ارشيف من :آراء وتحليلات

الربيع العربي يضع دوله امام خيار: المحور الجديد ام الفوضى

الربيع العربي يضع دوله امام خيار: المحور الجديد ام  الفوضى
سركيس ابوزيد

الربيع العربي عنوان  فضفاض اطلق  على التحولات الاخيرة قي عدد من الدول العربية. البعض يسمي هذا الحراك " ربيعا إسلاميا"، آخرون يتوقعون أن يتحول الى شتاء. وفي كل الحالات يمر العالم  العربي في مرحلة ضبابية يلفها  الغموض ولم تكتمل فصولها ومعالمها بعد و لم تثمر انظمة مستقرة واضحة الاتجاه والتوجه ...

تواجه الدول  العربية  تحديات فعلية وأوضاعا انتقالية صعبة حبلى بالمخاطر والمفاجأت، ولم تتمكن من تحديد مسارها وصورتها النهائية.الربيع العربي يضع دوله امام خيار: المحور الجديد ام  الفوضى

 انها مرحلة جديدة قلقة ... وإذا استعرضنا خصوصا اوضاع ليبيا، اليمن،  تونس و مصر، حيث " الثورات " حطت رحالها واسقطت السلطات القائمة . نلاحظ  ان الانتظار سيد الموقف والترقب الحذر سمة  طاغية على الاجواء العامة .

1 - ليبيا 

انطلقت فكرة  الفدرالية من لبنان ابان الحروب الاهلية , واستقرت في العراق ابان الاحتلال الاميركي , وتعممت في العالم العربي اليوم خاصت في الدول التي زارها الربيع العربي  :

تسيرليبيا  في اتجاه "التقسيم المقنَّع" تحت عنوان النظام الفدرالي  . والاقليم المستقل ذاتيا المعلن في الشرق الليبي هو أول الغيث، مثل الإقليم الكردي المترسخ في الشمال العراقي. فقد أعلن  زعماء قبائل وسياسيون ليبيون  في مدينة بنغازي تأسيس "إقليم فدرالي اتحادي" في منطقة برقة بشرق ليبيا، واختاروا الشيخ أحمد الزبير الشريف السنوسي رئيسا لمجلسه الأعلى.  .  وهو ابن عم الملك الليبي الراحل إدريس السنوسي.  وقد سجن في فترة حكم القذافي قرابة 31 عاماً . وقد سارع رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل إلى اتهام دول عربية لم يسمّها بتذكية الفتنة في الشرق الليبي .

وبذلك يكون الصراع في ليبيا اتخذ بعداً خطيراً، ينذر بتقسيم البلاد إلى دويلات قبلية شرقاً وغرباً وجنوباً، وكانت ليبيا بعد استقلالها في العام 1951 مملكة اتحادية تتألف من ثلاث ولايات هي طرابلس وبرقة وفزان، وكانت برقة أكبر تلك الولايات من حيث المساحة. وفي 1963 جرت تعديلات دستورية الغي بموجبها النظام الاتحادي، وحلت الولايات الثلاث، وأقيم بدلاً منها نظام مركزي يتألف من عشر محافظات.
الصراع في ليبيا اتخذ بعدا خطيرا ينذر بتقسيم البلاد الى دويلات قبلية

2 - اليمن

انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا لليمن خلفا للرئيس علي عبدالله صالح  لا يعني انتهاء المشكلة في اليمن الذي يمر بأوضاع صعبة جدا تهدد الوحدة اليمنية بالتفكك واغراق البلاد بالفوضى  والتقسيم . والتحديات المستمرة اقلها :

ازمة حكم متواصلة نتيجة  الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية  ، يضاف اليها  بقاء النظام القديم  على قدمه . تغير رأس السلطة لكن النظام ما زال قائما  ، وأذرع علي عبدالله صالح ومن كان يدور في فلكه في السلطة بقوا في مواقعهم القيادية  ولن  يسمحوا  بتجديد هيكليات الدولة مع العلم  أن الرئيس الجديد هو ابن العهد البائد.   
الربيع العربي يضع دوله امام خيار: المحور الجديد ام  الفوضى
 معارضة الحراك الجنوبي تشكك بجدوى استمرار اليمن موحداً وتدعو إلى الانفصال عن الشمال والعودة إلى تأسيس دولة مستقلة.  وكان قادة الحراك الجنوبي أعلنوا الهدنة أثناء الثورة على علي عبدالله صالح ريثما يتم إسقاطه على أن يعودوا مجدداً إلى المطالبة بالانفصال.

عودة الحوثيين إلى  حراكهم المناهض للسلطة تحت شعار المطالبة بدور أساسي لهم في بنية الدولة الجديدة،  والا يعلنون  تحرير مناطقهم التي  تفتقر الحد الدنى من التنمية ومن المشاريع الحيوية.  

