ارشيف من :خاص

شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات..

شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات..
تخفيف العقوبة لا يعني ممارسته "ريجيماً" لتذويب خيانته

كتب علي الموسوي
صار زيّاد الحمصي عميلاً بثلاث سنوات أشغالاً شاقة بعدما كانت خمس عشرة سنة. ومردّ هذا الانخفاض الكبير والمذهل ليس قيام الحمصي "بريجيم" قاس لتذويب ما علق فيه من خيانة استلذّ طعمها لسنوات خلت قبل أن يقع في الشرك ويفضح أمره، وإنّما التساهل المفاجئ الذي مارسته محكمة التمييز العسكرية بحقّه، فمنحته عقوبة مخفّفة، أو لنقل بالأحرى، اكتفت بتجريمه بالحدّ الأدنى لجناية التعامل مع العدوّ الإسرائيلي، وهذا هو مكمن الخبر، ممّا يطرح الكثير من الأسئلة عن تجرؤ هذه المحكمة برئاسة القاضية أليس شبطيني العمّ على تسهيل التعامل، بفتح باب التخفيف والتهاون، ليس لأسباب قانونية، وإنّما لدواع سياسية، وهذا هو الخطر بعينه على لبنان وطناً وكياناً وشعباً ومقاومة.
فمن الناحية القانونية البحتة، فإنّه مهما كانت الدوافع والأعذار التي يمكن أن يتذرّع بها المحامون أو المتهمّون، فلا يمكن أن تكون العقوبة الصادرة بحقّ متهم في محكمة التمييز، مختلفة كلّياً عن العقوبة التي وقّعتها محكمة الجنايات وهي هنا بمنزلة المحكمة العسكرية الدائمة، تماماً كما حصل مع العميل الحمصي، إلاّ في حالة انعدام الأدلّة وعدم ثبوت التهمة،  حيث يخرج المتهم بريئاً بعدما كان قريباً من حبل المشنقة مثلاً، وهناك شواهد كثيرة على ذلك، في المحاكم بمختلف درجاتها ومحافظاتها وملفّاتها.
وإذا ما كانت الأدلّة واضحة، فإنّه باستطاعة المحكمة وبما لديها من استنسابية، إمّا أن تبقي العقوبة على ما هي عليه، وإمّا أنّ تخفّضها على ألاّ تنزل إلى أقلّ من نصف العقوبة الأساسية، بمعنى أنّه في حالة الحمصي كان يمكن للمحكمة أن تنزل العقوبة إلى سبع سنوات ونصف السنة على سبيل المثال، ولكنْ أن تصادف العقوبة مع مرور ثلاث سنوات مع توقيف الحمصي وتكتفي المحكمة بهذه العقوبة، فهذا يثير لعاب الريبة، ويفتح الشهيّة على أسئلة كثيرة.
وهل تريد محكمة التمييز من الرأي العام أن يفهم من حكمها النهائي، أنّه كان بمقدورها تخفيض العقوبة إلى أقلّ من ثلاث سنوات لو أنّ مدّة توقيف الحمصي كانت أقلّ من ثلاث سنوات؟. إذن، فالتخفيف أتى نزولاً عند مطلب سياسي استفاد منه الحمصي، وصار بمقدور الرئيس فؤاد السنيورة أن يفرح بأنّه قادر على تخفيف العقوبة عن العملاء.
شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات.. وخلال محاكمة الحمصي الذي مضى في طريق العمالة والخيانة برضاه وعن اقتناع تام بحسب ما يسشتفّ من ملفّه الكبير، ارتأت المحكمة العسكرية إدانته بالحدّ الأقصى لجناية التعامل وهي خمسة عشر عاماً، بعد جلسات علنية طويلة تخلّلتها استجوابات ومرافعات ومحاولات مماطلة من وكلائه، لإبعاد كأس التجريم عنه لما لها من ارتدادات سلبية عليه كشخص فاعل في "حزب المستقبل" الذي لم يتوان عن الاختباء خلف الأهالي وتعليق يافطات في بلدته سعدنايل تصفه بـ" أشرف الشرفاء"، ولكنّ كلّ هذه المساعي لم تنجح في إلهاء المحكمة برئاسة العميد نزار خليل عن الأدلّة والقرائن الثابتة في الملفّ بحقّ الحمصي، إلى درجة أنّ "فرع المعلومات" دخل على خطّ الوساطة عبر تقديم كتاب للمحكمة يدعي فيه أنّ الحمصي  كان ينسقّ معه بشخص الضابط خ. ح. المقرّب كثيراً من "حزب المستقبل" مثل رئيس الفرع المذكور وسام الحسن، وهو أبلغه مسبقاً بتواصله مع الإسرائيليين، وذلك للقول إنّ وجود مثل" كتاب المعلومات" هذا ينفي تهمة التورّط عن الحمصي كلّياً، لأنّه بكلّ بساطة، أبلغ السلطات الأمنية وأعطاها علماً بما يحصل معه، ممّا يستتبع وقف التعقبات بحقّه.
