ارشيف من :آراء وتحليلات

أوروبا تترنح أمام الأزمة المالية

أوروبا تترنح أمام الأزمة المالية
صوفيا ـ جورج حداد*

مضت حوالى أربع سنوات على انفجار الازمة المالية ـ الاقتصادية في أميركا التي سرعان ما ألقت بظلالها السوداء على العالم بأسره. ومن الملاحظ أن روسيا كانت أول دولة كبرى تخلصت من آثار الازمة، بفضل النهج الاستقلالي الذي تنتهجه القيادة الروسية بزعامة فلاديمير بوتين. وكان ذلك أحد الاسباب الموضوعية الرئيسية للانتصار الانتخابي لبوتين وعودته الى تسنُّم مركز الرئاسة الروسية، بالرغم من الغيظ الشديد لدى الدوائر الاميركية والاطلسية وخصوصا الصهيونية.

اما في الجانب الغربي من أوروبا فلا تزال دول القارة العتيقة تتخبط في وحول الأزمة، التي تتفاعل تباعا وتتخذ أشكالا سياسية واقتصادية واجتماعية، داخل تلك البلدان وفيما بينها.

وفي مقابلة صحفية أجراها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع جريدة "جورنال دي ديمانش" اعلن ان لديه رغبة جدية لأن يلح على اتباع نظام الحماية الجمركية في اوروبا وتشديد الرقابة على الحدود الخارجية. وبهذا التصريح كان ساركوزي يلمح إلى انه من الممكن جدا ان يتخذ موقفا صلبا، على غرار "سياسة المائدة الفارغة" التي اتبعها شارل ديغول في 1965.

وقال هذا الزعيم المحافظ انه يقف بجدية خلف الوعد الذي قدمه في الشهر الماضي خلال حملته الانتخابية بأن يدعم سن قانون "سياسة المائدة الفارغة" من طراز اوروبي على غرار سياسة "Buy Amecrican Act", (اِشترِ الاميركي)، بحيث تلتزم الحكومات بتشجيع شراء السلع، المنتجة في اوروبا.

كما هدد ساركوزي بأن فرنسا قد تنسحب من "منطقة شينغين" (اتفاقية شينغين تسمح لكل شخص يحصل على فيزا لأي من البلدان الموقعة على الاتفاقية أن يدخل جميع تلك البلدان)، اذا لم يتم تشديد المراقبة على الحدود.

أوروبا تترنح أمام الأزمة المالية

وحسب كلماته فإن المفوضية الاوروبية عليها ان تجري المحادثات التجارية، واما قادة الاتحاد الاوروبي فعليهم ان يطلبوا التبادل فيما بين الدول التي تقدم عروضا فقط للشركات الوطنية. "ان جميع الاسواق الوطنية في قارتنا مفتوحة منذ العام 1994. اما في اليابان فإن السوق الوحيد المفتوح هو سوق المياه. واما في الصين فلا يوجد سوق مفتوح"، كما يقول ساركوزي.

"اقول فقط انه من الضروري قيام التبادل. وإلا فإن عقود الدولة الفرنسية سوف تعطى فقط للشركات التي تنتج في اوروبا. حينما طبق الجنرال ديغول سياسة "المائدة الفارغة" سنة 1965، فإنه توصل الى تحقيق سياسة زراعية شاملة، ودفع اوروبا الى الامام"، اضاف ساركوزي.

لقد تسبب ديغول بأزمة في السوق الاوروبية المشتركة المتشكلة حديثا سنة 1965، حينما قام بسحب المندوب الفرنسي اثناء الجدال حول تمويل الاقتصاد الزراعي وبقيت المنظمة متعطلة عدة اشهر لحين التوصل الى ما سمي تسوية لوكسمبورغ، التي اعطت وزنا اكبر للسيادة الوطنية لدى التصويت على القضايا المختلف عليها.

