ارشيف من :آراء وتحليلات
المالكي في طهران ... دفع مسيرة العلاقات بالثنائية
بغداد ـ عادل الجبوري
من المفترض أن يبدأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاحد المقبل زيارة رسمية الى الجمهورية الإسلامية الايرانية بناء على دعوة رسمية من طهران.
لم تتحدث الجهات الرسمية التي اعلنت نبأ الزيارة عن أية تفاصيل لبرنامجها أو جدول الأعمال التي ستتضمنه، أو طبيعة وحجم الوفد الذي سيرافق المالكي الى طهران، ولكن القراءة الأولية للزيارة يمكن ان تستند من جانب على تسريبات من هنا وهناك، وتستند من جانب اخر على المعطيات والحقائق والتفاعلات القائمة على أرض الواقع بأبعادها الداخلية والاقليمية، وحتى الدولية، وقد تلتقي التسريبات مع المعطيات والحقائق والتفاعلات، وهذا امر طبيعي لأن اية تسريبات لا يمكن أن تأتي من فراغ الا اذا كانت ملفقة وغير ذات صلة بالواقع.
وبحسب التسريبات ـ كمدخل لرسم صورة ووضع تصور إجمالي لآفاق الزيارة ونتائجها ـ سيتوجه المالكي الى طهران على رأس وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء بينهم وزراء الخارجية والداخلية والنفط والكهرباء والإسكان والإعمار والهجرة والمهجرين والبلديات، الى جانب مسؤولين كبار يمسكون بمفاصل مهمة في الدولة مثل رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، ومجموعة من رجال المال والاعمال والمستثمرين، وكذلك بعض نواب البرلمان.
ربما لا تكون مثل هذه التسريبات دقيقة بالكامل، إلا أنها في الاطار العام لا تخرج عن الصواب بنسبة كبيرة، ولأن توقيت دعوة طهران لرئيس الوزراء العراقي جاء في خضم مخاضات وتحولات على أكثر من صعيد ، فإنه من الطبيعي جدا أن تحظى بأهمية كبيرة في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى نطاق أوسع في ما يتعلق بصياغة وبلورة المواقف والتوجهات حيال عدة قضايا اقليمية تعني بغداد وطهران على السواء.
وبعيدا عن الاستغراق في أهمية العلاقات العراقية الايرانية وطبيعتها وخصوصياتها والتحولات الايجابية التي شهدتها بعد الاطاحة بنظام صدام منذ تسعة اعوام، مقارنة بعلاقات العراق مع اطراف اقليمية اخرى، فإن اوساطا سياسية مختلفة ترى ان زيارة المالكي المرتقبة من شأنها ان تدفع مسيرة العلاقات بين الجانبين خطوات الى الامام، وتساهم في تجاوز بعض العقد والاشكاليات التي ينظر اليها البعض على انها حالة طبيعية في ظل مسيرة طويلة حافلة بالحروب والمشاكل والازمات.
على الصعيد الثنائي ستطرح على طاولة البحث والنقاش بين المالكي وكبار صناع القرار السياسي الايراني جملة ملفات سياسية وامنية واقتصادية، تتعلق بترسيم الحدود البرية والبحرية، وتعزيز الاستثمارات الايرانية في العراق، وزيادة حجم التبادلات التجارية بين البلدين، وتطوير مجال السياحة الدينية، وقضية جماعة "خلق" الارهابية.
ولعل كل تلك الملفات حظيت في أوقات سابقة باهتمام كبير، وحصل فيها تقدم ملموس بنسب متفاوتة، لكن يبدو أن هناك إدراكا من بغداد وطهران لضرورة تسريع وتيرة فك العقد القائمة، والتغلب على المصاعب والعقبات الموجودة، لا سيما وان انتهاء مرحلة الوجود العسكري الاميركي في العراق رسمت أفقا جديداً يشجع الى حد كبير على صياغة واقع جديد، ولعل طهران لمست ملامح ومعالم ذلك الأفق الجديد بحصول خطوات عملية بشأن اغلاق ملف جماعة "خلق" الارهابية.
ومن جانب آخر، تبنى العراق وايران مواقف متقاربة ـ إن لم تكن متطابقة ـ بشأن ملفات إقليمية عديدة كالملف السوري والملف البحريني، في مقابل مواقف مختلفة او متقاطعة لعدد من القوى الاقليمية والدولية، مثل السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا.
وكان العراق واضحا في التعبير عن مواقفه خلال القمة العربية الأخيرة التي اسضافتها بغداد، وهو ما اثار حفيظة الرياض والدوحة بالدرجة الاساس.
ولاشك ان انسجام مواقف بغداد وطهران يعد عاملا مهما واساسيا في تعزيز وتمتين العلاقات الاستراتيجية بينهما، وفق قاعدة القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة والرؤى المتوافقة، وكذلك يعد عاملا مساهما في صياغة معادلات وتوازنات اقليمية لابد منها.
واذا كانت بغداد حريصة الى حد كبير على "تصفير الازمات" وحل ومعالجة كل القضايا العالقة مع طهران ـ وهو مبدأ شدد عليه عدد من كبار الساسة العراقيين في أكثر من مناسبة ـ فإن طهران كانت أكثر الاطراف استعداداً لمد جسور علاقات طيبة وايجابية مع جارها الغربي بعد سقوط نظام صدام، الذي كان احد ابرز عوامل التأزم والقطيعة بين الجانبين طيلة عقدين من الزمن، اي منذ انتصار الثورة الاسلامية الايرانية في ربيع عام 1979، ولعل الحراك الدبلوماسي ـ السياسي بين العاصميتين خلال الاعوام التسعة المنصرمة مثل نقطة وعلامة مميزة في البيئة الاقليمية الحافلة بأزمات وصراعات واحتقانات مزمنة.
يذهب المالكي الى طهران في ظل اجواء مشجعة ومناخات ايجابية، رغم قدر غير قليل من التأزم والاحتقان السياسي الداخلي، الذي ربما يعول على دعم ومساندة طهران له لتعزيز مواقفه ومواقعه والتخفيف من حدة الضغوط الموجهة اليه، في وقت يتحرك بعض غرمائه وخصومه بأتجاهات اخرى نحو انقرة والرياض والدوحة وغيرها، وطبيعي ان الايرانيين قادرون بحكم علاقاتهم المتوازنة مع قوى سياسية عراقية عديدة على تخفيف حدة الاحتقانات والصراعات، وربما تقريب وجهات النظر فيما بينها.
من المفترض أن يبدأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاحد المقبل زيارة رسمية الى الجمهورية الإسلامية الايرانية بناء على دعوة رسمية من طهران.
لم تتحدث الجهات الرسمية التي اعلنت نبأ الزيارة عن أية تفاصيل لبرنامجها أو جدول الأعمال التي ستتضمنه، أو طبيعة وحجم الوفد الذي سيرافق المالكي الى طهران، ولكن القراءة الأولية للزيارة يمكن ان تستند من جانب على تسريبات من هنا وهناك، وتستند من جانب اخر على المعطيات والحقائق والتفاعلات القائمة على أرض الواقع بأبعادها الداخلية والاقليمية، وحتى الدولية، وقد تلتقي التسريبات مع المعطيات والحقائق والتفاعلات، وهذا امر طبيعي لأن اية تسريبات لا يمكن أن تأتي من فراغ الا اذا كانت ملفقة وغير ذات صلة بالواقع.
وبحسب التسريبات ـ كمدخل لرسم صورة ووضع تصور إجمالي لآفاق الزيارة ونتائجها ـ سيتوجه المالكي الى طهران على رأس وفد رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء بينهم وزراء الخارجية والداخلية والنفط والكهرباء والإسكان والإعمار والهجرة والمهجرين والبلديات، الى جانب مسؤولين كبار يمسكون بمفاصل مهمة في الدولة مثل رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، ومجموعة من رجال المال والاعمال والمستثمرين، وكذلك بعض نواب البرلمان.
ربما لا تكون مثل هذه التسريبات دقيقة بالكامل، إلا أنها في الاطار العام لا تخرج عن الصواب بنسبة كبيرة، ولأن توقيت دعوة طهران لرئيس الوزراء العراقي جاء في خضم مخاضات وتحولات على أكثر من صعيد ، فإنه من الطبيعي جدا أن تحظى بأهمية كبيرة في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين، وعلى نطاق أوسع في ما يتعلق بصياغة وبلورة المواقف والتوجهات حيال عدة قضايا اقليمية تعني بغداد وطهران على السواء.
