ارشيف من :آراء وتحليلات
سوريا: تحدي التنمية والمواجهة على ضوء التجربتين المصرية والعراقية

"حيث يكون الاستعداد عظيماً لا يمكن أن تكون الصعوبات عظيمة" ـ نيكولو ميكيافلي
لؤي توفيق حسن(*)
هناك واقعة جرت قبل أكثر من نصف قرن فيها ما يغني عن اي شرح. كانت تلك في مصر مطلع عام 1954 حين حضر وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية انطوني ناتينغ واجتمع بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر للوقوف على ( نوايا) "قادة مصر الجدد" حيال قضايا المنطقة. يومها كان مجلس قيادة الثورة قد قام بخفض نفقات البلاد العسكرية، الأمر الذي ظل على مدى الأعوام: 1953، 1954، 1955. وذلك باستخدام الوفر في التنمية الريفية مع دعم صغار الفلاحين المستفيدين من قرارات "الإصلاح الزراعي".
بعد ان انهى زيارته انتقل ناتينغ الى تل أبيب ليجتمع بدفيد بن غوريون فبادره قائلاً: "جئتك بنبأ جيد". ان عبد الناصر يعتبر رفع مستوى حياة الشعب المصري قضية أعلى شأناً من الإعداد لحرب مع "اسرائيل". نظر بن غوريون إلى ناتينغ سائلاً باستغراب: "وهل تسمي ذلك بنبأ جيد؟".
ثم امتد ذلك ليصف عبد الناصر بـ "الرجل الخطير"؛ أما لماذا؟... فلأنه "يفكر بالصناعة" على حد تعبير بن غوريون. هذه الواقعة وكونها جاءت من الخندق الآخر تجسد الحقيقة التي ما فتئنا نرددها فقط في أدبياتنا السياسية!؛ وهي أن صراعنا مع العدو هو "صراع حضاري" بالمعنى الشامل للكلمة.
هنا تبرز للواجهة ثلاثة نماذج جادة في التنمية: مصر الناصرية، العراق، وسوريا. هذا بوصفها مشاريع مستقلة غير مرهونة لقوى رأس المال الدولي. وبوصف هذا الثلاثي يمثل عملياً مركز الثقل للأمة العربية.
النموذجان المصري والعراقي
لاشك بأن مصر الناصرية قطعت أشواطاً نوعية في مشروعها قافزةً بالمجتمع خطوات ثابتة الى الامام. وللعلم لقد بدأت بخططها الإنمائية بنفس الزمن تقريباً مع الهند. بل وكان من بينها في الستينيات برنامج مشترك في حقل الصناعة الجوية. غير ان مشروع التنمية ذاك توقف بعد نكسة 67 عندما انصبت معظم موارد الدولة "لإزالة آثار العدوان"، وإعادة بناء القوات المسلحة، ثم أٌسدل الستار على النهج ككل بعد وفاة عبد الناصر وضرب خطه تماماً على يد السادات.
مما لا شك فيه أيضاً بأن عراق البعث قد تقفى درب التنمية بذات الطموح، والمضمون وربما بقفزات أكبر مما شهدته مصر بالنظر لموارده الوافرة من عائدات النفط استثمرها العراق في مشاريع ذات مردود استراتيجي خلافاً من النهج النمطي الذي اتبعته وتتبعه دول الخليج، والذي جعل (مشاريعها!) باباً للإنفاق وحسب، ولوظيفة محددة هي اكمال الدورة الإقتصادية الضرورية لحركة الآلة الصناعية الغربية، والأمريكية منها بشكل خاص.
للعلم لم يكن المشروع الناصري في مصر التحدي الأول فقد سبقه مشروع محمد علي باشا في القرن التاسع عشر الذي به تحولت مصر الى قوة اقليمية كبرى بالاستناد الى مضمون من التحديث في كافة المجالات، وانعكس على جيشها الذي اصبح اكبر قوة ضاربة في المنطقة آنذاك هزم الجيش العثماني طارقاً ابواب الآستانة في طموحِ لنقل مركز الخلافة الى موقعها الطبيعي! لولا ان تآلبت عليه القوى العظمى ذلك الحين. أما بيت القصيد هنا فهو في "التسوية" التي فرضت على محمد علي ومن بنودها: وقف التصنيع. منع مصر من بناء سفن حربية. تحديد عديد الجيش المصري... ـ "مؤتمر لندن الثاني عام 1841"!.