يحتل تنظيم "القاعدة"   موقعاً مهماً على خريطة اليمن لأنه استفاد من الربيع اليمني  ليتمدد في أكثر من منطقة.   خاض في الأيام الأخيرة معارك عنيفة مع الجيش اليمني ، وتمدد معززا سيطرته على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين... واعلنها امارة اسلامية بانتظار اعلان انفصال امارات اخرى  .


3 - تونس

الوضع في تونس تختصره رسالة مفتوحة وجهتها شخصيات معارضة ليبرالية الى رئيس الوزراء راشد الغنوشي تتحدث عن "انهيار الآمال وتحول الارتياح الى خوف وجزع من المستقبل".   فقد انتشرت المجموعات الدينية المتطرفة تصول وتجول في البلد، وتقتحم المؤسسات التعليمية وتهدد الناس وتستولي على المساجد، والناطقون باسم الحزب يعتبرون ذلك جزءاً من الحرية. وفي غضون ثلاثة أشهر تغيّرت صورة البلد، وأصبح النقاب والقميص
المجموعات الدينية المتطرفة تصول وتجول في تونس وتقتحم المؤسسات التعليمية وتستولي على المساجد
الأفغاني جزءاً من المشهد العام. وبلغ الأمر أن أصبحت تلك المجموعات تدخل السلاح وتهاجم مقرات الأمن...  فغدت الدولة الفاسدة اصلا مهددة بالتشرذم والفوضى .
 

4 - مصر

 يواجه  الربيع المصري  استحقاقين مهمين هما انتخابات الرئاسة والدستور الجديد، في ظل هيمنة الاخوان المسلمين والسلفيين على المسرح السياسي ونزاعهما مع  المجلس العسكري وإدارته  التي تنازع بين سلطة الشارع والامساك بالحكم .ومن الامور العالقة والتي قد تفجر الوضع مجددا في مصر وتزيد من انقسامات المجتمع :الربيع العربي يضع دوله امام خيار: المحور الجديد ام  الفوضى

1-  الدستور الجديد : تباين  الرؤى بين الاسلاميين والعسكر والليبراليين  قد يزيد من صعوبة الانتهاء من كتابة الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية في 23 أيار المقبل. من جهة  رغبة الإسلاميين في الهيمنة على الجمعية لإصباغ الدستور الجديد بصبغة إسلامية. ومن جهة اخرى لمح عدد من المستقلين الليبراليين إلى ضرورة معالجة أزمة غياب تمثيل المسيحيين المصريين والمرأة في البرلمان، خاصة في ظل أزمات طائفية متلاحقة. فضلا عن إشكالية وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد ربما تكون أبرز العقبات أمام الجمعية التأسيسية.

2-   انتخابات الرئاسة:  الجدل قائم حول وجود صفقة بين المجلس العسكري  ) الحاكم ) والجماعة  ( الأغلبية البرلمانية )، حول مرشح توافقي للرئاسة .
 
 الربيع المصري في مرحلة انتقالية ومراوحة وأوضاع سياسية غير مستقرة سمتها الحذر والخوف من المجهول وعدم قدرة المكونات السياسية المتناقضة على ايجاد حلول فيما بينها بالاضافة الى ايجاد حلول  اقتصادية اجتماعية  مع الحفاظ على وحدة المجتمع في ظل فجوة أمنية مفتوحة في شبه جزيرة سيناء،  وتجاذبات حول معاهدة كامب دايفد .والسؤال الكبير المطروح على مصر :اذا خرجت من ازمتها الداخلية ، الى اين ستتجه ؟
استحقاقا الدستور الجديد وانتخابات الرئاسة في مصر يشهدان نزاعا حادا بين المجلس العسكري والاخوان المسلمين 

تركيا تترقب وتسعى، وقد أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده بصدد تدشين تحالف مع مصر "الجديدة" لتأسيس ما سماه "محور ديمقراطية" جديدة في الشرق الأوسط.   ومن شأن التحالف بين البلدين أن يعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة، وأن يؤسس لأكبر "حوض إقليمي" يمتد من منابع نهر النيل إلى البحر الأسود. وهذا المحور سيعيد ترتيب المحاور في المنطقة وسوف يؤثر على اتجاهات الانظمة فيها .

وهكذا دول الربيع العربي في حيرة وترقب : فاما  تلتحق بالمحور الجديد وهو طبعة منقحة لما كا يسمى عرب الاعتدال او عرب اميركا او النظام العربي الرسمي ،واما تغرق بالفوضى والحروب الاهلية والتقسيم والفدرلة .

اما الربيع العربي الفعلي قد يزهر في امكنة اخرى بانتظار حسم الصراع في سوريا والبحرين.
 
                                                                             

2012-03-10