ارشيف من :آراء وتحليلات
قمة الثماني الكبار لن تصنع أي أعجوبة
صوفيا ـ جورج حداد*
بدأ انعقاد قمة الثمانية الكبار (الأكثر تطوراً صناعياً في العالم) في ظل الأزمة الاخيرة في منطقة اليورو. وتقول "نيويورك تايمس" ان اوباما وشركاءه ينبغي ان يضغطوا على انجيلا ميركيل كي تأخذ المانيا على عاتقها الشروع في تطبيق مشروع للتنمية. وقد انعقدت القمة في مقر الرئيس الاميركي في كامب دايفيد، في ولاية ميريلاند، تحت علامة ازمة المديونية في منطقة اليورو، حسبما اجمعت وسائل الاعلام العالمية.
وقد اجتمع الرئيس اوباما اولاً على غداء عمل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند، ودار البحث أولاً حول المسائل الاقتصادية، ومن ثم انتقل البحث الى مسألة الدور المستقبلي لفرنسا في القوات الدولية في افغانستان.
ومن اجل التغلب على ازمة المديونية، فإن واشنطن اخذت مؤخراً توصي بانتهاج سياسة تشجيع التنمية. ولكن البيت الابيض اكد انه لن يستغل الاختلافات في مواقف هولاند والمستشارة الالمانية ميركيل التي تدعو الى انتهاج سياسة اجراءات التقشف الصارمة.
ومن المتوقع ان تلح كل من الولايات المتحدة واليابان وكندا على المانيا كي تعمل على تشجيع التنمية في أوروبا، كما تقول اسوشيتد برس. وقد بدأت المانيا تتقبل نهجاً مماثلاً بعد فوز هولاند وسقوط الحكومة الهولندية التي كانت تؤيد التقشف في الميزانية.
ومن بين الاجراءات لتشجيع التنمية، يقترح بعض الاقتصاديين تسهيل القوانين المتعلقة باعمال البيزنيس الصغيرة، وتسهيل الوصول الى اسواق العمل في منطقة اليورو، وتخفيض الحواجز المرفوعة في بعض البلدان لحماية صناعتها.
وقد توصلت المانيا الى التفاهم حول زيادة الاجور في القطاع العام، مما يتوقع ان يشجع المواطنين الالمان على زيادة استهلاك السلع المستوردة من البلدان الاوروبية التي تعاني صعوبات.
ويأمل المحللون من ميركيل، وبدون ان تتخلى عن تأييد اجراءات التقشف، ان تقبل بتبني الاجراءات التي من شأنها تشجيع التنمية.
وتقول ال"نيويورك تايمز" ان مشروع ميركيل حول التقشف يدفع البلدان الواقعة في صعوبات الى الغوص عميقاً في الركود، والى المزيد من العجز في دفع ديونها، وان هذا المشروع آل الى الفشل. ويؤكد معلق الجريدة ان هذه السياسة تساعد على نشر عدم الاستقرار والتطرف في اوروبا.
ولكن بعد اشهر من التصلب وافقت ميركيل على تليين موقفها، حينما قالت ان المانيا تميل الى البحث عن حوافز للتنمية، والشِغالة والتطور في اليونان، ووعدت بأن تعمل مع الرئيس الفرنسي الجديد من اجل وضع برنامج لمساعدة التنمية في اوروبا الواقعة في الركود، حسبما قالت "نيويورك تايمز" التي اضافت مشككة بأقوال ميركيل فيما اذا كانت هذه الاقوال صادقة وتدل على تغيير في موقفها.
وربما كان تصريح ميركيل حول التنمية يعود الى الفشل الانتخابي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي كان حليفاً لميركيل لسنوات في سياسة الاجراءات التقشفية. وكذلك بسبب نمو الفوضى في اليونان، حيث اسقط الناخبون الحكومة في الشهر الجاري، واخيراً بسبب ظهور مخاطر ان تعمد اليونان الى الخروج من منطقة اليورو. وهذا كله ادى الى السحب المكثف للنقود من قبل المودعين في البنوك، وهرب الرساميل.
