ارشيف من :ترجمات ودراسات
واشنطن تطلب رفع مرتبات حرس الحدود المصريين.. لضرب حماس!
إعداد: علي شهاب
تشكل منطقة الحدود المصرية الفلسطينية محور اهتمام استخباري وعسكري اسرائيلي وأميركي منذ سنوات، نظرا لجغرافية المنطقة وموقعها. في هذا السياق، وضع مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ماثيو ليفيت دراسة بعنوان "جعْل المهربين يدفعون الثمن: دفع مرتبات رجال أمن الحدود المصريين"، استهلها بالقول إنه في نهاية الأسبوع الماضي، "اعتقلت الشرطة المصرية رجلاً كان ينقل مبلغ 2 مليون دولار إلى شمال سيناء لتهريبها الى حركة حماس في قطاع غزة. جاء ذلك في أعقاب محاولتين منفصلتين قامت بهما حماس لتهريب نحو 10 ملايين دولار من مصر الى القطاع. ولم تكن هذه المحاولة الأولى لتهريب كمية كبيرة من الأموال إلى غزة، وهي على الأرجح لن تكون الأخيرة أيضاً. يتعين على الولايات المتحدة أن تشجع المصريين على القضاء على تهريب المبالغ الضخمة من الأموال التابعة للمنظمة بصورة أكثر فعالية، وحث القاهرة على تطوير نظام مصادرة الأصول، عن طريق استخدام الأموال التي يتم الاستيلاء عليها وفقاً لهذا البرنامج لتمويل الجهود التي تبذل لتطبيق القانون بحيث تكون أكثر فعالية على طول الحدود. [وباستطاعة] برامج أوروبية وأميركية لمكافحة تهريب "المبالغ الضخمة من الأموال أن تقدم مثالاً مفيداً لمبادرة مماثلة في مصر".
تهريب الأموال الى غزة
منذ سيطرة حركة حماس على غزة في عام 2007، وضع المجتمع الدولي عقوبات واسعة تحظر الدعم المالي للحركة. "للتحايل على هذه العقوبات الاقتصادية، كثيراً ما تحولت «حماس» إلى تهريب "المبالغ الضخمة من الأموال". ففي شباط/فبراير 2009، على سبيل المثال، وبعد الصراع في غزة، قبضت قوات حرس الحدود المصرية على مسؤولين من حماس وهم يحاولون تهريب حقائب تحتوي على نحو 9 ملايين دولار نقداً إلى قطاع غزة. وفي الشهر التالي، حاول مسؤولون من حماس تهريب 850,000 دولار نقداً مخبأة في علب للحلوى وذلك أثناء عودتهم من محادثات المصالحة في مصر".
وفي حين تم إحباط هذه الجهود، نجحت «حماس» [بالقيام بأعمال تهريب مماثلة] في كثير من المناسبات الأخرى. فوفقاً لمسؤولين فلسطينيين، نجح وزير الخارجية الفلسطيني السابق وعضو الحركة محمود الزهار في عبور الحدود المصرية مع قطاع غزة في حزيران/ يونيو 2006، وبحوزته 20 مليون دولار نقداً تم حشوها في اثنتي عشرة حقيبة. وبالمثل، نجح اثنان من نواب «حماس»، مشير المصري وأحمد بحر، بتهريب أكثر من 4 ملايين دولار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006.
وكما هو معروف من الناحية التاريخية، يحصل ضباط الشرطة المصرية على رواتب دون المستوى المتوقع، لذلك قاموا باستلام رشى مقابل غض النظر عن تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى قطاع غزة. وتشير عدة تقارير لوسائل الإعلام بأن الشرطة المصرية المتمركزة عند المعابر الحدودية هي أيضاً أكثر من أن تكون مستعدة أن تفعل الشيء نفسه في ما يتعلق بقبول الاموال. ومع ذلك، مثل الاستيلاء على هذه الأموال في الآونة الأخيرة، فرصة ليس فقط للقضاء على الأنشطة المالية غير المشروعة، ولكن لزيادة المرتبات الضئيلة التي يتقاضاها حرس الحدود المصري أيضاً، وتمويل مهمتهم الناقصة الموارد والمتعلقة بتأمين الحدود المصرية.
الجهود الدولية لمكافحة التهريب
في 13 آذار/ مارس 2009، وافقت الولايات المتحدة وكندا وسبع دول أوروبية على خطة لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وتأتي هذه الخطة في أعقاب اتفاق مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل تم التوقيع عليه في كانون الثاني/ يناير 2008 لمكافحة تهريب الأسلحة، وتهدف إلى تعزيز التعاون التكتيكي لإيقاف، وتفتيش، والاستيلاء على السفن وغيرها من وسائل النقل التي يشتبه بنقلها الأسلحة إلى حركة «حماس».
وبالرغم من أن هذه الاتفاقات هي تطورات إيجابية، إلا أنها لا تتناول بالتحديد مسألة تهريب “المبالغ الضخمة من الأموال”، وهذا مبعث للقلق، لأن لدى الدول المشاركة خبرة واسعة في مجال مكافحة هذه النوع من التهريب بصورة خاصة. فعلى سبيل المثال، ووفقاً لما جاء في "تقرير الاستراتيجية الدولية لمراقبة المخدرات" الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية لعام 2009، شاركت ألمانيا في عملية لتطبيق القانون قامت بها قوة "كمارك" المتعددة الجنسيات ضد تهريب الأموال السائلة في أيلول/ سبتمبر 2008، وشملت العديد من دول الاتحاد الأوروبي وبلدان شمال أفريقيا، بمساعدة من مكتب الهجرة والجمارك التابع لـ"وزارة الأمن الداخلي" الأميركية. وفي نهاية اسبوع من الجهد المكثف، اكتشف المسؤولون 181 حالة لتهريب الأموال، واستولوا على 5.5 مليون يورو. وباستطاعة الدول، كالولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لها خبرة في هذا المجال، أن تساعد مصر في تطوير جهودها لمكافحة تزايد تهريب الأموال الى غزة.
علاقات تعاونية
ترى الدراسة أنه "ينبغي أن لا تركز الجهود الدولية لمكافحة التهريب إلى قطاع غزة، على الحدود وحدها. فقد بذلت كل من مصر وإسرائيل جهوداً لمنع تهريب الأسلحة عن طريق كشف أنفاق التهريب وسدها، وتدميرها. ومع ذلك، لم تكن هذه الجهود فعالة نسبياً، حيث يتم حفر أنفاق جديدة، كما أن جهود المتابعة المصرية غير منهجية ومشتتة. وقد أدى ذلك - إضافة إلى معدلات الرشى العالية في صفوف قوات حرس الحدود المصرية - إلى خلق بيئة مؤاتية لتهريب المبالغ الضخمة من الأموال وغيرها من عمليات التهريب غير الشرعية. بإمكان الولايات المتحدة اتخاذ عدة تدابير لتحسين الأداء المصري في هذا المجال. فقد طورت "وزارة الأمن الداخلي" الأميركية علاقات تعاون مع شركاء أجانب تستهدف مكافحة النقل غير المشروع للعملة. وكان هذا النوع من التعاون قد أثبت نجاحه في الماضي مع الشركاء الدوليين، وبالإمكان أن يكون فعالاً مع المصريين أيضاً. فعلى سبيل المثال، أدت الجهود المتعلقة بشؤون "الكمارك" التي اتخذت بين الولايات المتحدة واسرائيل في الآونة الأخيرة، إلى إحباط تهريب الأموال بين البلدين. وقد أسفرت المبادرة [المعروفة بـ] "الأيدي عبر العالم" - سلسلة من الإجراءات المنسقة لتطبيق القانون استمرت أربعة أيام قامت بها "وزارة الأمن الداخلي" الأميركية - عن القبض على شخص واحد والاستيلاء على اثنين من “التهريبات النقدية” في الولايات المتحدة وأربعة عشر في إسرائيل. وتشمل هذه المضبوطات مجتمعة ما يقرب من 500,000 دولار، وصكوكاً قابلة للتداول، وذهباً، وماساً.
وبإمكان الولايات المتحدة أن تشجع المصريين أيضاً على وضع “برنامج لمصادرة الأصول” من أجل استكمال جهودها المبذولة لاستهداف [عمليات] تهريب الأموال. وباستطاعة المصريين بعد ذلك استخدام الأموال المحجوزة لتعزيز وجودهم وقدراتهم من أجل تطبيق القانون على الحدود. لقد أحرزت “برامج مصادرة الأصول” [من هذا النمط] نجاحاً في الولايات المتحدة، حيث قامت السلطات منذ فترة طويلة باستعمال الأصول التي استولت عليها لتمويل النشاط الحكومي. ولا تعمل عملية مصادرة الأصول كأداة شديدة التأثير لمنع ومعاقبة الأنشطة الإجرامية فحسب، بل بإمكانها أيضاً أن تساعد على دفع مصاريف أنشطة تطبيق القانون المذكورة.
لقد بلغ صافي رصيد "صندوق مصادرة الأموال التابع لوزارة الخزانة" الأميركية للسنة المالية 2008، [نحو] 427 مليون دولار. وقد خصصت "الوزارة" مبلغ 90 مليون دولار لوكالات تطبيق القانون على الصعيد الاتحادي والمحلي وعلى صعيد الولايات، ومبلغ 200,000 دولار للبلدان الأجنبية لتعزيز برامج مصادرة الأصول وتغطية تكاليف التحقيقات والعمليات، والسفر والجهود المتعلقة بها.
وبالإضافة إلى ذلك، تستولي السلطات على أكثر من مجرد أموال وتقوم بتوزيعها على وكالات تطبيق القانون. فعلى سبيل المثال، تلقت وكالات تطبيق القانون المحلية والاتحادية - مثل وكالة مكافحة المخدرات، ومكتب التحقيقات الاتحادي، ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية، و"وزارة الأمن الداخلي" - أسلحة نارية ومركبات ومعدات إلكترونية، وأدوات أخرى لمساعدتها في أنشطتها اليومية. وتعزز هذه “الأصول المصادَرة” إلى حد كبير قدرة هذه الوكالات والوزارات على أداء وظائفها.
وقد استُخدم برنامج الولايات المتحدة لمصادرة الأصول خصوصاً لمنع تمويل الجماعات الإرهابية. وفي الواقع، تدرك «حماس» تماماً أنه بإمكان السيطرة على عائداتها من الأنشطة غير المشروعة ومصادرتها. [فعلى سبيل المثال]، كان على "مؤسسة الأرض المقدسة" الخيرية في الولايات المتحدة - التي أدينت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 بتقديم دعم مادي لتمويل حركة «حماس» - دفع غرامة قدرها 12.4 مليون دولار بسبب إدانات متعلقة بغسل الأموال.
الخاتمة
إن اعتماد “برنامج لمصادرة الأصول” لمنع تهريب “المبالغ الضخمة من الأموال السائلة” بصورة منهجية، على طول حدود قطاع غزة لن يكون بمثابة رادع لقيام مهربين محتملين فحسب، بل من شأنه أيضاً أن يعزز إلى حد كبير من قدرات وموارد شرطة الحدود المحلية عن طريق الحد من تعرضها للرشى. و"من شأن الحد من نجاح تهريب “الأموال السائلة” من مصر الى قطاع غزة أن يضر حركة «حماس»، ويضرب في قلب قدرة الحركة على تعزيز وتسليح الميليشيات والأجنحة الإرهابية التابعة لها".
