السيناريو للتهويل، كون مثل هذه المناقشة بذاتها كما يقول "تبعث برسالة هامة إلى القيادة السورية"، وهنا تبرز محدودية الخيارات لدى الغرب للضغط على دمشق.
والثاني: من خلال تعداد وايت لمخاطر التدخل العسكري، لجهة عدم مماثلته بمجرياته الميدانية لتدخل الناتو في ليبيا، فتوقع أن تطول مدة المواجهة مع سوريا لفترة أطول من المواجهة التي خاضها الناتو في ليبيا، كما توقع أن تراق دماء الناتو في سوريا، وأيضاً أبدى خشية كبيرة من تطور الأحداث باتجاهات غير مرغوبة من قبيل المشاركة في التدخل العسكري، ومنها أن ينشب نزاع كبير في المنطقة أو تنفجر حروب أهلية أو تستعيد القيادة السورية زمام الأمور.
لم تنتظر مراكز الأبحاث والدراسات التابعة للوبي اليهودي والمحافظين الجدد مصير خطة الجامعة العربية لإنهاء الأزمة في سوريا، فلم تتوقف عن ابتكار توصيات واقتراحات جديدة لتمكين محور واشنطن – باريس ـ لندن وتوابعه الإقليمية والعربية من تطوير المواجهة مع دمشق، واللافت في جداول أعمالها التي تعدها في هذه الفترة، أخذها بعين الاعتبار نجاح دمشق في إحباط محاولة استخدام الجامعة العربية منصة لتدويل الأزمة السورية، فكانت أن لحظت في خططها الجديدة فتح نوافذ للتدخل العسكري للمحور المذكور، لكن بصورة معدّلة عن السيناريو الليبي مع أنها تؤدي إلى النتيجة نفسها.
في هذا المجال، هناك ثلاث أوراق بحثية تم نشرها على الموقع الالكتروني لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو المعهد الأنشط في هندسة وتصميم الفعاليات العدوانية تجاه سوريا منذ اندلاع الاضطربات في آذار الماضي، وكان السبّاق في تحريض الأميركيين والأوروبيين على تنسيق عقوبات قاسية تطال قطاع الطاقة في سوريا، فقد أعد المدير التنفيذي لهذا المعهد اليهودي روبرت ساتلوف سلة توصيات حث فيها الإدارة الأميركية على التعاون مع دول الجوار السوري لاستثمار حدودها من أجل تصنيع الحجج والذرائع الكفيلة لتمرير إقامة ملاذات آمنة على طول هذه الحدود.
ساتلوف: الضغط على سوريا من لبنان
وإذ يدعو ساتلوف واشنطن إلى الاستعانة بمجلس الأمن من أجل نشر مراقبين على هذه الحدود لرصد الوقائع داخل سوريا، أو بالصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية لإقامة مناطق حماية دولية، فإن اللافت كان تركيزه على الحدود اللبنانية – السورية، ومما جاء في الورقة:
ـ الضغط على الحكومة اللبنانية من أجل إيقاف تعاونها مع سوريا، بحيث يتضمن ذلك دفع الحكومة اللبنانية لجهة الضغط على فعاليات السفارة السورية في لبنان، إضافة إلى إفساح المجال أمام واشنطن وحلفائها لجهة الاستفادة من مزايا الساحة اللبنانية في عملية الضغط على سوريا.
ـ الاستناد إلى معطيات القرار الدولي 1701 المتعلقة بالحدود السورية ـ اللبنانية، بما يتيح هذه المرة القيام عملياً بفرض الرقابة والرصد المنشود على طول الحدود السورية ـ اللبنانية.
شينكر: دعوة واشنطن لتسليح المعارضة
من جهته مدير برامج السياسات العربية في المعهد المذكور اليهودي ديفيد شينكر، يأخذ في ورقة بحثه على إدارة أوباما الشروط التي تضعها على المعارضة السورية لجهة الحفاظ على سلمية الاحتجاجات وعدم التطلع إلى الخارج لحل المشكلة (إشارة إلى تصريح للوزيرة هيلاري كلينتون) وقول السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد عن الأزمة إنها "سورية تحتاج إلى حلول سورية".الغريب في توصيات شينكر، وكأنه يلفت إدارة أوباما إلى التنبه ل "لأيادي الخفية" التي تدير لعبة التدخل الدولي في سوريا، أنه يدعو إدارة أوباما إلى استلحاق دورها حتى لا تفاجئها التطورات، ويطالبها بالتخلي عن المواقف المذكورة، أو تصعيد هذه المواقف بما يتلاقى مع تبرير حمل المعارضة للسلاح وعسكرة أعمال الاحتجاج والاستعداد للتدخل العسكري الدولي.
وايت: فوائد التدخل والخوف من النتائج
الورقة الأخطر، هي للخبير جيفري وايت، كونها تبرز فوائد التدخل العسكري وتحذر من مخاطر عدم حدوثه، وبالوقت نفسه ترجح ان تشهد الأسابيع المقبلة تزايد المناقشات بشأن هذا التدخل في سوريا. مؤشرات هذا الترجيح تبدو في استجداء بعض المعارضين في الخارج هذا التدخل تحت عنوان حماية المدنيين وتصوير الفضائيات لطائرات هيلوكبتر تحلق في الفضاء. وكان سبق ذلك تخصيص جمعة لحماية المدنيين.يرى وايت أن الهدف الأدنى للتدخل العسكري هو تمكين المعارضة من الاشتباك العسكري مع القوات المسلحة للحكومة السورية (يسميها قوات النظام)، بينما الهدف الأكثر طموحاً هو إسقاط القيادة السورية، على أن يتم تحقيق هذه الأهداف خلال مدة لا تتعدى السنة.
أما الوسائل التي يقترحها ليكون التدخل العسكري نافذاً، فإنه يدعو إلى إنشاء ملاذات آمنة على الحدود السورية، وإلى أن تقوم الدول المتدخلة بإنشاء "مقاومة" عسكرية سرية تتولى دعمها بالأسلحة والتدريب والإرشادات، إضافة إلى العمل على فرض ثلاثة أنواع من مناطق الحظر، وهي حظر الطيران وحظر القيادة وحظر إطلاق النار.
لكن وايت عاد وقلل بنفسه وفي الورقة ذاتها من حظوظ نجاح سيناريو التدخل العسكري في سوريا، وذلك على المستويين:
الأول: عندما دعا واشنطن وحلفاءها إلى مناقشة التدخل العسكري علانية أي بمعنى آخر استخدام هذا السيناريو للتهويل، كون مثل هذه المناقشة بذاتها كما يقول "تبعث برسالة هامة إلى القيادة السورية"، وهنا تبرز محدودية الخيارات لدى الغرب للضغط على دمشق.
والثاني: من خلال تعداد وايت لمخاطر التدخل العسكري، لجهة عدم مماثلته بمجرياته الميدانية لتدخل الناتو في ليبيا، فتوقع أن تطول مدة المواجهة مع سوريا لفترة أطول من المواجهة التي خاضها الناتو في ليبيا، كما توقع أن تراق دماء الناتو في سوريا، وأيضاً أبدى خشية كبيرة من تطور الأحداث باتجاهات غير مرغوبة من قبيل المشاركة في التدخل العسكري، ومنها أن ينشب نزاع كبير في المنطقة أو تنفجر حروب أهلية أو تستعيد القيادة السورية زمام الأمور.