ومما لا شك فيه ان القسم الاكبر من البلدان الواقعة في الصعوبات، ينبغي ان يخضع للاصلاحات. ويتابع تعليق " نيويورك تايمز" ان اليونان وبلدان اوروبية اخرى عديدة ينبغي ان تعمل على جمع الضرائب، وان تعيد اصلاح اسواق العمل فيها، وان تجعل ميزانياتها نظيفة وشفافة. وهذا ما يسمح باتخاد قرارات فعالة لاجل الاصلاح المالي، وصرف مساعدات سريعة، وتحقيق الانضباط المالي والاصلاحات البنوية. وتنتهي "نيويورك تايمز" الى القول ان كل طرف معني يحتاج الى مخرج، وان على قادة الثمانية الكبار ان يساعدوا على ايجاد هذا المخرج.
اما جريدة "واشنطن بوست" فتقول في تعليق لها ان المانيا تتبنى نهجاً فظاً ـ ناعماً في اجراءات التقشف، يهدف الى التغلب على الركود في اوروبا. وهذا ما يدفع البلدان الواقعة في الصعوبات الى ان تخفض بشكل حاد نفقاتها العامة والى ان تخفض ديونها، بالرغم من انها تعاني الهبوط في اقتصاداتها. في حين، كما تقول الجريدة، ان الولايات المتحدة عمدت الى معالجة الازمة بطريقة اخرى، وهي انها في سنة 2009 قدمت سلة من 862 مليار دولار من المساعدات للمؤسسات الواقعة في صعوبات، مما رفع المديونية الاميركية الى مستويات لا سابق لها بعد الحرب العالمية الثانية، الا ان ذلك اعطى حافزاً للاقتصاد.
ان الحافز الذي يسيّر ميركيل هو الصراع لاجل تخفيض المديونية بأي ثمن، من اجل المحافظة على ثقة المستثمرين. وهذا العامل هو الذي كان في صلب الاجراءات التقشفية في اوروبا، لأن المانيا ذات القوة الصناعية هي التي تدفع الثمن.
ان المناهج المختلفة لمعالجة الازمة اخذت تكتسب قيمتها بسبب اشتداد الازمة من جديد في منطقة اليورو. ولذلك كان موضوع اوروبا هو الغالب على المناقشات في قمة الثمانية الكبار. وكان الرئيس اوباما، الذي تنتظره معركة انتخابية صعبة، يعمل جاهداً على تجنب الصدمة الاقتصادية التي يمكن ان تشكلها احتمالات انهيار منطقة اليورو.
وكان قد سبق انعقاد قمة الثماني النبأ القائل ان المستشارة الالمانية ميركيل قد توصلت الى التفاهم مع الرئيس الفرنسي الجديد، ورئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون، ورئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي حول ان اوروبا تحتاج في الوقت نفسه الى التضامن المالي والتنمية الاقتصادية. وادلى الناطق باسم ميركيل شتيفن زايبرت بتصريح جاء فيه ان القادة الاربعة قد اشتركوا في اجتماع مشترك بواسطة الفيديو شاركهم فيه رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو وان المجتمعين توصلوا الى الاتفاق على تنسيق مواقفهم قبل لقاء قمة الثمانية.
واعلن الناطق انه "تم التوصل الى اتفاق على اعلى مستوى على أن التضامن المالي والتنمية لا يتعارضان، بل هما ضروريان كلاهما معاً".
واشارت "رويتر" إلى أن رئيس الوزراء البريطاني قال إنه ينبغي العمل معاً من اجل منع الازمة الاقتصادية في منطقة اليورو من ان تمتد الى باقي ارجاء العالم، "ينبغي ان نعمل معاً من اجل ان ندافع عن انفسنا حيال الانتشار العالمي للازمة الاقتصادية، وان نعمل لدعم التجارة العالمية"، تلك كانت رسالة دايفيد كاميرون الى قادة الدول الثمانية الكبار.
ان قلة من المحللين يتوقعون ان تخرج قمة الثمانية بنتائج جدية. وحسب غالبية المحللين، فإن غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعلاقات الهشة بين المستشارة ميركيل والرئيس الفرنسي الجديد سوف يؤثران على نتائج القمة التي لا يتوقع ان تكون ذات اهمية. وبغياب بوتين من المشكوك فيه ان يتم التوصل الى تقدم في مسائل شائكة مثل المسألتين الايرانية والسورية، حيث روسيا هي لاعب رئيسي. وقد اعلنت روسيا انها تعارض طرح مسألة ايران وسوريا على جدول اعمال المؤتمر. ونقلت وكالة شينخوا الصينية تصريحاً لـبروس جونز، الخبير في مؤسسة بروكينس، جاء فيه "اننا لا نتوقع نتائج كبيرة" من القمة. واضاف ليس هنا هو المكان المناسب، المكان المناسب هو في اوروبا نفسها.
