ارشيف من :آراء وتحليلات
من الذي يجب أن يرحل ... الأسد أم عملاء أميركا والكيان الصهيوني؟
عقيل الشيخ حسين
ما يجري حالياً في سوريا، هذه الحرب التي تشنها الجماعات الإرهابية المسلحة على سوريا وجيشها وشعبها وبناها التحتية، كل ذلك كان يمكن له ألا يحدث.
كان يكفي للرئيس الراحل حافظ الأسد أن يتصرف على طريقة أولئك الذين ذهبوا إلى "كامب دايفد" و"أوسلو" و"وادي عربة" ليوقعوا مع الإسرائيليين معاهدات السلام والصداقة والتحالف التي جللت بالعار تاريخ العالم العربي الحديث.
وكان يكفي للرئيس الحالي بشار الأسد أن يقطع مع إيران وأن يتصرف تجاه المقاومة في لبنان على طريقة العرب الذين أداروا ظهرهم لغزة المنهكة بالحصار والتجويع والتدمير المنهجي تحت القصف الإسرائيلي، أو للقدس ومسجدها الأقصى، أولى القبلتين، التي نسيها العرب وعلى رأسهم أدعياء إمارة المؤمنين وخدمة الحرمين الشريفين، المتروكة لمصيرها الذي يدخره لها الصهاينة الذين تحولوا بشكل عجائبي إلى حلفاء بامتياز للملوك والأمراء والمشايخ العرب.
ولو حدث ذلك، فإن أحداً من هؤلاء العرب الذين يدفعون مليارات الدولارات لتمويل الحرب على سوريا ولتغذية الحسابات المصرفية للمعارضين السوريين المترفهين بين اسطنبول ولندن وباريس، ما كان ليطلق هذه التخرصات التي تتهم النظام السوري بالديكتاتورية والفساد والممارسات الدموية.
وإذا حدث، كما في مصر وتونس، أن اندلعت ثورة حقيقية ضد هذا النظام وأجبرت رئيسه على الرحيل، فإنه كان سيجد بسهولة ملتجأً في السعودية إلى جانب زين العابدين بن علي، أو في بلد خليجي أو أوروبي آخر إلى جانب ما لا يحصى من مسؤولين سابقين فروا من الثورات العربية حاملين معهم ما استلبوه من ثروات شعوبهم يوم كانوا يزاولون الحكم.
ولكن كل ذلك لم يحدث. فبدلاً من الالتحاق بعملية الاستسلام للأميركيين والصهاينة، تعطلت على يدي الرئيس حافظ الأسد تلك العملية التي كانت قد أوشكت على فرض نفسها في طول العالم العربي وعرضه.
وبتعطيل هذه العملية، وجه الرئيس حافظ الأسد ضربة ماحقة لتهويمات واشنطن وتل أبيب بخصوص إقامة شرق أوسط جديد على صورة القارة الأميركية المكتشفة قبل خمسة قرون: إبادة السكان ووضع اليد على النفط وعلى الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في هذا الزمن الذي فنيت فيه الأراضي الزراعية في أوروبا والولايات المتحدة بفعل الإفراط في استثمارها، والذي بدأت فيه أزمات الغذاء والمناخ والاقتصاد تلقي بثقلها على العالم أجمع.
شرق أوسط جديد يمكن لهؤلاء الملوك والمشايخ وأشباه المثقفين الثوريين العرب أن يحلموا، لقاء خدماتهم، بأن يجدوا لأنفسهم مكاناً فيه ولو بصفتهم مخلفات نادرة لهذه الأقوام البائدة.
وبالاستمرار في تعطيلها بالعزيمة نفسها، جر الرئيس بشار الأسد على نفسه حقد وسخط محور الشر الممتد من واشنطن إلى الجامعة العربية (بتوسط الدوحة والرياض)، مروراً بأوروبا وأنقرة وتل أبيب وبعض الأزقة اللبنانية وغير اللبنانية.
على الرئيس الأسد أن يرحل، وفق ما يريده محور الشر هذا. جميع المسؤولين الغربيين قالوا ذلك منذ بداية الأحداث في سوريا قبل عشرة أشهر. وها هي الجامعة العربية، المومياء الخارجة من موتها التاريخي، تتسلم الراية من خلال مسودة مشروع القرار الذي رفعته إلى مجلس الأمن الدولي.
