ارشيف من :آراء وتحليلات

بوتين الى الرئاسة: معاً نحو روسيا عظمى!

 بوتين الى الرئاسة: معاً نحو روسيا عظمى!
صوفيا ـ جورج حداد*

تحضيرا لمعركة الانتخابات الرئاسية الروسية التي ستجري في الرابع من ابريل نيسان المقبل، نشر المرشح رئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين عدة مقالات يشرح فيها للرأي العام الداخلي والدولي برنامجه الانتخابي وما يمكن تسميته رؤيته لروسيا المعاصرة أو الجديدة. وقد لفتت الانتباه بشكل خاص مقالته السادسة المخصصة للسياسة الدفاعية الروسية، والتي نشرتها جريدة "روسييسكايا غازيتا".

وتتمحور المقالة حول الفكرة الرئيسية التالية: ان الأمن القومي لروسيا يمكن ضمانه فقط حينما تكون البلاد قوية حقاً.

ويقول بوتين في هذا العالم المعولم فإنه لا ينبغي لروسيا "ان تغري أحداً بضعفها"، ويتابع محذرا "مهما كانت الظروف لا يمكن لروسيا ان تتخلى" عن تدعيم قدرتها على الردع الاستراتيجي.

"لن نستطيع ان نوطد مواقعنا الدولية، وان نطور الاقتصاد، والمؤسسات الديمقراطية، اذا لم نكن في وضع يسمح لنا بأن ندافع عن روسيا، واذا لم نحسب حساب المخاطر الناشئة عن النزاعات المحتملة، ولم نضمن استقلالنا الحربي التكنولوجي (التسلحي)، ولم نحضّر رداً مناسباً وكافياً كتدبير أخير للرد على أي تحديات كانت"، حسبما جاء في مقالة رئيس الوزراء بوتين.

وهو يقول: في السنوات العشر القادمة سوف يتلقى الجيش الروسي 400 صاروخ باليستي عابر للقارات، 8 غواصات استراتيجية وحوالى 20 غواصة متعددة الأغراض، وأكثر من 50 سفينة حربية، وأكثر من 600 طائرة حديثة و1000 هيليكوبتر، وأكثر من 2300 دبابة والعديد من المنظومات الحربية الأخرى. كما يدخل ضمن البرنامج اطلاق 100 جهاز فضائي مخصص للأغراض الحربية. ومع تشديده على تحديث الجيش وعد بوتين بتحويله الى جيش محترف كليا حتى سنة 2017.
 بوتين الى الرئاسة: معاً نحو روسيا عظمى!
ويضيف: ان على روسيا أن تعيد من جديد بناء اسطولها الحربي البحري المحيطاوي، وخاصة في الشمال وفي الشرق الاقصى، وأن تضمن مصالحها في القطب الشمالي. وهو يؤكد أن الجيش الروسي ينبغي تجديده من خلال تكوين منظومة نوعية جديدة للتحليل العسكري والتخطيط الاستراتيجي. وهو يشدد على أهمية العلم العسكري من أجل تحديث القوات المسلحة والمجمع الدفاعي ـ الصناعي.

ان البنية الجديدة للجيش الروسي ينبغي "ان تقوم على تكنولوجيا جديدة مبدئيا"، افضل من "المنظومات المماثلة لدى اي عدو محتمل". وان "هدفنا من التكنولوجيا" ينبغي ان يكون "الوصول الى أبعد مدى، والتصويب الأكثر دقة، ورد الفعل الاكثر سرعة". ولأجل تأمين انضباط أكبر في الجيش، شدد بوتين على ضرورة انشاء بوليس حربي.

وحسب كلماته فإن النطاق غير المسبوق لبرنامج التسليح الجديد وتحديث المجمع الدفاعي ـ الصناعي يؤكد كم هي جدية المطامح الجديدة لروسيا.

واشار بوتين إلى ان روسيا سوف تخصص لهذه الأهداف حوالى 23 تريليون روبل في السنوات العشر القادمة، من دون ان يعني ذلك عسكرة الميزانية.

وحسب تعبيره فإنه بهذه الطريقة سيتم "دفع المستحقات" عن السنوات السابقة التي لم يكن يتم فيها فعليا تزويد الجيش والأسطول بالأسلحة، "في حين كانت البلدان الأخرى، تنفخ بشكل منتظم عضلاتها العسكرية".

"ان الزمن يتطلب القيام بخطوات حاسمة لتوطيد المنظومة الموحدة للدفاع الجوي ـ الفضائي للبلاد. وتدفعنا الى ذلك سياسة الولايات المتحدة الاميركية والناتو بما يختص بنشر منظومة الدرع الصاروخية".

