ارشيف من :آراء وتحليلات
حقائق خطيرة من ملفات قديمة ..
بغداد ـ عادل الجبوري
ربما كان الإعتذار الاميركي للعراقيين الذي جاء على لسان سفير واشمطن في بغداد جيمس جيفري، بشأن مساعدة بلاده لنظام صدام بعد حرب تحرير الكويت على قمع الانتفاضة الشعبية حينذاك، حافزاً لتسليط الأضواء على حقائق خطيرة قد لا تكون سرية ومخفية بالكامل، بيد أنها ربما كانت بعيدة عن دائرة الرصد والتحليل.
بعض محاضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الاميركي في صيف عام 1990، أي قبل فترة وجيزة من غزو نظام صدام لدولة الكويت، تميط اللثام عن بعض من ـ وليس كل ـ الازدواجية الاميركية والتناقض بين ما هو معلن وما يدور في الكواليس.
في محضر الاجتماع المؤرخ في الثالث والعشرين من شهر تموز/يوليو 1990، نجد المواقف المبتية لكبار صناع القرار الاميركي لتهيئة الارضيات لاشعال حرب جديدة في منطقة الخليج بعد عامين من الحرب الأولى بين العراق وايران، اذ يقول مستشار الامن القومي في ذلك الوقت برنت سكاوكروفت:
ـ إن قيام العراق بعمل عسكري ضد الكويت وإن كان سيمثل خطراً على مصالحنا الاقتصادية في المنطقة, إلا أنه قد يمنحنا الفرصة لكي نقضي مع أطراف دولية على القوة العسكرية العراقية.
ـ لقد انصب اهتمامنا منذ انتهاء الحرب الايرانية – العراقية على كيفية منع العراقيين من خوض حرب ضد "اسرائيل", وعقد الرئيس بوش معنا ثمانية اجتماعات في الشهور الماضية لبحث هذا الموضوع تحديداً, ولتقدير خطر القوة العسكرية العراقية على مصالحنا في المنطقة, وقد انتهينا وقتها إلى أن قيام العراق بعمل عسكري ضد "اسرائيل" هو أخطر بكثير من قيامه بعمل ضد الكويت على الرغم من أن تهديد الكويت سوف يؤثر على مصالحنا النفطية وعلى نفوذنا في المنطقة, وفي حين أن الدول العربية سوف تنقسم في مواقفها ما بين مؤيد ومعارض أو محايد بالنسبة للكويت, فإنها ستؤيد جميعها العراق في حال خوضه حرباً مع "اسرائيل".
ـ لم يحسم العراقيون مسألة خيارهم العسكري, ونحن مازلنا نزودهم بصور الأقمار الصناعية حول سرقة الكويت لنفطهم, ومن ناحية ثانية نحن نحرّض الكويتيين على عدم الاستجابة للمطالب العراقية وبضرورة ألا يسمحوا لهم بالخروج بأية مكاسب نتيجة ضغوطهم، إن المشكلة بين العراق والكويت ما زالت تحت السطح, وعندما يقوم العراقيون بخطوتهم العسكرية فسنقابلها بكل حزم.
ـ إن تدخلنا سيكون خطوة باتجاه أهداف أكبر, أولها تواجدنا في المنطقة وسيطرتنا على النفط الخليجي والعراقي وتأمين حلفائنا الاسرائيليين والاقتراب من الخطوط السوفيتيية, وتدمير الآلة العسكرية العراقية التي أصبحت تقلق "اسرائيل"؛ وثانيها أنه سيكون بإمكاننا التدخل في شؤون أية دولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً, بل سيكون بإمكاننا تغيير أنظمة حكم لا نريدها مثل النظام العراقي أو القيادة الفلسطينية التي يرأسها ياسر عرفات.
ـ إننا نحاول إدخال العراق في مصيدة الكويت, وعندها سنبدأ ولن نتوقف إلا بعد إسقاط صدام حسين. سنحارب تحت علم الأمم المتحدة, وإذا تحقق النصر فسيكون لنا وإذا تحققت الهزيمة فستكون لغيرنا, وجيشنا لن يقاتل مباشرة هناك بل سيكون القتال من نصيب الدول العربية التي حصلنا منها على وعود بذلك،وإن قرار ضرب العراق قد اتُخذ منذ فترة, ونحتاج فقط الى ذريعة لنسوّقها في مجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بالأمر.
