ارشيف من :أخبار لبنانية
تحرير الأسرى والشهداء في أجواء الذكرى الثانية للنصر الإلهي: دلالات ومؤشرات تؤكد صوابية خيارات المقاومة وقراراتها
كتب محمد الحسيني
ساعات ليست في حساب العقل ومراحل الانتظار، بل هي ساعات في حساب التاريخ، وتطل قوافل المنتصرين وفوقها رايات النصر وأعلام الحرية، وتعود أعراس البهجة بحلاوة الظفر بعد أعوام من مرارة الصبر، وطيف قائد الانتصارين يظلل الزمان والمكان، ليكتب دمه نصراً ثالثاً مبللاً بدموع الفرح بالعودة، ومرموقاً بنظرات الفخر والعزة من عيون الصامدين الواثقين بعهد لن يكون فيه سوى الانتصارات بعد ردح من سيل هزائم.
ولن يكون تموز 2008 سوى محطة أخرى من حقبة بين تموزين، سبق أن شهدا فصول دحر المحتل وازدانا بألوان الحرية، ولتقترن ذكرى النصر الإلهي بتسديد جديد عنوانه تحرير الأسرى من المقاومين وعلى رأسهم عميدهم سمير القنطار، وقوافل مواكب الشهادة الحمراء تخط من الناقورة إلى بيروت مساراً طالما كان مزروعاً بشوك الاحتلال، فبات مع نجيع المقاومين مواسم خضراء وينابيع واحات.
ثلاثة وثلاثون يوماً من المقاومة في تموز 2006 اختصرت المواجهة الشاملة بكل أوجهها وتأثيراتها، السياسية منها والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وجرّت انعكاسات مادية ومعنوية تحوّلت إلى عناوين هجمة شنها القريب والبعيد، في الداخل والخارج، وماز الصديق من العدو والحريص من المتهالك والحبيب من البغيض والوفي من الخائن.. وكانت النتيجة أن أقرّ العالم كله بانتصار المقاومة بإرادتها وأدائها، وبهزيمة العدو بعديده وعدته وكل دعمه، وسقوط رهاناته ومشاريع داعميه الشرق أوسطية، فتصبح "المغامرة" معركة الأمة، وتكون "المقامرة" خيار الشعوب، و"الأحلام بهزيمة إسرائيل" أمراً واقعاً وزلزالاً ستبقى هزاته الارتدادية قائمة وفاعلة حتى سقوط الهيكل.
وها نحن اليوم نترقب حدثاً يتجاوز بأهميته حدود "إطلاق سراح" معتقلين، ويتخطى بدلالاته "صفقة تبادل" للأسرى بين حزب الله و"إسرائيل"، فهذا الحدث قد أرخى بثقله على المجتمع الصهيوني بمستوياته وشرائحه السياسية والعسكرية والاجتماعية والإنسانية كافة، وبات معياراً تقاس على أساسه الأرقام والتطورات، ومن أهم المؤشرات على هذه المقولة:
* إثبات صدقية المقاومة الإسلامية بقيادتها ومجاهديها، وتمسكها بالشعارات والمواقف التي أطلقتها وتطلقها في ما يخص التعاطي مع ملف تحرير الأرض المحتلة والأسرى من المقاومين ورفات الشهداء، وعدم المساومة بأي شكل من الأشكال أو الأثمان على دماء الشهداء وعطاءاتهم العظيمة.
* تكريس صوابية الأداء على مستوى المواجهة الميدانية، سواء في استهداف مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلة، أو باعتماد سياسة أسر جنود العدو كأسلوب ناجع يقود إلى تنفيذ عملية تبادل بتفاوض غير مباشر، وهو ما شكّل رداً مباشراً على كل الذين انتقدوا المقاومة حين نفذت عملية "الوعد الصادق" في 12 تموز 2006، وحمّلوها مسؤولية الحرب الإسرائيلية.
