ارشيف من :خاص

قرار "إخلاء سبيل" عملاء العدو الصهيوني الستة أمام خيارين.. إما إعادة المحاكمة أو تنحي القاضية

قرار "إخلاء سبيل" عملاء العدو الصهيوني الستة أمام خيارين.. إما إعادة المحاكمة أو تنحي القاضية


لا يزال قرار "إخلاء السبيل" لعملاء العدو الصهيوني الستة والذي أصدرته رئيسة محكمة التمييز العسكرية القاضية أليس شبطيني، يتفاعل في الأوساط القانونية والقضائية، وذلك نظراً للمخالفة المرتكبة بالقرار الصادر والذي يعتبر سابقة في تاريخ القضاء اللبناني.

وبين التعليل المقدم من قبل القاضية شبطيني المرتبط بعدم انفرداها بالقرار بالإضافة إلى مرض 3 من العملاء، والفعل الواجب القيام به في هكذا حالات تطرح العديد من الاسئلة، ليس أقلها لماذا لا يقوم القضاء باخلاء سبيل موقوفين بجنح او جنايات عادية لم تتم محاكمتهم بعد بداعي المرض وأمثالهم كثيرة في السجون اللبنانية ـ توفيراً على خزينة الدولة اللبنانية ـ كما عللت القاضية في ردها أو لماذا لا تفصل بالدعوى وتصدر حكمها، فالحالة الصحية الصعبة توجب الإسراع في الحكم لا "إخلاء السبيل".

 القانون المحلي والقانون الدولي لا يتغاضيان عن محاسبة العملاء
مع الإشارة إلى أن العملاء محكومين بجنايات لا يشملها التخفيف كونها تمس بأمن الدولة، وهناك بحقّهم أحكام غير نهائية ومبرمة بعقوبات مختلفة بجرائم التعامل والاتصال مع العدوّ، والتجسّس لمصلحة مخابراته، وتقديم العون له لمساعدته على فوز قوّاته بما يسهّل له النيل من أمن لبنان والبعض منهم بصورة مكررة. ومن غير الطبيعي أن تقوم محكمة التمييز العسكرية بإخلاء سبيل أشخاص محكومين بعقوبة تصل إلى عشر سنوات وخمس عشرة سنة.. لأن المادة 92 من قانون القضاء العسكري تنص على أنه "باستثناء الحكم بالإعدام تكون قابلة التنفيذ في الحال الأحكام الوجاهية الصادرة عن المحكمة العسكرية وعن محكمة التمييز العسكرية"، وتقول أيضاً ان "تمييز الحكم لا يوقف تنفيذه إلا بما يتعلق بالغرامة والرسوم، على أنه يجوز لمحكمة التمييز إخلاء سبيل مستدعي التمييز المحكوم عليه بعقوبة جنحية مقابل كفالة"، إذا فهي لم تقول المحكوم عليهم بجناية وأي جناية هذه التعامل مع العدو، وبالتالي وبما أن المحكومين المخلى سبيلهم محكوم عليهم بجنايات، فإنه لا يمكن إخلاء سبيلهم.

وكما ان القانون المحلي لا يقبل التغاضي عن محاسبة العملاء والجواسيس، فإن القانون الدولي لا يقبل ذلك أيضاً، حتى أن معاهدة جينيف الثالثة المتعلقة بأسرى الحرب، لم تذكر في المادة 4 منها أية كلمة لأعتبار المتجسس لمصلحة العدو بأنه أسير حرب. ولا بد من التذكير، بأن قانون العقوبات اللبناني وقانون القضاء العسكري متناسقين لجهة محاكمة العملاء ومن يتجسس على الدولة اللبنانية ويلحق الضرر بأمنها، والقضاء العسكري يعود في المادة 24 الى قانون العقوبات حيث تنص المادة على أنه في "جرائم الخيانة والتجسس والصلات غير المشروعة بالعدو المنصوص عليها في المواد 273 حتى 287 من قانون العقوبات وفي المادتين 290 و291 منه أيضاً وفي القوانين الخاصة التي تعاقب على هذه الجرائم". ولم يرد في أي نص قانوني سواء بقانون العقوبات أو القانون العسكري أي تخفيف حكمي لمن يتجسس على الدولة.

قرار شبطيني مخالف للمادة 92 من قانون القضاء العسكري وقانون العقوبات 
ولتفادي الخطأ الذي ارتكب فإنه لا بد من العودة عن هذا القرار إستناداً إلى المادة 88 من قانون القضاء العسكري التي تقول أنه "إذا نقض الحكم تقرر المحكمة إعادة المحاكمة في جلسة علنية على أن تصدر قرارها خلال شهرين من تاريخ قرار النقض"، حيث يمكن أيضاً للقاضية أن تقرّب موعد الجلسات لاستدراك الخطأ الفادح الذي حصل. وكذلك الإستناد إلى المادة 90 من القانون ذاته عندما تقول أنه "يجوز طلب إعادة المحاكمة أمام محكمة التمييز العسكرية في دعاوى الجناية والجنحة أياً كانت المحكمة العسكرية التي أصدرت الحكم فيها". ولذلك على القاضية ومعها الضباط الأربعة في هيئة المحكمة، الاستعجال في إصدار الحكم المبرم بحق العملاء المخلى سبيلهم، وبالتالي إعادتهم إلى السجن لتنفيذ العقوبات.

ويرى البعض أنه لم يعد أمام القاضية شبطيني غير التنحي عن هذا الملف، وذلك لأنها أصبحت أمام خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن تبقى على قرارها وهذا ما يعتبر إنتهاكاً فادحاً للتاريخ القضائي في لبنان. أو أنها ستعيد المحاكمة بخطوة جريئة مع تحمل ما سيلحقها من أقاويل سياسية من بعض الأطراف المعروفة بالإستغلال السياسي لكل ملف وطني. وبين هذا وذاك يمكن التنحي عن الملف، ولذلك تعين المحكمة العسكرية قاضياً أخراً يبت بالقرار ويعيد محاكمة العملاء الستة.

علي مطر

 

2011-12-18