وفي محضر الاجتماع الاستثنائي الاخر الذي عقد بعد يوم واحد من الاجتماع الأول يرد سكاوكروفت على الاسئلة المطروحة من قبل الحاضرين، ومن مجمل النقاشات في كلا الاجتماعين وربما اجتماعات اخرى لأعلى مراكز صنع القرار الاميركية، يتبين "كذب الرئيس الأميركي الاسبق بادعائه أنه لم يعلم بأمر الغزو العراقي للكويت إلا بعد وقوعه, وكذب وزير خارجيته جيمس بيكر عندما زعم أن الولايات المتحدة لم تتحرك إلا بعد أن وقع الغزو، لأنها كانت قد تلقت تأكيدات من جميع الأطراف بأن العراق لن يهاجم الكويت".
وتشير بعض الوثائق السرية ومذكرات عدد من السياسيين والعسكريين الاميركيين الى ان "الولايات المتحدة التي زودت العراق بصور الأقمار الصناعية التي تثبت سرقة الكويت للنفط العراقي, كانت في ذات اللحظة تحرّض ـ بل تأمر ـ الكويتيين بعدم الاستجابة للمطالب العراقية, وأن المخططات الأميركية لضرب العراق كانت مكتملة منذ يوم 3- 7- 1990 , أي قبل ثلاثين يوماً من دخوله الكويت".
وقد لعبت واشنطن في ذلك الحين على حبل التناقضات والتشنجات والاحتقانات بين الاطراف المعنية، ففي الوقت الذي اكدت سفيرة الولايات المتحدة في بغداد ابريل غلاسبي لصدام "أن بلادها ترغب باستقرار المنطقة ولكنها ترغب بنفس الدرجة بعودة الحقوق لأصحابها ولذلك فإنها تؤيد العراق في مطالبته بحقوقه التي سلبتها الكويت, وهي مستعدة لقبول توكيل العراق لها لتحصيل تلك الحقوق"، كان السفير الاميركي في الكويت يضغط على الزعماء الكويتيين حتى لا يقدموا أية تنازلات للعراق, اما سفير واشنطن في الرياض فقد نقل أوامر دولته القاطعة لولي العهد السعودي حينذاك ـ الملك حاليا ـ عبد الله بن العزيز بأن تساند المملكة الكويت في أزمتها مع العراق بكل ما تتطلبه هذه المساندة من فتح أراضيها وقواعدها العسكرية للقوى الغربية, وحتى تمويل وحشد دول عربية لمنح نوع من الشرعية للحرب القادمة.
ومن المؤكد ان هناك كماَ هائلا من الحقائق والأرقام والمعطيات التي تثبت ازدواجية السياسة الأميركية بشأن ملف غزو وحرب تحرير الكويت، وكذلك مختلف القضايا بشأن العراق وغير العراق، وما هو مخفي اليوم سيتكشف غدا.
بعض محاضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الاميركي في صيف عام 1990، أي قبل فترة وجيزة من غزو نظام صدام لدولة الكويت، تميط اللثام عن بعض من ـ وليس كل ـ الازدواجية الاميركية والتناقض بين ما هو معلن وما يدور في الكواليس.
في محضر الاجتماع المؤرخ في الثالث والعشرين من شهر تموز/يوليو 1990، نجد المواقف المبتية لكبار صناع القرار الاميركي لتهيئة الارضيات لاشعال حرب جديدة في منطقة الخليج بعد عامين من الحرب الأولى بين العراق وايران، اذ يقول مستشار الامن القومي في ذلك الوقت برنت سكاوكروفت:
ـ إن قيام العراق بعمل عسكري ضد الكويت وإن كان سيمثل خطراً على مصالحنا الاقتصادية في المنطقة, إلا أنه قد يمنحنا الفرصة لكي نقضي مع أطراف دولية على القوة العسكرية العراقية.
ـ لقد انصب اهتمامنا منذ انتهاء الحرب الايرانية – العراقية على كيفية منع العراقيين من خوض حرب ضد "اسرائيل", وعقد الرئيس بوش معنا ثمانية اجتماعات في الشهور الماضية لبحث هذا الموضوع تحديداً, ولتقدير خطر القوة العسكرية العراقية على مصالحنا في المنطقة, وقد انتهينا وقتها إلى أن قيام العراق بعمل عسكري ضد "اسرائيل" هو أخطر بكثير من قيامه بعمل ضد الكويت على الرغم من أن تهديد الكويت سوف يؤثر على مصالحنا النفطية وعلى نفوذنا في المنطقة, وفي حين أن الدول العربية سوف تنقسم في مواقفها ما بين مؤيد ومعارض أو محايد بالنسبة للكويت, فإنها ستؤيد جميعها العراق في حال خوضه حرباً مع "اسرائيل".
ـ لم يحسم العراقيون مسألة خيارهم العسكري, ونحن مازلنا نزودهم بصور الأقمار الصناعية حول سرقة الكويت لنفطهم, ومن ناحية ثانية نحن نحرّض الكويتيين على عدم الاستجابة للمطالب العراقية وبضرورة ألا يسمحوا لهم بالخروج بأية مكاسب نتيجة ضغوطهم، إن المشكلة بين العراق والكويت ما زالت تحت السطح, وعندما يقوم العراقيون بخطوتهم العسكرية فسنقابلها بكل حزم.
ـ إن تدخلنا سيكون خطوة باتجاه أهداف أكبر, أولها تواجدنا في المنطقة وسيطرتنا على النفط الخليجي والعراقي وتأمين حلفائنا الاسرائيليين والاقتراب من الخطوط السوفيتيية, وتدمير الآلة العسكرية العراقية التي أصبحت تقلق "اسرائيل"؛ وثانيها أنه سيكون بإمكاننا التدخل في شؤون أية دولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً, بل سيكون بإمكاننا تغيير أنظمة حكم لا نريدها مثل النظام العراقي أو القيادة الفلسطينية التي يرأسها ياسر عرفات.
ـ إننا نحاول إدخال العراق في مصيدة الكويت, وعندها سنبدأ ولن نتوقف إلا بعد إسقاط صدام حسين. سنحارب تحت علم الأمم المتحدة, وإذا تحقق النصر فسيكون لنا وإذا تحققت الهزيمة فستكون لغيرنا, وجيشنا لن يقاتل مباشرة هناك بل سيكون القتال من نصيب الدول العربية التي حصلنا منها على وعود بذلك،وإن قرار ضرب العراق قد اتُخذ منذ فترة, ونحتاج فقط الى ذريعة لنسوّقها في مجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بالأمر.
وفي محضر الاجتماع الاستثنائي الاخر الذي عقد بعد يوم واحد من الاجتماع الأول يرد سكاوكروفت على الاسئلة المطروحة من قبل الحاضرين، ومن مجمل النقاشات في كلا الاجتماعين وربما اجتماعات اخرى لأعلى مراكز صنع القرار الاميركية، يتبين "كذب الرئيس الأميركي الاسبق بادعائه أنه لم يعلم بأمر الغزو العراقي للكويت إلا بعد وقوعه, وكذب وزير خارجيته جيمس بيكر عندما زعم أن الولايات المتحدة لم تتحرك إلا بعد أن وقع الغزو، لأنها كانت قد تلقت تأكيدات من جميع الأطراف بأن العراق لن يهاجم الكويت".
وتشير بعض الوثائق السرية ومذكرات عدد من السياسيين والعسكريين الاميركيين الى ان "الولايات المتحدة التي زودت العراق بصور الأقمار الصناعية التي تثبت سرقة الكويت للنفط العراقي, كانت في ذات اللحظة تحرّض ـ بل تأمر ـ الكويتيين بعدم الاستجابة للمطالب العراقية, وأن المخططات الأميركية لضرب العراق كانت مكتملة منذ يوم 3- 7- 1990 , أي قبل ثلاثين يوماً من دخوله الكويت".
وقد لعبت واشنطن في ذلك الحين على حبل التناقضات والتشنجات والاحتقانات بين الاطراف المعنية، ففي الوقت الذي اكدت سفيرة الولايات المتحدة في بغداد ابريل غلاسبي لصدام "أن بلادها ترغب باستقرار المنطقة ولكنها ترغب بنفس الدرجة بعودة الحقوق لأصحابها ولذلك فإنها تؤيد العراق في مطالبته بحقوقه التي سلبتها الكويت, وهي مستعدة لقبول توكيل العراق لها لتحصيل تلك الحقوق"، كان السفير الاميركي في الكويت يضغط على الزعماء الكويتيين حتى لا يقدموا أية تنازلات للعراق, اما سفير واشنطن في الرياض فقد نقل أوامر دولته القاطعة لولي العهد السعودي حينذاك ـ الملك حاليا ـ عبد الله بن العزيز بأن تساند المملكة الكويت في أزمتها مع العراق بكل ما تتطلبه هذه المساندة من فتح أراضيها وقواعدها العسكرية للقوى الغربية, وحتى تمويل وحشد دول عربية لمنح نوع من الشرعية للحرب القادمة.
ومن المؤكد ان هناك كماَ هائلا من الحقائق والأرقام والمعطيات التي تثبت ازدواجية السياسة الأميركية بشأن ملف غزو وحرب تحرير الكويت، وكذلك مختلف القضايا بشأن العراق وغير العراق، وما هو مخفي اليوم سيتكشف غدا.