ارشيف من :آراء وتحليلات
روسيا بالمرصاد لأي عدوان على ايران
صوفيا ـ جورج حداد*
يتابع المحور الشيطاني: اميركا ـ الاطلسي و"اسرائيل" الاستفزازات السياسية والحرب النفسية ضد ايران، تمهيدا لشن عدوان واسع عليها او توجيه ضربة عسكرية مركزة ضدها. ذلك ان هذا المحور اصبح متضايقا جدا من الدور البناء الذي تضطلع به الجمهورية الاسلامية الايرانية في دعم المقاومة الوطنية والاسلامية في لبنان وفلسطين وفي الوقوف حجر عثرة امام المخطط الامبريالي ـ الصهيوني الجهنمي لزعزعة الاوضاع والهيمنة على "الشرق الاوسط الكبير"، عبر ما سبق للمس غونداليزا رايس ان سمتها "الفوضى البناءة".
ويستخدم هذا المحور نفوذه التقليدي على المؤسسات الدولية كالامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية كمطية لتبرير وتمرير خطة العدوان على الدولة والشعب الايرانيين، كما وعلى جميع شعوب المنطقة. ويدعي الناطقون الشيطانيون، الاميركيون والاطلسيون وطبعا الاسرائيليون ان البرنامج النووي الايراني السلمي هو برنامج عسكري يهدد "سلامهم" العالمي.
ان السبب الرئيسي لمعارضة البرنامج النووي الايراني، هو ان الغرب الامبريالي يخشى ان تدخل ايران، المتحررة من ربقة الامبريالية، عصر الثورة الصناعية الجديدة المستندة الى العلوم الالكترونية والطاقة النووية غير المحدودة. وهم يتحججون بخطر امتلاك ايران للقنبلة النووية، علما ان الغرب الامبريالي بأسره ساهم في امتلاك "اسرائيل" للقنبلة النووية التي تهدد بها الشعوب العربية والاسلامية قاطبة كما تهدد السلم العالمي برمته. واذا افترضنا جدلا ان ايران امتلكت القنبلة النووية فهذا سيكون انجازا كبيرا لحركة التحرر العالمية، وضمانة اضافية لسلام الشعوب العربية والاسلامية بالاخص وسلام العالم عموما، ولردع "اسرائيل" عن استخدام والتهديد باستخدام القنبلة النووية ضد شعوبنا المظلومة. الا ان هذه الوقائع الساطعة لا تمنع ممثلي المحور الشيطاني من رفع عقيرتهم والعواء بأعلى الاصوات الذئبية ضد الجمهورية الايرانية وتهديدها بالويل والثبور.
ولكن ـ وخلافا لما تشتهي زمر 14 اذار وكل الطابور الخامس الاسرائيلي في لبنان ـ فإن ايران لا تقف وحدها في الساحة الدولية. وامكانية تمرير قرارات دولية ضدها ستسقط حتما كما سقطت امكانية اصدار قرار دولي ضد سوريا في الامس القريب. كما ان امكانية شن عدوان على ايران سينقلب الى ضده، وسيرتد كيد المعتدين الى نحورهم.
وفي هذا السياق صرح وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف في مؤتمر صحفي "ان موقفنا بخصوص هذه المسألة (اي احتمال توجيه ضربة عسكرية الى ايران) هو معروف تماما: ان ذلك سيكون بمثابة خطأ جسيم جدا وذا عواقب غير متوقعة". واضاف بلهجة معبرة "ان التدخل العسكري سوف يؤدي فقط الى نشوب نزاع جديد والى مضاعفة عدد الضحايا المدنيين عدة مرات وزيادة المعاناة البشرية". و"لا يمكن ان يوجد حل عسكري للمشكلة النووية الايرانية، ولا لأية مشكلة اخرى في العالم المعاصر". هذا ما علق به وزير الخارجية الروسي على الاقوال الصادرة من جانب "اسرائيل"، بأنها لا تستبعد استخدام القوة ضد ايران. وحسب رأي وزير الخارجية الروسي فإن اي نزاع يمكن حله على قاعدة المبادئ المتفق عليها من قبل المجتمع الدولي والمدرجة في شرعة الامم المتحدة".
