ارشيف من :آراء وتحليلات

برنامج العمل الجديد للرئيس مدفيدييف

برنامج العمل الجديد للرئيس مدفيدييف
صوفيا ـ جورج حداد*

عشية تسلم فلاديمير بوتين مركز الرئاسة الأولى في روسيا من سلفه ديمتريي ميدفيديف، وترجيح تسلم مدفيدييف مركز رئاسة الوزراء، ألقى الاخير كلمة لخص فيها نتائج السنوات الأربع من رئاسته واقترح على الرأي العام سبعة مقاييس لفعالية أجهزة الدولة، التي في رأيه ينبغي ان يقيّم بموجبها نشاط الحكومة القادمة.

في الحياة السياسية لروسيا، اصبح هناك منذ وقت غير قليل سبعة أشكال محددة للخطابات التي يلقيها رئيس الدولة، وتعتبر بمثابة برامج عمل. وأهم هذه الاشكال الرسالة السنوية التي يوجهها الرئيس الى المجلس الفيديرالي، والتي يحدد فيها أولويات نهج الدولة في الافق القريب والمتوسط. وغالباً ما يدلي الرئيس بتصريحات تتعلق بأهداف الميزانية وبأقوال في مختلف الندوات تتعلق بالاحداث الدولية الخاضعة للنقاش.

وفي الوقت الراهن بدأ يؤخذ بالاعتبار شكل جديد لتصريحات رئيس الدولة، يتعلق برأيه في الايديولوجية الخاصة بالبلاد. في سنة 2008، وفي نهاية عهده في الفترة السابقة، نظم فلاديمير بوتين في الكرملين اجتماعاً موسعاً لمجلس الدولة، قدم فيه تعميماً لنتائج إدارته واعلن عن استراتيجية تطور روسيا حتى سنة 2020. وقد عمد مدفيدييف، الذي وجد نفسه في وضعية مشابهة، الى الدعوة لعقد اجتماع موسع لمجلس الدولة في قاعة الاجتماعات في قصر الكرملين الكبير.

ومثل هذا الاجتماع هو غير اعتيادي، لأنه لا تسمع فيه تقارير لمجموعات العمل او للوزراء، او كلمات لمحافظي الاقاليم. وقد استمعت القاعة الممتلئة بالمدعويين الى كلمة لشخص واحد هو رئيس الجمهورية المنتهية ولايته (مدفيدييف). وقد احتاج الرئيس لحوالى الساعة كي يتحدث عن النتائج المحققة في عهده، وعما يتوقع القيام به في البلاد في المستقبل المنظور. وتنبغي الملاحظة انه خلافاً لسلفه وخلفه بوتين، فإن الرئيس مدفيدييف، في استشرافه للمستقبل، فإنه لم ينظر الى الآفاق البعيدة لعشر سنوات وما بعدها. واكتفى بأن يطرح قضايا واهدافاً للسنوات الـ 5 ـ 6 القادمة، دون ان يستبعد انه بصفته رئيس الوزراء القادم سيتحمل القسط الاكبر من المسؤولية عن تحقيق تلك الاهداف. والرئيس ميدفيدييف المرجح ان يشغل منصب رئيس الوزراء، اذا لم يحدث شيء استثنائي، وضع بنفسه سبع قضايا، اقترح على الجمهور ان يتم بموجبها محاسبة وتقييم فعالية نشاط أجهزة سلطة الدولة:

اولاً: بعد ست سنوات فإن متوسط الحياة في روسيا الاتحادية ينبغي ان يرتفع على الاقل اربع سنوات. واعرب مدفيدييف عن الثقة بأنه قريباً سيصل متوسط عمر الانسان في روسيا الى 75 سنة.

ثانياً: بعد 5 سنوات فإن شريحة العائلات الفقيرة ذات الدخل الأقل من الحد الأدنى للمعيشة ينبغي ان تتقلص بشكل ثابت الى اقل من 10%.

ثالثاً: في الترتيب العالمي لتوفير الظروف المريحة لممارسة البيزنيس فإن روسيا ينبغي ان تتقدم في السنوات القريبة من المرتبة 120 الى المرتبة 40، باتجاه ان تدخل في سنة 2020 في عداد الدول الـ20 الاولى على هذا الصعيد.

رابعاً: ينبغي ان تنشأ في روسيا 25 مليون وظيفة عمل ذات مستوى تكنولوجي عال، تحل محل وظائف العمل منخفضة الانتاجية. والى جانب ذلك فإن البطالة ينبغي ان تنخفض الى ادنى حد ممكن، لا اكثر من 5%، اما انتاجية العمل فينبغي ان تزداد 1,5 ـ 2 مرتين.

خامساً: لا اقل من خمس جامعات روسية ينبغي ان تدخل في عداد المائة جامعة الاولى في العالم، وهذا يعني رفع مستوى التعليم الروسي بشكل عام.

برنامج العمل الجديد للرئيس مدفيدييف

سادساً: غالبية العائلات الروسية ينبغي ان تصبح قادرة على تحسين ظروف سكنها مرة كل 15 سنة.

وأخيراً الهدف السابع: وهو ان روسيا الفيدرالية ينبغي أن تدخل في عداد الدول العشر الأولى في مستوى ادخال التكنولوجيا الالكترونية في جميع الحقول.

وتوجه مدفيدييف نحو الحضور بالقول: اذا عملنا بشكل فعال، مكشوف، وكفريق موحد، فإن جميع هذه الاهداف سيتم التوصل اليها.

وتناول الرئيس مسألة عدم المساواة في الحصول على التعليم النوعي. وعبر عن الفكرة الصحيحة تماماً وهي ان التعليم هو الحارس الافضل للحرية، اكثر مما هو الجيش. ان الاعداء الرئيسيين "لحريتنا" هم معروفون تماماً وهم الرشوة، والفقر، والتخلف الاقتصادي.

ومن ضمن الانجازات التي حققتها روسيا واشار اليها مدفيدييف التغلب على الموجة الاولى من الازمة العالمية. وقال انه حتى مع هذه الموجة، فإن مستوى الفقر بلغ ادنى حد له، وغالبية المؤشرات الاقتصادية عادت الى مستواها ما قبل الازمة.
*كاتب لبناني مستقل
2012-05-08