المفارقة ان النهضة المصرية الأولى على يد محمد علي سبقت بسنوات نهضة اليابان على يد امبراطورها الفذ موتسيهيتو الملقب (مايجي)؛ اي المتنور. كما تزامن مشروع النهضة المصرية الثانية على يد جمال عبد الناصر مع مثيلتها في الهند على يد نهرو. فها هي اليابان وقد وصلت الى ما وصلت اليه من قمة وهذه هي الهند تحتل الصفوف الأولى.
إذاً لماذا خسر هذا الشرق سباق التقدم؟.
الأسباب (*) عديدة ابرزها كما قال استاذنا محمد حسنين هيكل: "الجغرافيا". وهذا ينسحب أيضاً بقدر او بآخر على العراق، وسوريا، باعتبارهما في منطقة مطلوبة لثروتها ولموقعها. وهذا حق لكنه تحدٍّ، فالهزيمة ليست قدراً مع الجغرافيا؛ ولنا في ايران مثال حي.
لقد افتقدت التجربة الناصرية للاداة السياسية الفعالة القادرة على حماية المشروع مع غياب القيادة المتميزة. كما افتقدت التجرية العراقية لقدرة الاداة السياسية ـ الحزب ـ على حماية المشروع من حماقة القيادة غير المتميزة إلا في قصور رؤيتها الاستراتيجية!. الأمر الذي سهل على الغرب استدراجها بسهولة الى أفخاخه المنصوبة. فكان ما كان.
التجربية السورية
لا شك بأن التجربة السورية كانت أقل حجماً ـ وليس أثراً ـ بالنظر لإمكانياتها قياساً بمصر. ناهيك عن العراق. غير ان التنمية في سوريا حققت انجازات ملحوظة منذ عام 1963 وحتى عام 2000. ولا شك بأن الحنكة السياسية للرئيس الراحل حافظ الأسد التي حمت سوريا من عصف الرياح في هذه المنطقة المضطربة قد حمت هذة التجربة السورية الانمائية فيما حمت. ولعل اهم انجازاتها ـ بصرف النظر عن بعض مثالبها ـ انها أوجدت قطاعاً عاماً انتاجياً وخدماتياً كان له تأثيره في دفع سوريا خطوات كبيرة الى الامام مع ميزة، وهو انه شكل حاضنة لأمنها الاجتماعي، وخطاً دفاعياً عن استقرارها، وصمودها في وجه الرياح.
ربما من هذه النقطة الأخيرة صممت القوى المستهدفة لسوريا ان تخرق. وقد خرقت ـ او مُكِّنَتْ ـ عبر هذا الفريق الاقتصادي الذي زين فكرة (لبرلة الاقتصاد)، او ما كانوا يسمونه بـ "تحرير السوق"!. ولعل ما يدعونا لهذا الاعتقاد انه ما كان لتشهد سوريا ما تشهده الآن لولا التداعيات التي سببتها السياسات الإقصادية وكان منها استنزاف القطاع العام ودفعه الى التراجع في نية واضحة (لكرسحته) تمهيداً "لخصخصته"!. وبهذه (اللبرلة) تنامى اقتصاد كومبرادوري ـ ريعي على حساب اقتصاد منتج. كما سادت ثقافة استهلاكية مدمرة. وهذا كله خلق ضحايا كان أكثرها تضرراً الريف بفلاحيه، وصغار كسبته الذي انكشف أمام (سياسة السوق) ما أدى مع الوقت إلى إفقاره ومن ثم هجرته إلى المدن في أحزمة من البؤس حول المدن ـ منها ريف دمشق! ـ. لذلك لم تكن مصادفةً أن تشهد الاضطرابات تربتها الخصبة في هذا الريف!.
