ارشيف من :أخبار عالمية
باراك في وزارة "الدفاع"، يزيد من يمينية إسرائيل، ولا يقلصها
كتب حسان إبراهيم
أشار المشهد الإسرائيلي الداخلي، مع نجاح رئيس حزب العمل إيهود باراك بـ"انتزاع" موافقة حزبه على الانضمام إلى الحكومة العتيدة، إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف، بنيامين نتنياهو، لا يريد أن يشكل حكومة يمينية خالصة، إذ أدرك أن ائتلافا يمينيا لن يعمر طويلا، وبالتالي أراد أن يتحاشى التجربة المرة التي خاضها سابقا، خاصة أن طروحات الإدارة الأميركية الجديدة، لا تتماشى مع أي من الطروحات التي تريد الأحزاب اليمينية تسليكها في حال شكل حكومته، وبالأخص إن لم يكن مؤتلفا فيها أي من أحزاب الوسط، مثل حزب العمل أو حزب كاديما.
في نفس الوقت، يعلم رئيس حزب العمل، ووزير "الدفاع" في حكومة إيهود أولمرت المنصرفة قريبا، أن بقاءه في المعارضة يعني في حد أدنى خسارته لرئاسة الحزب، وتحول حزبه في الانتخابات المقبلة، التي يقدّر أن تكون قريبة جدا في حال عدم انضمامه إليها، إلى حزب هامشي ترأسه شخصية مغمورة شبيهة بشخصية وزير "الدفاع" السابق خلال حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، عامير بيرتس.
وعندما تلتقي مخاوف بنيامين نتنياهو في البقاء "وحيدا" في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، مع أحزاب اليمين وزعمائها الذين لا يمكنه أن يسلك معهم حتى شكليات الحلول التسووية التي تريد الإدارة الأميركية تحريكها في المنطقة، مع مخاوف إيهود باراك في البقاء خارج الحكومة، فان الطرفين يجتهدان ويسهلان المهمة على بعضهما البعض، كي ينجحا في الانضمام، فباراك بحاجة إلى كرم نتنياهو في الحقائب المعروضة على حزب العمل (خمسة مقاعد أساسية)، ليرضي أهم رجالات حزبه، بينما يعرض باراك لنتنياهو أن يكون الشخصية الخلاصية في وزارة "الدفاع" الإسرائيلية، التي تريح الداخل والخارج على حد سواء.
من هنا، يمكن فهم طلب نتنياهو تمديد المهلة المعطاة إليه من قبل الرئيس الإسرائيلي، بـ14 يوما إضافية، كي يتمكن من "جذب" باراك وحزبه إلى الائتلاف المقبل، وهو ما حصل بالفعل، خاصة انه يئس من إمكان انضمام حزب كاديما برئاسة وزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني، التي تخاطر بدورها في بقاء الحزب في الانتخابات المقبلة، إذ لا إمكان لبقاء حزب كاديما مع رئاسة في الحزب غير كارزماتية، خاصة أنه واصل بقاءه في المعارضة إلى حين تقرر الانتخابات المقبلة، التي أيضا ستكون مبكرة، برغم انضمام حزب العمل إليها.
على أي حال، قد لا يفضي وجود باراك في الحكومة الإسرائيلية، إضافة ما الى مضمون توجهاتها، إذ كان يقدر أن تكون الحكومة من دونه، حذرة تجاه أي من الملفات الساخنة، سواء على الساحة الفلسطينية، أو الساحة الشمالية بما يشمل لبنان وسوريا، أو حتى تجاه إيران، لأنها كانت معنية بان تظهر وجها مغايرا للمنتظر منها، برغم وجود عدد كبير جدا من المتطرفين الذين يمسكون بالقرار، اقله حيال الفترة القريبة المنظورة. وما وجود باراك إلا عاملا غير كابح، من ناحية عملية، لأنه يتيح لحكومة نتنياهو المقبلة أن تباشر اعتداءاتها، مع قدر اقل من الخشية، التي يقدر أن تنطلق في الساحة الدولية حيالها، خاصة مع اليأس من ردود فعل عربية "لدول الاعتدال العربي"، التي رضيت بمن امتهن شتم زعمائها لسنوات، أي أفيغدور ليبرمان، كوزير للخارجية الإسرائيلية، فالدول العربية المعتدلة "لا تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة إسرائيل".
السؤال الممكن طرحه هنا، هل تولي باراك وزارة الحرب الإسرائيلية، عامل ايجابي بالنسبة لاسرائيل، بمعنى مساعد على إمكان تفعيل مسارات عدائية تجاه ساحات المواجهة، أم هو عامل سلبي. الأقوى انه عامل سلبي، وقد يدفع نحو توجهات دموية في أكثر من ساحة، وإن كانت لا تصل إلى حد الحروب الشاملة، لوجود ضابطة أميركية غير ملائمة أمام أي مغامرة إسرائيلية.
