ارشيف من :آراء وتحليلات
روسيا تختار البوتينية
صوفيا ـ جورج حداد*
"لم يكن ذلك مجرد انتخاب لرئيس الجمهورية الروسية. بل كان اختباراً مهماً لنا كلنا، لكل الشعب الروسي. لقد كان اختبارا للنضج السياسي، التفردية والاستقلالية". هذا ما أعلنه رئيس الجمهورية المنتخب فلاديمير بوتين احتفاءً بفوزه امام المهرجان الشعبي الكبير الذي أقيم في ساحة مانيج في موسكو. وكان على درجة من الانفعال بحيث ان عينيه ترقرقتا بالدموع.
فبعد اعلان النتائج الاولية للانتخابات الرئاسية، قبل انتهاء عملية فرز وتعداد جميع الاصوات، اجتمع في ساحة مانيج في وسط موسكو اكثر من 110 آلاف مواطن من مؤيديه للاحتفال بفوزه. وقد حضر الى الاحتفال برفقة الرئيس الحالي دميتريي ميدفيدييف، تماما كما فعلا قبل 4 سنوات حينما أتيا معا الى الساحة الحمراء للاحتفال بفوز ميدفيدييف حينذاك. وفيما بدت عليه مظاهر مزيج من الارهاق والانفعال والثقة بنهجه، اعلن بوتين امام الجموع الغفيرة، ان انتصاره النزيه والمشرّف كان ممكنا بفضل الدعم الواسع للناخبين. "نحن سوف نعمل بشرف وبثبات. وندعو الجميع لان نتوحد حول مصالح شعبنا ووطننا. لقد وعدتكم بأننا سننتصر، وقد انتصرنا! المجد لروسيا!".
هذا ما ختم به بوتين كلمته القصيرة. وكان المتظاهرون يحملون الكثير من اللوحات التي كتب على غالبيتها "بوتين هو رئيسنا". وقد تحقق النصر الواضح لبوتين بالرغم من الهجمات المنظمة التي تعرض لها من قبل قوى مختلفة، داخلية وخارجية، وبالرغم مما يخطر ولا يخطر على البال من الاتهامات التي وجهت اليه. وكان بوتين هو المرشح الاكثر سوءا وازعاجا بالنسبة لتلك القوى. وانتصر ليس لان المعارضة كانت غير متجانسة، وغير موحدة الهدف وصبيانية، بل لان هذه كانت ارادة الناخبين الروس الذين لم يستسلموا للافتراءات الكثيرة. وهذه كانت ارادة اولئك الذين يؤمنون بأن روسيا القوية تعني الامن، والاستقرار السياسي، وعالما مستقبليا متعدد الاقطاب، وليس عالما يفرض فيه القوي ارادته على الضعيف.
لقد منح حوالى 64% من المواطنين الروس اصواتهم لبوتين، لأنهم كانوا يدركون انه هو من تحتاج اليه روسيا في المرحلة الراهنة من التاريخ المعاصر. ان الثقة التي منحت له تكتسب قيمة استثنائية عالية، آخذاً بالاعتبار أنه يقف على رأس الدولة منذ اكثر من 12 سنة. وهو ما يفترض تلقائيا وجود الكثير من النواقص. ان الانتخابات الرئاسية الروسية والحملة المحمومة التي سبقتها طوال شهرين ضد بوتين قد شدت اهتمام العالم وكانت أحد أهم المواضيع التي تناولها الاعلام الاجنبي. وهذا لم يكن صدفة. وبالانتصار الساحق لبوتين تسقط جميع علامات الاستفهام حول مستقبل السياسة القومية، الاقتصادية والاجتماعية، الخارجية والدفاعية، حسبما سبق وعرضها بوتين في مقالاته قبل الانتخابات والتي نشرت في اهم الصحف الروسية.
