ارشيف من :آراء وتحليلات
عشرون جندياً أميركياً شاركوا في مجزرة قندهار

صوفيا ـ جورج حداد*
تحاول البروباغندا الاميركية وأذنابها في كافة ارجاء العالم ان يقنعونا بأن اميركا دولة صديقة وديمقراطية، وأن تدخّلها العسكري هو لمكافحة الارهاب والديكتاتورية ونشر الديمقراطية وتحقيق حقوق الانسان. وتتجند الابواق والقنوات " النفطوعربية" كقناتي "الجزيرة" و"العربية" لنشر هذه البروباغندا بحماسة. ولكن تاريخ وممارسات الجيش الاميركي تفضح تماما هذه البروباغندا. فإن الجيوش الاستعمارية تتميز دائما بأن تاريخها مليء بالمجازر ضد المدنيين، او ضد اسرى الحرب، الذين تحميهم نظريا وحقوقيا الاتفاقات الدولية المتعلقة بالحروب. والجيش الاميركي لا يشذ عن هذه القاعدة، بل هو يبزُّ جميع الجيوش الاستعمارية الاخرى في ارتكاب المجازر التي تدل على انحطاطه ووحشيته وجبنه، وبالتالي انحطاط ووحشية وجبن الدولة التي يمثلها، ويدافع عن مصالحها ويطبّق سياستها.
والدولة الاميركية التي تدرك هذه الحقيقة تمتنع حتى اليوم عن الموافقة على محكمة الجنايات الدولية الخاصة بجرائم الحرب، وتعمل بالترهيب والترغيب لإلزام "حلفائها" بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية مع الدولة الاميركية لمنع المحاكمة في البلد المعني عن العسكريين الاميركيين في حال ارتكابهم الجرائم في ذلك البلد وإرسالهم للمحاكمة في اميركا ذاتها. ونذكر هنا المجزرة التي ارتكبها الجيش الاميركي في فيتنام والمعروفة تحت اسم " مجزرة ماي لاي". ففي يوم 16 اذار 1968 قامت وحدة عسكرية اميركية بقيادة الملازم وليم كايلي بتطويق قرية ماي لاي وجمع سكانها العزل وإحراق بيوتها الفقيرة، ثم قتل جميع السكان البالغ عددهم ما بين 300 و500 نسمة، بمن فيهم الاطفال والنساء والشيوخ. ولم يتم الكشف عن هذه الجريمة الا بعد سنة كاملة على يد احد الجنود الذين شاركوا فيها.
وقد أدين الملازم كايلي بهذه المجزرة، وحكمت عليه احدى المحاكم العسكرية الاميركية بالسجن مدى الحياة، ولكنه تم اطلاق سراحه بعد خمس سنوات بموجب عفو خاص اصدره الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون. كما نذكر مجزرة ملجأ العامرية في بغداد، حينما قامت الطائرات الاميركية في 13 شباط 1991 بإلقاء القنابل الذكية على الملجأ الذي قتل فيه اكثر من 400 نسمة جلهم من النساء والاطفال.
وأثبتت التحقيقات المحايدة لاحقا ان قصف الملجأ كان متعمدا لارهاب السكان المدنيين. وطبعا لم يجر توقيف اي مسؤول عن هذه المجزرة. وتأكيدا لهذه التقاليد العظيمة للجيش الاميركي، جرت في 11 اذار/مارس الجاري مجزرة اميركية مشابهة في ولاية قندهار الافغانية، سقط فيها 16 قتيلا من المدنيين الافغان، بينهم تسعة اطفال، وعدد اكبر من الجرحى. وقيل يومها ان الذي ارتكب هذه الجريمة هو جندي اميركي واحد، تم اعتقاله ونقله خارج افغانستان. وفي البدء ادعت القيادة الاميركية ان منفذ المجزرة هو جندي واحد، ولكنها لم تكشف عن هويته.
وفي وقت لاحق كشف الجيش الاميركي عن شخصية هذا الجندي، وقيل انه السيرجنت روبرت بيلس، وانه تم اعتقاله ووضعه في احدى القواعد الاميركية في افغانستان. ثم تم نقله الى الكويت، وبعدها الى قاعدة "فورت ليفينورث" في ولاية تكساس الاميركية. وانه سيتم تقديمه للمحاكمة، وكلف احد المحامين للدفاع عنه واسمه جون هنري براون. وادعى براون ان موكله هو اب لطفلين وهو يعاني من اضطرابات نفسية بسبب إرساله للخدمة في العراق اربع مرات قبل ارساله الى افغانستان. وانه اصيب اكثر من مرة خلال خدمته العسكرية في العراق.
وقال براون لقناة "سي أن أن" انه لدى مقابلته لموكله والتحدث معه عبر خط هاتفي داخلي بدا شارد الذهن ومذهولا. ولكن المكالمة عبر الهاتف كانت قصيرة لانه لا يثق في ان خطوط الهاتف كانت آمنة تماما. ووصفت حركة "طالبان" منفذ الهجوم بأنه احد عناصر "القوات الاميركية الهمجية المختلة عقليا"، وتوعدت بالانتقام لهذه الاعمال، التي وصفتها بالبربرية.
