ارشيف من :آراء وتحليلات
الاستراتيجية الحربية الجديدة لأوباما
صوفيا ـ جورج حداد*
اعلن باراك اوباما الاستراتيجية الحربية الجديدة لأميركا. وتدعو هذه الاستراتيجية الى حضور عسكري أكبر لأميركا في آسيا، والى تخفيض الحضور العسكري الأميركي في اوروبا. وفي الوقت نفسه يطمح البنتاغون الى تخفيض النفقات العسكرية بمقدار نصف تريليون دولار تقريباً بعد عقد كامل من الحروب، حسبما تقول رويترز.
وقد أعلن اوباما الاستراتيجية الجديدة خلال مؤتمر صحفي عقده في البنتاغون، بينما وقف الى جانبه وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا. وتدعو الاستراتيجية الجديدة الى دعم قوات عسكرية قادرة على خوض حرب واحدة، وقادرة في الوقت نفسه على ردع العدو في نزاع ثانٍ.
ويمثل ذلك تحولاً واضحاً عن الهدف الذي طالما أعلن عنه العسكريون الاميركيون وهو التوصل الى امكانية خوض حربين في مسرحين مختلفين في آن واحد، وتحقيق الانتصار في كل منهما.
وأكد اوباما في المؤتمر الصحفي "بالرغم من ان جيوشنا لا تزال تقاتل في افغانستان، فإن مد الحرب قد انحسر".
"ان قواتنا العسكرية ستكون ذات حجم أكثر تواضعاً، ولكن العالم ينبغي أن يدرك بوضوح أن الولايات المتحدة الاميركية سوف تحتفظ بتفوقها العسكري، وستكون قواتنا المسلحة أكثر حركية، وأكثر مرونة، وعلى استعداد لمواجهة مجمل الاحتمالات للاوضاع الاستثنائية والتهديدات".
وعلقت جريدة "نيويورك تايمز" انه بالاستراتيجية الحربية الجديدة فإن أوباما سلط الضوء على اتخاذ رؤية براغماتية مشتركة حول كيفية التنظيم والتصرف بالقوات المسلحة للبلاد خلال القرن الـ21، مع الصراع في الوقت ذاته لمعالجة المشكلات المالية. ويقوم البرنامج على فكرة أن البلاد ينبغي ان تستفيد من القوة بطريقة أكثر عقلانية وأكثر اعتدالاً، ما يسهم في التخفيف من آثار الحرب الكارثية لجورج بوش في العراق.
طوال ستين سنة خططت الولايات المتحدة للتوصل الى إمكانية خوض حربين بريتين منتصرتين في وقت واحد. والآن جاء الوقت لتبديل هذا المخطط، كما لاحظ مايكل أوهانلون من مؤسسة "بروكنز" في مقالة في جريدة "واشنطن بوست".
ومن جهتها لاحظت جريدة الـ"غارديان" البريطانية ان الاستراتيجية الجديدة تتضمن رسالتين واضحتين:
الاولى ـ أن اميركا لا ترغب أبداً بعد اليوم في خوض حربين معاً كما جرى في العراق وافغانستان.
والثانية ـ أن الدفاع المشترك لاوروبا يتعلق بأوروبا ذاتها ، التي ينبغي أن تتدبر شؤونها بنفسها، لأن أميركا لن تكون بعد الآن حاضرة للمشاركة في التزويد بالوقود في الجو وفي التجسس، كما جرى في ليبيا.
ويشار في مقدمة الاستراتيجية الجديدة الى ان "الامة!!!" الأميركية هي الآن في لحظة تحول. فالإدارة الحربية تعد بأن تزيد التوظيفات المتعلقة بوسائل خوض الحرب الإلكترونية. وفي الوقت ذاته هي تلمح إلى أنه يمكن تخفيض الترسانة النووية الأميركية بدون أن يهدد ذلك أمن البلاد.
وتعلن الوثيقة الاستراتيجية "بالرغم من أن العسكريين الأميركيين سيواصلون الإسهام في الأمن العالمي، فإننا وبقوة الضرورة سنعمل لإعادة التوازن في الإقليم الآسيوي والمحيط الهادئ".
ونقل الاهتمام نحو آسيا يعود الى ازدياد المخاوف في البنتاغون حيال الأهداف الاستراتيجية للصين في الوقت الحاضر، حيث تقوم بكين بتجربة جيل جديد من الأسلحة، القادرة على تصعيب وصول القوات العسكرية الجوية والبحرية الأميركية إلى الشرق الأقصى.
