ارشيف من :ترجمات ودراسات

الحوار البريطاني مع حزب الله: عين على الانتخابات النيابية

الحوار البريطاني مع حزب الله: عين على الانتخابات النيابية
إعداد: علي شهاب
يحظى القرار البريطاني باجراء حوار مع حزب الله باهتمام لافت في مركز الدراسات الغربية. الباحث الأميركي المتخصص في الصراع بين حزب الله و"اسرائيل" ماغنوس نوريل نشر تقريرا، في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بعنوان "حزب الله وايران في عصر التورط"، استهله بالقول إنه "في أوائل آذار/مارس، أعادت الحكومة البريطانية الاتصال بحزب الله، منهية بذلك حظراً كان سارياً منذ عام 2005؛ وتأتي هذه الخطوة بعد أقل من عام على قرار بريطانيا فعلاً بتشديد الحظر المفروض على حزب الله وتحريم جناحه العسكري". بحسب نوريل، القرار البريطاني المستجد لا يسلط الضوء فقط على غياب سياسة أوروبية منسقة فيما يتعلق بالحركة الشيعية، لكنه "يزيد أيضاً من تعقيد الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الرامية إلى صياغة سياسة متسقة وموحدة تجاه لبنان وإيران".
 
الخلفية
إن الموقف السياسي الجديد التي تتخذه بريطانيا تجاه حزب الله، والذي ستحاكيه بالتأكيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والتي ليس لها تعاملات بالفعل مع الحركة اللبنانية، كان قد برره وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية بيل راميل، حيث قال "لقد أعدنا النظر في الموقف..... في ضوء المزيد من التطورات الإيجابية في لبنان". ومن بين أحد "التطورات الإيجابية" كان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية الجديدة في تموز/يوليو الماضي، التي أعادت وزراء حزب الله [إلى الحكومة] وضمنت تمتع الحركة بقدرة فعّالة على حق نقض قرارات الحكومة.
وبرغم توضيح "مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث البريطاني" بأنه كان فقط يستكشف الاتصالات مع الجناح السياسي لحزب الله، وليس الجناح العسكري، لا تميز الحركة نفسها بين الاثنين. وقد رحّب حزب الله بالتحول السياسي البريطاني، حيث صرح المتحدث باسم الحزب إبراهيم الموسوي قائلاً "إن هذه المراجعة للسياسة خطوة بالاتجاه الصحيح، وسوف نرى كيف ستترجم عملياً".
 
لبنان وحزب الله والاتحاد الأوروبي
من السهل ملاحظة الخلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول تعامل بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا، مع حزب الله ولبنان. فتقليدياً، كانت دول مثل فرنسا تتبع سياسة خارجية خاصة بها تجاه لبنان دون التنسيق بالضرورة مع بقية دول الاتحاد الأوروبي. وقد شاركت كل من فرنسا وإيطاليا بجنود في قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، لكنهما تبديان حساسية تجاه المبادرات التي يمكنها أن تعرّض قواتهما للخطر. وفي الوقت الراهن، يوجد "اتفاق جنتلماني" بين اليونيفيل وميليشيا حزب الله جنوب نهر الليطاني، لا تبحث بموجبه قوات اليونيفيل بقوة وحزم عن الأسلحة داخل القرى والبلدات [في تلك المنطقة]، بينما يمتنع حزب الله عن حمل الأسلحة أو إظهارها علانية. وهذا الترتيب يتعارض بشكل مباشر مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والذي ينص على أنه لا يمكن لقوات غير قوات اليونيفيل والقوات المسلحة اللبنانية امتلاك أسلحة في تلك المنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يقم حزب الله فقط بتجديد مخزونه منذ حرب عام 2006 مع إسرائيل، لكنه أعاد أيضاً بناء مواقعه الدفاعية في جميع أنحاء الجنوب.
 