من الصعب أن نعرف بأي نوع من العبقرية تعيد الجامعة العربية مثل هذا المشروع إلى المجلس العاجز بفعل الفيتو الروسي والصيني، والذي سبق أن دفعه عجزه إلى أن يوكل إلى تركيا وبلدان الخليج أمر العمل على تخريب سوريا.
المهندسون العرب الأجلاء لهذا المشروع وما يرافقه من مساع وإجراءات تبدو عليهم في الوقت نفسه سيماء المفاوضين المحنكين والقراء المتقعرين في معرفة التاريخ: يعتقدون أن بإمكانهم إقناع الروس بعدم استخدام الفيتو. وإذا لم يتمكنوا من ذلك فلا بأس. هنالك تدخلات عسكرية غربية وأميركية تمت دون المرور بمجلس الأمن. الحرب الكورية وحرب كوسوفو تشهدان على ذلك.
من هنا، يعتقدون أنه لم يبق أمام حلف الناتو إلا أن يجمع أساطيله ويبدأ بإغراق سوريا في طوفان من النار حتى إسقاط النظام وإقامة نظام يقطع، على ما يريده برهان غليون، مع إيران، ويمد اليد إلى الكيان الصهيوني، ويحقق له كبرى أمنياته عبر تدمير حزب الله ثأراً للجيش الإسرائيلي الذي تحطمت أسطورته كجيش لا يقهر على يد المقاومة.
لكن فاتهم أن المسؤولين الغربيين يرددون بأعلى الأصوات أن سوريا ليست كليبيا وأنهم لا ينوون مهاجمتها عسكرياً.
في الحقيقة، ليست المسألة مسألة نية. فهؤلاء لا يجرؤون على مهاجمة سوريا في وقت يهربون فيه من العراق وأفغانستان، إضافة إلى علمهم بأن مثل هذه المغامرة لن تفعل غير تسريع رحيلهم عن المنطقة، ومن ثم انهيار بلدانهم المترنحة أصلاً تحت ثقل الأزمة الاقتصادية.
بتدخل عسكري غربي، أو بغير هذا التدخل، هؤلاء العرب الذين يجمح بهم الحقد على سوريا، لا الرئيس بشار الأسد، هم من يجب عليهم أن يرحلوا. وسيفعلون. ومؤامرتهم على سوريا هي ما يعجل برحيلهم.
ما يجري حالياً في سوريا، هذه الحرب التي تشنها الجماعات الإرهابية المسلحة على سوريا وجيشها وشعبها وبناها التحتية، كل ذلك كان يمكن له ألا يحدث.
كان يكفي للرئيس الراحل حافظ الأسد أن يتصرف على طريقة أولئك الذين ذهبوا إلى "كامب دايفد" و"أوسلو" و"وادي عربة" ليوقعوا مع الإسرائيليين معاهدات السلام والصداقة والتحالف التي جللت بالعار تاريخ العالم العربي الحديث.
وكان يكفي للرئيس الحالي بشار الأسد أن يقطع مع إيران وأن يتصرف تجاه المقاومة في لبنان على طريقة العرب الذين أداروا ظهرهم لغزة المنهكة بالحصار والتجويع والتدمير المنهجي تحت القصف الإسرائيلي، أو للقدس ومسجدها الأقصى، أولى القبلتين، التي نسيها العرب وعلى رأسهم أدعياء إمارة المؤمنين وخدمة الحرمين الشريفين، المتروكة لمصيرها الذي يدخره لها الصهاينة الذين تحولوا بشكل عجائبي إلى حلفاء بامتياز للملوك والأمراء والمشايخ العرب.
ولو حدث ذلك، فإن أحداً من هؤلاء العرب الذين يدفعون مليارات الدولارات لتمويل الحرب على سوريا ولتغذية الحسابات المصرفية للمعارضين السوريين المترفهين بين اسطنبول ولندن وباريس، ما كان ليطلق هذه التخرصات التي تتهم النظام السوري بالديكتاتورية والفساد والممارسات الدموية.
وإذا حدث، كما في مصر وتونس، أن اندلعت ثورة حقيقية ضد هذا النظام وأجبرت رئيسه على الرحيل، فإنه كان سيجد بسهولة ملتجأً في السعودية إلى جانب زين العابدين بن علي، أو في بلد خليجي أو أوروبي آخر إلى جانب ما لا يحصى من مسؤولين سابقين فروا من الثورات العربية حاملين معهم ما استلبوه من ثروات شعوبهم يوم كانوا يزاولون الحكم.