ودعت روسيا ايران، حليفتها منذ الحقبة السوفياتية، لان تزيد الشفافية حول برنامجها النووي. وهي تعمل لحمايتها من العقوبات الدولية القاسية ومن التهديد المحتمل بالحرب.
واعلن لافروف ان الحملات العسكرية كحملة الناتو في افغانستان تبرهن عن مخاطر عمليات التدخل الاجنبي. وقال ان "استخدام القوة هو ممكن فقط في حالتين، مشار اليهما في شرعة الامم المتحدة، وهما حالة الدفاع عن النفس، لدى التعرض لهجوم عسكري، او بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي".
وحسب تقديرات عدد من المراقبين الدوليين فإن احد اسباب ردة الفعل الروسية هو رغبة الوكالة الدولية للطاقة النووية ان تستعرض التقرير الجديد للوكالة حول البرنامج النووي الايراني، والذي يتناول كون العلماء الايرانيين انجزوا على الكومبيوتر النموذج الخاص بالرؤوس النووية القتالية. وسوف يعرض التقرير صورا للحاوية (كونتينر) التي تم استخدامها لاختبار المكونات النووية. وحسبما جاء في بعض المعلومات فإن هذه الحاوية تمت موضعتها في قطاع بارتشين في محيط طهران. وحسب معلومات نشرتها جريدة "واشنطن بوست"، استقتها من دبلوماسيين واختصاصيين نوويين غربيين لم تفصح عنهم، هم على اطلاع على المعطيات التجسسية الجديدة المرسلة الى الامم المتحدة، فإن ايران قد اجتازت مراحل مهمة ضرورية لصنع القنبلة النووية، وان ايران قد حصلت على مساعدة تكنولوجية حاسمة من خبراء اجانب، وان برنامج التسلح الايراني لم يمر بدون مساعدة روسيا.
وفي هذا الصدد ذكرت الجريدة ان العالم السوفياتي السابق فياتشيسلاف دانيلينكو قد عمل منذ تسعينات القرن الماضي لاجل القنبلة النووية الايرانية وانه قام طوال خمس سنوات بتعليم العلماء الايرانيين على صناعة صواعق عالية الدقة، من النوع القادر على اشتغال ردة فعل نووية. كما ان التكنولوجيا الحساسة المترافقة مع خبراء من باكستان وكوريا الشمالية ساعدت ايضا الجمهورية الاسلامية الايرانية في الوصول الى عتبة القدرات النووية.
ويجدر بنا ان نذكـّر ان تصعيد التوتر قد اشتد بعد تصريحات رئيس الوزراء نتانياهو والرئيس الاسرائيلي بيريز اللذين اعربا على المكشوف عن رغبتهما في مواجهة ايران. ويمكن ان نضم الى موضوع القيام باجراءات عسكرية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية الاعلان عن تحضير الاسطول البريطاني للقيام بعملية محتملة في الاقليم. وبهذا الصدد، وفي مقابلة اجراها مع الجريدة اليومية المصرية "الاخبار"، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل تطمحان لان توجها ضربة عسكرية ضد ايران، للحد من تنامي نفوذها، وحذر من اي هجوم تتعرض له بلاده. وجاء على لسانه "عدا ذلك فهما تحاولان ان تحصلا على دعم دولي لعملية عسكرية تهدف الى الغاء نفوذ ايران. وينبغي على هذين البلدين المتعجرفين ان يعلما ان ايران لن تسمح لهما بالعدوان عليها". وختم تصريحه بالقول "ان واشنطن تريد ان تنقذ الدولة الصهيونية، ولكنها لن تستطيع ان تنجح بذلك... ان هذه الدولة يمكن تشبيهها بعملية زراعة كبد في جسم يلفظه. نعم، ان اسرائيل ستنهار، ونهايتها ستكون قريبة".
ومن جهته، وردا على ملاحظة من قبل وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، صاح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قائلا "انها كما تقولون ـ قوى عالمية متعجرفة. لقد كانت تؤيد الانظمة السابقة في شمال افريقيا، والان هي تؤيد الثورات التي اسقطت تلك الانظمة". وكان ذلك في الاجتماع الاخير لمنظمة شنغهاي للتعاون (ش و س)، الذي انعقد في بتروغراد، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتنظر موسكو الى ( ش و س ) بوصفها بديلا لحلف الناتو العدواني.