وفي البيت الابيض وصف اوباما الجريمة بأنها "مأساوية" وقدم العزاء للشعب الافغاني خلال اتصال هاتفي مع الرئيس ـ الدمية حامد كرزاي. وادعى اوباما ان المجزرة لا تعبر عن "الشخصية الاستثنائية للقوات المسلحة الاميركية" و"الاحترام الذي تكنه اميركا للشعب الافغاني". ولكن سرعان ما تبين ان محاولة إلصاق تهمة المجزرة بعنصر اميركي واحد هي احدى اكاذيب الجيش الاستعماري الاميركي. وان وحدة عسكرية اميركية مؤلفة من حوالى 20 جنديا هي التي نفذت المجزرة.
وهذا ما نقلته وسائل الاعلام الافغانية، استنادا الى الاستنتاجات التي توصلت اليها لجنة برلمانية افغانية قامت بالتحقيقات في المنطقة لعدة ايام. وقد شارك في هذه اللجنة عدد من نواب ولاية قندهار هم: حميدزاي لالاي، عبدالرحيم ايوبي، شكيب هاشمي، سعيد محمد اهوند، بيسميل افغانمال، وكذلك عدد اخر من النواب من مناطق اخرى غير قندهار.
وقد اجرت هذه اللجنة تحقيقا خاصا في الولاية، واستجوبت الناجين من المجزرة وعددا من شيوخ المنطقة. وصرح النائب حميدزاي لالاي امام وكالة "باجواك" ان عدد الجنود الاميركيين المشاركين في المجزرة يتراوح بين 15 و20 جنديا. وجاء في تصريحه "لقد درسنا بعناية مكان وقوع الحادث، وتكلمنا مع العائلات التي فقدت بعض اقاربها، ومع الجرحى، ومع شيوخ القبائل". و"ان القرى التي وقعت فيها عمليات القتل تبعد 1,5 عن القاعدة العسكرية الاميركية. ونحن مقتنعون بأن جنديا واحدا لا يمكنه بمفرده ان يقتل ويصيب هذا العدد الكبير من الناس في مكانين مختلفين في الوقت ذاته وفي غضون ساعة واحدة".
ودعا الحكومة الافغانية، والامم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي لتكوين الظروف المناسبة، لأجل محاكمة القتلة داخل افغاستان. وقد اعلن السكان المحليون انه اذا لم تتم معاقبة القتلة، فهم سوف ينتفضون ضد الافغانيين، الذين يؤيدون وجود القوات الاجنبية في بلادهم.
*كاتب لبناني مستقل
تحاول البروباغندا الاميركية وأذنابها في كافة ارجاء العالم ان يقنعونا بأن اميركا دولة صديقة وديمقراطية، وأن تدخّلها العسكري هو لمكافحة الارهاب والديكتاتورية ونشر الديمقراطية وتحقيق حقوق الانسان. وتتجند الابواق والقنوات " النفطوعربية" كقناتي "الجزيرة" و"العربية" لنشر هذه البروباغندا بحماسة. ولكن تاريخ وممارسات الجيش الاميركي تفضح تماما هذه البروباغندا. فإن الجيوش الاستعمارية تتميز دائما بأن تاريخها مليء بالمجازر ضد المدنيين، او ضد اسرى الحرب، الذين تحميهم نظريا وحقوقيا الاتفاقات الدولية المتعلقة بالحروب. والجيش الاميركي لا يشذ عن هذه القاعدة، بل هو يبزُّ جميع الجيوش الاستعمارية الاخرى في ارتكاب المجازر التي تدل على انحطاطه ووحشيته وجبنه، وبالتالي انحطاط ووحشية وجبن الدولة التي يمثلها، ويدافع عن مصالحها ويطبّق سياستها.

والدولة الاميركية التي تدرك هذه الحقيقة تمتنع حتى اليوم عن الموافقة على محكمة الجنايات الدولية الخاصة بجرائم الحرب، وتعمل بالترهيب والترغيب لإلزام "حلفائها" بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية مع الدولة الاميركية لمنع المحاكمة في البلد المعني عن العسكريين الاميركيين في حال ارتكابهم الجرائم في ذلك البلد وإرسالهم للمحاكمة في اميركا ذاتها. ونذكر هنا المجزرة التي ارتكبها الجيش الاميركي في فيتنام والمعروفة تحت اسم " مجزرة ماي لاي". ففي يوم 16 اذار 1968 قامت وحدة عسكرية اميركية بقيادة الملازم وليم كايلي بتطويق قرية ماي لاي وجمع سكانها العزل وإحراق بيوتها الفقيرة، ثم قتل جميع السكان البالغ عددهم ما بين 300 و500 نسمة، بمن فيهم الاطفال والنساء والشيوخ. ولم يتم الكشف عن هذه الجريمة الا بعد سنة كاملة على يد احد الجنود الذين شاركوا فيها.