الانتقاد/ العدد 1339 ـ 27 آذار/ مارس 2009
أشار المشهد الإسرائيلي الداخلي، مع نجاح رئيس حزب العمل إيهود باراك بـ"انتزاع" موافقة حزبه على الانضمام إلى الحكومة العتيدة، إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف، بنيامين نتنياهو، لا يريد أن يشكل حكومة يمينية خالصة، إذ أدرك أن ائتلافا يمينيا لن يعمر طويلا، وبالتالي أراد أن يتحاشى التجربة المرة التي خاضها سابقا، خاصة أن طروحات الإدارة الأميركية الجديدة، لا تتماشى مع أي من الطروحات التي تريد الأحزاب اليمينية تسليكها في حال شكل حكومته، وبالأخص إن لم يكن مؤتلفا فيها أي من أحزاب الوسط، مثل حزب العمل أو حزب كاديما.
في نفس الوقت، يعلم رئيس حزب العمل، ووزير "الدفاع" في حكومة إيهود أولمرت المنصرفة قريبا، أن بقاءه في المعارضة يعني في حد أدنى خسارته لرئاسة الحزب، وتحول حزبه في الانتخابات المقبلة، التي يقدّر أن تكون قريبة جدا في حال عدم انضمامه إليها، إلى حزب هامشي ترأسه شخصية مغمورة شبيهة بشخصية وزير "الدفاع" السابق خلال حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، عامير بيرتس.
وعندما تلتقي مخاوف بنيامين نتنياهو في البقاء "وحيدا" في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، مع أحزاب اليمين وزعمائها الذين لا يمكنه أن يسلك معهم حتى شكليات الحلول التسووية التي تريد الإدارة الأميركية تحريكها في المنطقة، مع مخاوف إيهود باراك في البقاء خارج الحكومة، فان الطرفين يجتهدان ويسهلان المهمة على بعضهما البعض، كي ينجحا في الانضمام، فباراك بحاجة إلى كرم نتنياهو في الحقائب المعروضة على حزب العمل (خمسة مقاعد أساسية)، ليرضي أهم رجالات حزبه، بينما يعرض باراك لنتنياهو أن يكون الشخصية الخلاصية في وزارة "الدفاع" الإسرائيلية، التي تريح الداخل والخارج على حد سواء.
من هنا، يمكن فهم طلب نتنياهو تمديد المهلة المعطاة إليه من قبل الرئيس الإسرائيلي، بـ14 يوما إضافية، كي يتمكن من "جذب" باراك وحزبه إلى الائتلاف المقبل، وهو ما حصل بالفعل، خاصة انه يئس من إمكان انضمام حزب كاديما برئاسة وزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني، التي تخاطر بدورها في بقاء الحزب في الانتخابات المقبلة، إذ لا إمكان لبقاء حزب كاديما مع رئاسة في الحزب غير كارزماتية، خاصة أنه واصل بقاءه في المعارضة إلى حين تقرر الانتخابات المقبلة، التي أيضا ستكون مبكرة، برغم انضمام حزب العمل إليها.
على أي حال، قد لا يفضي وجود باراك في الحكومة الإسرائيلية، إضافة ما الى مضمون توجهاتها، إذ كان يقدر أن تكون الحكومة من دونه، حذرة تجاه أي من الملفات الساخنة، سواء على الساحة الفلسطينية، أو الساحة الشمالية بما يشمل لبنان وسوريا، أو حتى تجاه إيران، لأنها كانت معنية بان تظهر وجها مغايرا للمنتظر منها، برغم وجود عدد كبير جدا من المتطرفين الذين يمسكون بالقرار، اقله حيال الفترة القريبة المنظورة. وما وجود باراك إلا عاملا غير كابح، من ناحية عملية، لأنه يتيح لحكومة نتنياهو المقبلة أن تباشر اعتداءاتها، مع قدر اقل من الخشية، التي يقدر أن تنطلق في الساحة الدولية حيالها، خاصة مع اليأس من ردود فعل عربية "لدول الاعتدال العربي"، التي رضيت بمن امتهن شتم زعمائها لسنوات، أي أفيغدور ليبرمان، كوزير للخارجية الإسرائيلية، فالدول العربية المعتدلة "لا تتدخل في الشؤون الداخلية لدولة إسرائيل".
السؤال الممكن طرحه هنا، هل تولي باراك وزارة الحرب الإسرائيلية، عامل ايجابي بالنسبة لاسرائيل، بمعنى مساعد على إمكان تفعيل مسارات عدائية تجاه ساحات المواجهة، أم هو عامل سلبي. الأقوى انه عامل سلبي، وقد يدفع نحو توجهات دموية في أكثر من ساحة، وإن كانت لا تصل إلى حد الحروب الشاملة، لوجود ضابطة أميركية غير ملائمة أمام أي مغامرة إسرائيلية.
الانتقاد/ العدد 1339 ـ 27 آذار/ مارس 2009