ارشيف من :آراء وتحليلات
ما سرُّ كلّ هذا الحب الغربي للشعب السوري؟!
عقيل الشيخ حسين
قادة البلدان الاستعمارية تاريخياً، أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، تعيش منذ الفيتو الروسي ـ الصيني أياماً سوداء، على ما قاله واحد منهم. بعضهم يشعر بالتقزز والاشمئزاز، وبعضهم الآخر ينعى الأخلاق التي سمح افتقار الروس والصينيين إليها، وفق ادعاءاتهم، باستثمار المذبحة التي يمارسها النظام السوري، بزعمهم، بحق الشعب السوري.
ومن خلال هذه المسرحيات الركيكة يقولون الكثير من الكلام عن مسؤولية روسيا والصين عن استمرار الوضع في سوريا، وبالتالي يجعلون بينهما وبين النظام السوري شراكة في أعمال القتل.
والأهم من ذلك أنهم يفعلون ذلك لا بالانطلاق من أسباب سياسية. بل يقصرون المشكلة على بعدها الإنساني. وهذا يسمح لهم بالظهور بمظهر المفجوعين الذين يذوبون رقة وتحناناً على الشعب السوري لشدة ما يتمتعون به من مشاعر إنسانية سامية وراقية.
لكنهم يفتحون بذلك على أنفسهم أبواباً لا تغلق. لماذا، إذا كانوا إنسانيين إلى هذا الحد، ويتقززون من القتل وسفك الدماء لا يتبرأون من جرائم أسلافهم بحق جميع شعوب العالم. وإذا زعموا بأن ذلك كان في الماضي، فلماذا لا يقلعون عن ارتكاب جرائم بحق الإنسانية أدهى من جرائم أسلافهم.
أسلافهم الذين سجنوا لجرائم اقترفوها في بلدانهم الأصلية، تم إخراجهم من السجون في انكلترا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا ووجهوا إلى العالم الجديد. وهناك أبادوا الأكثرية الساحقة من سكان القارة الأميركية (حوالي 30 مليوناً من الهنود الحمر). وقبل أن يمسحوا الدماء عن شفار أسلحتهم أعلنوا أنفسهم جَبَلاً تجلس الديموقراطية على قمته لتضيء بأنوارها كل أصقاع العالم.
لم يكن مجلس الأمن قد وُجد بعد ليحاسبهم على واحدة من أكبر عمليات الإبادة في التاريخ البشري، إذا لم تكن أكبرها على الإطلاق.
وبعد ذلك بقليل، تحولوا إلى سادة بيض يملكون قطعان المواشي والخيول والأراضي البالغة الخصوبة. ورغم ديموقراطيتهم ومشاعرهم الإنسانية استقدموا زنوج إفريقيا بالملايين للعمل بالسخرة في ممتلكاتهم في ظروف الجوع والمرض وشظف العيش، إضافة إلى تأديبهم اليومي بالجلد أو حتى بالقتل. ولم يكن قتل الزنجي عندهم مختلفاً عن قتل أي حيوان.
وفيما بعد، قصفوا المدن اليابانية بالقنابل النووية حيث سقط مئات الألوف من القتلى. ولم يشعروا بأي حرج. لا بل إن القتل بالنسبة لهم كان أشبه بعمليات ترفيه عن النفس وتوكيد لما يشعرون به من عظمة. وكان ذلك نهجهم في فيتنام وأميركا اللاتينية وكوريا وصولاً إلى أفغانستان والعراق حيث تسبب الغزو الأميركي لهذين البلدين بسقوط أكثر من مليوني قتيل. وكل هذا من دون الحديث عن سجن "أبو غريب" ومعتقل "وغوانتنامو".
وما يقال عن جرائم الأميركيين يقال أيضاً عن جرائم فرنسا في الهند الصينية والجزائر والمغرب وتونس (أكثر من مليوني قتيل، منهم من أجريت عليهم وهم أحياء التجارب الذرية الفرنسية)، وبريطانيا في الهند وباكستان وإفريقيا الجنوبية، وإيطاليا في إثيوبيا وليبيا، وإسبانيا في الغرب وموريتانيا.
وبالطبع، هنالك الجريمة التي تشاركوا فيها جميعاً، بتواطؤ من الحكام العرب، والتي تمثلت باغتصاب فلسطين وإبادة الكثير من سكانها أو تشريدهم في حرب ما تزال فصولها تتكرر حتى اليوم تحت سمع وبصر معظم الأنظمة العربية، وأحياناً بمشاركتها وتواطؤها.