الانتقاد/ العدد 1342 ـ 17 نيسان/ أبريل 2009
تشكل منطقة الحدود المصرية الفلسطينية محور اهتمام استخباري وعسكري اسرائيلي وأميركي منذ سنوات، نظرا لجغرافية المنطقة وموقعها. في هذا السياق، وضع مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن ماثيو ليفيت دراسة بعنوان "جعْل المهربين يدفعون الثمن: دفع مرتبات رجال أمن الحدود المصريين"، استهلها بالقول إنه في نهاية الأسبوع الماضي، "اعتقلت الشرطة المصرية رجلاً كان ينقل مبلغ 2 مليون دولار إلى شمال سيناء لتهريبها الى حركة حماس في قطاع غزة. جاء ذلك في أعقاب محاولتين منفصلتين قامت بهما حماس لتهريب نحو 10 ملايين دولار من مصر الى القطاع. ولم تكن هذه المحاولة الأولى لتهريب كمية كبيرة من الأموال إلى غزة، وهي على الأرجح لن تكون الأخيرة أيضاً. يتعين على الولايات المتحدة أن تشجع المصريين على القضاء على تهريب المبالغ الضخمة من الأموال التابعة للمنظمة بصورة أكثر فعالية، وحث القاهرة على تطوير نظام مصادرة الأصول، عن طريق استخدام الأموال التي يتم الاستيلاء عليها وفقاً لهذا البرنامج لتمويل الجهود التي تبذل لتطبيق القانون بحيث تكون أكثر فعالية على طول الحدود. [وباستطاعة] برامج أوروبية وأميركية لمكافحة تهريب "المبالغ الضخمة من الأموال أن تقدم مثالاً مفيداً لمبادرة مماثلة في مصر".
تهريب الأموال الى غزة
منذ سيطرة حركة حماس على غزة في عام 2007، وضع المجتمع الدولي عقوبات واسعة تحظر الدعم المالي للحركة. "للتحايل على هذه العقوبات الاقتصادية، كثيراً ما تحولت «حماس» إلى تهريب "المبالغ الضخمة من الأموال". ففي شباط/فبراير 2009، على سبيل المثال، وبعد الصراع في غزة، قبضت قوات حرس الحدود المصرية على مسؤولين من حماس وهم يحاولون تهريب حقائب تحتوي على نحو 9 ملايين دولار نقداً إلى قطاع غزة. وفي الشهر التالي، حاول مسؤولون من حماس تهريب 850,000 دولار نقداً مخبأة في علب للحلوى وذلك أثناء عودتهم من محادثات المصالحة في مصر".
وفي حين تم إحباط هذه الجهود، نجحت «حماس» [بالقيام بأعمال تهريب مماثلة] في كثير من المناسبات الأخرى. فوفقاً لمسؤولين فلسطينيين، نجح وزير الخارجية الفلسطيني السابق وعضو الحركة محمود الزهار في عبور الحدود المصرية مع قطاع غزة في حزيران/ يونيو 2006، وبحوزته 20 مليون دولار نقداً تم حشوها في اثنتي عشرة حقيبة. وبالمثل، نجح اثنان من نواب «حماس»، مشير المصري وأحمد بحر، بتهريب أكثر من 4 ملايين دولار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2006.
وكما هو معروف من الناحية التاريخية، يحصل ضباط الشرطة المصرية على رواتب دون المستوى المتوقع، لذلك قاموا باستلام رشى مقابل غض النظر عن تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى قطاع غزة. وتشير عدة تقارير لوسائل الإعلام بأن الشرطة المصرية المتمركزة عند المعابر الحدودية هي أيضاً أكثر من أن تكون مستعدة أن تفعل الشيء نفسه في ما يتعلق بقبول الاموال. ومع ذلك، مثل الاستيلاء على هذه الأموال في الآونة الأخيرة، فرصة ليس فقط للقضاء على الأنشطة المالية غير المشروعة، ولكن لزيادة المرتبات الضئيلة التي يتقاضاها حرس الحدود المصري أيضاً، وتمويل مهمتهم الناقصة الموارد والمتعلقة بتأمين الحدود المصرية.