وقد تفاهم اوباما، الذي بادر الى إعادة النظر في الاستراتيجية منذ الصيف الماضي، مع الكونغرس من اجل تخفيض نفقات الأمن القومي أكثر من 450 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة.
وتفاهما أيضاً على تخفيضات أوتوماتيكية للنفقات، يمكن ان تصل الى تخفيض 600 مليار أخرى من ميزانية البنتاغون، إلا إذا خرج الكونغرس بقرار بديل.
ولا تذكر الوثيقة الاستراتيجية المنشورة أعداداً محددة لتخفيضات القوات، ولا مسائل محددة خاصة بالميزانية العسكرية. ولكن ممثلي الإدارة أعلنوا أن عديد القوات البريّة والبحرية سوف يتم تخفيضه بنسبة 10 ـ 15% في السنوات العشر القادمة، مما يعني عشرات الآلاف من العسكريين.
وقال اوباما في المؤتمر الصحفي "خلال العشر السنوات القادمة فإن نمو الميزانية العسكرية سوف يتباطأ، ولكن مع ذلك فإن النفقات سوف تزداد، لأنه تقع على كاهلنا التزامات عالمية، تتطلب المحافظة على زعامتنا".
وتؤكد الاستراتيجية الجديدة على "المصالح الدائمة" للولايات المتحدة الأميركية في أوروبا وعلى أهمية حلف الناتو، ولكنها تشترط لذلك أن وضع القوات المسلحة الأميركية في أوروبا ينبغي "ان يتطور" تبعا لروح كل مرحلة من الزمن.
وألمح ممثلو الادارة إلى أن اميركا ينبغي أن تخفض لاحقاً عديد القوات البريّة في اوروبا بمقدار فرقة، أو ما يوازي 3 الى 4 آلاف جندي تبعاً لتركيب الوحدات القتالية.
وفي الوثيقة الاستراتيجية تلتزم الولايات المتحدة بأن تدعم الاستقرار في الشرق الأدنى، وفي الوقت ذاته ان تستجيب لـ " تطلعات شعوب المنطقة!!!"، المعبر عنها فيما سمي "الربيع العربي".
وستواصل اميركا العمل لوقف البرامج النووية لإيران وكوريا الشمالية، حسبما جاء في الوثيقة، التي عبرت عن القلق من الاسلحة الجديدة، المصنوعة في الصين وإيران، التي يمكنها ان تعيق عمل القوات البحرية والجوية الأميركية في الخارج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
اعلن باراك اوباما الاستراتيجية الحربية الجديدة لأميركا. وتدعو هذه الاستراتيجية الى حضور عسكري أكبر لأميركا في آسيا، والى تخفيض الحضور العسكري الأميركي في اوروبا. وفي الوقت نفسه يطمح البنتاغون الى تخفيض النفقات العسكرية بمقدار نصف تريليون دولار تقريباً بعد عقد كامل من الحروب، حسبما تقول رويترز.
وقد أعلن اوباما الاستراتيجية الجديدة خلال مؤتمر صحفي عقده في البنتاغون، بينما وقف الى جانبه وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا. وتدعو الاستراتيجية الجديدة الى دعم قوات عسكرية قادرة على خوض حرب واحدة، وقادرة في الوقت نفسه على ردع العدو في نزاع ثانٍ.
ويمثل ذلك تحولاً واضحاً عن الهدف الذي طالما أعلن عنه العسكريون الاميركيون وهو التوصل الى امكانية خوض حربين في مسرحين مختلفين في آن واحد، وتحقيق الانتصار في كل منهما.
وأكد اوباما في المؤتمر الصحفي "بالرغم من ان جيوشنا لا تزال تقاتل في افغانستان، فإن مد الحرب قد انحسر".
"ان قواتنا العسكرية ستكون ذات حجم أكثر تواضعاً، ولكن العالم ينبغي أن يدرك بوضوح أن الولايات المتحدة الاميركية سوف تحتفظ بتفوقها العسكري، وستكون قواتنا المسلحة أكثر حركية، وأكثر مرونة، وعلى استعداد لمواجهة مجمل الاحتمالات للاوضاع الاستثنائية والتهديدات".
وعلقت جريدة "نيويورك تايمز" انه بالاستراتيجية الحربية الجديدة فإن أوباما سلط الضوء على اتخاذ رؤية براغماتية مشتركة حول كيفية التنظيم والتصرف بالقوات المسلحة للبلاد خلال القرن الـ21، مع الصراع في الوقت ذاته لمعالجة المشكلات المالية. ويقوم البرنامج على فكرة أن البلاد ينبغي ان تستفيد من القوة بطريقة أكثر عقلانية وأكثر اعتدالاً، ما يسهم في التخفيف من آثار الحرب الكارثية لجورج بوش في العراق.
