ارشيف من :آراء وتحليلات

ماذا يحمل لافروف الى الرئيس الأسد؟

 ماذا يحمل لافروف الى الرئيس الأسد؟
سؤال واحد بلا منازع يتربّع على عرش الإهتمامات اليوم في ما خصّ الملف السوري، وهو ماذا حمل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف معه الى دمشق، ولماذا يرافقه رئيس جهاز المخابرات الروسية ميخائيل فرادكوف؟.

مما لا شك فيه أن زيارة لافروف الى سوريا تكتسب أهمية كبرى، لاسيما أنها جاءت بعد التصويت المزدوج الروسي الصيني في مجلس الأمن ضد مشروع القرار العربي الغربي الذي يدين سوريا، وبالتزامن مع الحملة "المسعورة" عليها، على خلفية موقفها الأخير من سوريا، وبعد سلسلة المواقف الغربية التي أبدت إستعدادها لمساعدة المعارضة السورية على تنظيم نفسها، وتشديد العقوبات ضد سوريا، بما فيها تجفيف مصادر تمويلها إقليمياً.

التحليلات التي سبقت الزيارة تراوحت بين قائل إن لافروف يحمل رسالة تأييد قوية لبرنامج الإصلاحات الشاملة بقيادة الرئيس الأسد، وكذلك مبادرة سياسية جديدة ترتكز على إعادة إحياء المقترح الروسي حول طاولة حوار بين النظام والمعارضة في موسكو، وبين قائل إن القيادة الروسية لا تستطيع موضوعياً أن تبقى في مواجهة مع واشنطن وأوروبا والجامعة العربية الى ما لا نهاية، وبالتالي فإنها ملزمة بمراجعة مواقفها، وعلى هذا الإساس، فإن زيارة لافروف الى روسيا تأتي من أجل أبلاغ الأسد هذا الموقف.


 ماذا يحمل لافروف الى الرئيس الأسد؟


ولمعرفة حقيقة خلفيات زيارة لافروف الى سوريا، لا يمكن التغاضي عن مسائل جوهرية عدة، منها أن الموقف الروسي الأخير في مجلس الأمن لا يمكن فصله عمّا سبقه من تصريحات روسية حازمة رفضت التدخل العسكري في سوريا، واعتبرت أن إسقاط النظام فيها "خط احمر"، ولا عمّا تلاه أيضاً من إعلان جاء على لسان نائب رئيس الحكومة الروسية، والذي كشف فيه أن موسكو ستبني نظام دفاع جوي وفضائي قوي في مواجهة تهديدات صواريخ حلف شمال الأطلسي.

من هنا، يتضح أن القراءة الروسية الإستراتيجية والجيوسياسية ترى في بقاء نظام الرئيس الأسد قوياً في منطقة الشرق الأوسط مصلحة ذاتية لها تتقاطع مع مصالح قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، وفي المقابل، هي تتوجس شراً من حلف شمال الأطلسي، وتعتبر أنه يستهدفها مباشرة من خلال الساحة السورية، وفي ساحات أخرى.

وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة الى أن "الهوبرة" الإعلامية التي أعقبت التصويت في مجلس الأمن، وعلى الرغم من أنها "جوفاء"، لا يمكن صرفها في أي مكان، إلا إنها حملت في طيّاتها تراجعاً ما بدا من خلال ما أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون منذ يومين عن "أنها تحاول البدء بعملية سياسية تؤدي الى إنتقال السلطة"، وكذلك من حديث الرئيس الأميركي باراك أوباما عن أنه لا زال بالإمكان الوصول الى حل سياسي للأزمة السورية، وهو ما يمكن إعتباره تراجعاً أو خطوة الى الوراء، إفساحاً في المجال أمام مسعى روسي يتبلور في الأفق، خاصة بعد الإصطدام الأميركي بـ "الفيتو" الروسي الصيني في مجلس الأمن.


علي عوباني

2012-02-07