والى جانب بوتين شارك في لقاء منظمة (شوس) يوم الاثنين الماضي رئيس الوزراء الصيني فون تسياباو. وقد تشكلت هذه المنظمة منذ 10 سنوات من روسيا، الصين واربع من دول اسيا الوسطى. وتترشح للانضمام اليها ايران، الهند وباكستان. وهي تحضر اللقاءات بصفة مراقب. ولكن حتى الان لم يتخذ قرار بضم اعضاء جدد.
وفي هذا الوقت اعلن الرئيس الروسي دميتريي ميدفيدييف قرارا هاما برفع رواتب العسكريين الروس بمعدل 2،5 ـ 3 اضعاف مستواها الحالي. ويأتي هذا القرار من ضمن الخطة الشاملة لرفع مستوى الجيش وتحديث تسليحه بشكل شامل. وبموجب القانون الجديد سيزيد ايضا مستوى مرتبات متقاعدي الجيش والقوات المسلحة بمعدل 1،5 ـ 1،7 ضعفاً، بدءا من مطلع السنة الجديدة. وقد حرص ميدفيدييف على ان يعلن بنفسه القانون الجديد. وحسب اقوال الرئيس فهذا القانون سيتيح زيادة ملحوظة في المداخيل الفردية للجنود والضباط في اطار الوظيفة ذاتها تبعا لمؤهلات العسكري ولاهمية المهمة التي يتولاها. وسيكون هناك مدفوعات اضافية تبعا للظروف، بما في ذلك الظروف المناخية والاعمال التي تشكل خطرا على الحياة.
وسيتراوح المرتب الاساسي بين 25000 روبل للجندي (1$ يساوي 30،5 روبل) و112000 روبل للجنرال.
XXX
نستدل من كل ذلك على حدوث تغيرات جذرية على الساحة الدولية اهمها:
1ـ بصرف النظر عن طبيعة او حقيقة ما كان يسمى النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي السابق، فإن المحور الامبريالي ـ الصهيوني الشيطاني الغربي كان يستخدم الفزاعة الشيوعية لاضفاء طابع ايديولوجي على النزاع مع روسيا ولتخويف الشعوب العربية والاسلامية وابعادها عن اصدقائها الحقيقيين بتهمة الكفر والالحاد المزعومين.
2ـ بعد الاسقاط النهائي للتجربة السوفياتية على ايدي القيادة الغورباتشوفية فتحت الابواب على مصاريعها امام الدمقراطية الغربية. ولكن الشعب الروسي ذا الحضارة التاريخية العريقة سرعان ما اكتشف ان ما يريده الغرب الامبريالي الصهيوني فعلا ليس هو الدمقراطية، بل الهيمنة على روسيا ونهب خيراتها وتدميرها وتحويلها الى شبه مستعمرة غربية. وصار من الواضح تماما ان الغرب الامبريالي الصهيوني الشيطاني يستهدف لا روسيا بسبب الشيوعية المزعومة، بل يستهدف روسيا بذاتها، سواء كانت شيوعية او دمقراطية او رأسمالية او ارثوذكسية او ملحدة او مسلمة او مسيحية.
3ـ اليوم ينهض العملاق الروسي بكل عظمته وجبروته للدفاع عن ذاته وعن وجوده الحضاري الانساني العريق وعن حريته الوجودية. وهو يدرك تماما ان الدفاع عن نفسه هو مرتبط عضويا بالدفاع عن القضية الانسانية او قضية الوجود الانساني الحر في كل انحاء العالم، وبالاخص عن قضية الشعوب العربية والاسلامية ـ مهد الحضارة الانسانية.
4ـ يخطئ تماما جميع السخفاء والسفهاء الذين يعتقدون ان العلاقة العضوية للشعوب الروسية والعربية والاسلامية هي علاقة مصلحية وانتهازية عابرة.
5ـ العملاق الروسي سيقف بحزم ضد اي عدوان محتمل على الدولة والشعب الايرانيين. واذا كان محور الشر (الاميركي ـ التركي ـ الاسرائيلي ـ الاطلسي) يشك في طبيعة العلاقة الروسية ـ الايرانية، فليجرب حظه!!!
ـــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
يتابع المحور الشيطاني: اميركا ـ الاطلسي و"اسرائيل" الاستفزازات السياسية والحرب النفسية ضد ايران، تمهيدا لشن عدوان واسع عليها او توجيه ضربة عسكرية مركزة ضدها. ذلك ان هذا المحور اصبح متضايقا جدا من الدور البناء الذي تضطلع به الجمهورية الاسلامية الايرانية في دعم المقاومة الوطنية والاسلامية في لبنان وفلسطين وفي الوقوف حجر عثرة امام المخطط الامبريالي ـ الصهيوني الجهنمي لزعزعة الاوضاع والهيمنة على "الشرق الاوسط الكبير"، عبر ما سبق للمس غونداليزا رايس ان سمتها "الفوضى البناءة".
ويستخدم هذا المحور نفوذه التقليدي على المؤسسات الدولية كالامم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية كمطية لتبرير وتمرير خطة العدوان على الدولة والشعب الايرانيين، كما وعلى جميع شعوب المنطقة. ويدعي الناطقون الشيطانيون، الاميركيون والاطلسيون وطبعا الاسرائيليون ان البرنامج النووي الايراني السلمي هو برنامج عسكري يهدد "سلامهم" العالمي.
ان السبب الرئيسي لمعارضة البرنامج النووي الايراني، هو ان الغرب الامبريالي يخشى ان تدخل ايران، المتحررة من ربقة الامبريالية، عصر الثورة الصناعية الجديدة المستندة الى العلوم الالكترونية والطاقة النووية غير المحدودة. وهم يتحججون بخطر امتلاك ايران للقنبلة النووية، علما ان الغرب الامبريالي بأسره ساهم في امتلاك "اسرائيل" للقنبلة النووية التي تهدد بها الشعوب العربية والاسلامية قاطبة كما تهدد السلم العالمي برمته. واذا افترضنا جدلا ان ايران امتلكت القنبلة النووية فهذا سيكون انجازا كبيرا لحركة التحرر العالمية، وضمانة اضافية لسلام الشعوب العربية والاسلامية بالاخص وسلام العالم عموما، ولردع "اسرائيل" عن استخدام والتهديد باستخدام القنبلة النووية ضد شعوبنا المظلومة. الا ان هذه الوقائع الساطعة لا تمنع ممثلي المحور الشيطاني من رفع عقيرتهم والعواء بأعلى الاصوات الذئبية ضد الجمهورية الايرانية وتهديدها بالويل والثبور.
ولكن ـ وخلافا لما تشتهي زمر 14 اذار وكل الطابور الخامس الاسرائيلي في لبنان ـ فإن ايران لا تقف وحدها في الساحة الدولية. وامكانية تمرير قرارات دولية ضدها ستسقط حتما كما سقطت امكانية اصدار قرار دولي ضد سوريا في الامس القريب. كما ان امكانية شن عدوان على ايران سينقلب الى ضده، وسيرتد كيد المعتدين الى نحورهم.
وفي هذا السياق صرح وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف في مؤتمر صحفي "ان موقفنا بخصوص هذه المسألة (اي احتمال توجيه ضربة عسكرية الى ايران) هو معروف تماما: ان ذلك سيكون بمثابة خطأ جسيم جدا وذا عواقب غير متوقعة". واضاف بلهجة معبرة "ان التدخل العسكري سوف يؤدي فقط الى نشوب نزاع جديد والى مضاعفة عدد الضحايا المدنيين عدة مرات وزيادة المعاناة البشرية". و"لا يمكن ان يوجد حل عسكري للمشكلة النووية الايرانية، ولا لأية مشكلة اخرى في العالم المعاصر". هذا ما علق به وزير الخارجية الروسي على الاقوال الصادرة من جانب "اسرائيل"، بأنها لا تستبعد استخدام القوة ضد ايران. وحسب رأي وزير الخارجية الروسي فإن اي نزاع يمكن حله على قاعدة المبادئ المتفق عليها من قبل المجتمع الدولي والمدرجة في شرعة الامم المتحدة".
ودعت روسيا ايران، حليفتها منذ الحقبة السوفياتية، لان تزيد الشفافية حول برنامجها النووي. وهي تعمل لحمايتها من العقوبات الدولية القاسية ومن التهديد المحتمل بالحرب.