والملفت للنظر أنّ مثل هذا الكتاب المزعوم لم يرد أيّ ذكر له لا في محاضر التحقيقات الأوّلية المجراة لدى الضابطة العدلية وهي هنا مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التي اعتقلت الحمصي مع كامل أدوات خيانته، ولا لدى قاضي التحقيق العسكري الأوّل سابقاً رشيد مزهر، ولكنّه ظهر فجأة في قاعة المحكمة بعدما تكفّل محامو الحمصي بإبرازه إثر حصولهم على نسخة منه من "فرع المعلومات" المقرّب كثيراً من "حزب المستقبل" الذي ينتمي الحمصي إليه، فسارعت هيئة المحكمة إلى رفضه وإهماله لاعتقادها بعدم جدّيته وحقيقته.
ولو كان كتاب المعلومات المذكور صحيحاً ويتمتّع بالمصداقية لقبلته المحكمة طوعاً، وهنالك أسبقيات في هذا المجال، حيث كانت تردها كتب مماثلة من الأجهزة الأمنية فتقبلها وتعمل بها وتذهب إلى حدّ إبطال التعقبات بحقّ المتهم الذي يكون مخبراً يعمل لمصلحة هذا الجهاز الأمني أو ذاك، أو جاسوساً مزدوجاً في حالة التعامل وله خدمات جلّى على مستوى أمن الوطن، ولكنّ هذا الأمر لم يحدث في حالة العميل الحمصي فكيف تقبل به محكمة التمييز العسكرية؟ وكيف اقتنعت به؟ وكيف لمست صحّته وصوابيته؟ وهل تحقّقت منه أم قبلته مرغمة لأسباب سياسية؟.
ومن المؤكّد أن الحمصي استفاد من الجوّ السياسي الموجود في البلد، ولكنْ هل تخفيف العقوبات عن العملاء يصنع مستقبلاً زاهياً للوطن، أم أنّه يولّد اندفاعاً لدى الكثيرين من ضعاف النفوس والعاطلين عن العمل لمجاراة الحمصي وسواه من العملاء الذين قبضوا آلاف الدولارات، ثمّ أمضوا سنوات قليلة خلف قضبان السجون، لرهن أنفسهم للإغراءات الإسرائيلية، وفي ظنّهم أنّه لا يمكنهم جمع كلّ تلك الأموال الكثيرة، إذا عملوا في أعمال حرّة أو وظائف عادية، وهو منطق غير صائب، ولكنّه في ظلّ الأحكام المخفّفة للعملاء الكبار، صار على كلّ شفة ولسان، على أمل ألاّ يترسّخ في الأذهان!.
ومع أنّ محكمة التمييز خفّفت الحكم عن الحمصي، إلاّ أنّ الأخير بات يحمل صفة عميل، ولا فرق بين ثلاث سنوات أو خمس عشرة سنة، فالعميل عميل، ومدّة العقوبة في الأحكام القضائية ليست مقياساً لتحديد مدى خيانته وتورّطه، وما دام أنّه لم يحظ بالبراءة التي تدحض بمفردها أيّة تهمة شائنة، فإنّ العمالة تظلّ ملازمة لرئيس بلدية سعدنايل السابق طوال حياته وتؤكّد وجوده في سجلات العملاء المميّزين.
من هو زيّاد أحمد الحمصي بحسب القضاء العسكري أيضاً وبالاستناد إلى ما ورد في طيّات القرار الاتهامي الذي أصدره القاضي رشيد مزهر؟.
أوّلاً: هو عميل ومن الدرجة الأولى الممتازة وليس "أشرف الشرفاء" كما وصف بعيد قيام مديرية المخابرات في الجيش اللبناني باعتقاله في 16 أيّار/مايو من العام 2009 ضمن موجة تفكيك شبكات التجسّس الإسرائيلية، وذلك قبل قيامه بالخطوة الأخطر في مهامه الميدانية، وهي مساعدة جهاز "الموساد" في التحضير لاغتيال أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله، علماً أنّ برنامج تجنيده لم يأت على ذكر هذه المهمّة أساساً. وأليس مجرّد تفكير الحمصي بتنفيذ هذه المهمّة المستحيلة، دليل على أنّ نيّة الخيانة قابعة فيه؟.
ثانياً: تمّ تجنيد الحمصي في أوائل العام 2006، بعدما قبل بمفرده دون سائر رؤساء البلديات في البقاع الأوسط أيّ في زحلة ومحيطها، التواصل مع ضابط من " الموساد"، جاءهم عارضاً نفسه على أنّه رئيس بلدية بكين الصينية، فلماذا أصرّ الحمصي على التغريد خارج سرب الجماعة والعزف منفرداً على وتر الخيانة والتواصل بشغف مع "الموساد" فهل لأنّه "أشرف الشرفاء"؟.
ثالثاً: تستّر الحمصي خلف رغبة العدوّ الإسرائيلي في البحث عن قتلاه في المعركة الشهيرة بين جنوده ومقاتلي الجيش العربي السوري والمقاومتين الفلسطينية واللبنانية في محلّة بيادر العدس- السلطان يعقوب في البقاع الغربي في العام 1982، فتجشّم عناء البحث المضني عن رفاتهم ومعرفة أخبارهم ومكان دفنهم لاستعادتهم، وهو لتحقيق مأربه استغلّ عمله الصحافي في مجلّته " الإرادة" البقاعية ليَنْفذ منه إلى جمع ما أمكنه من معلومات عن مكان وجود القتلى الإسرائيليين.