وهنالك أيضاً الجرائم المتمثلة بنهب ثروات الشعوب عن طريق البنك وصندوق النقد الدوليين المسؤولين عن التدمير المنهجي لاقتصادات بلدان العالم الثالث، وإفقار سكانها وتركهم نهبة للجوع ولأمراض كالإيدز تم ابتكارها خصيصاً لإبادتهم.
وكل ذلك غيض من فيض جرائم لا تقل عنها بشاعة جريمة التجهيل والتضليل والتلاعب بالعقول والمشاعر التي تضطلع بها وسائل الإعلام. أو جريمة الاستخفاف بالقدرات العقلية عند الجنس البشري كله عندما يقف هؤلاء المجرمون الذين يفكرون اليوم بإبادة مليارات البشر للتخفيف من وطأة الكارثة المناخية والبيئية والغذائية، عندما يزعمون بأنهم يحبون الشعب السوري ويسعون إلى منحه الحرية والديموقراطية.
وقد يكون هؤلاء معذورين في كل ما يفعلونه لأنهم لا يخفون إحساسهم بالتفوق ورغبتهم بالسيطرة وشغفهم بالقتل، ولا يخجلون ـ وهم من صارت الأخلاق عندهم عيباً من العيوب ـ من اتهام الآخرين باللاأخلاقية.
والعذر نفسه يسري أيضاً على حكام بلاد الخليج ممن يتصورون، لجهلهم وحداثة نعمتهم، أن أموالهم المغتصبة من ثروات الأمة تسمح لهم بأن يقولوا للشيء "كن فيكون".
كما على المرتزقة الذين يحشدونهم من هنا وهناك ويرسلون بهم إلى سوريا بقصد تخريب سوريا وقتل شعبها.
لكنه لا يسري على ذلك النفر من السوريين الذي استبد بهم الطيش وجرفتهم تيارات التضليل وجعلت منهم مطية للمتخصصين بالإجرام الراغبين الآن باقتراف جريمتهم في سوريا، لا من أجل الحرية والديموقراطية، بل لأن سوريا هي القلعة الأخيرة التي تعتصم فيها العروبة الحقة التي توشك أن تدب روح العروبة الحقة في أرجاء هذا الجسد العربي الذي أنهكته وانتهكته قرون الخضوع لأمراء وسلاطين جلهم على شاكلة المتربعين على عروش الخليج.
قادة البلدان الاستعمارية تاريخياً، أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، تعيش منذ الفيتو الروسي ـ الصيني أياماً سوداء، على ما قاله واحد منهم. بعضهم يشعر بالتقزز والاشمئزاز، وبعضهم الآخر ينعى الأخلاق التي سمح افتقار الروس والصينيين إليها، وفق ادعاءاتهم، باستثمار المذبحة التي يمارسها النظام السوري، بزعمهم، بحق الشعب السوري.
ومن خلال هذه المسرحيات الركيكة يقولون الكثير من الكلام عن مسؤولية روسيا والصين عن استمرار الوضع في سوريا، وبالتالي يجعلون بينهما وبين النظام السوري شراكة في أعمال القتل.
والأهم من ذلك أنهم يفعلون ذلك لا بالانطلاق من أسباب سياسية. بل يقصرون المشكلة على بعدها الإنساني. وهذا يسمح لهم بالظهور بمظهر المفجوعين الذين يذوبون رقة وتحناناً على الشعب السوري لشدة ما يتمتعون به من مشاعر إنسانية سامية وراقية.
لكنهم يفتحون بذلك على أنفسهم أبواباً لا تغلق. لماذا، إذا كانوا إنسانيين إلى هذا الحد، ويتقززون من القتل وسفك الدماء لا يتبرأون من جرائم أسلافهم بحق جميع شعوب العالم. وإذا زعموا بأن ذلك كان في الماضي، فلماذا لا يقلعون عن ارتكاب جرائم بحق الإنسانية أدهى من جرائم أسلافهم.
أسلافهم الذين سجنوا لجرائم اقترفوها في بلدانهم الأصلية، تم إخراجهم من السجون في انكلترا وفرنسا والبرتغال وإسبانيا ووجهوا إلى العالم الجديد. وهناك أبادوا الأكثرية الساحقة من سكان القارة الأميركية (حوالي 30 مليوناً من الهنود الحمر). وقبل أن يمسحوا الدماء عن شفار أسلحتهم أعلنوا أنفسهم جَبَلاً تجلس الديموقراطية على قمته لتضيء بأنوارها كل أصقاع العالم.