وبعيدا عن الاستغراق في أهمية العلاقات العراقية الايرانية وطبيعتها وخصوصياتها والتحولات الايجابية التي شهدتها بعد الاطاحة بنظام صدام منذ تسعة اعوام، مقارنة بعلاقات العراق مع اطراف اقليمية اخرى، فإن اوساطا سياسية مختلفة ترى ان زيارة المالكي المرتقبة من شأنها ان تدفع مسيرة العلاقات بين الجانبين خطوات الى الامام، وتساهم في تجاوز بعض العقد والاشكاليات التي ينظر اليها البعض على انها حالة طبيعية في ظل مسيرة طويلة حافلة بالحروب والمشاكل والازمات.
على الصعيد الثنائي ستطرح على طاولة البحث والنقاش بين المالكي وكبار صناع القرار السياسي الايراني جملة ملفات سياسية وامنية واقتصادية، تتعلق بترسيم الحدود البرية والبحرية، وتعزيز الاستثمارات الايرانية في العراق، وزيادة حجم التبادلات التجارية بين البلدين، وتطوير مجال السياحة الدينية، وقضية جماعة "خلق" الارهابية.
ولعل كل تلك الملفات حظيت في أوقات سابقة باهتمام كبير، وحصل فيها تقدم ملموس بنسب متفاوتة، لكن يبدو أن هناك إدراكا من بغداد وطهران لضرورة تسريع وتيرة فك العقد القائمة، والتغلب على المصاعب والعقبات الموجودة، لا سيما وان انتهاء مرحلة الوجود العسكري الاميركي في العراق رسمت أفقا جديداً يشجع الى حد كبير على صياغة واقع جديد، ولعل طهران لمست ملامح ومعالم ذلك الأفق الجديد بحصول خطوات عملية بشأن اغلاق ملف جماعة "خلق" الارهابية.
ومن جانب آخر، تبنى العراق وايران مواقف متقاربة ـ إن لم تكن متطابقة ـ بشأن ملفات إقليمية عديدة كالملف السوري والملف البحريني، في مقابل مواقف مختلفة او متقاطعة لعدد من القوى الاقليمية والدولية، مثل السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا.
وكان العراق واضحا في التعبير عن مواقفه خلال القمة العربية الأخيرة التي اسضافتها بغداد، وهو ما اثار حفيظة الرياض والدوحة بالدرجة الاساس.
ولاشك ان انسجام مواقف بغداد وطهران يعد عاملا مهما واساسيا في تعزيز وتمتين العلاقات الاستراتيجية بينهما، وفق قاعدة القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة والرؤى المتوافقة، وكذلك يعد عاملا مساهما في صياغة معادلات وتوازنات اقليمية لابد منها.
واذا كانت بغداد حريصة الى حد كبير على "تصفير الازمات" وحل ومعالجة كل القضايا العالقة مع طهران ـ وهو مبدأ شدد عليه عدد من كبار الساسة العراقيين في أكثر من مناسبة ـ فإن طهران كانت أكثر الاطراف استعداداً لمد جسور علاقات طيبة وايجابية مع جارها الغربي بعد سقوط نظام صدام، الذي كان احد ابرز عوامل التأزم والقطيعة بين الجانبين طيلة عقدين من الزمن، اي منذ انتصار الثورة الاسلامية الايرانية في ربيع عام 1979، ولعل الحراك الدبلوماسي ـ السياسي بين العاصميتين خلال الاعوام التسعة المنصرمة مثل نقطة وعلامة مميزة في البيئة الاقليمية الحافلة بأزمات وصراعات واحتقانات مزمنة.
يذهب المالكي الى طهران في ظل اجواء مشجعة ومناخات ايجابية، رغم قدر غير قليل من التأزم والاحتقان السياسي الداخلي، الذي ربما يعول على دعم ومساندة طهران له لتعزيز مواقفه ومواقعه والتخفيف من حدة الضغوط الموجهة اليه، في وقت يتحرك بعض غرمائه وخصومه بأتجاهات اخرى نحو انقرة والرياض والدوحة وغيرها، وطبيعي ان الايرانيين قادرون بحكم علاقاتهم المتوازنة مع قوى سياسية عراقية عديدة على تخفيف حدة الاحتقانات والصراعات، وربما تقريب وجهات النظر فيما بينها.