واعلن لافروف ان الحملات العسكرية كحملة الناتو في افغانستان تبرهن عن مخاطر عمليات التدخل الاجنبي. وقال ان "استخدام القوة هو ممكن فقط في حالتين، مشار اليهما في شرعة الامم المتحدة، وهما حالة الدفاع عن النفس، لدى التعرض لهجوم عسكري، او بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي".
وحسب تقديرات عدد من المراقبين الدوليين فإن احد اسباب ردة الفعل الروسية هو رغبة الوكالة الدولية للطاقة النووية ان تستعرض التقرير الجديد للوكالة حول البرنامج النووي الايراني، والذي يتناول كون العلماء الايرانيين انجزوا على الكومبيوتر النموذج الخاص بالرؤوس النووية القتالية. وسوف يعرض التقرير صورا للحاوية (كونتينر) التي تم استخدامها لاختبار المكونات النووية. وحسبما جاء في بعض المعلومات فإن هذه الحاوية تمت موضعتها في قطاع بارتشين في محيط طهران. وحسب معلومات نشرتها جريدة "واشنطن بوست"، استقتها من دبلوماسيين واختصاصيين نوويين غربيين لم تفصح عنهم، هم على اطلاع على المعطيات التجسسية الجديدة المرسلة الى الامم المتحدة، فإن ايران قد اجتازت مراحل مهمة ضرورية لصنع القنبلة النووية، وان ايران قد حصلت على مساعدة تكنولوجية حاسمة من خبراء اجانب، وان برنامج التسلح الايراني لم يمر بدون مساعدة روسيا.
وفي هذا الصدد ذكرت الجريدة ان العالم السوفياتي السابق فياتشيسلاف دانيلينكو قد عمل منذ تسعينات القرن الماضي لاجل القنبلة النووية الايرانية وانه قام طوال خمس سنوات بتعليم العلماء الايرانيين على صناعة صواعق عالية الدقة، من النوع القادر على اشتغال ردة فعل نووية. كما ان التكنولوجيا الحساسة المترافقة مع خبراء من باكستان وكوريا الشمالية ساعدت ايضا الجمهورية الاسلامية الايرانية في الوصول الى عتبة القدرات النووية.
ويجدر بنا ان نذكـّر ان تصعيد التوتر قد اشتد بعد تصريحات رئيس الوزراء نتانياهو والرئيس الاسرائيلي بيريز اللذين اعربا على المكشوف عن رغبتهما في مواجهة ايران. ويمكن ان نضم الى موضوع القيام باجراءات عسكرية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية الاعلان عن تحضير الاسطول البريطاني للقيام بعملية محتملة في الاقليم. وبهذا الصدد، وفي مقابلة اجراها مع الجريدة اليومية المصرية "الاخبار"، اعلن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل تطمحان لان توجها ضربة عسكرية ضد ايران، للحد من تنامي نفوذها، وحذر من اي هجوم تتعرض له بلاده. وجاء على لسانه "عدا ذلك فهما تحاولان ان تحصلا على دعم دولي لعملية عسكرية تهدف الى الغاء نفوذ ايران. وينبغي على هذين البلدين المتعجرفين ان يعلما ان ايران لن تسمح لهما بالعدوان عليها". وختم تصريحه بالقول "ان واشنطن تريد ان تنقذ الدولة الصهيونية، ولكنها لن تستطيع ان تنجح بذلك... ان هذه الدولة يمكن تشبيهها بعملية زراعة كبد في جسم يلفظه. نعم، ان اسرائيل ستنهار، ونهايتها ستكون قريبة".
ومن جهته، وردا على ملاحظة من قبل وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي، صاح رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قائلا "انها كما تقولون ـ قوى عالمية متعجرفة. لقد كانت تؤيد الانظمة السابقة في شمال افريقيا، والان هي تؤيد الثورات التي اسقطت تلك الانظمة". وكان ذلك في الاجتماع الاخير لمنظمة شنغهاي للتعاون (ش و س)، الذي انعقد في بتروغراد، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتنظر موسكو الى ( ش و س ) بوصفها بديلا لحلف الناتو العدواني.
