ارشيف من :آراء وتحليلات
"فرنسوا ھولاند" رئيس فرنسا الجديد ... ما هو جديده في العلاقات مع سوريا ولبنان؟
عاد الحزب الاشتراكي الى الحكم في فرنسا مع فوز فرنسوا ھولاند برئاسة الجمھورية. انتھى ساركوزي وقرر اعتزال الحياة السياسية ... وطويت الحقبة الساركوزية سريعا.
انتھت الانتخابات الرئاسية وتحوّلت الأنظار الى الانتخابات التشريعية التي تجري في حزيران/ يونيو المقبل، حيث سيحاول اليمين من خلالھا الحفاظ على توازن قوى سياسي، والحؤول دون سيطرة كاملة للاشتراكيين واليسار، والعودة الى مرحلة "المساكنة" بين رئيس اشتراكي وحكومة يمينية في حال حيازة اليمين أكثرية نيابية. ولكن مشكلة اليمين أنه يفتقد الى زعامة قوية، ويعاني من تشرذم في صفوفه وضياع في توجهاته.
"فرنسا ھولاند" ستكون منھمكة في ترتيب أوضاعھا الداخلية. الانتخابات النيابية على الأبواب. الأزمة الاقتصادية لا تنتظر... ستكون فرنسا في المرحلة المقبلة منكفئة عن الملفات الخارجية التي ليست أولوية عند ھولاند. وأبرز ما في برنامجه: سحب القوات الفرنسية من أفغانستان بأسرع وقت ممكن، ودعم مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعزيز الروابط والعلاقات مع دول الشرق الأوسط بما فيھا "إسرائيل" التي طالما اھتم الاشتراكيون لأمنھا ومصالحھا...
ماذا بعد سقوط ساركوزي ووصول ھولاند الى الإليزيه؟! أي فرنسا في لبنان وسوريا؟!
الأمر الوحيد الذي سيتغيّر في السياسة الخارجية الفرنسية مع لبنان يتمثل بالعلاقات الشخصية مع المكونات اللبنانية. تميزت العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية في عھد الرئيس جاك شيراك بالحميمية مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، وتمكّن الرئيس نيكولا ساركوزي من نقلھا الى فريق 14 آذار. مع الرئيس هولاند قد لا تعود الحكومة الفرنسية تحمل ھذا الموقف المنحاز بشكل حاد مع فريق ضد آخر. لأن للإشتراكيين اھتمامھم الخاص بمنطق المقاومة، ومن الممكن أن يفتحوا قنوات اتصال ويقوموا بدور تدوير الزوايا، وأن تخف حدة العدائية تجاه حزب الله وفريقه، وأن يھتموا بلعب دور الوسيط أو "الجسر" مع حزب لله علما أنھم يتعاطفون تاريخيا مع "إسرائيل".
وأما بالنسبة الى الأزمة السورية، فإن موقف ھولاند لا يقل تشدداً وسلبية عن موقف ساركوزي حيال النظام السوري. ففي حملته الانتخابية استعمل ھولاند كلمات شديدة اللھجة بالنسبة الى وضع سوريا الى حد قوله إنه لا يمانع بمشاركة فرنسا في عمل عسكري ضد النظام السوري.
لكن بعد سقوط نيكولا ساركوزي، سارع الرئيس السوري بشار الأسد الى دعوة الرئيس الفرنسي الجديد لمراجعة سياسة بلاده والتفكير في مصالحھا، محذرا من أن الفوضى الحالية في سوريا والمنطقة سيكون لھا انعكاسات على أوروبا القريبة من الشرق الأوسط. وھذه التصريحات عكست من جھة ارتياحا الى سقوط ساركوزي ومن جھة أخرى رھانا على ھولاند وعلى دور فرنسي أقل انخراطا في الحرب الدولية المفتوحة ضد النظام السوري وأقل دعما للمعارضة السورية...
في الأشھر الأربعة المقبلة، لن يكون لفرنسا ذاك الموقف المتشدد بحماسة من المسألة السورية، لأن باريس في مرحلة إعداد أوراقھا لكل المواقع الدولية الموجودة فيھا، والى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية سنمر بمرحلة من الترقب لن تتغير فيھا الأمور تغيرا جذريا، لكن في ما بعد، سيكون ھنالك ھامش لدور فرنسي أكثر اعتدالا مما ھو اليوم، ومن المتوقع أن حدة الموقف ستتغير من سوريا.
ولكن ما سيختلف أن فرنسا برئاسة هولاند ستخفف من اندفاعتھا في الملف السوري ولن تتولى بالتأكيد دورا قياديا على غرار الدور الذي تولته في ليبيا واعتبره البعض دور"الواجھة" بالتنسيق والتواطؤ مع الولايات المتحدة... وسيكتفي ھولاند بالتزام أي قرار دولي يتخذ في شأن سوريا والمساھمة في تطبيقه... يمكن القول إن لا فوارق كبيرة وأساسية بين ساركوزي وھولاند في السياسة الخارجية التي لم تكن بندا خلافيا في الحملة الانتخابية ولم تكن بندا أساسيا. والتغيير يكون في الأساليب وليس في الأھداف وفي ترتيب الأولويات وليس في لائحة المصالح... والأولوية عند ھولاند ستكون للوضع الداخلي...
يؤخذ على ھولاند افتقاره للخبرة والتجربة في الحكم، إذ لم يشغل أبدا أي منصب وزاري، ويؤخذ عليه أيضا أنه شخصية تسووية مھادنة يتفادى الخلافات والنزاعات ويسعى للإجماع، فضلا عن أنه يغيّر آراءه ومواقفه ويفتقد لقناعات حقيقية... لذلك لن يدخل في مغامرات خارجية غير محسوبة ومضمونة خاصة في سوريا ولبنان الا بعد ترتيب البيت الداخلي الفرنسي المتعثر.
سركيس ابو زيد
انتھت الانتخابات الرئاسية وتحوّلت الأنظار الى الانتخابات التشريعية التي تجري في حزيران/ يونيو المقبل، حيث سيحاول اليمين من خلالھا الحفاظ على توازن قوى سياسي، والحؤول دون سيطرة كاملة للاشتراكيين واليسار، والعودة الى مرحلة "المساكنة" بين رئيس اشتراكي وحكومة يمينية في حال حيازة اليمين أكثرية نيابية. ولكن مشكلة اليمين أنه يفتقد الى زعامة قوية، ويعاني من تشرذم في صفوفه وضياع في توجهاته.
"فرنسا ھولاند" ستكون منھمكة في ترتيب أوضاعھا الداخلية. الانتخابات النيابية على الأبواب. الأزمة الاقتصادية لا تنتظر... ستكون فرنسا في المرحلة المقبلة منكفئة عن الملفات الخارجية التي ليست أولوية عند ھولاند. وأبرز ما في برنامجه: سحب القوات الفرنسية من أفغانستان بأسرع وقت ممكن، ودعم مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، وتعزيز الروابط والعلاقات مع دول الشرق الأوسط بما فيھا "إسرائيل" التي طالما اھتم الاشتراكيون لأمنھا ومصالحھا...
ماذا بعد سقوط ساركوزي ووصول ھولاند الى الإليزيه؟! أي فرنسا في لبنان وسوريا؟!
الأمر الوحيد الذي سيتغيّر في السياسة الخارجية الفرنسية مع لبنان يتمثل بالعلاقات الشخصية مع المكونات اللبنانية. تميزت العلاقات الفرنسية ـ اللبنانية في عھد الرئيس جاك شيراك بالحميمية مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، وتمكّن الرئيس نيكولا ساركوزي من نقلھا الى فريق 14 آذار. مع الرئيس هولاند قد لا تعود الحكومة الفرنسية تحمل ھذا الموقف المنحاز بشكل حاد مع فريق ضد آخر. لأن للإشتراكيين اھتمامھم الخاص بمنطق المقاومة، ومن الممكن أن يفتحوا قنوات اتصال ويقوموا بدور تدوير الزوايا، وأن تخف حدة العدائية تجاه حزب الله وفريقه، وأن يھتموا بلعب دور الوسيط أو "الجسر" مع حزب لله علما أنھم يتعاطفون تاريخيا مع "إسرائيل".
وأما بالنسبة الى الأزمة السورية، فإن موقف ھولاند لا يقل تشدداً وسلبية عن موقف ساركوزي حيال النظام السوري. ففي حملته الانتخابية استعمل ھولاند كلمات شديدة اللھجة بالنسبة الى وضع سوريا الى حد قوله إنه لا يمانع بمشاركة فرنسا في عمل عسكري ضد النظام السوري.
لكن بعد سقوط نيكولا ساركوزي، سارع الرئيس السوري بشار الأسد الى دعوة الرئيس الفرنسي الجديد لمراجعة سياسة بلاده والتفكير في مصالحھا، محذرا من أن الفوضى الحالية في سوريا والمنطقة سيكون لھا انعكاسات على أوروبا القريبة من الشرق الأوسط. وھذه التصريحات عكست من جھة ارتياحا الى سقوط ساركوزي ومن جھة أخرى رھانا على ھولاند وعلى دور فرنسي أقل انخراطا في الحرب الدولية المفتوحة ضد النظام السوري وأقل دعما للمعارضة السورية...
في الأشھر الأربعة المقبلة، لن يكون لفرنسا ذاك الموقف المتشدد بحماسة من المسألة السورية، لأن باريس في مرحلة إعداد أوراقھا لكل المواقع الدولية الموجودة فيھا، والى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية سنمر بمرحلة من الترقب لن تتغير فيھا الأمور تغيرا جذريا، لكن في ما بعد، سيكون ھنالك ھامش لدور فرنسي أكثر اعتدالا مما ھو اليوم، ومن المتوقع أن حدة الموقف ستتغير من سوريا.
ولكن ما سيختلف أن فرنسا برئاسة هولاند ستخفف من اندفاعتھا في الملف السوري ولن تتولى بالتأكيد دورا قياديا على غرار الدور الذي تولته في ليبيا واعتبره البعض دور"الواجھة" بالتنسيق والتواطؤ مع الولايات المتحدة... وسيكتفي ھولاند بالتزام أي قرار دولي يتخذ في شأن سوريا والمساھمة في تطبيقه... يمكن القول إن لا فوارق كبيرة وأساسية بين ساركوزي وھولاند في السياسة الخارجية التي لم تكن بندا خلافيا في الحملة الانتخابية ولم تكن بندا أساسيا. والتغيير يكون في الأساليب وليس في الأھداف وفي ترتيب الأولويات وليس في لائحة المصالح... والأولوية عند ھولاند ستكون للوضع الداخلي...
يؤخذ على ھولاند افتقاره للخبرة والتجربة في الحكم، إذ لم يشغل أبدا أي منصب وزاري، ويؤخذ عليه أيضا أنه شخصية تسووية مھادنة يتفادى الخلافات والنزاعات ويسعى للإجماع، فضلا عن أنه يغيّر آراءه ومواقفه ويفتقد لقناعات حقيقية... لذلك لن يدخل في مغامرات خارجية غير محسوبة ومضمونة خاصة في سوريا ولبنان الا بعد ترتيب البيت الداخلي الفرنسي المتعثر.
سركيس ابو زيد