ارشيف من :آراء وتحليلات
الانتخابات الايرانية: انتصار للمحافظين والاصلاحيون يهزمون أنفسهم
طهران ـ حسن حيدر
ما قبل الانتخابات التشريعية التاسعة في الجمهورية الاسلامية ليس كما بعدها. تاريخ جديد في مرحلة الصراع والحرب الباردة بين طهران واعدائها، فالرهان الغربي كان على نسبة مشاركة ضعيفة، ولكن رياح صناديق الاقتراع اتت على عكس ما تمنت الرياح المشككة بقدرة النظام الاسلامي. خمسة وستون في المئة كانت البديل عن اشهر من الحوار وشد الحبال بين ايران و الغرب والنتجية ان في ايران شعباً يدعم قادته ويسير خلفهم وخاصة في المواضيع الخارجية وكما يقول الشعب الايراني ان الغرب لم يفهم بعد ان التهديدات ضد بلادهم تجعلهم اقوى .
الانتخابات التشريعية حملت مفآجات كبيرة تمثلت بفشل حوالي مئة نائب حالي حتى الآن بالوصول الى البرلمان، فيما نجح خمسون نائباً اعيد انتخابهم . ما يعني ان مجلس الشوري سيشهد وجوهاً جديدة باكثر من ثلثي المقاعد المئتين والتسعين. فعمليات الفرز اوصلت مئة وتسعين نائباً حتى الآن الى مجلس الشورى وينتظر الباقون فرز الاصوات وخاصة في العاصمة طهران التي تحتل ثلاثين مقعداً في البرلمان. ويتصدر الرئيس السابق لمجلس الشورى حداد عادل المشهد الانتخابي بفرق وصل الى مئتي الف صوت عن اقرب منافسيه، ومن المتوقع ان يصل بين خمسة او سبعة نواب الى البرلمان عبر المرحلة الاولى وذلك بسبب كثرة اللوائح الانتخابية وعمليات التشطيب التي شهدتها لوائح المحافظين بين "الجبهة المتحدة" و"جبهة الصمود" وتوزع الاصوات على اكثر من عشرين لائحة انتخابية في طهران حمل الكثير من الاسماء المشتركة و كان البارز الخرق الذي حققه المرشح المحافظ المعارض علي مظهري عن لائحة صوت الشعب ووصوله الى المركز الثامن على ترتيب عدد الاصوات. فيما تاكد خوض ما لا يقل عن ثلاثين نائباً غمار المرحلة الثانية في عدد من المحافظات والتي ستقام خلال شهر بعد موافقة مجلس صيانة الدستور عليها، وبعد دراسة الطعون والبت بها من قبله.
معالم مجلس الشورى الجديد ارتسمت بسيطرة محافظة كاملة مع فشل التيار الاصلاحي بالحفاظ على مقاعده وخسارة اغلبها، إما عبر اعلان الاصلاحيين عدم الترشح قبل الانتخابات وإما بالخسارة في مناطقهم الانتخابية لتذوب الكتلة الاصلاحية التي كانت تشكل الاقلية في البرلمان، ويعود السبب في فشل الاصلاحيين لانعدام وجود قيادة واحدة لهم وتشتت برامجهم اضافة لدور رموز كبيرة من التيار في الاحداث التي اعقبت الانتخابات الماضية. فرغم منح مجلس صيانة الدستور الاهلية لاغلب مرشحيهم الا ان الاصلاحيين فشلوا في حجز مقاعد لهم لتذوب الكتلة بشكل كبير بعدما قرر الاصلاحيون النزول منفردين ما شكل صفعة وجهوها لانفسهم تلتها الصفعة التي تلقوها ـ على حد وصفهم ـ من الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي زعيم الحركة الاصلاحية في ايران عبر مشاركته في الانتخابات ما اعتبرته معارضة الداخل والخارج خيانة بعدما دعت لمقاطعة الانتخابات. ويشير تصويت خاتمي الى ان التيارات الاصلاحية التي شهدت مواقفها ضبابية في الانتخابات الرئيسة عادت الى عباءة النظام وان لم تكن توافق على الرئيس احمدي نجاد الا انها اعترفت واقرت بدعم الجمهورية الاسلامية واضعة خلافها مع الرئيس في خانة الصراع السياسي الذي يجب ان يفصل عن امن البلاد واستقرارها. ويرى مراقبون للشان الايراني ان هزيمة الاصلاحيين اتت بعدما صوت الشعب للتيار المحافظ الذي يرى فيه المواطن الايراني التيار الاقرب فكرياً وسياسياً لتطلعاته في المرحلة المقبلة والتي تحمل الكثير من التحديات وستجعل من المجلس التاسع مجلس الحرب الباردة ضد جميع الهجمات الموجهة لايران على كافة الصعد .
ومنذ الآن فتحت ابواب التكهنات عن الشخصية التي ستتولى رئاسة البرلمان اذ بدور الحديث عن شخصيتين حصدتا العدد الاكبر من الاصوات وهما الرئيس الحالي للمجلس علي لاريجاني والرئيس السابق حداد عادل حيث يحظى الطرفان بشعبية كبيرة واحترام جميع التيارات السياسية. وهنا يدخل التكهن عن دور هاتين الشخصيتين وفق سيناريوهين مختلفين، الاول يقول انه في حال تم انتخاب حداد عادل وجلس علي لاريجاني في مقاعد النواب هذا يعني ان الرجل يفكر جدياً في خوض الغمار الرئاسي بعد عام ونصف العام من الآن، والسيناريو الاخر يقول ان يتم انتخاب لاريجاني لدورة اولى وفي حال عدم ترشحه للدورة الثانية فهذا ايضاً يعني انه مرشح للرئاسة ولكن في حال تم الاتفاق على ان يكون لاريجاني رئيساً للمجلس في الدورة الاولى والثانية فهذا يعني عدم وجود نية لدي لاريجاني بخوض غمار الرئاسة. ولمزيد من التوضيح فإن رئيس مجلس الشورى وخلال اربعة اعوام ينتخب اربع مرات من قبل النواب بواقع دورة كل عام و يترشح في تصويت داخلي اذ يحق للبرلمان ان يصوت لغير رئيسه الحالي بعد انقضاء عام على توليه المنصب.
المرحلة المقبلة ستحمل في طياتها تحديات كبيرة على مجلس الشورى ان يقوم بالتحكم بها داخلياً وخارجياً.