وفي هذه المقالات عرض بوتين الابعاد الرئيسية لنهجه المستقبلي، والذي من المتوقع أن يكون استمراراً لنهجه الراهن. وقد فشلت جميع جهود المعارضة للطعن بالانتخابات، ولتشويه سمعة بوتين، ولاستثارة القلاقل وافتعال الاصطدامات. فالتكنولوجيا الأكثر حداثة التي تم استخدامها في العملية الانتخابية، ووضع كاميرات البث الالكتروني تقريبا في جميع مراكز الاقتراع أمّنت الى اقصى درجة الشفافية في عملية الاقتراع وتعداد اوراق المقترعين.
وحسب رأي مجموعة المراقبين للرصد المستقل للانتخابات في روسيا، فقد كانت بشكل عام مطابقة للمعايير الدولية. وقد اعلن هذا التقويم رسميا في المركز الاعلامي الدولي في العاصمة الروسية. وبناءً على هذا التقويم، واعترافها بنزاهة الانتخابات، فقد ألغت المعارضة المهرجان الاحتجاجي الذي كانت قد دعت اليه مسبقا الاثنين غداة الانتخابات. هذا وأعلن فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة المركزية للانتخابات ان الاوراق غير الصالحة كانت قليلة جدا بالقياس الى الانتخابات النيابية السابقة والانتخابات الرئاسية سنة 2004. وكان عدد هذه الاوراق 794393 ورقة، اي اكثر قليلا من 1 واحد بالمائة من اصوات المقترعين. ومن جهة ثانية قالت وكالة إيتار ـ تاس ان الرئيس المنتخب دعا جميع المرشحين الى اجتماع عقد في مقر مجلس الوزراء. وحضر الاجتماع الملياردير ميخائيل بروخونوف وزعيما حزب الليبيراليين الدمقراطيين (القوميين) فلاديمير جيرينوفسكي وحزب "روسيا العادلة" سيرغيي ميرونوف، وتغيب عن الاجتماع زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف الذي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الروسية. وكان الحزب الشيوعي قد اعلن رسميا ان الحملة الانتخابية لم تكن نزيهة، وان النتائج كانت مزورة. وصرح زيوغانوف شخصيا انه لا يعترف بنتائج الانتخابات، وانه "لا يجد اي معنى لان يحيّي أياً كان". في حين ان بوتين، جيرينوفسكي وبروخونوف أعلنوا ان الانتخابات كانت نزيهة. اما المرشح بروخونوف الذي حل في المرتبة الثالثة، فقد اعتبر ان الانتخابات لم تكن نزيهة، الا انه يتحفظ على الاعلان عنها بأنها لم تكن شرعية.
*كاتب لبناني مستقل
"لم يكن ذلك مجرد انتخاب لرئيس الجمهورية الروسية. بل كان اختباراً مهماً لنا كلنا، لكل الشعب الروسي. لقد كان اختبارا للنضج السياسي، التفردية والاستقلالية". هذا ما أعلنه رئيس الجمهورية المنتخب فلاديمير بوتين احتفاءً بفوزه امام المهرجان الشعبي الكبير الذي أقيم في ساحة مانيج في موسكو. وكان على درجة من الانفعال بحيث ان عينيه ترقرقتا بالدموع.
فبعد اعلان النتائج الاولية للانتخابات الرئاسية، قبل انتهاء عملية فرز وتعداد جميع الاصوات، اجتمع في ساحة مانيج في وسط موسكو اكثر من 110 آلاف مواطن من مؤيديه للاحتفال بفوزه. وقد حضر الى الاحتفال برفقة الرئيس الحالي دميتريي ميدفيدييف، تماما كما فعلا قبل 4 سنوات حينما أتيا معا الى الساحة الحمراء للاحتفال بفوز ميدفيدييف حينذاك. وفيما بدت عليه مظاهر مزيج من الارهاق والانفعال والثقة بنهجه، اعلن بوتين امام الجموع الغفيرة، ان انتصاره النزيه والمشرّف كان ممكنا بفضل الدعم الواسع للناخبين. "نحن سوف نعمل بشرف وبثبات. وندعو الجميع لان نتوحد حول مصالح شعبنا ووطننا. لقد وعدتكم بأننا سننتصر، وقد انتصرنا! المجد لروسيا!".