طوال ستين سنة خططت الولايات المتحدة للتوصل الى إمكانية خوض حربين بريتين منتصرتين في وقت واحد. والآن جاء الوقت لتبديل هذا المخطط، كما لاحظ مايكل أوهانلون من مؤسسة "بروكنز" في مقالة في جريدة "واشنطن بوست".
ومن جهتها لاحظت جريدة الـ"غارديان" البريطانية ان الاستراتيجية الجديدة تتضمن رسالتين واضحتين:
الاولى ـ أن اميركا لا ترغب أبداً بعد اليوم في خوض حربين معاً كما جرى في العراق وافغانستان.
والثانية ـ أن الدفاع المشترك لاوروبا يتعلق بأوروبا ذاتها ، التي ينبغي أن تتدبر شؤونها بنفسها، لأن أميركا لن تكون بعد الآن حاضرة للمشاركة في التزويد بالوقود في الجو وفي التجسس، كما جرى في ليبيا.
ويشار في مقدمة الاستراتيجية الجديدة الى ان "الامة!!!" الأميركية هي الآن في لحظة تحول. فالإدارة الحربية تعد بأن تزيد التوظيفات المتعلقة بوسائل خوض الحرب الإلكترونية. وفي الوقت ذاته هي تلمح إلى أنه يمكن تخفيض الترسانة النووية الأميركية بدون أن يهدد ذلك أمن البلاد.
وتعلن الوثيقة الاستراتيجية "بالرغم من أن العسكريين الأميركيين سيواصلون الإسهام في الأمن العالمي، فإننا وبقوة الضرورة سنعمل لإعادة التوازن في الإقليم الآسيوي والمحيط الهادئ".
ونقل الاهتمام نحو آسيا يعود الى ازدياد المخاوف في البنتاغون حيال الأهداف الاستراتيجية للصين في الوقت الحاضر، حيث تقوم بكين بتجربة جيل جديد من الأسلحة، القادرة على تصعيب وصول القوات العسكرية الجوية والبحرية الأميركية إلى الشرق الأقصى.
وقد تفاهم اوباما، الذي بادر الى إعادة النظر في الاستراتيجية منذ الصيف الماضي، مع الكونغرس من اجل تخفيض نفقات الأمن القومي أكثر من 450 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة.
وتفاهما أيضاً على تخفيضات أوتوماتيكية للنفقات، يمكن ان تصل الى تخفيض 600 مليار أخرى من ميزانية البنتاغون، إلا إذا خرج الكونغرس بقرار بديل.
ولا تذكر الوثيقة الاستراتيجية المنشورة أعداداً محددة لتخفيضات القوات، ولا مسائل محددة خاصة بالميزانية العسكرية. ولكن ممثلي الإدارة أعلنوا أن عديد القوات البريّة والبحرية سوف يتم تخفيضه بنسبة 10 ـ 15% في السنوات العشر القادمة، مما يعني عشرات الآلاف من العسكريين.
وقال اوباما في المؤتمر الصحفي "خلال العشر السنوات القادمة فإن نمو الميزانية العسكرية سوف يتباطأ، ولكن مع ذلك فإن النفقات سوف تزداد، لأنه تقع على كاهلنا التزامات عالمية، تتطلب المحافظة على زعامتنا".
وتؤكد الاستراتيجية الجديدة على "المصالح الدائمة" للولايات المتحدة الأميركية في أوروبا وعلى أهمية حلف الناتو، ولكنها تشترط لذلك أن وضع القوات المسلحة الأميركية في أوروبا ينبغي "ان يتطور" تبعا لروح كل مرحلة من الزمن.
وألمح ممثلو الادارة إلى أن اميركا ينبغي أن تخفض لاحقاً عديد القوات البريّة في اوروبا بمقدار فرقة، أو ما يوازي 3 الى 4 آلاف جندي تبعاً لتركيب الوحدات القتالية.
وفي الوثيقة الاستراتيجية تلتزم الولايات المتحدة بأن تدعم الاستقرار في الشرق الأدنى، وفي الوقت ذاته ان تستجيب لـ " تطلعات شعوب المنطقة!!!"، المعبر عنها فيما سمي "الربيع العربي".
وستواصل اميركا العمل لوقف البرامج النووية لإيران وكوريا الشمالية، حسبما جاء في الوثيقة، التي عبرت عن القلق من الاسلحة الجديدة، المصنوعة في الصين وإيران، التي يمكنها ان تعيق عمل القوات البحرية والجوية الأميركية في الخارج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل