ارشيف من :آراء وتحليلات

الازمة العراقية تتجه نحو الحافات الخطرة

الازمة العراقية تتجه نحو الحافات الخطرة
بغداد ـ عادل الجبوري

يشير إيقاع التوجهات والمواقف السياسية للكتل والشخصيات المختلفة في المشهد العراقي إلى ان "الازمة المزمنة" تنحو منحى خطيراً، وتتجه بوتيرة متسارعة الى الحافات الخطيرة، وهي اذا لم تدفع الجميع نحو الهاوية، فإنها ستعقد الامور وتجعل أي تفكير بحلول ومخارج واقعية وحقيقية لها ضرباً من الخيال.

ربما يبدو ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بجانب، والاكراد وقوى رئيسية من "التحالف الوطني" المؤلف من "دولة القانون" و"الائتلاف الوطني" و"القائمة العراقية" بجانب آخر.

وقد تكون هناك خلافات في بعض المسائل التفصيلية كما هو الحال بين "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال الطالباني، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، وكما هو الحال مع كتل وشخصيات من "القائمة العراقية"، أو من عموم المكون السني، وكما هو الحال بين بعض مكونات "التحالف الوطني"، ولكن في الاطار العام للصورة يرى ويلمس المتابع سواء عن كثب ام من بعيد ان المالكي وائتلافه "دولة القانون" يقفان أمام توجه سياسي تمثله عدة عناوين سياسية يراد منها كسر الجمود ووضع حد لحالة الدوران المتواصل في حلقة مفرغة.

زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أمهل رئيس الوزراء مدة اسبوعين لتنفيذ "اتفاقية أربيل"، والا فإنه سيواجه خيار سحب الثقة منه. وكان الصدر قد بعث برسالة الى رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري تتضمن سقفاً زمنياً مدته اسبوعان لتنفيذ "اتفاقية اربيل"، يتم بعدها سحب الثقة من المالكي.

وكان عضو التحالف الكردستاني شوان محمد طه قد اشار الى "ان رسالة الصدر إنما هي جزء مما تم الاتفاق عليه في اجتماع اربيل الاخير" الذي شارك فيه الى جانب مقتدى الصدر، جلال الطالباني ومسعود البارزاني وإياد علاوي واسامة النجيفي.

وفيما بعد قال الصدر في رده على سؤال لأحد اتباعه عن حقيقة ان ذهابه الى اربيل هو اضعاف للتشيع "اوجه للاخ المالكي الذي جعل من حفظ التشيع هدفاً له، ان حفظ التشيع لا يكون الا بحفظ العراق، وحفظ العراق لا يكون الا بحفظ أطيافه، لا بحفظ اطراف حكومته".

اما "كتلة المواطن" التابعة للمجلس الأعلى الاسلامي (21 مقعداً في مجلس النواب) فقد اعتبرت ان ورقة الإصلاح التي تقدم بها التيار الصدري في اجتماع اربيل الأخير بمثابة التصحيح للاوضاع بعد ان انحرفت العملية السياسية الى اتجاهات خطيرة.

الازمة العراقية تتجه نحو الحافات الخطرة

وفي هذا الصدد يشير النائب فرات الشرع الى "ان ورقة الاصلاح ليست التفافات او تكتلات جديدة، بل انها شخصت الأخطاء الموجودة داخل العملية السياسية خصوصاً تلك الارتباكات التي حصلت مؤخراً داخل التحالف".

ويرى المتحدث باسم المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيخ حميد معله الساعدي الذي زار ضمن وفد من المجلس الأعلى الهيئة السياسية للتيار الصدري قبل عدة ايام "انه لا بد ان تكون هناك آليات لتنفيذ ورقة الاصلاح".

ومع أن اطرافاً من التحالف الوطني لم تفصح عن مواقف واضحة لها حيال تفاعلات الأزمة السياسية، مثل "كتلة الفضيلة" و"حزب المؤتمر الوطني"، الا انها على ما يبدو لها تحفظاتها واعتراضاتها ومؤاخذاتها، وتنقل مصادر مقربة من اجواء اجتماعات التحالف الوطني جانباً من طبيعة النقاشات المحتدمة بين مكوناته.

والاكراد الى جانب القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي آثروا تأجيل اجتماع ثان للقادة السياسيين دعا اليه رئيس إقليم كردستان، وكان مقرراً عقده يوم الاثنين الماضي، بانتظار ما تسفر عنه مهلة الصدر للمالكي من نتائج ومعطيات على الارض.

وبينما تتبلور وتنضج اكثر فأكثر فكرة سحب الثقة من الحكومة، وهذا ما يمكن ان يشخصه المراقب لمسارات وتفاعلات "الازمة المزمنة"، يرى "ائتلاف دولة القانون" ان هذا الخيار مستبعد في هذه المرحلة الى حد كبير، وبهذا الصدد يشير النائب عن دولة القانون احسان العوادي الى انه "ليس هناك امكانية واقعية لسحب الثقة من المالكي، وان ما يجري الحديث عنه هو مجرد تمنيات لبعض الكتل" وانه والكلام للعوادي "في اسوأ الاحتمالات، وحتى لو سحبت الثقة، فإن المالكي سيبقى رئيس حكومة تصريف اعمال للفترة المتبقية، وذلك لصعوبة التوافق على تشكيل حكومة بديلة أو حتى اجراء انتخابات مبكرة لأن كل شيء غير جاهز، بما في ذلك المفوضية العليا المستقلة للانتخابات".

وكان القيادي في حزب الدعوة الاسلامية وعضو "ائتلاف دولة القانون" حسن السنيد قد اعتبر في تصريحات صحفية قبل أيام قلائل ان الخيار الأفضل يتمثل بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وبدت هذه الدعوة من السنيد غريبة، وخارج سياق المواقف المألوفة لـ"دولة القانون" عموماً وحزب الدعوة على وجه الخصوص، وهي على الأرجح لم تكن زلة لسان بقدر ما جاءت ضمن التكتيكات لامتصاص ردود الافعال الحادة والمتصاعدة ضد حكومة المالكي وحزب الدعوة.

من الواضح جداً ان كل الخيارات المطروحة صعبة للغاية وكل منها يصطدم بجملة معوقات وعراقيل سياسية وفنية، وان الذين يسعون الى سحب الثقة عن المالكي او اجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ربما يفتقرون حتى الآن الى تصورات ورؤى توافقية حول التفاصيل والجزئيات، في ذات الوقت فإن المالكي لم يطرح ما هو مقنع ومقبول لحلحلة -او حل- الازمة، وانه وائتلافه البرلماني وحزبه يراهنون على عدم توافق الخصوم، وهذه مراهنة قد تكون مجدية على المدى القريب، بيد انها ليست كذلك على المدى البعيد.

 
2012-05-08