ارشيف من :أخبار عالمية

معالم أساسية في تركيبة حكومة نتنياهو

معالم أساسية في تركيبة حكومة نتنياهو

كتب المحرر العبري
شكل "بنيامين نتنياهو" حكومته بعد مرحلة من المخاض تخللتها مناورات وصراعات واتصالات سرية وإغراءات، كما هي الحال عند أي عملية تشكيل حكومة في الكيان الاسرائيلي. لكن هذه الحكومة اتسمت بعدد من المزايا شكل كل منها معلما اساسيا يمكن التوقف عنده لاستجلاء بعض من أبعاده:
برز بشكل واضح أن "نتنياهو" حاول الاستفادة من تجربته السابقة (خلال توليه رئاسة الحكومة 1996 – 1999) إلى أقصى الحدود، عندما أفضى تشكيله حكومة يمينية ضيقة، خلال ولايته السابقة، إلى تقديم موعد الانتخابات العامة التي أسقطته من رئاسة الوزراء. وطبق القاعدة التي كان يرددها "ارييل شارون" وهي أن "السياسي الشبعان لا يعض" عبر توزيع الحقائب الوزارية الهامة على شركائه الائتلافيين من اجل تعزيز تمسكهم باستقرار الحكومة. وهذا ما حصل عندما لبى أغلب مطالب بعض الأحزاب الأساسية فضلا عن تقديمه الإغراءات السخية (لحزب العمل) لجره للمشاركة في الحكومة، حتى أصبح حزب الليكود الحاكم حزبا بلا حقيبة.
معالم أساسية في تركيبة حكومة نتنياهو نتيجة لذلك كان من الطبيعي ان تتشكل حكومة هي الاكبر في تاريخ "إسرائيل"، حتى بلغت 30 وزيرا، وخاصة انه استحدث عددا من الحقائب الوزارية لإرضاء عدد من المستوزرين الذين يملكون حضورا ويتمتعون بكفاءات، عسكرية او أمنية... مثل حقيبة الشؤون الاستراتيجية التي تولاها رئيس الاركان الاسبق "موشيه يعلون" الذي كان موعودا بحقيبة الدفاع، وحقيبة الاجهزة السرية التي تولاها "دان مريدور" الذي كان يترأس لجنة بلورة النظرية الامنية الاسرائيلية. إضافة إلى تقسيم بعض الوزارات لتوزيعها على أكثر من وزير.
كما برز ايضا ان الحكومة الثلاثينية، التي يترأسها "نتنياهو"، لم يتجاوز عدد وزراء "الليكود" فيها الـ15 وزيرا فيما يتوزع الـ15 الاخرين على بقية الشركاء الائتلافيين.
لكن برغم ذلك لا ينبغي الاستنتاج من ذلك بأن هناك توازنا فعليا وحقيقيا في موازين القوى داخل الحكومة. لأسباب عدة منها: أن بقية الأحزاب متعارضة فيما بينها في أكثر من مجال سواء الأمني او السياسي او حتى في بعض القضايا الاجتماعية. لذلك  يمكن ان نشاهد خارطة تحالفات متغيرة من قضية إلى اخرى، بحسب التقاطعات الموجودة بين الاحزاب. هذا إلى جانب ان "نتنياهو" يملك القدرة على حل الحكومة في أي وقت يشاء ثم إعادة تشكيلها بشكل مغاير، باعتبار ان معسكر اليمين فاز بأغلبية 65 مقعدا، بالاضافة إلى امكانية نظرية بتشكيل حكومة مؤلفة من "الليكود" و"كديما" و"العمل"، (يملكون معا 68 عضو كنيست).
من جهة أخرى لا بد من التأكيد على انه بالرغم مما ينص عليه القانون الإسرائيلي بأن قرارات الحكومة تتخذ بالإجماع أو بالأغلبية، إلا أن التجربة الواقعية تؤكد ان رأي رئيس الحكومة وحزبه له التأثير الكبير في تحديد مسار القرارات في الكثير من الاحيان.
من جهة أخرى شكل تولي رئيس "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف "افيغدور ليبرمان"، حقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة، معلما أساسيا في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، نتيجة مواقفه السياسية المتطرفة والعنصرية. ولا شك أن أصل قرار تعيينه في هذا المنصب، يعكس عدم اخذ العدو للأنظمة العربية، وتحديدا تلك التي تعقد اتفاقات تسوية مع الكيان الإسرائيلي، أي اعتبار. وإلا كيف تقدم "إسرائيل" على اختيار شخصية سبق ان هددت بقصف سد اسوان في مصر (إضافة إلى دمشق وطهران)، ثم يعقد في فترة لاحقة لقاءات بينه وبين وزير الخارجية المصري وغيره من البلاد العربية الاخرى، لكننا قد نشهد بعض المواقف الاستعراضية في هذا المجال.
أما بخصوص تولي "ايهود باراك" وزارة الدفاع، فبالرغم مما يملكه من خبرة عسكرية، لكن يمكن التأكيد على ان ماضيه العسكري ليس السبب الاساسي الذي دفع "نتنياهو" لاشراكه في الحكومة، بقدر ما هو مرتبط بامتلاك حزبه 13 عضو كنيست يمكن لهم أن يساهموا في توسيع القاعدة البرلمانية للحكومة، هذا إلى جانب حقيقة أن "نتنياهو" تمكن من خلال إشراك "باراك" و"حزب العمل"، من تغليف المحتوى اليميني للحكومة بغلاف يساري، يساعده على طمأنة الرأي العام الغربي إزاء الخطوات السياسية والعسكرية التي قد يقدم عليها في مختلف الساحات. اضف إلى انه منح "نتنياهو" مساحة من المناورة داخل الحكومة بين احزاب تقف على يمينه واخرى على يساره.

2009-04-06