*كاتب لبناني مستقل
بدأ انعقاد قمة الثمانية الكبار (الأكثر تطوراً صناعياً في العالم) في ظل الأزمة الاخيرة في منطقة اليورو. وتقول "نيويورك تايمس" ان اوباما وشركاءه ينبغي ان يضغطوا على انجيلا ميركيل كي تأخذ المانيا على عاتقها الشروع في تطبيق مشروع للتنمية. وقد انعقدت القمة في مقر الرئيس الاميركي في كامب دايفيد، في ولاية ميريلاند، تحت علامة ازمة المديونية في منطقة اليورو، حسبما اجمعت وسائل الاعلام العالمية.
وقد اجتمع الرئيس اوباما اولاً على غداء عمل في المكتب البيضاوي مع الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند، ودار البحث أولاً حول المسائل الاقتصادية، ومن ثم انتقل البحث الى مسألة الدور المستقبلي لفرنسا في القوات الدولية في افغانستان.
ومن اجل التغلب على ازمة المديونية، فإن واشنطن اخذت مؤخراً توصي بانتهاج سياسة تشجيع التنمية. ولكن البيت الابيض اكد انه لن يستغل الاختلافات في مواقف هولاند والمستشارة الالمانية ميركيل التي تدعو الى انتهاج سياسة اجراءات التقشف الصارمة.
ومن المتوقع ان تلح كل من الولايات المتحدة واليابان وكندا على المانيا كي تعمل على تشجيع التنمية في أوروبا، كما تقول اسوشيتد برس. وقد بدأت المانيا تتقبل نهجاً مماثلاً بعد فوز هولاند وسقوط الحكومة الهولندية التي كانت تؤيد التقشف في الميزانية.
ومن بين الاجراءات لتشجيع التنمية، يقترح بعض الاقتصاديين تسهيل القوانين المتعلقة باعمال البيزنيس الصغيرة، وتسهيل الوصول الى اسواق العمل في منطقة اليورو، وتخفيض الحواجز المرفوعة في بعض البلدان لحماية صناعتها.
وقد توصلت المانيا الى التفاهم حول زيادة الاجور في القطاع العام، مما يتوقع ان يشجع المواطنين الالمان على زيادة استهلاك السلع المستوردة من البلدان الاوروبية التي تعاني صعوبات.
ويأمل المحللون من ميركيل، وبدون ان تتخلى عن تأييد اجراءات التقشف، ان تقبل بتبني الاجراءات التي من شأنها تشجيع التنمية.
وتقول ال"نيويورك تايمز" ان مشروع ميركيل حول التقشف يدفع البلدان الواقعة في صعوبات الى الغوص عميقاً في الركود، والى المزيد من العجز في دفع ديونها، وان هذا المشروع آل الى الفشل. ويؤكد معلق الجريدة ان هذه السياسة تساعد على نشر عدم الاستقرار والتطرف في اوروبا.
ولكن بعد اشهر من التصلب وافقت ميركيل على تليين موقفها، حينما قالت ان المانيا تميل الى البحث عن حوافز للتنمية، والشِغالة والتطور في اليونان، ووعدت بأن تعمل مع الرئيس الفرنسي الجديد من اجل وضع برنامج لمساعدة التنمية في اوروبا الواقعة في الركود، حسبما قالت "نيويورك تايمز" التي اضافت مشككة بأقوال ميركيل فيما اذا كانت هذه الاقوال صادقة وتدل على تغيير في موقفها.
وربما كان تصريح ميركيل حول التنمية يعود الى الفشل الانتخابي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي كان حليفاً لميركيل لسنوات في سياسة الاجراءات التقشفية. وكذلك بسبب نمو الفوضى في اليونان، حيث اسقط الناخبون الحكومة في الشهر الجاري، واخيراً بسبب ظهور مخاطر ان تعمد اليونان الى الخروج من منطقة اليورو. وهذا كله ادى الى السحب المكثف للنقود من قبل المودعين في البنوك، وهرب الرساميل.
ومما لا شك فيه ان القسم الاكبر من البلدان الواقعة في الصعوبات، ينبغي ان يخضع للاصلاحات. ويتابع تعليق " نيويورك تايمز" ان اليونان وبلدان اوروبية اخرى عديدة ينبغي ان تعمل على جمع الضرائب، وان تعيد اصلاح اسواق العمل فيها، وان تجعل ميزانياتها نظيفة وشفافة. وهذا ما يسمح باتخاد قرارات فعالة لاجل الاصلاح المالي، وصرف مساعدات سريعة، وتحقيق الانضباط المالي والاصلاحات البنوية. وتنتهي "نيويورك تايمز" الى القول ان كل طرف معني يحتاج الى مخرج، وان على قادة الثمانية الكبار ان يساعدوا على ايجاد هذا المخرج.