ويقول موظفو الاتحاد الاوروبي انهم يأملون ان لا يكون موقف ساركوزي اكثر من اقوال انتخابية، ولكنه كرر مرة اخرى وعده بأن فرنسا يمكن ان تنسحب من "منطقة شينغين" اذا لم يتم تشديد الرقابة على الحدود".

وقال "يوجد 120 كلم بين اليونان وتركيا، وهي غير محمية. ومن حقي ان اطلب ما هي العقوبات في هذه الحالة". وأضاف "انني اعطي مدة سنة لتغيير هذه الوضعية. والا فإنني سأوقف مشاركتنا في اتفاقية شينغين".

وفي الوقت ذاته اعلنت مارين لوبين، زعيمة اليمين المتطرف، ان بنك الاستثمار الاميركي "غولدمان ساكس" " يسقط الحكومات في كل انحاء العالم"، اما اليورو فهو "وبال" في بلدانه الخاصة.

وفي استطلاع للرأي العام حول الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية القادمة، حلت لوبان في المرتبة الرابعة بعد الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي، ومرشح الاشتراكيين فرانسوا اولاند، ومرشح اقصى اليسار جان ـ لوك ميشالون.

ومن جهة اخرى، وفي تصريح الى المجلة الالمانية "دير شبيغل" ادلى به وزير المالية اليونانية السابق الاشتراكي ايفانغيلوس فينيزيلوس قال "ان المانيا تستفيد من الازمة اليونانية". وكان فينيزيلوس قد قدم استقالته من الوزارة في اذار/مارس الماضي واصبح رئيس الحزب الاشتراكي "باسوك" الذي يشارك في الحكومة اليونانية الائتلافية الحالية.

ويذكر انه يوجد خلافات بين اليونان والمانيا حول برنامج القروض التي تقدم لاثينا. والمانيا هي المانح الرئيسي في سلتي المساعدات من قبل الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي التي تقدم لليونان، والتي تبلغ اجمالا مقدار 240 مليار يورو.

أوروبا تترنح أمام الأزمة المالية

وقال فينيزيلوس "ان وزير المالية الالماني يحصل عمليا على قرض بدون فائدة، ولكنه اخيرا يقدمه لنا مقابل فائدة محددة". وبحسب قوله فبهذه الطريقة ربحت المانيا حوالى 400 مليون يورو في السنتين الاخيرتين.

ان الميول المعادية لالمانيا اصبحت منتشرة جداً في اليونان، وغالبا ما تستخدم في الصراعات السياسية الداخلية عشية الانتخابات النيابية المبكرة التي ستجري في شهر ايار/مايو المقبل، كما تقول "دير شبيغل".

وفي ايطاليا يتزايد حجم الفضيحة التي تعرضت لها "رابطة الشمال" اليمينية المتطرفة. وقد اجبرت الاتهامات بالفساد رئيس الرابطة اومبرتو بوسي على تقديم استقالته يوم الجمعة الفائت. ويوم السبت رد بوسي على الضربة، باتهام روما الرسمية بتنظيم الخبطة.

وبهذه الفضيحة تحولت رابطة الشمال من مدافع عن النظام والاخلاق الى ضحية لفضيحة الاستخدام غير القانوني للاموال الحزبية. وعلم، من المكالمات التليفونية المسجلة، ان مسؤول المحاسبة للحزب كان يقتطع مبالغ من الاموال الحزبية لاجل الفائدة الشخصية لعائلة رئيس الحزب اومبيرتو بوسي.

وقد اتهم بوسي روما الرسمية بأنها نظمت له هذا الفخ لإضعاف النفوذ الانتخابي للرابطة. ولهذا اعتقد ـ يعلق بوسي ـ ان الشمال ينبغي ان يفكر مليا بامكانية ان يقول للجزء الاخر من ايطاليا "اذهبوا الى الجحيم".

وفي الوقت ذاته عمدت روما الى حل ثلاثة مجالس بلدية نظرا للشكوك بارتباطها بالمافيا.

*كاتب لبناني مستقل
2012-04-10