إنه ذات الريف الذي ظل على مدى 37 سنة القاعدة الشعبية للبعث، والذي لم تستطع الأصولية اختراقه بالرغم من طابعه المحافظ. وجميعنا ما زال يذكر أن "الأصولية" التي أوجدت لها مكاناً ما في بعض المدن السورية لم تستطع خلال احداث حماه عام 1981 ان تطال اي ريف سوري حيث ظل هذا الاخير في كفة السلطة بالنظر لما توفر له من مكتسبات الامر الذي ساعد الرئيس الراحل حافظ الأسد على تطويق الاحداث تلك بحيث لم تتجاوز يومها مدينة حماه وجزئياً حلب بالرغم من قساوة المواجهة.
بصرف النظر عن الرأي في جدوى (لَبْرَلَة السوق) وعن جدوى "النظام الاقتصادي الحر" فإن توأمته مع نظام سياسي موجه شكل بدعة البدع!. حيث لم يؤخذ من النظام اللبرالي شقه الديمقراطي بالمعنى الحقيقي للكلمة الذي يؤمّن قدراً من الرقابة تحد من طغيان رأس المال. وبذا استطاع هذا النظام الاقتصادي الماكر وبغياب تلك الرقابة الديمقراطية اختراق السياسة وافسادها؛ ما افسح للمؤامرة فيما بعد ان تدخل من اوسع الابواب بتقديرنا كما بتقدير مراقبين كثر.
باختصار كان الاقتصاد السوري الموجه في خدمة السياسة. ثم انقلب الأمر. هذه الحقيقة بات يدركها الآن الرئيس بشار الأسد لمن يتتبع سلسلة القرارات التي اصدرها مؤخراً مُستعيداً بها الدور المعهود للدولة السورية على مدى عقود أي (دولة الرعاية).
{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لَدُنْكَ رحمة إنك أنت الوهاب} ـ (آل عمران ـ 8)
(*) كاتب من لبنان
(**) راجع د. مسعود ظاهر: النهضة العربية والنهضة اليابانية ـ تشابه المقدمات واختلاف النتائج.
لؤي توفيق حسن(*)
هناك واقعة جرت قبل أكثر من نصف قرن فيها ما يغني عن اي شرح. كانت تلك في مصر مطلع عام 1954 حين حضر وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية انطوني ناتينغ واجتمع بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر للوقوف على ( نوايا) "قادة مصر الجدد" حيال قضايا المنطقة. يومها كان مجلس قيادة الثورة قد قام بخفض نفقات البلاد العسكرية، الأمر الذي ظل على مدى الأعوام: 1953، 1954، 1955. وذلك باستخدام الوفر في التنمية الريفية مع دعم صغار الفلاحين المستفيدين من قرارات "الإصلاح الزراعي".
بعد ان انهى زيارته انتقل ناتينغ الى تل أبيب ليجتمع بدفيد بن غوريون فبادره قائلاً: "جئتك بنبأ جيد". ان عبد الناصر يعتبر رفع مستوى حياة الشعب المصري قضية أعلى شأناً من الإعداد لحرب مع "اسرائيل". نظر بن غوريون إلى ناتينغ سائلاً باستغراب: "وهل تسمي ذلك بنبأ جيد؟".
ثم امتد ذلك ليصف عبد الناصر بـ "الرجل الخطير"؛ أما لماذا؟... فلأنه "يفكر بالصناعة" على حد تعبير بن غوريون. هذه الواقعة وكونها جاءت من الخندق الآخر تجسد الحقيقة التي ما فتئنا نرددها فقط في أدبياتنا السياسية!؛ وهي أن صراعنا مع العدو هو "صراع حضاري" بالمعنى الشامل للكلمة.
هنا تبرز للواجهة ثلاثة نماذج جادة في التنمية: مصر الناصرية، العراق، وسوريا. هذا بوصفها مشاريع مستقلة غير مرهونة لقوى رأس المال الدولي. وبوصف هذا الثلاثي يمثل عملياً مركز الثقل للأمة العربية.
