ارشيف من :آراء وتحليلات
الكلام لجعجع والمضمون لفيلتمان
بثينة عليق
لم يتأخّر سمير جعجع ليترجم وبأمانةٍ عالية التعليمات التي أطلقها فيلتمان في إحتفال 14 آذار على أرض الدولة الراعية والحاضرة والآمرة لهذه المجموعة. إستغلّ جعجع ذكرى حلّ حزبه ليلتزم بتوجيهات العزيز "جيف" فألقى خطاباً خلا من أيّ مضمون حقيقي أو مواقف ذات قيمة سوى نقطتين لا ثالث لهما: سوريا وتكتّل الإصلاح والتغيير.
قال فيلتمان إن "دعم المسلّحين السوريين واجبٌ وطنيٌَ على اللبنانيين" فتجاوز جعجع تحفّظاته القديمة وهواجسه التاريخية والتباين العقائدي ليعتبر أن الوقوف إلى جانب الإحتجاجات السورية إنحيازٌ للقضايا الإنسانية. نسي جعجع أو تناسى موقفه من القضية الفلسطينية وإنشاءه مقاومة مزعومة في مواجهتها. والقضية الفلسطينية هي الأكثر تجسيداً للقضايا الإنسانية في تاريخنا الحديث.
لكن يبدو أن إزدواجية جعجع ناجمة عن إزدواجية "بلد المنشأ" أي الولايات المتحدة الأميركية التي تشنّ الحروب الإعلامية والعسكرية وتدفع الأموال وتحيك المؤامرات والإتهامات والمحاكم الدولية لتشويه صورة حزب الله لأنه قرّر أن يدعم القضية الفلسطينية.
اليوم يعلن جعجع إنخراطه الكامل في مواجهة سوريا البلد الشقيق والجار الذي يرتبط لبنان معه بمعاهداتٍ وإتفاقيات وعلاقات دبلوماسية. ليس في الأمر مصلحة لبنانية بل إنصياعٌ للتعليمات الأميركية. ويرى مراقبون أن تركيز جعجع على سوريا يعكس حجم المأزق الذي وضع جعجع نفسه فيه. فخروج سوريا من أزمتها يعني خسارةً جديدة لجعجع وخياراته ومنطقه.
أما تهجّمه على تكتّل التغيير والإصلاح والتيار الوطني الحرّ فيأتي في سياق تنفيذ خارطة طريق فيلتمان عندما حدّد لهم هدفاً واضحاً وهو كسب معركة إنتخابات عام 2013. وكما بات معلوماً فإن الساحة المسيحية هي الحاسمة لهذه الإنتخابات والهجوم العنيف الذي شنّه جعجع على وزراء الإصلاح والتغيير هو بمثابة إعلان الحرب الإنتخابية على التيار العوني. أما السقف الذي التزم به جعجع في خطابه فهو إشارة واضحة أن القادم أعظم وأدهى، وأن لا محرّمات خلال هذه المرحلة الشرسة.
ويتخوّف مراقبون مما يمكن "أن تصل إليه الأمور على هذا المستوى فقد سبق لجعجع أن خاض الحروب والإغتيالات في كلّ إتجاه من أجل تركيع وتطويع الساحة المسيحية في لبنان". ويضيف هؤلاء "إن سلوك جعجع تجاه رمز الكنيسة المارونية البطريرك الراعي والتكتّل المسيحي الأكبر في الحكومة والمجلس النيابي ما هو إلا دليلٌ إضافي على أن جعجع يطمح مجدّداً إلى إشعال حرب إلغاء في الواقع المسيحي، طامحاً أن يكون بعد عام 2013 الوكيل العام للمغامرات الأميركية في لبنان والمنطقة".