رابعاً: لقد علم الحمصي بأنّه يتعامل مع "الموساد" الذي كشف النقاب عن وجهه أمامه، ومع ذلك سعد الحمصي بهذا النبأ العظيم ولم يفكّر للحظة واحدة في قطع علاقته به، فكيف لا تكون نيّته متجهة في الأساس إلى الخيانة؟.
والغريب أنّ الحمصي اعتبر اندفاعه في التفتيش عن القتلى الإسرائيليين ينمّ عن دافع إنساني، ولا يشكّل مسّاً بالأمن اللبناني، فكيف يستقيم هذا الكلام مع عدوّ ارتكب الكثير من المجازر والمذابح بحقّ أطفال لبنان في كلّ اعتداءاته وعدوانيته؟.
ماذا في تفاصيل القرار الاتهامي؟
نحن رشيد مزهر قاضي التحقيق الأوّل لدى المحكمة العسكرية، بعد الاطلاع على ورقة الطلب رقم 6592/2009 تاريخ 30/5/2009 ومرفقاتها، وبعد الاطلاع على مطالعة معاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وعلى أوراق هذه الدعوى كافة، تبيّن انه اسند إلى المدعى عليه: زياد أحمد الحمصي، والدته أمنة، مواليد العام /1948/ لبناني، رقم سجل نفوسه /2/ سعدنايل (أوقف وجاهياً بتاريخ 1/6/2009 ولا يزال)، وكلّ من يظهره التحقيق، بأنه في الاراضي اللبنانية وخارجها وبتاريخ لم يمر عليه الزمن اقدم على التعامل مع العدو الإسرائيلي، ودس الدسائس له، واعطائه احداثيات عن مواقع مدنية وعسكرية بهدف فوز قواته واعطائه معلومات عن شخصيات سياسية وحزبية وعلى حيازة اسلحة حربية دون ترخيص الجرائم المنصوص عنها في المواد: /274/ و/275/ و/278/ من قانون العقوبات و/72/ من قانون الاسلحة.
في الوقائع: من عرين العروبة حيث امضى معظم حياته مجاهداً ومناضلاً في صفوف الحركات الوطنية اللبنانية والمنظمات الفلسطينية مدافعاً عن قضاياها عبر قلمه وسلاحه، هوى المدعى عليه زياد الحمصي خلال أوائل العام 2007، من هذا العرين ليستقرّ في مستنقع وحل العمالة مع عدو سبق له وان قاتله على أرض بلاده في منطقة البقاع، وعاد ليبحث له فيها بعد ان جنده ليعمل لصالحه وتزويده بمعلومات مكتومة ومجهولة منه، عن اماكن طمر جثث جنوده الذين قتلوا وفقدوا في معركة بيادر العدس ـ السلطان يعقوب الشهيرة والتي مني فيها جيش العدو الإسرائيلي بخسائر فادحة في عتاده وجنوده من قبل الجيش العربي السوري والمقاومة الفلسطينية والأحزاب الوطنية اللبنانية خلال اجتياحه للبنان في العام 1982،  وذلك مقابل مبالغ مالية قبضها واخرى تقدر بملايين الدولارات كان سيكافأ بها لو افضت عملية التفتيش التي نفذها الى نتيجة ايجابية.
البدايات
شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات.. وتبيّن أنّ العدوّ الإسرائيلي دأب منذ تلك المعركة على استنفار اجهزته الأمنية لجمع المعلومات والاستقصاء عن اماكن دفن جثث جنوده في منطقة البقاع والعمل على استعادتها وتجنيد العملاء لهذه الغاية، وما ان رصدت بوصلة جهاز "الموساد" لديه أنّ المدعى عليه زيّاد الحمصي كان من عداد إحدى المجموعات المقاتلة في معركة بيادر العدس خاصة بعد نشره في مجلّة "الإرادة" التي كان يصدرها إعلاناً مفاده: "ترقّبوا صدور كتاب بمناسبة مرور خمسة وعشرين سنة على الحرب الإسرائيلية على لبنان ومعركة بيادر العدس" وبجانبه صور لدبابات إسرائيلية محترقة، حتّى عزم على محاولة الوصول إليه وتجنيده للعمل لصالحه، بغية تزويده بما في حوزته من معلومات ومعطيات تيسّر له الوصول الى مبتغاه في قضيّة جثث جنوده.
تسويق وترويج
وتسلل إليه عبر أحد ضبّاط "الموساد" الإسرائيلي من أصل صيني يدعى ديفيد أوائل العام 2006، تحت غطاء أنّه عضو في بلدية بكين، ومن عداد مكتب التجارة الخارجية للصين، واستدرجه لاحقاً إلى دولة الصين بداية، بغاية التنسيق بين بلدية بكين واتحاد بلديات منطقة زحلة لاسيّما وأنّ المدعى عليه كان آنذاك رئيس بلدية سعدنايل، وديفيد صاحب شركات تجارية عالمية في الصين، وتايلاند ويرغب بتصدير وتسويق بضائعها من ألبسة وغيرها في الأسواق اللبنانية البقاعية عبر المدعى عليه الذي تمّ تعيينه عضواً في هذه الشركات مقابل راتب شهري قدره ألف وسبعمائة دولار أميركي.