* ترسيخ المقاومة خيارا رسميا وشعبيا، وذلك من خلال شبه الإجماع اللبناني على اعتبار إنجاز تحرير الأسرى خطوة كبيرة لمصلحة لبنان، بدءاً من رأس الهرم في الدولة وصولاً إلى الجمعيات والأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية، الموالية منها والمعارضة.
* تبلور مبدأ المقاومة، سواء من حيث المبدأ أو من حيث التطبيق، وسيلةً مشروعة معترفا بها دولياً، وذلك من خلال الاهتمام المباشر والمتابعة الحثيثة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإتمام عملية التبادل، وكذلك من خلال إذعان العدو لشروط المقاومة في عمليات التفاوض لإنجاز عملية التبادل، فضلاً عن إشراك أكثر من طرف دولي في هذا الشأن.
* تأكيد المقاومة لمعادلة الشراكة في القرار الوطني والحرص على استقلال البلاد من أي وصاية خارجية، والانفتاح على كل التيارات والأحزاب اللبنانية، وذلك من خلال الدعوة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير حول عملية التبادل، والتي شدد خلالها على اعتبار إنجاز التبادل عرساً وطنياً جامعاً، ومناسبة تحتّم ضرورة فتح صفحة جديدة والاستعداد للتلاقي من جديد تحت أي عنوان وضمن أي إطار، وصولاً للمّ الشمل.
إذاً بعد قليل من الساعات سيأتي الكون كله ليسمع سماحة السيد مرة أخرى كما سمعه قبل عامين، والخطاب هو نفسه، أكان تحت النار أو كان في مشهد الانتصار.. ليشهد أننا "قوم لا نترك أسرانا في السجون"، وأننا "قوم إذا قلنا فعلنا"، وكما "وعدنا وفينا".. فالأسرى من المقاومين ورفات الشهداء قادمون إلى الحرية، لتكون القاعدة من جديد: "كما وعدتكم بالنصر دائماً، أعدكم بالنصر مجدداً".
الانتقاد/ العدد1281 ـ 15 تموز، يوليو 2008
ساعات ليست في حساب العقل ومراحل الانتظار، بل هي ساعات في حساب التاريخ، وتطل قوافل المنتصرين وفوقها رايات النصر وأعلام الحرية، وتعود أعراس البهجة بحلاوة الظفر بعد أعوام من مرارة الصبر، وطيف قائد الانتصارين يظلل الزمان والمكان، ليكتب دمه نصراً ثالثاً مبللاً بدموع الفرح بالعودة، ومرموقاً بنظرات الفخر والعزة من عيون الصامدين الواثقين بعهد لن يكون فيه سوى الانتصارات بعد ردح من سيل هزائم.
ولن يكون تموز 2008 سوى محطة أخرى من حقبة بين تموزين، سبق أن شهدا فصول دحر المحتل وازدانا بألوان الحرية، ولتقترن ذكرى النصر الإلهي بتسديد جديد عنوانه تحرير الأسرى من المقاومين وعلى رأسهم عميدهم سمير القنطار، وقوافل مواكب الشهادة الحمراء تخط من الناقورة إلى بيروت مساراً طالما كان مزروعاً بشوك الاحتلال، فبات مع نجيع المقاومين مواسم خضراء وينابيع واحات.
ثلاثة وثلاثون يوماً من المقاومة في تموز 2006 اختصرت المواجهة الشاملة بكل أوجهها وتأثيراتها، السياسية منها والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وجرّت انعكاسات مادية ومعنوية تحوّلت إلى عناوين هجمة شنها القريب والبعيد، في الداخل والخارج، وماز الصديق من العدو والحريص من المتهالك والحبيب من البغيض والوفي من الخائن.. وكانت النتيجة أن أقرّ العالم كله بانتصار المقاومة بإرادتها وأدائها، وبهزيمة العدو بعديده وعدته وكل دعمه، وسقوط رهاناته ومشاريع داعميه الشرق أوسطية، فتصبح "المغامرة" معركة الأمة، وتكون "المقامرة" خيار الشعوب، و"الأحلام بهزيمة إسرائيل" أمراً واقعاً وزلزالاً ستبقى هزاته الارتدادية قائمة وفاعلة حتى سقوط الهيكل.
