ارشيف من :آراء وتحليلات

تخفيض مستوى التصنيف الإقراضي لتسعة بلدان أوروبية

تخفيض مستوى التصنيف الإقراضي لتسعة بلدان أوروبية

صوفيا ـ جورج حداد*

أصيب العالم المالي برجفة حُمّى، ووقفت أوروبا على حافة هاوية، بعد أن أعلنت مؤسسة التصنيفات الإقراضية "ستاندرد اند بورز" في الاسبوع الماضي تخفيض تصنيف 9 بلدان مرة واحدة من منطقة اليورو، التي يبلغ تعدادها 17 بلداً، هي النمسا، بلجيكا، قبرص، فنلندا، فرنسا، المانيا، اليونان، ايرلندا، ايطاليا، لوكسمبورغ، مالطا، هولندا، البرتغال، سلوفاكيا، سلوفينيا، اسبانيا واستونيا، ويبلغ عدد سكانها 330 مليون نسمة.

وقد اعلن محللو المؤسسة ان حكومات تلك البلدان لا تتخذ التدابير الكافية للتغلب على الأزمة الشاملة في القارة القديمة. وهذه هي الضربة الشديدة التالية لاستقرار اليورو وقدرة الاتحاد العملوي الأوروبي على مواجهة المشكلات المالية الصعبة. وقبل الاعلان رسمياً عن هذا القرار كان اليورو قد انخفض الى ادنى مستوى له حيال الدولار منذ اكثر من سنة. والدول التي شملها هذا القرار هي: فرنسا، النمسا، ايطاليا، اسبانيا، البرتغال، قبرص، مالطا، سلوفاكيا وسلوفينيا. ولم يشمل القرار المانيا التي حافظت على تصنيفها الممتاز AAA. واصعب ما في هذا القرار كان تخفيض تصنيف فرنسا التي تملك ثاني اكبر اقتصاد في اوروبا، اذ فقدت تصنيفها الممتاز AAA، وحصلت على تصنيف AA+، مع توقع مستقبلي سلبي. ما يعني ان تصنيفها يمكن ان يخفض ايضاً. والمصير ذاته يشمل النمسا.

"ليس هذا خبراً جيداً، ولكنه ليس كارثياً"، هذا ما علق به وزير الاقتصاد الفرنسي فرانسوا باروان. وكذلك حاول رئيس الوزراء فرانسوا فيّون ان يهدئ المستثمرين، الا انه اعترف انه لا يجوز التقليل من شأنها.

ويشير المحللون إلى ان التأثيرات ستكون الاكثر ازعاجاً بالنسبة للرئيس نيكولا ساركوزي قبل ثلاثة اشهر فقط من الانتخابات الرئاسية.

وقد ادت اعادة تصنيف فرنسا الى اساءة وضع آلية الاستقرار المالي الأوروبي، الذي تعتبر باريس احدى ضماناته الاساسية. وقد جاء قرار "ستاندرد اند بورز" في وقت توشك فيه محادثات حيوية لتخفيض دين اليونان على الفشل.

ان قرار "ستاندرد اند بورز" بتخفيض التصنيف الإقراضي لـ 9 بلدان اعضاء في منطقة اليورو هو قرار خاطئ وغير منطقي. هذا ما علق به المفوض الاوروبي للقضايا الاقتصادية أولي رين، على القرار. وحسب رأيه انه ليس صدفة اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت بالذات، حينما تقوم منطقة اليورو باتخاذ تدابير حاسمة للتغلب على الأزمة. واشار رين إلى ان مؤسسة "ستاندرد اند بورز" قد ارتكبت اخطاءً في الماضي ايضاً. وشدد المفوض الاقتصادي الاوروبي على ان الوضع الناشئ يؤكد مرة اخرى على ضرورة تعزيز الميزانيات والاصلاحات البنيوية في بلدان منطقة اليورو، وكذلك على بذل الجهود لاجل استخدام آلية الاستقرار الاوروبي.

واعلن رئيس منطقة اليورو جان كلود يونكر أيضاً رفضه لانتقادات مؤسسة التصنيفات، مضيفاً انه في الشهر الماضي كانت منطقة اليورو قد اتخذت قرارات "شجاعة وطموحة" على ارفع المستويات.

اما المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل، التي نجحت بلادها في تجاوز هذه الصدمة، فقد اعلنت ان قرارات "ساندرد اند بورز" تدل كم هو طويل الطريق الذي ينبغي لاوروبا ان تجتازه، حتى تكتسب من جديد ثقة المستثمرين، حسبما نقلت عنها وكالة اسوشيتد برس. ودعت ميركيل البلدان المعنية إلى ان تشدد بسرعة انضباط الميزانية وان تتوصل الى تكوين صندوق انقاذي دائم.

وسيعقد الاجتماع التالي للاتحاد الاوروبي في بروكسل في 30 كانون الثاني الجاري، علماً انه في اليوم ذاته حدد موعد الاضراب الوطني الشامل في بلجيكا. هذا ما اعلنه رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي. وفي هذا اللقاء سيقوم القادة الاوروبيون بمحاولة اخرى لاخراج الاقتصاد الاوروبي من المستنقع الحالي.

*كاتب لبناني مستقل



2012-01-23