"الموساد" يعرض والحمصي يقبل
وبعد عدّة رحلات قام بها المدعى عليه الحمصي إلى دولتي الصين وتايلاند بحجّة حضور اجتماع الشركات التجارية، بدأ خلالها المدعو ديفيد وفريق عمله جورج عطار يهودي سوري، ومايك وامرأة إسرائيلية متخصّصة منذ عشرين عاماً في عملية البحث عن المفقودين من الجنود الإسرائيليين بإماطة اللثام عن وجههم شيئاً فشيئاً، وأعلنوا للمدعى عليه زياد الحمصي خلال أوائل العام 2007، عن صفتهم الحقيقية بأنهم من جهاز "الموساد" الإسرائيلي والغاية من التواصل والتعامل معه، فأيقن عندها المدعى عليه بأنّ القضيّة ليست موضوع بلدية أو شركات تجارية، بل تجنيده للعمل لصالح العدوّ الإسرائيلي في ما يتعلّق بقضيّة جثث جنوده، فوافق على اكمال مسيرته معهم، والتي انحرفت عن مسارها التجاري إلى مسار العمالة لصالحهم أوّلاً بدافع إنساني طالما لا يشكّل ذلك برأيه أيّ مسّ بالأمن اللبناني، وثانياً لضمان استمرار تقاضيه لراتبه الشهري وعلى أمل حصوله على جزء من جائزة العشرة ملايين دولار المخصّصة لهذه القضيّة في حال وصوله إلى نتيجة ايجابية في عمليات التفتيش والبحث عن الجنود الإسرائيليين المفقودين في لبنان.
معدّات التجسّس
وبناء للتعليمات المعطاة له من قبل فريق عمل المدعو ديفيد، بدأ المدعى عليه بالتردّد إلى بلدة عيتا الفخّار للاستفسار عن بعض الأشخاص الذين شاهدوا معركة بيادر العدس، أو يملكون معلومات عن كلّ تفاصيلها ومنهم المدعو الياس موسى صليبا، ولالتقاط بعض الصور للمقابر فيها، ولمناطق تمّ إرشاده إليها ومنها منطقة بيادر العدس، لاعتقاد العدوّ بأنّ جثث جنوده ربّما دفنوا بها، وتابع تعامله على هذا النحو وتزويد العدوّ الإسرائيلي بكافة المعلومات المطلوبة وبالتردّد إليهم حتّى أوائل العام 2008، حيث تمّ تدريبه على جهاز ستريو متقدّم ومتطوّر ومشفّر يعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية سلّم إليه لاحقاً، وتمّ إدخاله خلال الشهر الثالث من العام المذكور آنفاً، الأراضي اللبنانية عبر مطار بيروت الدولي، من قبل المدعى عليه، إضافة الى جهاز كمبيوتر "Laptop" والذي أجريت عليه تعديلات تقنية متطورة لاستعماله لكتابة الرسائل وقراءتها المتبادلة بينه وبين العدوّ الإسرائيلي، وإضافة كذلك، إلى ثلاث قطع من "فلاش ميموري" واحدة بداخلها برنامج لفتح الـ" USB"، والأخريين تحتويان على صور جوية لتحديد الأهداف والمواقع بواسطتها وتتضمّن برنامجاً يمكن من خلاله تحديد الإحداثيات (النظيم والقطوع) لبعض المناطق والأهداف، و"ميموري كارت" كبير تتضمّن بداخلها برنامجاً لوصل جهاز الستريو مع جهاز الكمبيوتر "Laptop".
لقاء نصر الله
وبدأ منذ ذلك بواسطة هذه الأجهزة تزويد العدوّ بكافة المعلومات والأهداف والإحداثيات المطلوبة والتردّد إليه لتقييم هذه المعلومات، وخلال ذلك ومن خارج إطار المهمّة التي كلف بها أبلغ المدعى عليه زياد الحمصي جهاز "الموساد" الإسرائيلي عن إمكانية مقابلته لسماحة السيّد حسن نصر الله بعدما أرسل إليه نسخة من مجلّته "الإرادة" اثر الأحداث التي حصلت بين بلدتي تعلبايا وسعدنايل بواسطة الصحافي المدعو طلال خريس وزوّدهم برقم الهاتف الخليوي لهذا الأخير، فتفاجأ العدوّ بهذا النبأ السار وألحّ عليه إعلامه بالموعد قبل ثماني وأربعين ساعة من حصوله، غير أنّ يد مديرية المخابرات في الجيش اللبناني كانت السبّاقة إلى قطع الطريق على ما يخطّط له العدوّ الإسرائيلي قبل حصول هذا الموعد عبر توقيف المدعى عليه زياد الحمصي بعد رصد تحرّكاته وتنقلاته وافتضاح أمره بتعامله مع "الموساد" الإسرائيلي، ومصادرة الأجهزة والقطع الالكترونية المسلّمة له من قبل العدوّ الإسرائيلي، إضافة إلى الهاتف الخليوي الذي يعمل داخل دولة تايلاند فقط.
شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات.. وقد تعذّر على الفريق الفني بادئ الأمر، الدخول إلى جهاز الإرسال الستريو، بعد أن عمد المدعى عليه الحمصي إلى إخفاء وصلة "الـUSB "المشفّرة من جرّاء الخوف الذي انتابه على أثر انهيار شبكات التجسّس ووقوعها في يد الأجهزة اللبنانية، واحتفاظه بالجهاز المذكور كونه غالي الثمن، فتمّ عندها الاستعانة باخصائيين متقدّمين في هذا المجال وتعديل وصلة مشابهة والدخول إلى الجهاز الستريو واستخراج برنامج لكيفية تحديد الأهداف وخاصة في منطقة البقاع، وبرنامج عن كيفية تحضير الرسالة، والإرسال والإستقبال وكيفية قراءتها والمشاكل التي يمكن أن تعترض سير العمل.
خزّان معلومات ونشاط غير محدود
وتبيّن أنّ عدد الرسائل التي بثّها الحمصي للعدوّ منذ الشهر الثالث من العام 2008، ولغاية تاريخ توقيفه في 16/5/2009 ،بواسطة الأجهزة المسلّمة له، ما يقارب الثمانين رسالة تضمّنت معلومات منها على سبيل المثال لا الحصر:
عن أراض لآل دحرج يعتقد بأنّ جثث الجنود الإسرائيليين دفنت فيها، ومخطّط لحواجز الجيش اللبناني القريبة منها، ومعلومات عن حاجز الجيش اللبناني مع القوّات السورية في محلّة بيادر العدس، واسم الضابط السوري الذي كان مسؤولاً عن القوّات السورية في حينه، وصور لمنطقة السلطان يعقوب، وتحديد الأماكن المصوّرة بواسطة النظيم والقطوع (X,Y) ومعلومات عن أنّ الجثث تمّ نقلها بواسطة سيّارة "بيك آب" أبيض اللون إلى خارج بلدة عيتا الفخّار، ومعلومات عن فتح مقرّ أمني جديد بالقرب من مكتبة في شتورا، ورسالة مفادها رغبته بالترشّح لعضوية المجلس النيابي لمعرفة موقفهم من ذلك.
اتصال فتعارف فإعجاب "فغرام"
وتبيّن من التحقيق أنّه خلال أوائل العام 2006، تلقّى المدعى عليه زيّاد الحمصي الذي كان في حينه رئيساً لبلدية سعدنايل ثمّ تولّى لاحقاً منصب نائب رئيسها وممثّلها لدى اتحاد بلديات قضاء زحلة، وأمين صندوق الاتحاد المذكور، اتصالاً هاتفياً خارجياً من شخص يتكلّم اللغة الانكليزية، أعلمه فيه بأنّه صيني الجنسية ويدعى ديفيد ويشغل منصبي عضو في بلدية بكين وفي مكتب التجارة الخارجي الصيني، وأنّه يرغب بالحضور إلى لبنان لمقابلته ومقابلة رئيس غرفة التجارة والصناعة في مدينة زحلة ورئيس بلديتي بر الياس ومجدل عنجر، فرحّب به المدعى عليه قائلاً له: أهلاً وسهلاً بك في لبنان، بنفس اللغة، وعمل بعدها هذا الأخير على اطلاع المذكورين أعلاه على هذا الاتصال ومضمونه، ففوجئ الجميع به.
 وفعلاً وبعد حوالي الشهر على هذه المكالمة، حضر المدعو ديفيد الى لبنان، ونزل في "اوتيل الكسندر" في محلّة الاشرفية، وعمد الى الاتصال بالمدعى عليه زياد الحمصي الذي حضر إليه واصطحبه الى منطقة البقاع ـ فندق "بارك اوتيل شتورا" وحجز له شقة فيه. وخلال اقامة المدعو ديفيد في منطقة البقاع جال برفقة المدعى عليه زياد الحمصي على رئيس بلدية مجدل عنجر المدعو حسين ديب ياسين، ورئيس بلدية بر الياس المدعو حسن عراجي، ورافقهما بجولة على الأسواق التجارية لبلديتهما، وفي ختام إقامته في لبنان أقيم له حفل عشاء في محلّة وادي العرايش ـ زحلة بحضور كلّ من المدعى عليه زياد الحمصي ورئيس غرفة الصناعة والتجارة في زحلة ادمون جريصاتي، ورئيس بلديتي مجدل عنجر وبر الياس، تبادل خلاله معهم المواضيع التجارية العامة واعلمهم ديفيد بأنه مسرور جداً من خلال اطلاعه على السوق اللبناني وما يحتويه من بضائع صينية، وسحب من حقيبته دعوات موجهة الى المذكورين آنفاً، من الحكومة الصينية لحضور معرض بكين فيها، فاعتذر الجميع عن المشاركة بسبب وجود ارتباطات سابقة لهم، باستثناء المدعى عليه زياد الحمصي الذي بقي متأرجحاً في موقفه من الدعوة، وخلال نقله للمدعو ديفيد إلى بيروت، أعرب له هذا الأخير عن تقديره وإعجابه به واعداً إيّاه بتدبّر أمر سفره وإقامته على نفقة بلدية بكين في وقت قريب، على أن يكلّمه لاحقاً عبر الهاتف، وغادر بعدها المدعو ديفيد عائداً الى دولة الصين.