لقد منح حوالى 64% من المواطنين الروس اصواتهم لبوتين، لأنهم كانوا يدركون انه هو من تحتاج اليه روسيا في المرحلة الراهنة من التاريخ المعاصر. ان الثقة التي منحت له تكتسب قيمة استثنائية عالية، آخذاً بالاعتبار أنه يقف على رأس الدولة منذ اكثر من 12 سنة. وهو ما يفترض تلقائيا وجود الكثير من النواقص. ان الانتخابات الرئاسية الروسية والحملة المحمومة التي سبقتها طوال شهرين ضد بوتين قد شدت اهتمام العالم وكانت أحد أهم المواضيع التي تناولها الاعلام الاجنبي. وهذا لم يكن صدفة. وبالانتصار الساحق لبوتين تسقط جميع علامات الاستفهام حول مستقبل السياسة القومية، الاقتصادية والاجتماعية، الخارجية والدفاعية، حسبما سبق وعرضها بوتين في مقالاته قبل الانتخابات والتي نشرت في اهم الصحف الروسية.
وفي هذه المقالات عرض بوتين الابعاد الرئيسية لنهجه المستقبلي، والذي من المتوقع أن يكون استمراراً لنهجه الراهن. وقد فشلت جميع جهود المعارضة للطعن بالانتخابات، ولتشويه سمعة بوتين، ولاستثارة القلاقل وافتعال الاصطدامات. فالتكنولوجيا الأكثر حداثة التي تم استخدامها في العملية الانتخابية، ووضع كاميرات البث الالكتروني تقريبا في جميع مراكز الاقتراع أمّنت الى اقصى درجة الشفافية في عملية الاقتراع وتعداد اوراق المقترعين.
وحسب رأي مجموعة المراقبين للرصد المستقل للانتخابات في روسيا، فقد كانت بشكل عام مطابقة للمعايير الدولية. وقد اعلن هذا التقويم رسميا في المركز الاعلامي الدولي في العاصمة الروسية. وبناءً على هذا التقويم، واعترافها بنزاهة الانتخابات، فقد ألغت المعارضة المهرجان الاحتجاجي الذي كانت قد دعت اليه مسبقا الاثنين غداة الانتخابات. هذا وأعلن فلاديمير تشوروف رئيس اللجنة المركزية للانتخابات ان الاوراق غير الصالحة كانت قليلة جدا بالقياس الى الانتخابات النيابية السابقة والانتخابات الرئاسية سنة 2004. وكان عدد هذه الاوراق 794393 ورقة، اي اكثر قليلا من 1 واحد بالمائة من اصوات المقترعين. ومن جهة ثانية قالت وكالة إيتار ـ تاس ان الرئيس المنتخب دعا جميع المرشحين الى اجتماع عقد في مقر مجلس الوزراء. وحضر الاجتماع الملياردير ميخائيل بروخونوف وزعيما حزب الليبيراليين الدمقراطيين (القوميين) فلاديمير جيرينوفسكي وحزب "روسيا العادلة" سيرغيي ميرونوف، وتغيب عن الاجتماع زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف الذي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الروسية. وكان الحزب الشيوعي قد اعلن رسميا ان الحملة الانتخابية لم تكن نزيهة، وان النتائج كانت مزورة. وصرح زيوغانوف شخصيا انه لا يعترف بنتائج الانتخابات، وانه "لا يجد اي معنى لان يحيّي أياً كان". في حين ان بوتين، جيرينوفسكي وبروخونوف أعلنوا ان الانتخابات كانت نزيهة. اما المرشح بروخونوف الذي حل في المرتبة الثالثة، فقد اعتبر ان الانتخابات لم تكن نزيهة، الا انه يتحفظ على الاعلان عنها بأنها لم تكن شرعية.
*كاتب لبناني مستقل