النموذجان المصري والعراقي
لاشك بأن مصر الناصرية قطعت أشواطاً نوعية في مشروعها قافزةً بالمجتمع خطوات ثابتة الى الامام. وللعلم لقد بدأت بخططها الإنمائية بنفس الزمن تقريباً مع الهند. بل وكان من بينها في الستينيات برنامج مشترك في حقل الصناعة الجوية. غير ان مشروع التنمية ذاك توقف بعد نكسة 67 عندما انصبت معظم موارد الدولة "لإزالة آثار العدوان"، وإعادة بناء القوات المسلحة، ثم أٌسدل الستار على النهج ككل بعد وفاة عبد الناصر وضرب خطه تماماً على يد السادات.
مما لا شك فيه أيضاً بأن عراق البعث قد تقفى درب التنمية بذات الطموح، والمضمون وربما بقفزات أكبر مما شهدته مصر بالنظر لموارده الوافرة من عائدات النفط استثمرها العراق في مشاريع ذات مردود استراتيجي خلافاً من النهج النمطي الذي اتبعته وتتبعه دول الخليج، والذي جعل (مشاريعها!) باباً للإنفاق وحسب، ولوظيفة محددة هي اكمال الدورة الإقتصادية الضرورية لحركة الآلة الصناعية الغربية، والأمريكية منها بشكل خاص.
للعلم لم يكن المشروع الناصري في مصر التحدي الأول فقد سبقه مشروع محمد علي باشا في القرن التاسع عشر الذي به تحولت مصر الى قوة اقليمية كبرى بالاستناد الى مضمون من التحديث في كافة المجالات، وانعكس على جيشها الذي اصبح اكبر قوة ضاربة في المنطقة آنذاك هزم الجيش العثماني طارقاً ابواب الآستانة في طموحِ لنقل مركز الخلافة الى موقعها الطبيعي! لولا ان تآلبت عليه القوى العظمى ذلك الحين. أما بيت القصيد هنا فهو في "التسوية" التي فرضت على محمد علي ومن بنودها: وقف التصنيع. منع مصر من بناء سفن حربية. تحديد عديد الجيش المصري... ـ "مؤتمر لندن الثاني عام 1841"!.
المفارقة ان النهضة المصرية الأولى على يد محمد علي سبقت بسنوات نهضة اليابان على يد امبراطورها الفذ موتسيهيتو الملقب (مايجي)؛ اي المتنور. كما تزامن مشروع النهضة المصرية الثانية على يد جمال عبد الناصر مع مثيلتها في الهند على يد نهرو. فها هي اليابان وقد وصلت الى ما وصلت اليه من قمة وهذه هي الهند تحتل الصفوف الأولى.
إذاً لماذا خسر هذا الشرق سباق التقدم؟.
الأسباب (*) عديدة ابرزها كما قال استاذنا محمد حسنين هيكل: "الجغرافيا". وهذا ينسحب أيضاً بقدر او بآخر على العراق، وسوريا، باعتبارهما في منطقة مطلوبة لثروتها ولموقعها. وهذا حق لكنه تحدٍّ، فالهزيمة ليست قدراً مع الجغرافيا؛ ولنا في ايران مثال حي.
لقد افتقدت التجربة الناصرية للاداة السياسية الفعالة القادرة على حماية المشروع مع غياب القيادة المتميزة. كما افتقدت التجرية العراقية لقدرة الاداة السياسية ـ الحزب ـ على حماية المشروع من حماقة القيادة غير المتميزة إلا في قصور رؤيتها الاستراتيجية!. الأمر الذي سهل على الغرب استدراجها بسهولة الى أفخاخه المنصوبة. فكان ما كان.
