ارشيف من :آراء وتحليلات

روسيا تتحدّى الأطلسي وعملاءه في كوسوفو

روسيا تتحدّى الأطلسي وعملاءه في كوسوفو
صوفيا ـ جورج حداد*

لم يكد يمضي أكثر من أسبوعين على انتخاب فلاديمير بوتين مجدداً لمنصب رئاسة الفيدرالية الروسية، حتى أقدمت موسكو على خطوة تحدّ جديد لأميركا والأطلسي وعملائهما في كوسوفو. اذ اعلنت موسكو عن قرار تقديم مليوني دولار للشروع في إعادة بناء المعابد الأرثوذوكسية في كوسوفو، التي اقدم الاطلسي والمتعصبون الألبان على تدميرها خلال السنوات الماضية.

هذا ما اعلنته الوكالة الروسية انترفاكس، بناءً على تصريح ادلى به وزير الخارجية الروسية سيرغيي لافروف. وأفادت الجريدة الالكترونية الروسية "لينتا ـ رو" ان اعادة بناء المعابد ستتم برعاية منظمة اليونسكو. وبالاضافة الى ذلك وقّع كل من سيرغيي لافروف ووزير الخارجية الصربي فوك ييريميتش بروتوكولا يتعلق بمشاركة روسيا في وضع وتجهيز التصميم الداخلي لكنيسة "القديس سابا" في بلغراد.

وبهذه المناسبة صرح سيرغيي لافروف "اننا ننظر الى هذا البروتوكول بوصفه تأكيدا آخر على متانة العلاقات الروحية بين شعوب روسيا وصربيا واستعدادنا لتطوير علاقاتنا في مختلف الحقول". وبحسب المعلومات التي نشرها الموقع الالكتروني الصربي المسمى Voinik (الجندي) فبنتيجة الغارات الجوية التي شنها الناتو سنة 1999 والعمليات التي قام بها المقاتلون الالبان في السنوات التالية في كوسوفو، فقد جرى تدمير ما لا يقل من 107 معابد ارثوذوكسية. وفي معلومات اخرى للحكومة الصربية والكنيسة الارثوذوكسية الصربية ان عدد المعابد المهدمة يبلغ 150 معبدا وديرا ارثوذوكسيا.

وتقول وكالة ريا نوفوستي الروسية ان هذا القرار الروسي جاء بناءً لاقتراح من الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين. وتأتي هذه الخطوة الروسية عشية الانتخابات النيابية الصربية التي ستجري في 6 ايار/مايو القادم، والتي تثير جدا قلق بريشتينا. وقد صوت برلمان كوسوفو منذ ايام على قرار يدين فيه اجراء الانتخابات الصربية على الاراضي الكوسوفية. وقد نال القرار تأييد النواب الـ75 الذين كانوا حاضرين داخل قاعة مجلس النواب في لحظة الاقتراع. وحصل نص القرار على تأييد جميع الكتل النيابية الممثلة في البرلمان باستثناء الحركة المسماة "تقرير المصير".

روسيا تتحدّى الأطلسي وعملاءه في كوسوفو

وقبل يوم من التصويت على هذا القرار صرح رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاجي ان اجراء هذه الانتخابات الصربية يمثل تهديدا ليس فقط لكوسوفو. وجاء في جريدة "زيري" الصادرة في بريشتينا ان المعارضة في كوسوفو دعت الحكومة كي لا تتصرف وكأنها "منظمة غير حكومية"، وأن تستخدم جميع الوسائل القانونية لمنع قيام السلطات الصربية بتنظيم الانتخابات على اراضي كوسوفو.

ومن المعلوم ان بلغراد لم تعترف بعد رسميا بانفصال كوسوفو عن الوطن الأم. وأن قرارات الامم المتحدة التي اوقفت بموجبها الحرب الاطلسية على صربيا تقضي بأن اي تعديل على الوضع القانوني لاقليم كوسوفو ينبغي ان يتم بموافقة الطرفين اي صربيا وكوسوفو. ولذلك فإن كوسوفو لا تزال قانونيا، من وجهة نظر بلغراد، اقليما صربيا. ولا يزال الصربيون الكوسوفاريون يعتبرون انفسهم مواطنين صربيين، وليس مواطنين في جمهورية كوسوفو التي لا يعترفون بها.
ويقول بعض المطلعين:

ـ ان توقيت اللفتة الروسية نحو الكنائس والاديرة الارثوذوكسية الصربية في بلغراد وفي كوسوفو، عشية الانتخابات النيابية الصربية، يرمي الى تشجيع السلطات الصربية على عدم التنازل عن حقوقها القومية المشروعة في كوسوفو، ولإشعار بلغراد بأنها ليست معزولة ولا تقف لوحدها بمواجهة اميركا والاطلسي والاتحاد الاوروبي والمافيا الالبانية والكوسوفارية.

ـ ان عهد بوريس يلتسين، الذي تخلى عمليا عن صربيا في 1999، قد ولى الى غير رجعة. واذا ما طرحت قضية كوسوفو من جديد في مجلس الامن الدولي فإن كلمة روسيا، والى جانبها الصين، على الاقل، ستكون كفيلة بوضع حد للعربدة الاميركية ـ الاطلسية والمافياوية الالبانية.

ـ ان هذه المبادرة "الكنائسية" الروسية، فوق فوّهة برميل البارود البلقاني، هي رسالة بالغة الوضوح للبيت الابيض والبنتاغون بأن اي دعسة اميركية وغربية (وطبعا "عربية") خاطئة في الازمة السورية، سيكون لها مضاعفاتها في البلقان او في كوريا او في تايوان او جزر الكوريل او في غير مكان آخر من المناطق الملتهبة والخاضعة للنزاع في العالم.
2012-03-21