إلى الصين درّ
شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات.. وتبيّن أنّه بعد فترة وجيزة من مغادرته لبنان، اتصل المدعو ديفيد بالمدعى عليه زياد الحمصي ليعلمه ان بلدية بكين وافقت على تسديد كامل نفقات سفره الى الصين واقامته فيها، ووجهه الى السفارة الصينية في بيروت لاستصدار تأشيرة الدخول اللازمة إليها، وهذا ما حصل فعلاً، اذ سافر المدعى عليه الى الصين على اثر ذلك التي وصلها واستقبله في المطار المدعو ديفيد واصطحبه خلال اقامته فيها في عدة زيارات لأماكن مختلفة منها بلدية بكين، عرّفه فيها على شخصيات مختلفة والى اماكن سياحية منها سور الصين، واعلمه ان لديه شركات تجارية عالمية تقوم الدولة الصينية بمساعدته وهذه الشركات تعمل على تصدير البضائع الصينية الى دول العالم ومقرها في "ماكاو"، واصطحبه إليها وعرفه على شخص على انه يدعى جورج عطار من التابعية السورية ويتقن اللغة العربية وهو المستشار القانوني للشركة وتبادل الثلاثة أحاديث تتعلق بالأعمال التجارية تولى في سياقها المدعو جورج المذكور اعمال الترجمة بين المدعى عليه زياد الحمصي والمدعو ديفيد الذي اعرب عن رغبته بإدخاله في عضوية مجلس ادارة الشركة رغم نفي المدعى عليه خبرته في مجال التجارة، واصطحبه لاحقا الى مقر الشركة الرئيسي في بانكوك ـ تايلاند واعلمه انه سيطرح على المسؤولين فيها ان يكون ممثلا للشركة في لبنان، وفي حال حصول ذلك عليه حضور اجتماعات الشركة الدورية في بانكوك بعدها غادر المدعى عليه عائداً الى لبنان.
عميل بألف و700 دولار
وتبيّن أيضاً أنّه بعد تلك الرحلة للمدعى عليه الى الصين فقد تردّد خلال العام 2006، مرتين إلى دولة تايلاند بناء لطلب من المدعو جورج عطار تمّ خلالها تعيينه عضواً في الشركة التجارية العائدة للمدعو ديفيد وممثّلاً لها في لبنان مقابل راتب شهري ثابت قدره 1700 دولار اميركي على ان يتقاضى نسباً مئوية من الأرباح عند الشروع بأعمال التصدير الى لبنان علاوة على تكبد نفقات سفره ذهاباً وإياباً الى دولة تايلاند وإقامته فيها من قبل الشركة.
وبعودته إلى لبنان وتنفيذاً لما يخطّط له جهاز "الموساد" وبغية التأكيد للمدعى عليه بداية أنّ العلاقة معه هي علاقة تجارية، عمد المدعو جورج إلى إرسال عيّنات إليه من بضائع الشركة إلى المدعى عليه عبر مطار بيروت الدولي فاستلمها، وعرضها على الأسواق اللبنانية تبيّن بنتيجتها أنّها ليست من النوع الجيد، وأعاد هذه الكرّة مرّة ثانية خلال العام 2007، للتمويه على حقيقة علاقتهم بالمدعى عليه بعدما بدأت تتضح له.
وتبيّن كذلك أنّه خلال أوائل العام 2007، توجّه المدعى عليه زياد الحمصي الى دولة تايلاند ظنّاً منه لحضور اجتماعات الشركة بناء لطلب المدعو جورج عطار الذي زوده كالعادة برقم الاوتيل والحجز فيه، وبوصوله إليها اتصل بالمدعو عطار المذكور من هاتف خليوي كان قد استلمه من هذا الأخير سابقاً ويعمل داخل الأراضي التايلاندية فقط.
شبكات الوهن: زيّاد الحمصي عميلاً ولو بثلاث سنوات.. وفي اليوم التالي حضر إليه المدعو جورج عطار واصطحبه الى مقر الشركة، فتفاجأ المدعى عليه بعدم وجود اعضائها فيها وراح يسأله عن طبيعة عمله الاساسي، فأعلمه المدعى عليه بأنه رئيس بلدية سعدنايل وصاحب مجلة "الإرادة" التي يصدرها ويتناول فيها مواضيع ثقافية، وبناء لطلبه اعطاه نسخة عن هذه المجلة كانت بحوزته، فراح المدعو جورج المذكور يتفحصها، وتوقف عند اعلان كان قد وضعه فيها المدعى عليه مفاده: "ترقبوا صدور كتاب بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على الحرب الإسرائيلية على لبنان، ومعركة بيادر العدس ـ السلطان يعقوب" وتظهر الى جانبه صور لدبابات إسرائيلية محترقة، وصورة للمدعى عليه بزيّ مقاتل، فسأله المدعو جورج عما اذا كان من المشاركين في تلك المعركة، فأجابه بأنه كان مقاتلاً وعلى مسافة قريبة من مكان الاشتباك في بيادر العدس، وراح المدعى عليه يشرح له عن سير المعركة في حينه بين الجيش العربي السوري والمنظمات الفلسطينية والأحزاب اللبنانية من جهة، وبين الجيش الإسرائيلي من جهة ثانية وانهزام هذا الأخير في هذه المعركة واحتراق دباباته ومقتل عدد من جنوده، عندها ردّ عليه المدعو جورج بأن لديه إمكانيات هائلة، وبإمكانه اعداد كتاب تاريخي موثق بصور فوتوغرافية عن هذه المعركة واحيانا تكون الصورة أفضل من ألف كلمة، كما ان لديه ثروة ويجهل قيمتها، فاستوضحه المدعى عليه زياد الحمصي عما يقصد بكلامه هذا، فأجابه بما حرفيته (هون في يهود مفقودين وبعدهم) أي يوجد جثتان ونصف جثة مفقودين لجنود إسرائيليين ومجهول مكان دفنهم واصطحبه الى احدى غرف الانترنت، واطلعه بواسطته على صور لجنود إسرائيليين فقدوا خلال الحرب على لبنان ومنهم الطيار الإسرائيلي رون آراد فأجابه المدعى عليه بأن موضوع المفقودين من الجيش الإسرائيلي وخاصة المتعلّق بالطيار اصبح من التاريخ، الامر الذي اثار غضب المدعو جورج ورد عليه بعصبية قائلاً:"عند اليهود لا يوجد شيء من التاريخ، وان أي عظمة عند اليهود تساوي الكثير".
