ارشيف من :ترجمات ودراسات
بعض من تداعيات اتفاقية كامب ديفيد على العالم العربي
كتب المحرر العبري
من المفهوم والمنطقي أن يتلقى زعيم دولة التهاني والتبريكات لمناسبة نجاحه في تحرير أراضي بلده المحتلة أو إنقاذه من ظالم عاث في الأرض فسادا. لكن ان تكون مناسبة التهنئة اتفاقية تسووية غيرت موازين القوى لمصلحة العدو على مستوى المنطقة العربية، وأطلقت يده لسنوات طويلة في ارتكاب المجازر واحتلال الاراضي والتشدد في الموقف السياسي، فذلك مما يدعو إلى التأمل في حقيقة الواقع العربي وانقلاب المعايير، وكيف يمكن للتضليل السياسي والإعلامي أن يصور الخيانة انجازا، والانجاز هزيمة.
ولعل من ابرز مصاديق المثال الأول، اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصري والكيان الإسرائيلي في العام 1978. وللتذكير، وخاصة ان جيلا كاملا ولد بعد عقد هذه الاتفاقية، يُشار الى أن اتفاقية كامب ديفيد اتت بعد تبدل توازن القوى بين إسرائيل والانظمة العربية في اعقاب حرب العام 1973، عندما فاجأ الجيشان المصري والسوري العدو بهجوم مباغت لم يصل إلى المبتغى المؤمل منه، ولكنه عدَّل من صورة الواقع الاقليمي. بحيث لم يعد العرب، بنظر اسرائيل والولايات المتحدة، معدومي القوة والمبادرة والتخطيط، وانما يمكن لهم ان يشكلوا باتحادهم، او تكاملهم، او على الأقل تنسيقهم فيما بينهم، ندا حقيقيا لاسرائيل في الحد الادنى.
هذا الواقع المستجد اقلق الولايات المتحدة التي اندفعت بكل ما تملك من امكانيات دبلوماسية وسياسية لإعادة تغيير معادلات القوى في المنطقة عبر اخراج مصر من الصف العربي المواجه لاسرائيل، وكانت الاتفاقية التي تضمنت خروج اسرائيل من كل صحراء سيناء.
فماذا ربحت إسرائيل من ذلك؟
افقدت الانظمة العربية القدرة على المبادرة لشن حرب نظامية تحرر الاراضي المحتلة وتعيد حقوق الشعب الفلسطيني، بل وقلبت موازين القوى لمصلحة العدو، التي تعدلت خلال حرب الـ73، الأمر الذي انعكس جرأة وقدرة على شن حرب اسرائيلية على لبنان، في العام 1982، بهدف تدمير البنى التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية انذاك، من اجل فرض الحلول الاستسلامية عليها، وتحقيق اهداف إسرائيل التوسعية في لبنان.
وبالتالي يمكن القول ان هذا الاجتياح كان من النتائج السياسية الاقليمية للاتفاقية بين النظام المصري واسرائيل.
وبمقاييس أنصار خيار التسوية مع إسرائيل، أضعفت اتفاقية كامب ديفيد ايضا الموقف العربي التفاوضي في مواجهة إسرائيل، الأمر الذي انعكس تشدداً إسرائيلياً وفرضاً لأمر واقع، المطلوب من الدول العربية التكيف معه تحت عنوان الواقعية السياسية.
ومن الواضح ايضا أن كل المجازر التي جرؤت إسرائيل على ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني سواء في عدوانها الأخير على قطاع غزة، او ما سبقها من مجازر في لبنان وفلسطين، كان من اسبابه الرئيسية موقف النظام المصري المحايد، وفي احسن الاحوال المكتفي بالإدانات اللفظية.
من هنا كان من الطبيعي أن يبادر رئيس الدولة في "إسرائيل" شمعون بيريس إلى الاتصال بالرئيس المصري حسني مبارك لتهنئته على الذكرى السنوية لاتفاقية كامب ديفيد ويثني على خياره السياسي وتمسكه بهذه الاتفاقية.