اما جريدة "واشنطن بوست" فتقول في تعليق لها ان المانيا تتبنى نهجاً فظاً ـ ناعماً في اجراءات التقشف، يهدف الى التغلب على الركود في اوروبا. وهذا ما يدفع البلدان الواقعة في الصعوبات الى ان تخفض بشكل حاد نفقاتها العامة والى ان تخفض ديونها، بالرغم من انها تعاني الهبوط في اقتصاداتها. في حين، كما تقول الجريدة، ان الولايات المتحدة عمدت الى معالجة الازمة بطريقة اخرى، وهي انها في سنة 2009 قدمت سلة من 862 مليار دولار من المساعدات للمؤسسات الواقعة في صعوبات، مما رفع المديونية الاميركية الى مستويات لا سابق لها بعد الحرب العالمية الثانية، الا ان ذلك اعطى حافزاً للاقتصاد.
ان الحافز الذي يسيّر ميركيل هو الصراع لاجل تخفيض المديونية بأي ثمن، من اجل المحافظة على ثقة المستثمرين. وهذا العامل هو الذي كان في صلب الاجراءات التقشفية في اوروبا، لأن المانيا ذات القوة الصناعية هي التي تدفع الثمن.
ان المناهج المختلفة لمعالجة الازمة اخذت تكتسب قيمتها بسبب اشتداد الازمة من جديد في منطقة اليورو. ولذلك كان موضوع اوروبا هو الغالب على المناقشات في قمة الثمانية الكبار. وكان الرئيس اوباما، الذي تنتظره معركة انتخابية صعبة، يعمل جاهداً على تجنب الصدمة الاقتصادية التي يمكن ان تشكلها احتمالات انهيار منطقة اليورو.
وكان قد سبق انعقاد قمة الثماني النبأ القائل ان المستشارة الالمانية ميركيل قد توصلت الى التفاهم مع الرئيس الفرنسي الجديد، ورئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون، ورئيس الوزراء الايطالي ماريو مونتي حول ان اوروبا تحتاج في الوقت نفسه الى التضامن المالي والتنمية الاقتصادية. وادلى الناطق باسم ميركيل شتيفن زايبرت بتصريح جاء فيه ان القادة الاربعة قد اشتركوا في اجتماع مشترك بواسطة الفيديو شاركهم فيه رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو وان المجتمعين توصلوا الى الاتفاق على تنسيق مواقفهم قبل لقاء قمة الثمانية.
واعلن الناطق انه "تم التوصل الى اتفاق على اعلى مستوى على أن التضامن المالي والتنمية لا يتعارضان، بل هما ضروريان كلاهما معاً".
واشارت "رويتر" إلى أن رئيس الوزراء البريطاني قال إنه ينبغي العمل معاً من اجل منع الازمة الاقتصادية في منطقة اليورو من ان تمتد الى باقي ارجاء العالم، "ينبغي ان نعمل معاً من اجل ان ندافع عن انفسنا حيال الانتشار العالمي للازمة الاقتصادية، وان نعمل لدعم التجارة العالمية"، تلك كانت رسالة دايفيد كاميرون الى قادة الدول الثمانية الكبار.
ان قلة من المحللين يتوقعون ان تخرج قمة الثمانية بنتائج جدية. وحسب غالبية المحللين، فإن غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعلاقات الهشة بين المستشارة ميركيل والرئيس الفرنسي الجديد سوف يؤثران على نتائج القمة التي لا يتوقع ان تكون ذات اهمية. وبغياب بوتين من المشكوك فيه ان يتم التوصل الى تقدم في مسائل شائكة مثل المسألتين الايرانية والسورية، حيث روسيا هي لاعب رئيسي. وقد اعلنت روسيا انها تعارض طرح مسألة ايران وسوريا على جدول اعمال المؤتمر. ونقلت وكالة شينخوا الصينية تصريحاً لـبروس جونز، الخبير في مؤسسة بروكينس، جاء فيه "اننا لا نتوقع نتائج كبيرة" من القمة. واضاف ليس هنا هو المكان المناسب، المكان المناسب هو في اوروبا نفسها.
*كاتب لبناني مستقل