التجربية السورية
لا شك بأن التجربة السورية كانت أقل حجماً ـ وليس أثراً ـ بالنظر لإمكانياتها قياساً بمصر. ناهيك عن العراق. غير ان التنمية في سوريا حققت انجازات ملحوظة منذ عام 1963 وحتى عام 2000. ولا شك بأن الحنكة السياسية للرئيس الراحل حافظ الأسد التي حمت سوريا من عصف الرياح في هذه المنطقة المضطربة قد حمت هذة التجربة السورية الانمائية فيما حمت. ولعل اهم انجازاتها ـ بصرف النظر عن بعض مثالبها ـ انها أوجدت قطاعاً عاماً انتاجياً وخدماتياً كان له تأثيره في دفع سوريا خطوات كبيرة الى الامام مع ميزة، وهو انه شكل حاضنة لأمنها الاجتماعي، وخطاً دفاعياً عن استقرارها، وصمودها في وجه الرياح.
ربما من هذه النقطة الأخيرة صممت القوى المستهدفة لسوريا ان تخرق. وقد خرقت ـ او مُكِّنَتْ ـ عبر هذا الفريق الاقتصادي الذي زين فكرة (لبرلة الاقتصاد)، او ما كانوا يسمونه بـ "تحرير السوق"!. ولعل ما يدعونا لهذا الاعتقاد انه ما كان لتشهد سوريا ما تشهده الآن لولا التداعيات التي سببتها السياسات الإقصادية وكان منها استنزاف القطاع العام ودفعه الى التراجع في نية واضحة (لكرسحته) تمهيداً "لخصخصته"!. وبهذه (اللبرلة) تنامى اقتصاد كومبرادوري ـ ريعي على حساب اقتصاد منتج. كما سادت ثقافة استهلاكية مدمرة. وهذا كله خلق ضحايا كان أكثرها تضرراً الريف بفلاحيه، وصغار كسبته الذي انكشف أمام (سياسة السوق) ما أدى مع الوقت إلى إفقاره ومن ثم هجرته إلى المدن في أحزمة من البؤس حول المدن ـ منها ريف دمشق! ـ. لذلك لم تكن مصادفةً أن تشهد الاضطرابات تربتها الخصبة في هذا الريف!.
إنه ذات الريف الذي ظل على مدى 37 سنة القاعدة الشعبية للبعث، والذي لم تستطع الأصولية اختراقه بالرغم من طابعه المحافظ. وجميعنا ما زال يذكر أن "الأصولية" التي أوجدت لها مكاناً ما في بعض المدن السورية لم تستطع خلال احداث حماه عام 1981 ان تطال اي ريف سوري حيث ظل هذا الاخير في كفة السلطة بالنظر لما توفر له من مكتسبات الامر الذي ساعد الرئيس الراحل حافظ الأسد على تطويق الاحداث تلك بحيث لم تتجاوز يومها مدينة حماه وجزئياً حلب بالرغم من قساوة المواجهة.
بصرف النظر عن الرأي في جدوى (لَبْرَلَة السوق) وعن جدوى "النظام الاقتصادي الحر" فإن توأمته مع نظام سياسي موجه شكل بدعة البدع!. حيث لم يؤخذ من النظام اللبرالي شقه الديمقراطي بالمعنى الحقيقي للكلمة الذي يؤمّن قدراً من الرقابة تحد من طغيان رأس المال. وبذا استطاع هذا النظام الاقتصادي الماكر وبغياب تلك الرقابة الديمقراطية اختراق السياسة وافسادها؛ ما افسح للمؤامرة فيما بعد ان تدخل من اوسع الابواب بتقديرنا كما بتقدير مراقبين كثر.
باختصار كان الاقتصاد السوري الموجه في خدمة السياسة. ثم انقلب الأمر. هذه الحقيقة بات يدركها الآن الرئيس بشار الأسد لمن يتتبع سلسلة القرارات التي اصدرها مؤخراً مُستعيداً بها الدور المعهود للدولة السورية على مدى عقود أي (دولة الرعاية).
{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لَدُنْكَ رحمة إنك أنت الوهاب} ـ (آل عمران ـ 8)
(*) كاتب من لبنان
(**) راجع د. مسعود ظاهر: النهضة العربية والنهضة اليابانية ـ تشابه المقدمات واختلاف النتائج.