الانتقاد/ العدد1340 ـ 3 نيسان/ أبريل 2009
من المفهوم والمنطقي أن يتلقى زعيم دولة التهاني والتبريكات لمناسبة نجاحه في تحرير أراضي بلده المحتلة أو إنقاذه من ظالم عاث في الأرض فسادا. لكن ان تكون مناسبة التهنئة اتفاقية تسووية غيرت موازين القوى لمصلحة العدو على مستوى المنطقة العربية، وأطلقت يده لسنوات طويلة في ارتكاب المجازر واحتلال الاراضي والتشدد في الموقف السياسي، فذلك مما يدعو إلى التأمل في حقيقة الواقع العربي وانقلاب المعايير، وكيف يمكن للتضليل السياسي والإعلامي أن يصور الخيانة انجازا، والانجاز هزيمة.
ولعل من ابرز مصاديق المثال الأول، اتفاقية كامب ديفيد بين النظام المصري والكيان الإسرائيلي في العام 1978. وللتذكير، وخاصة ان جيلا كاملا ولد بعد عقد هذه الاتفاقية، يُشار الى أن اتفاقية كامب ديفيد اتت بعد تبدل توازن القوى بين إسرائيل والانظمة العربية في اعقاب حرب العام 1973، عندما فاجأ الجيشان المصري والسوري العدو بهجوم مباغت لم يصل إلى المبتغى المؤمل منه، ولكنه عدَّل من صورة الواقع الاقليمي. بحيث لم يعد العرب، بنظر اسرائيل والولايات المتحدة، معدومي القوة والمبادرة والتخطيط، وانما يمكن لهم ان يشكلوا باتحادهم، او تكاملهم، او على الأقل تنسيقهم فيما بينهم، ندا حقيقيا لاسرائيل في الحد الادنى.
هذا الواقع المستجد اقلق الولايات المتحدة التي اندفعت بكل ما تملك من امكانيات دبلوماسية وسياسية لإعادة تغيير معادلات القوى في المنطقة عبر اخراج مصر من الصف العربي المواجه لاسرائيل، وكانت الاتفاقية التي تضمنت خروج اسرائيل من كل صحراء سيناء.
فماذا ربحت إسرائيل من ذلك؟
افقدت الانظمة العربية القدرة على المبادرة لشن حرب نظامية تحرر الاراضي المحتلة وتعيد حقوق الشعب الفلسطيني، بل وقلبت موازين القوى لمصلحة العدو، التي تعدلت خلال حرب الـ73، الأمر الذي انعكس جرأة وقدرة على شن حرب اسرائيلية على لبنان، في العام 1982، بهدف تدمير البنى التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية انذاك، من اجل فرض الحلول الاستسلامية عليها، وتحقيق اهداف إسرائيل التوسعية في لبنان.
وبالتالي يمكن القول ان هذا الاجتياح كان من النتائج السياسية الاقليمية للاتفاقية بين النظام المصري واسرائيل.
وبمقاييس أنصار خيار التسوية مع إسرائيل، أضعفت اتفاقية كامب ديفيد ايضا الموقف العربي التفاوضي في مواجهة إسرائيل، الأمر الذي انعكس تشدداً إسرائيلياً وفرضاً لأمر واقع، المطلوب من الدول العربية التكيف معه تحت عنوان الواقعية السياسية.
ومن الواضح ايضا أن كل المجازر التي جرؤت إسرائيل على ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني سواء في عدوانها الأخير على قطاع غزة، او ما سبقها من مجازر في لبنان وفلسطين، كان من اسبابه الرئيسية موقف النظام المصري المحايد، وفي احسن الاحوال المكتفي بالإدانات اللفظية.
من هنا كان من الطبيعي أن يبادر رئيس الدولة في "إسرائيل" شمعون بيريس إلى الاتصال بالرئيس المصري حسني مبارك لتهنئته على الذكرى السنوية لاتفاقية كامب ديفيد ويثني على خياره السياسي وتمسكه بهذه الاتفاقية.
الانتقاد/ العدد1340 ـ 3 نيسان/ أبريل 2009