ولكي تضمن عدم الاخلال بميزان القوى العالمي، ينبغي على روسيا إما ان "تكوّن نظام درع صاروخية خاصاً بها، وهو باهظ التكاليف وغير فعال حتى الان"، وإما ان تؤمّن لنفسها امكانية ان "تتغلب على أي نظام درع صاروخية وأن تدافع عن قوة الردع الروسية" حسبما يعتقد رئيس الوزراء.

"وهذا هو الهدف الذي تخدمه القوات النووية الاستراتيجية ومختلف بنى الدفاع الجوي ـ الفضائي. والرد التكنولوجي العسكري الروسي ضد نظام الدرع الصاروخية الأميركي المعولم وقطاعه الأوروبي سوف يكون ردا فعالا وغير متوقع. وهو سيكون رداً تاماً على الخطوات الأميركية في حقل نظام الدرع الصاروخية"، يؤكد بوتين.

ويتابع: والقضية هي كما يلي: بدون ان ننهك القوى الاقتصادية، بل بأن نضاعفها، أن نعمل لتكوين مثل هذا الجيش، ومثل هذا المجمع العسكري ـ الصناعي، القادرَين على أن يضمنا لروسيا السيادة، والاحترام من قبل الشركاء، والسلم الدائم.

لا ينبغي أبدا بعد الآن ان نسمح بتكرار مأساة 1941، حينما أدى فقدان الاستعداد للحرب من قبل الدولة والجيش الى أن تدفع البلاد خسائر كبرى في الارواح.

وتعلق جريدة "كومرسانت" انه يوجد في المقال "بشكل عام خبر مهم، هو ان رئيس الوزراء لن يتخلى عن جيش المجندين (الخدمة الوطنية الالزامية)، مع جعل الجيش جيشاً احترافيا بكليّته".

 بوتين الى الرئاسة: معاً نحو روسيا عظمى!

ويكتب بوتين نفسه انه ما دام ان روسيا تمتلك السلاح النووي، فلا يوجد اي احتمال لأن تتعرض البلاد لعدوان واسع النطاق. أما الحروب الاقليمية والمحلية التي تجهد قوى غير محددة لأن تستثيرها بالقرب من حدود روسيا وحلفائها، فليس من الضروري وجود جيش كبير العدد.

وحسب رأي "كومرسانت" فإن بوتين تنقصه ـ ببساطة ـ الإرادة السياسية لإلغاء جيش المجندين، كنظام وكمؤسسة". لانه اذا تم الغاء نظام التجنيد فمن الصعوبة العودة اليه اذا دعت الضرورة.

ومن جهة ثانية فإن المركز الروسي لدراسة الرأي العام قام بنشر توقعاته حول الانتخابات الرئاسية، وجاء في هذه التوقعات ان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين سيفوز بالانتخابات الرئاسية من الدورة الاولى. وحسب تلك التوقعات، فإن الانتخابات ستقتصر على دورة واحدة، وأن بوتين سيربح فيها بنسبة 58،6% من الاصوات. وسيحل في المرتبة الثانية مرشح الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف بنسبة 14،8%، أما في المرتبة الثالثة فسيكون المرشح سرغيي ميرونوف (زعيم حزب "روسيا العادلة") بنسبة 7،7%. اما المرشح المستقل الملياردير ميخائيل بروخونوف فسيحصل على نسبة 5،8%. وهذا ما اذاعه المدير العام للمركز فاليري فيودوروف، الذي اضاف ان 18% من المواطنين الروسي يشككون بأن الانتخابات ستكون نزيهة.

واعلن ممثلو المعارضة الليبيرالية من امثال بوريس نمتسوف وميخائيل كاسيانوف انه لا ينبغي الاعتراف بشرعية الانتخابات.

وفي منتصف ليل الاثنين الفائت ألقيت زجاجة حارقة (كوكتيل مولوتوف) على مكتب حزب "روسيا الموحدة" في مدينة "نوفوسيبيرسك" فحطمت زجاج المبنى واوقعت بعض الاضرار في المكتب.

وقد اجتمع الرئيس ميدفيدييف الى زعماء المعارضة من مختلف الاطياف للاستماع الى شكاواهم، وطالب المعارض البارز بوريس نمتسوف بتعديل الدستور لمنع الرئيس من الترشح لدورة ثالثة.
ـــــ
*كاتب لبناني مستقل

2012-02-24