وقد أدين الملازم كايلي بهذه المجزرة، وحكمت عليه احدى المحاكم العسكرية الاميركية بالسجن مدى الحياة، ولكنه تم اطلاق سراحه بعد خمس سنوات بموجب عفو خاص اصدره الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون. كما نذكر مجزرة ملجأ العامرية في بغداد، حينما قامت الطائرات الاميركية في 13 شباط 1991 بإلقاء القنابل الذكية على الملجأ الذي قتل فيه اكثر من 400 نسمة جلهم من النساء والاطفال.
وأثبتت التحقيقات المحايدة لاحقا ان قصف الملجأ كان متعمدا لارهاب السكان المدنيين. وطبعا لم يجر توقيف اي مسؤول عن هذه المجزرة. وتأكيدا لهذه التقاليد العظيمة للجيش الاميركي، جرت في 11 اذار/مارس الجاري مجزرة اميركية مشابهة في ولاية قندهار الافغانية، سقط فيها 16 قتيلا من المدنيين الافغان، بينهم تسعة اطفال، وعدد اكبر من الجرحى. وقيل يومها ان الذي ارتكب هذه الجريمة هو جندي اميركي واحد، تم اعتقاله ونقله خارج افغانستان. وفي البدء ادعت القيادة الاميركية ان منفذ المجزرة هو جندي واحد، ولكنها لم تكشف عن هويته.
وفي وقت لاحق كشف الجيش الاميركي عن شخصية هذا الجندي، وقيل انه السيرجنت روبرت بيلس، وانه تم اعتقاله ووضعه في احدى القواعد الاميركية في افغانستان. ثم تم نقله الى الكويت، وبعدها الى قاعدة "فورت ليفينورث" في ولاية تكساس الاميركية. وانه سيتم تقديمه للمحاكمة، وكلف احد المحامين للدفاع عنه واسمه جون هنري براون. وادعى براون ان موكله هو اب لطفلين وهو يعاني من اضطرابات نفسية بسبب إرساله للخدمة في العراق اربع مرات قبل ارساله الى افغانستان. وانه اصيب اكثر من مرة خلال خدمته العسكرية في العراق.
وقال براون لقناة "سي أن أن" انه لدى مقابلته لموكله والتحدث معه عبر خط هاتفي داخلي بدا شارد الذهن ومذهولا. ولكن المكالمة عبر الهاتف كانت قصيرة لانه لا يثق في ان خطوط الهاتف كانت آمنة تماما. ووصفت حركة "طالبان" منفذ الهجوم بأنه احد عناصر "القوات الاميركية الهمجية المختلة عقليا"، وتوعدت بالانتقام لهذه الاعمال، التي وصفتها بالبربرية.

وفي البيت الابيض وصف اوباما الجريمة بأنها "مأساوية" وقدم العزاء للشعب الافغاني خلال اتصال هاتفي مع الرئيس ـ الدمية حامد كرزاي. وادعى اوباما ان المجزرة لا تعبر عن "الشخصية الاستثنائية للقوات المسلحة الاميركية" و"الاحترام الذي تكنه اميركا للشعب الافغاني". ولكن سرعان ما تبين ان محاولة إلصاق تهمة المجزرة بعنصر اميركي واحد هي احدى اكاذيب الجيش الاستعماري الاميركي. وان وحدة عسكرية اميركية مؤلفة من حوالى 20 جنديا هي التي نفذت المجزرة.
وهذا ما نقلته وسائل الاعلام الافغانية، استنادا الى الاستنتاجات التي توصلت اليها لجنة برلمانية افغانية قامت بالتحقيقات في المنطقة لعدة ايام. وقد شارك في هذه اللجنة عدد من نواب ولاية قندهار هم: حميدزاي لالاي، عبدالرحيم ايوبي، شكيب هاشمي، سعيد محمد اهوند، بيسميل افغانمال، وكذلك عدد اخر من النواب من مناطق اخرى غير قندهار.
وقد اجرت هذه اللجنة تحقيقا خاصا في الولاية، واستجوبت الناجين من المجزرة وعددا من شيوخ المنطقة. وصرح النائب حميدزاي لالاي امام وكالة "باجواك" ان عدد الجنود الاميركيين المشاركين في المجزرة يتراوح بين 15 و20 جنديا. وجاء في تصريحه "لقد درسنا بعناية مكان وقوع الحادث، وتكلمنا مع العائلات التي فقدت بعض اقاربها، ومع الجرحى، ومع شيوخ القبائل". و"ان القرى التي وقعت فيها عمليات القتل تبعد 1,5 عن القاعدة العسكرية الاميركية. ونحن مقتنعون بأن جنديا واحدا لا يمكنه بمفرده ان يقتل ويصيب هذا العدد الكبير من الناس في مكانين مختلفين في الوقت ذاته وفي غضون ساعة واحدة".
ودعا الحكومة الافغانية، والامم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي لتكوين الظروف المناسبة، لأجل محاكمة القتلة داخل افغاستان. وقد اعلن السكان المحليون انه اذا لم تتم معاقبة القتلة، فهم سوف ينتفضون ضد الافغانيين، الذين يؤيدون وجود القوات الاجنبية في بلادهم.
*كاتب لبناني مستقل