والى جانب بوتين شارك في لقاء منظمة (شوس) يوم الاثنين الماضي رئيس الوزراء الصيني فون تسياباو. وقد تشكلت هذه المنظمة منذ 10 سنوات من روسيا، الصين واربع من دول اسيا الوسطى. وتترشح للانضمام اليها ايران، الهند وباكستان. وهي تحضر اللقاءات بصفة مراقب. ولكن حتى الان لم يتخذ قرار بضم اعضاء جدد.
وفي هذا الوقت اعلن الرئيس الروسي دميتريي ميدفيدييف قرارا هاما برفع رواتب العسكريين الروس بمعدل 2،5 ـ 3 اضعاف مستواها الحالي. ويأتي هذا القرار من ضمن الخطة الشاملة لرفع مستوى الجيش وتحديث تسليحه بشكل شامل. وبموجب القانون الجديد سيزيد ايضا مستوى مرتبات متقاعدي الجيش والقوات المسلحة بمعدل 1،5 ـ 1،7 ضعفاً، بدءا من مطلع السنة الجديدة. وقد حرص ميدفيدييف على ان يعلن بنفسه القانون الجديد. وحسب اقوال الرئيس فهذا القانون سيتيح زيادة ملحوظة في المداخيل الفردية للجنود والضباط في اطار الوظيفة ذاتها تبعا لمؤهلات العسكري ولاهمية المهمة التي يتولاها. وسيكون هناك مدفوعات اضافية تبعا للظروف، بما في ذلك الظروف المناخية والاعمال التي تشكل خطرا على الحياة.
وسيتراوح المرتب الاساسي بين 25000 روبل للجندي (1$ يساوي 30،5 روبل) و112000 روبل للجنرال.
XXX
نستدل من كل ذلك على حدوث تغيرات جذرية على الساحة الدولية اهمها:
1ـ بصرف النظر عن طبيعة او حقيقة ما كان يسمى النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي السابق، فإن المحور الامبريالي ـ الصهيوني الشيطاني الغربي كان يستخدم الفزاعة الشيوعية لاضفاء طابع ايديولوجي على النزاع مع روسيا ولتخويف الشعوب العربية والاسلامية وابعادها عن اصدقائها الحقيقيين بتهمة الكفر والالحاد المزعومين.
2ـ بعد الاسقاط النهائي للتجربة السوفياتية على ايدي القيادة الغورباتشوفية فتحت الابواب على مصاريعها امام الدمقراطية الغربية. ولكن الشعب الروسي ذا الحضارة التاريخية العريقة سرعان ما اكتشف ان ما يريده الغرب الامبريالي الصهيوني فعلا ليس هو الدمقراطية، بل الهيمنة على روسيا ونهب خيراتها وتدميرها وتحويلها الى شبه مستعمرة غربية. وصار من الواضح تماما ان الغرب الامبريالي الصهيوني الشيطاني يستهدف لا روسيا بسبب الشيوعية المزعومة، بل يستهدف روسيا بذاتها، سواء كانت شيوعية او دمقراطية او رأسمالية او ارثوذكسية او ملحدة او مسلمة او مسيحية.
3ـ اليوم ينهض العملاق الروسي بكل عظمته وجبروته للدفاع عن ذاته وعن وجوده الحضاري الانساني العريق وعن حريته الوجودية. وهو يدرك تماما ان الدفاع عن نفسه هو مرتبط عضويا بالدفاع عن القضية الانسانية او قضية الوجود الانساني الحر في كل انحاء العالم، وبالاخص عن قضية الشعوب العربية والاسلامية ـ مهد الحضارة الانسانية.
4ـ يخطئ تماما جميع السخفاء والسفهاء الذين يعتقدون ان العلاقة العضوية للشعوب الروسية والعربية والاسلامية هي علاقة مصلحية وانتهازية عابرة.
5ـ العملاق الروسي سيقف بحزم ضد اي عدوان محتمل على الدولة والشعب الايرانيين. واذا كان محور الشر (الاميركي ـ التركي ـ الاسرائيلي ـ الاطلسي) يشك في طبيعة العلاقة الروسية ـ الايرانية، فليجرب حظه!!!
ـــــــــ
*كاتب لبناني مستقل