صحوة متأخّرة
وطلب منه مساعدته في معرفة أماكن دفن جثث الجنود الإسرائيليين في البقاع، لاسيّما وأن إسرائيل قد رصدت لهذه القضية مبلغ عشرة ملايين دولار بمثابة جائزة لمن يتوصل لنتيجة ايجابية في بحثه عنهم، إزاء ذلك بدأت الشكوك تساور المدعى عليه وبأنّ الموضوع ليس كما اعتقده بادئ الامر، عملاً تجارياً وتصريف وتسويق بضائع صينية داخل الأراضي اللبنانية خاصة وانه مضى عام على علاقته بهم ولم يحصل ذلك، بل أنّ القضيّة تتعلّق باستدراجه لمعرفة ما يملكه من معلومات عن جثث الجنود الإسرائيليين ومعركة بيادر العدس، كما انه راح يكتشف حقيقة شخصية المدعو جورج عطار بأنه ليس مستشاراً قانونياً للشركة وما عزز هذا الاعتقاد لديه عندما ابلغه هذا الاخير بأنه لديه شقيق في دولة بلجيكا من جمعية عالمية تهتم بالمفقودين في الحروب والكوارث الطبيعية، وطالما تكتب وتؤرّخ كتاباً عن معركة بيادر العدس وفي هذا السياق اذا توصل لأي معلومات، او اخبار عن جثث الجنود الإسرائيليين، او اماكن وجودها، او عن أي بقايا منها من عظام وغيره، ان يخبره بذلك ليعمد بدوره على اطلاع شقيقه عليها وسيستفيدوا جميعهم مقابل هذا العمل من الجائزة المالية المرصودة لهذه القضية، فأبدى عندها المدعى عليه تجاوباً مع طلبه هذا، أو بأنه سيحاول الاهتمام بالموضوع بعد عودته إلى لبنان.
كما تبين أنه وبنفس العام 2007، وبناء على طلب المدعو جورج، سافر المدعى عليه زياد الحمصي إلى دولة تايلاند عن طريق الإمارات العربية، وكالعادة استقبله جورج المذكور واصطحبه إلى مقر الشركة وتذرّع له بعدم حصول الاجتماع لانشغال اعضائها وعرض فيها على امرأة في العقد الخامس من عمرها، وانها تهتم بموضوع المفقودين في العالم وخاصة جثث الجنود الاسرائيليين وسأله عما إذا وصل في عملية تفتيشه وبحثه إلى أي نتيجة ايجابية، وهنا تدخلت المرأة المذكورة وتناولت خريطة من محفظتها لمناطق بيادر العدس وأرشدت المدعى عليه حسب الخريطة إلى أماكن ومواقع لقطعة أرض يمكن ان يكون الجنود الاسرائيليون قد قتلوا عليها، وطلبت منه ان يعطي هذا الموضوع اهتماماً أكثر، فأكد لها أنه سوف يسعى للحصول على معلومات تفيد قضية جثث الجنود الاسرائيليين فزودته عندها بثلاثة أسماء لأشخاص لبنانيين من بلدة عيتا الفخار، منهم من شاهد المعركة ومنهم من يملك تفاصيل عنها، ومنهم المدعو الياس موسى صليبا، عندها قطع المدعى عليه زياد الحمصي الشك باليقين أنه يتعامل مع أشخاص اسرائيليين تابعين للموساد الاسرائيلي لا علاقة لهم بأي عمل تجاري أو جمعيات مفقودين.
وبدلاً من الانحراف عن هذا المسار الجديد الذي رسم له، فقد تابع مسيره عليه لسببين الأول طالما أن الموضوع بنظره هو بدافع انساني ولا يشكل أي مس بالأمن اللبناني، والثاني لضمان استمرار تقاضيه لراتبه الشهري الذي اعتاد عليه مع مخصصات السفر والسياحة التي يقوم بها كل مرة يزور فيها تايلاند وطمعه بجائزة الملايين من الدولارات المخصصة لهذه المسألة.