الجهود الدولية لمكافحة التهريب
في 13 آذار/ مارس 2009، وافقت الولايات المتحدة وكندا وسبع دول أوروبية على خطة لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وتأتي هذه الخطة في أعقاب اتفاق مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل تم التوقيع عليه في كانون الثاني/ يناير 2008 لمكافحة تهريب الأسلحة، وتهدف إلى تعزيز التعاون التكتيكي لإيقاف، وتفتيش، والاستيلاء على السفن وغيرها من وسائل النقل التي يشتبه بنقلها الأسلحة إلى حركة «حماس».
وبالرغم من أن هذه الاتفاقات هي تطورات إيجابية، إلا أنها لا تتناول بالتحديد مسألة تهريب “المبالغ الضخمة من الأموال”، وهذا مبعث للقلق، لأن لدى الدول المشاركة خبرة واسعة في مجال مكافحة هذه النوع من التهريب بصورة خاصة. فعلى سبيل المثال، ووفقاً لما جاء في "تقرير الاستراتيجية الدولية لمراقبة المخدرات" الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية لعام 2009، شاركت ألمانيا في عملية لتطبيق القانون قامت بها قوة "كمارك" المتعددة الجنسيات ضد تهريب الأموال السائلة في أيلول/ سبتمبر 2008، وشملت العديد من دول الاتحاد الأوروبي وبلدان شمال أفريقيا، بمساعدة من مكتب الهجرة والجمارك التابع لـ"وزارة الأمن الداخلي" الأميركية. وفي نهاية اسبوع من الجهد المكثف، اكتشف المسؤولون 181 حالة لتهريب الأموال، واستولوا على 5.5 مليون يورو. وباستطاعة الدول، كالولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لها خبرة في هذا المجال، أن تساعد مصر في تطوير جهودها لمكافحة تزايد تهريب الأموال الى غزة.
علاقات تعاونية
ترى الدراسة أنه "ينبغي أن لا تركز الجهود الدولية لمكافحة التهريب إلى قطاع غزة، على الحدود وحدها. فقد بذلت كل من مصر وإسرائيل جهوداً لمنع تهريب الأسلحة عن طريق كشف أنفاق التهريب وسدها، وتدميرها. ومع ذلك، لم تكن هذه الجهود فعالة نسبياً، حيث يتم حفر أنفاق جديدة، كما أن جهود المتابعة المصرية غير منهجية ومشتتة. وقد أدى ذلك - إضافة إلى معدلات الرشى العالية في صفوف قوات حرس الحدود المصرية - إلى خلق بيئة مؤاتية لتهريب المبالغ الضخمة من الأموال وغيرها من عمليات التهريب غير الشرعية. بإمكان الولايات المتحدة اتخاذ عدة تدابير لتحسين الأداء المصري في هذا المجال. فقد طورت "وزارة الأمن الداخلي" الأميركية علاقات تعاون مع شركاء أجانب تستهدف مكافحة النقل غير المشروع للعملة. وكان هذا النوع من التعاون قد أثبت نجاحه في الماضي مع الشركاء الدوليين، وبالإمكان أن يكون فعالاً مع المصريين أيضاً. فعلى سبيل المثال، أدت الجهود المتعلقة بشؤون "الكمارك" التي اتخذت بين الولايات المتحدة واسرائيل في الآونة الأخيرة، إلى إحباط تهريب الأموال بين البلدين. وقد أسفرت المبادرة [المعروفة بـ] "الأيدي عبر العالم" - سلسلة من الإجراءات المنسقة لتطبيق القانون استمرت أربعة أيام قامت بها "وزارة الأمن الداخلي" الأميركية - عن القبض على شخص واحد والاستيلاء على اثنين من “التهريبات النقدية” في الولايات المتحدة وأربعة عشر في إسرائيل. وتشمل هذه المضبوطات مجتمعة ما يقرب من 500,000 دولار، وصكوكاً قابلة للتداول، وذهباً، وماساً.