وها نحن اليوم نترقب حدثاً يتجاوز بأهميته حدود "إطلاق سراح" معتقلين، ويتخطى بدلالاته "صفقة تبادل" للأسرى بين حزب الله و"إسرائيل"، فهذا الحدث قد أرخى بثقله على المجتمع الصهيوني بمستوياته وشرائحه السياسية والعسكرية والاجتماعية والإنسانية كافة، وبات معياراً تقاس على أساسه الأرقام والتطورات، ومن أهم المؤشرات على هذه المقولة:
* إثبات صدقية المقاومة الإسلامية بقيادتها ومجاهديها، وتمسكها بالشعارات والمواقف التي أطلقتها وتطلقها في ما يخص التعاطي مع ملف تحرير الأرض المحتلة والأسرى من المقاومين ورفات الشهداء، وعدم المساومة بأي شكل من الأشكال أو الأثمان على دماء الشهداء وعطاءاتهم العظيمة.
* تكريس صوابية الأداء على مستوى المواجهة الميدانية، سواء في استهداف مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلة، أو باعتماد سياسة أسر جنود العدو كأسلوب ناجع يقود إلى تنفيذ عملية تبادل بتفاوض غير مباشر، وهو ما شكّل رداً مباشراً على كل الذين انتقدوا المقاومة حين نفذت عملية "الوعد الصادق" في 12 تموز 2006، وحمّلوها مسؤولية الحرب الإسرائيلية.
* ترسيخ المقاومة خيارا رسميا وشعبيا، وذلك من خلال شبه الإجماع اللبناني على اعتبار إنجاز تحرير الأسرى خطوة كبيرة لمصلحة لبنان، بدءاً من رأس الهرم في الدولة وصولاً إلى الجمعيات والأحزاب والتيارات والشخصيات السياسية، الموالية منها والمعارضة.
* تبلور مبدأ المقاومة، سواء من حيث المبدأ أو من حيث التطبيق، وسيلةً مشروعة معترفا بها دولياً، وذلك من خلال الاهتمام المباشر والمتابعة الحثيثة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإتمام عملية التبادل، وكذلك من خلال إذعان العدو لشروط المقاومة في عمليات التفاوض لإنجاز عملية التبادل، فضلاً عن إشراك أكثر من طرف دولي في هذا الشأن.
* تأكيد المقاومة لمعادلة الشراكة في القرار الوطني والحرص على استقلال البلاد من أي وصاية خارجية، والانفتاح على كل التيارات والأحزاب اللبنانية، وذلك من خلال الدعوة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحافي الأخير حول عملية التبادل، والتي شدد خلالها على اعتبار إنجاز التبادل عرساً وطنياً جامعاً، ومناسبة تحتّم ضرورة فتح صفحة جديدة والاستعداد للتلاقي من جديد تحت أي عنوان وضمن أي إطار، وصولاً للمّ الشمل.
إذاً بعد قليل من الساعات سيأتي الكون كله ليسمع سماحة السيد مرة أخرى كما سمعه قبل عامين، والخطاب هو نفسه، أكان تحت النار أو كان في مشهد الانتصار.. ليشهد أننا "قوم لا نترك أسرانا في السجون"، وأننا "قوم إذا قلنا فعلنا"، وكما "وعدنا وفينا".. فالأسرى من المقاومين ورفات الشهداء قادمون إلى الحرية، لتكون القاعدة من جديد: "كما وعدتكم بالنصر دائماً، أعدكم بالنصر مجدداً".
الانتقاد/ العدد1281 ـ 15 تموز، يوليو 2008