ارشيف من :آراء وتحليلات
لبنان بين القرارات المتناقضة والتسوية المنتظرة
بثينة عليق
يتبين للمتابع اليومي للأحداث في لبنان أن شريط الخبر العاجل يتجدد عدة مرات يومياً بأنباء جديدة ومختلفة. فبعد إعتقال شادي المولوي، جاء مقتل الشيخين في عكار ثم إشتباكات الطريق الجديدة فإشتباكات كاراكاس وأخرى حدودية ثم خطف اللبنانيين في سوريا والتفجير الذي استهدف الزوار في العراق.
تترافق هذه الأحداث مع تصريحات ومواقف لا تخلو من الخطورة أبرزها قرار الدول الخليجية سحب رعاياها من لبنان ثم تصريح وزير الخارجية الروسي عن الدول التي أخفقت في سوريا وبدأت جهودها في لبنان. ثم بعد ذلك تصدر تصريحات عن وزارة الخارجية الأميركية تحذر من عبور الأزمة الحدود بين البلدين الجارين. أحداث وكلام يزيدان من منسوب القلق يوماً بعد يوم. في بيروت تكثر التساؤلات عن القرار الدولي أو الإقليمي، هل تبدّل من موقع المصرّ على الإستقرار الأمني الى موقع الراغب في إشعال الساحة اللبنانية؟
متابعة دقيقة للتطورات والمواقف تدفع إلى الإستنتاج بأن لبنان بات محكوماً بقرارين متناقضين. الأول غربي أميركي لا يرغب في توسيع رقعة التوتر من سوريا إلى لبنان، والآخر خليجي يعتبر الفوضى في لبنان مدخلاً ضرورياً لمزيد من التصعيد و"الهستيريا" المرتقبة والمعدة للساحة السورية.
الموقف الغربي نابع من الواقعية السياسية الأميركية المدركة لإنعدام الخيارات تجاه الوضع السوري والمتخوفة من الخطر المتزايد لتنظيم القاعدة في بلاد الشام. وهذا ما عكسته زيارتان لمسؤولين أميركيين الى لبنان. إذ تشير المعلومات أن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فلتمان أبلغ من إلتقاهم من فريق 14 آذار خلال زيارته الأخيرة الى بيروت ثلاث نصائح ـ "تعليمات" تنطلق من البراغماتية الأميركية:
- تقبل فكرة بقاء الرئيس الأسد في الحكم في سوريا والتطبع معها،
- عدم السعي الجدي لإسقاط حكومة الرئيس ميقاتي
-الإستعداد للفوز في الإنتخابات النيابية المقبلة وعدا ذلك لن يجدي نفعاً.
أما تعاظم دور القاعدة فقد أظهرت واشنطن قلقها الواضح منه من خلال الزيارة التي قام بها مسؤوؤل كبير في "سي آي ايه" لبيروت منذ أسبوعين. الزائر الأميركي مر في لبنان، حيث كان قادماً من تايلند ومتوجهاً إلى قطر. المحطة البيروتية هدفها إيصال رسالة إلى مسؤول أمني كبير في لبنان مفادها "أن الولايات المتحدة قلقة من دعم قطر للقاهرة".
قناة فضائية تلقّت تعليمات من مصادر عليا في الدولة الراعية لها بإهمال تغطية حدث الإفراج عن المخطوفين لأنه لن يتم |
أما في الساحة اللبنانية فقد عملوا على أكثر من خط. وبعد فشل رهانهم على فريق 14 آذار الذي عجز عن السيطرة على الساحة اللبنانية، لجأت دول الخليج إلى تمويل وتسليح المجموعات السلفية لإيجاد ما يعتقدونه توازناً مع حزب الله، وقد نجحوا نسبياً بعد الأحداث الأخيرة في طرابلس وعكار في فرض هذه المجموعات كلاعب أساسي في الخارطة السياسية والميدانية.
كما دخل الخليجيون على خط أزمة المخطوفين اللبنانيين، وتتحدث المعلومات عن دور أحد أجهزة المخابرات الخليجية في تعطيل عودتهم. وهنا يتحدّث مصدر مطلع عن أن "قناة فضائية فاعلة تلقّت تعليمات من مصادر عليا في الدولة الراعية لها بإهمال تغطية حدث الإفراج عن المخطوفين ليل الجمعة السبت، حيث تلقت القناة تأكيدين بأن الأمر لن يتم".
تؤكد المصادر أن "قضية المخطوفين تحوّلت إلى قضية أمنية سياسية جدية تحاول بعض دول الخليج من خلاها إبتزاز المقاومة وضرب مصداقيتها فيزداد التوتر في لبنان ما يخدم هدفها السوري". وتلفت المصادر نفسها إلى أن "هذا السلوك ينبع من قناعة إحدى الدول الخليجية الصغرى أنه لن يكون لها موقع ومكان في حال حصلت الصفقة الكبرى التي يبدو أنها تأجلت إلى حين موعد الإنتخابات الأميركية لأن الروس يفضلون إنتظار نتائج صناديق الإقتراع الأميركية قبل الشروع بالتسوية المرتقبة".