 
آمال الاتحاد الأوروبي المنعقدة على أوباما
لقد كانت سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه حزب الله موضع نقاش لبعض الوقت. فقرار الولايات المتحدة تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، لم يتم تأكيده من قبل الاتحاد الأوروبي مطلقاً، ولم تعتمده أي دولة كبرى في الاتحاد الأوروبي. بل على العكس، لقد كان القاسم المشترك لسياسة الاتحاد الأوروبي تجاه حزب الله (وعلاقاته بلبنان) هو تفضيل التعاطي على المواجهة، واستغلال المنطق بأن التعاطي يتيح فرصة للتأثير على سياسة الحركة وممارساتها. ولم يفشل هذا النهج في تحقيق أي نتائج حقيقية فحسب، لكنه في الواقع، [فسح المجال] لإعادة تسلح الحركة وعزز من موقفها في لبنان أثناء المحادثات التي أجرتها مع الاتحاد الأوروبي.
والاتحاد الأوروبي متفائل بشأن سياسة التعاطي الجديدة التي تتبعها إدارة أوباما في الشرق الأوسط. وتأمل بروكسل أن تكون واشنطن أكثر ميلاً للاستماع إلى الاتحاد الأوروبي عندما يتعلق الأمر بصياغة مبادرات سياسية جديدة تجاه الشرق الأوسط، والتي يُفترض أن تنطوي على ضغط أقل وتعاطي أكبر مع الأنظمة المزعجة مثل طهران.
 
سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إيران
مما يزيد الأمور تعقيداً هو حدوث التحول السياسي البريطاني وسط توترات مستمرة بين إيران – الداعم الرئيسي لحزب الله – والغرب حول عدد من القضايا، وفي مقدمتها البرنامج النووي الإيراني. وفيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، واصلت ما يسمى [بمجموعة] "الترويكا الأوروبية" (المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) الضغط على الجمهورية الإسلامية لتغيير سياستها النووية، وذلك باستخدام مجموعة من الحوافز الاقتصادية والعقوبات. (تجدر الإشارة بأن عقوبات الاتحاد الأوروبي السابقة على إيران كانت رداً على الانتشار النووي، وأن الهيئة الأوروبية كانت غير مستعدة لفرض عقوبات على إيران بسبب دعمها للإرهاب والمنظمات الإرهابية).
ومع ذلك، فبعد سنوات عديدة من اتباع سياسة الحث المذكورة، لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يشير إلى أي انفراجات مع إيران على الجبهة النووية. وعلاوة على ذلك، فإن التغيير في السياسة البريطانية والموجه لـ"استكشاف" الاتصالات مع حزب الله، يهدف بوضوح إلى التحضير [لأي] انتصار محتمل لحزب الله في الانتخابات [اللبنانية المقبلة] في يونيو/حزيران. فإذا فاز حزب الله أو حصل على أصوات كافية ليصبح صانع القرار الجديد في لبنان، تأمل بريطانيا (ومن المحتمل أيضاً الاتحاد الأوروبي) بأن تكون في وضع متميز مع الحكومة في بيروت. وبما أن إيران وسوريا يُدركان غياب التنسيق السياسي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه حزب الله، فمن المؤكد أن تستغل طهران ودمشق أي خلافات بشأن لبنان وحزب الله.
 
الخاتمة
قد يعمل التزام الإدارة الأميركية بمبادرات جديدة في الشرق الأوسط وحرص الاتحاد الأوروبي على التعاون مع واشنطن، على تمهيد الطريق لإحداث تغيير حقيقي في المنطقة. ولكن لكي يحدث ذلك، فمن الأهمية بمكان أن يكون هناك توافق في الآراء بين بروكسل وواشنطن. ولكن بسبب عدم وجود توافق بين سياسة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه حزب الله في الوقت الراهن، فإن ذلك يجعل أي مبادرة جديدة من قبل الغرب تجاه "لبنان ما بعد الانتخابات" أمراً صعب التنفيذ ومن المرجح ألا يلقى النجاح. وعلاوة على ذلك، فإن قرار بريطانيا العلني بإعادة العلاقات مع حزب الله على الرغم من انتهاكاته المتكررة للقانون الأوروبي والدولي يمكن أن يقوض بشكل خطير من المبادرات الأميركية والأوروبية المشتركة تجاه حزب الله ولبنان في المستقبل. وعلى هذا النحو، ينبغي أن يكون التنسيق أولوية رئيسية لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
يمكن أن يقوم حلفاء الولايات المتحدة وأوروبا في الشرق الأوسط بتفسير التحرك البريطاني الأخير تجاه حزب الله بأنه محاولة لاسترضاء إيران. ولإزالة هذا الشك وضمان فعالية مبادرات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه إيران، يتعين على إدارة أوباما أن تذكر هدفها علانية، ألا وهو: تغيير سعي إيران الحالي لتحقيق القدرة على تصنيع الأسلحة النووية، ومن المفضل أن يتم ذلك عن طريق استخدام عقوبات قوية وحوافز حقيقية. يجب على الاتحاد الأوروبي أن ينظر في الأساس ويقرر مدى استعداده لمتابعة مثل تلك السياسات.
الانتقاد/ العدد 1339 ـ 27 آذار/ مارس 2009
2009-03-28