لم يكن مجلس الأمن قد وُجد بعد ليحاسبهم على واحدة من أكبر عمليات الإبادة في التاريخ البشري، إذا لم تكن أكبرها على الإطلاق.
وبعد ذلك بقليل، تحولوا إلى سادة بيض يملكون قطعان المواشي والخيول والأراضي البالغة الخصوبة. ورغم ديموقراطيتهم ومشاعرهم الإنسانية استقدموا زنوج إفريقيا بالملايين للعمل بالسخرة في ممتلكاتهم في ظروف الجوع والمرض وشظف العيش، إضافة إلى تأديبهم اليومي بالجلد أو حتى بالقتل. ولم يكن قتل الزنجي عندهم مختلفاً عن قتل أي حيوان.
وفيما بعد، قصفوا المدن اليابانية بالقنابل النووية حيث سقط مئات الألوف من القتلى. ولم يشعروا بأي حرج. لا بل إن القتل بالنسبة لهم كان أشبه بعمليات ترفيه عن النفس وتوكيد لما يشعرون به من عظمة. وكان ذلك نهجهم في فيتنام وأميركا اللاتينية وكوريا وصولاً إلى أفغانستان والعراق حيث تسبب الغزو الأميركي لهذين البلدين بسقوط أكثر من مليوني قتيل. وكل هذا من دون الحديث عن سجن "أبو غريب" ومعتقل "وغوانتنامو".
وما يقال عن جرائم الأميركيين يقال أيضاً عن جرائم فرنسا في الهند الصينية والجزائر والمغرب وتونس (أكثر من مليوني قتيل، منهم من أجريت عليهم وهم أحياء التجارب الذرية الفرنسية)، وبريطانيا في الهند وباكستان وإفريقيا الجنوبية، وإيطاليا في إثيوبيا وليبيا، وإسبانيا في الغرب وموريتانيا.
وبالطبع، هنالك الجريمة التي تشاركوا فيها جميعاً، بتواطؤ من الحكام العرب، والتي تمثلت باغتصاب فلسطين وإبادة الكثير من سكانها أو تشريدهم في حرب ما تزال فصولها تتكرر حتى اليوم تحت سمع وبصر معظم الأنظمة العربية، وأحياناً بمشاركتها وتواطؤها.
وهنالك أيضاً الجرائم المتمثلة بنهب ثروات الشعوب عن طريق البنك وصندوق النقد الدوليين المسؤولين عن التدمير المنهجي لاقتصادات بلدان العالم الثالث، وإفقار سكانها وتركهم نهبة للجوع ولأمراض كالإيدز تم ابتكارها خصيصاً لإبادتهم.
وكل ذلك غيض من فيض جرائم لا تقل عنها بشاعة جريمة التجهيل والتضليل والتلاعب بالعقول والمشاعر التي تضطلع بها وسائل الإعلام. أو جريمة الاستخفاف بالقدرات العقلية عند الجنس البشري كله عندما يقف هؤلاء المجرمون الذين يفكرون اليوم بإبادة مليارات البشر للتخفيف من وطأة الكارثة المناخية والبيئية والغذائية، عندما يزعمون بأنهم يحبون الشعب السوري ويسعون إلى منحه الحرية والديموقراطية.
وقد يكون هؤلاء معذورين في كل ما يفعلونه لأنهم لا يخفون إحساسهم بالتفوق ورغبتهم بالسيطرة وشغفهم بالقتل، ولا يخجلون ـ وهم من صارت الأخلاق عندهم عيباً من العيوب ـ من اتهام الآخرين باللاأخلاقية.
والعذر نفسه يسري أيضاً على حكام بلاد الخليج ممن يتصورون، لجهلهم وحداثة نعمتهم، أن أموالهم المغتصبة من ثروات الأمة تسمح لهم بأن يقولوا للشيء "كن فيكون".
كما على المرتزقة الذين يحشدونهم من هنا وهناك ويرسلون بهم إلى سوريا بقصد تخريب سوريا وقتل شعبها.
لكنه لا يسري على ذلك النفر من السوريين الذي استبد بهم الطيش وجرفتهم تيارات التضليل وجعلت منهم مطية للمتخصصين بالإجرام الراغبين الآن باقتراف جريمتهم في سوريا، لا من أجل الحرية والديموقراطية، بل لأن سوريا هي القلعة الأخيرة التي تعتصم فيها العروبة الحقة التي توشك أن تدب روح العروبة الحقة في أرجاء هذا الجسد العربي الذي أنهكته وانتهكته قرون الخضوع لأمراء وسلاطين جلهم على شاكلة المتربعين على عروش الخليج.