وبإمكان الولايات المتحدة أن تشجع المصريين أيضاً على وضع “برنامج لمصادرة الأصول” من أجل استكمال جهودها المبذولة لاستهداف [عمليات] تهريب الأموال. وباستطاعة المصريين بعد ذلك استخدام الأموال المحجوزة لتعزيز وجودهم وقدراتهم من أجل تطبيق القانون على الحدود. لقد أحرزت “برامج مصادرة الأصول” [من هذا النمط] نجاحاً في الولايات المتحدة، حيث قامت السلطات منذ فترة طويلة باستعمال الأصول التي استولت عليها لتمويل النشاط الحكومي. ولا تعمل عملية مصادرة الأصول كأداة شديدة التأثير لمنع ومعاقبة الأنشطة الإجرامية فحسب، بل بإمكانها أيضاً أن تساعد على دفع مصاريف أنشطة تطبيق القانون المذكورة.
لقد بلغ صافي رصيد "صندوق مصادرة الأموال التابع لوزارة الخزانة" الأميركية للسنة المالية 2008، [نحو] 427 مليون دولار. وقد خصصت "الوزارة" مبلغ 90 مليون دولار لوكالات تطبيق القانون على الصعيد الاتحادي والمحلي وعلى صعيد الولايات، ومبلغ 200,000 دولار للبلدان الأجنبية لتعزيز برامج مصادرة الأصول وتغطية تكاليف التحقيقات والعمليات، والسفر والجهود المتعلقة بها.
وبالإضافة إلى ذلك، تستولي السلطات على أكثر من مجرد أموال وتقوم بتوزيعها على وكالات تطبيق القانون. فعلى سبيل المثال، تلقت وكالات تطبيق القانون المحلية والاتحادية - مثل وكالة مكافحة المخدرات، ومكتب التحقيقات الاتحادي، ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية، و"وزارة الأمن الداخلي" - أسلحة نارية ومركبات ومعدات إلكترونية، وأدوات أخرى لمساعدتها في أنشطتها اليومية. وتعزز هذه “الأصول المصادَرة” إلى حد كبير قدرة هذه الوكالات والوزارات على أداء وظائفها.
وقد استُخدم برنامج الولايات المتحدة لمصادرة الأصول خصوصاً لمنع تمويل الجماعات الإرهابية. وفي الواقع، تدرك «حماس» تماماً أنه بإمكان السيطرة على عائداتها من الأنشطة غير المشروعة ومصادرتها. [فعلى سبيل المثال]، كان على "مؤسسة الأرض المقدسة" الخيرية في الولايات المتحدة - التي أدينت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 بتقديم دعم مادي لتمويل حركة «حماس» - دفع غرامة قدرها 12.4 مليون دولار بسبب إدانات متعلقة بغسل الأموال.
الخاتمة
إن اعتماد “برنامج لمصادرة الأصول” لمنع تهريب “المبالغ الضخمة من الأموال السائلة” بصورة منهجية، على طول حدود قطاع غزة لن يكون بمثابة رادع لقيام مهربين محتملين فحسب، بل من شأنه أيضاً أن يعزز إلى حد كبير من قدرات وموارد شرطة الحدود المحلية عن طريق الحد من تعرضها للرشى. و"من شأن الحد من نجاح تهريب “الأموال السائلة” من مصر الى قطاع غزة أن يضر حركة «حماس»، ويضرب في قلب قدرة الحركة على تعزيز وتسليح الميليشيات والأجنحة الإرهابية التابعة لها".
الانتقاد/ العدد 1342 ـ 17 نيسان/ أبريل 2009