ولكن كل ذلك لم يحدث. فبدلاً من الالتحاق بعملية الاستسلام للأميركيين والصهاينة، تعطلت على يدي الرئيس حافظ الأسد تلك العملية التي كانت قد أوشكت على فرض نفسها في طول العالم العربي وعرضه.
وبتعطيل هذه العملية، وجه الرئيس حافظ الأسد ضربة ماحقة لتهويمات واشنطن وتل أبيب بخصوص إقامة شرق أوسط جديد على صورة القارة الأميركية المكتشفة قبل خمسة قرون: إبادة السكان ووضع اليد على النفط وعلى الأراضي الزراعية الخصبة ومصادر المياه في هذا الزمن الذي فنيت فيه الأراضي الزراعية في أوروبا والولايات المتحدة بفعل الإفراط في استثمارها، والذي بدأت فيه أزمات الغذاء والمناخ والاقتصاد تلقي بثقلها على العالم أجمع.
شرق أوسط جديد يمكن لهؤلاء الملوك والمشايخ وأشباه المثقفين الثوريين العرب أن يحلموا، لقاء خدماتهم، بأن يجدوا لأنفسهم مكاناً فيه ولو بصفتهم مخلفات نادرة لهذه الأقوام البائدة.
وبالاستمرار في تعطيلها بالعزيمة نفسها، جر الرئيس بشار الأسد على نفسه حقد وسخط محور الشر الممتد من واشنطن إلى الجامعة العربية (بتوسط الدوحة والرياض)، مروراً بأوروبا وأنقرة وتل أبيب وبعض الأزقة اللبنانية وغير اللبنانية.
على الرئيس الأسد أن يرحل، وفق ما يريده محور الشر هذا. جميع المسؤولين الغربيين قالوا ذلك منذ بداية الأحداث في سوريا قبل عشرة أشهر. وها هي الجامعة العربية، المومياء الخارجة من موتها التاريخي، تتسلم الراية من خلال مسودة مشروع القرار الذي رفعته إلى مجلس الأمن الدولي.
من الصعب أن نعرف بأي نوع من العبقرية تعيد الجامعة العربية مثل هذا المشروع إلى المجلس العاجز بفعل الفيتو الروسي والصيني، والذي سبق أن دفعه عجزه إلى أن يوكل إلى تركيا وبلدان الخليج أمر العمل على تخريب سوريا.
المهندسون العرب الأجلاء لهذا المشروع وما يرافقه من مساع وإجراءات تبدو عليهم في الوقت نفسه سيماء المفاوضين المحنكين والقراء المتقعرين في معرفة التاريخ: يعتقدون أن بإمكانهم إقناع الروس بعدم استخدام الفيتو. وإذا لم يتمكنوا من ذلك فلا بأس. هنالك تدخلات عسكرية غربية وأميركية تمت دون المرور بمجلس الأمن. الحرب الكورية وحرب كوسوفو تشهدان على ذلك.
من هنا، يعتقدون أنه لم يبق أمام حلف الناتو إلا أن يجمع أساطيله ويبدأ بإغراق سوريا في طوفان من النار حتى إسقاط النظام وإقامة نظام يقطع، على ما يريده برهان غليون، مع إيران، ويمد اليد إلى الكيان الصهيوني، ويحقق له كبرى أمنياته عبر تدمير حزب الله ثأراً للجيش الإسرائيلي الذي تحطمت أسطورته كجيش لا يقهر على يد المقاومة.
لكن فاتهم أن المسؤولين الغربيين يرددون بأعلى الأصوات أن سوريا ليست كليبيا وأنهم لا ينوون مهاجمتها عسكرياً.
في الحقيقة، ليست المسألة مسألة نية. فهؤلاء لا يجرؤون على مهاجمة سوريا في وقت يهربون فيه من العراق وأفغانستان، إضافة إلى علمهم بأن مثل هذه المغامرة لن تفعل غير تسريع رحيلهم عن المنطقة، ومن ثم انهيار بلدانهم المترنحة أصلاً تحت ثقل الأزمة الاقتصادية.
بتدخل عسكري غربي، أو بغير هذا التدخل، هؤلاء العرب الذين يجمح بهم الحقد على سوريا، لا الرئيس بشار الأسد، هم من يجب عليهم أن يرحلوا. وسيفعلون. ومؤامرتهم على سوريا هي ما يعجل برحيلهم.