تصوير
وبعودته إلى لبنان انتقل المدعى عليه إلى بلدة عيتا الفخّار حيث علم من رئيس بلديتها أن المدعو الياس موسى صليبا قد غادرها منذ فترة طويلة إلى دولة كندا، وإن الشخصين الآخرين قد توفيا منذ زمن، عمد بعدها بواسطة كاميرا كانت بحوزته إلى التقاط ثمانية صور للأماكن التي أرشدته إليها تلك المرأة في بلدة عيتا الفخار ومنها المقابر وسبعة صور لأماكن في منطقة بيادر العدس، والمباني المحيطة بها، وعمل على تظهير الفيلم في ستوديو الفن في تعلبايا، سافر بعدها إلى دولة تايلاند، وبعد ان سلم جورج ما بحوزته من معلومات وصور، عقد اجتماع في مقر الشركة ضمه إلى جانب جورج المرأة المذكورة، أخبره خلاله جورج أن موضوع الشركة مؤجل حالياً لعدم استقرار الوضع الأمني في لبنان، وتناول معه موضوع معركة بيادر العدس، فتوجهت إليه المرأة المذكورة بالرجاء لمساعدتها في الحصول على أية معلومة ايجابية وحثته على العمل بأكثر جدية في موضوع جثث الجنود الاسرائيليين المفقودين، فاستوضح عندها المدعى عليه زياد الحمصي المدعو جورج عن هذه الامرأة وهويتها فرد عليه الأخير قائلا له: اذا كانت هذه المرأة اسرائيلية، هل تتعامل معها، فرد عليه بأنه لا مشكلة لديه، فترجم المدعو جورج لها ما دار بينه وبين المدعى عليه من حديث، فأعلنت له أي للمدعى عليه بأنها اسرائيلية وتعمل على هذا الموضوع منذ عشرين عاماً، وأنها تعرف أمهات المفقودين، وهذا أمر صعب جدا عليها، وأن لجثة اليهودي قيمة كبيرة عندهم، وطلبت منه متابعة العمل معها بهذه القضية بكل روية وحنكة.
شاحنة نقل الجثث
واتفق المدعى عليه معها على ان يعطي الموضوع فعلا الأهمية القصوى، ودخلا بتفاصيل سيارة البيك أب لو أبيض التي نقلت جثث من أرض المعركة وعما إذا كانت بينها جثث لليهود، ومكان إقامة الفلسطيني أبو محمود الذي كان يقودها إما في سوريا حالياً أو في بلدة غزة ـ البقاعية، وعن امكانية الوصول إلى عنوان صليبا المذكور في كندا، أو معرفة رقم هاتفه من أبناء بلدته، وفي نهاية الاجتماع طمأنه المدعو جورج أنه لا خوف بالموضوع وأنه لن يتسرب شيء منه للخارج، فعاد المدعى عليه إلى لبنان وهو على يقين أكثر من أي مرة أنه يتعامل مع أشخاص من الموساد الإسرائيلي، ورغم ذلك توجه إلى بلدة عيتا الفخار لجمع معلومات عن مكان إقامة المدعو الياس صليبا في كندا، او معرفة رقم هاتفه، لكنّه لم يوفق في ذلك رغم مقابلة لعدد من كبار السن فيها بحجة إعداد كتاب حول معركة بيادر العدس.
الحمصي: لا مشكلة في التعامل
وتبين كذلك أنه خلال أوائل العام 2008، سافر المدعى عليه زياد الحمصي إلى دولة تايلاند وقابل فيها في مقرّ الشركة المدعو جورج الذي عرّفه على شخص يدعى مايك من التابعية الاسرائيلية وجهاز الموساد الاسرائيلي حيث أخضع من قبلهما لفحص الكذب على جهاز خاص عبر طرح بعض الأسئلة عليه ومنها:
نحن اسرائيليون ومن "الموساد" الإسرائيلي، هل من مشكلة معك. فأجاب المدعى عليه بكلمة: "كلا".
هل ترغب العمل معنا بموضوع الجثث، وهل لديك حس إنساني تجاه هذا الموضوع. فأجاب المدعى عليه بكلمة "نعم".
وقد أجرى في نهاية عملية الفحص، المدعويان جورج ومايك، عملية حسابية على ضوء الأجوبة وردات الفعل جاءت نتيجتها إيجابية.
بعدها أعلم المدعو مايك المدعى عليه زياد الحمصي بأن عليه أن يكون أكثر دقة في تحديد الاحداثيات للأهداف المطلوبة بطريقة علمية عبر خطوط الطول والعرض بما معناه بواسطة القطوع والتنظيم (X,Y)، وأحضر لهذه الغاية جهازاً على شكل ستريو ، وراح يدربه بواسطته على كيفية تحديد الأهداف عبر الـ (X,Y)  او تحديد الهدف من خلال الحاسوب إذا كان له إحداثيات، وإما بواسطة "الفلاش ميموري" على الكمبيوتر (وقد سبق له واستلم هذه القطع الالكترونية من حاسوب و"فلاش ميموري" من العدو الاسرائيلي خلال زياراته الأولى إلى تايلاند).
وبعد تدريبه على الجهاز المذكور بصورة جيدة وإعادة العملية عدة مرات بحيث أصبح ملماً به، طلب منه المدعو مايك أخذ الجهاز معه إلى لبنان للعمل عليه والتواصل بينهما بواسطته فأبدى المدعى عليه خوفه من مصادرته في مطار بيروت الدولي وافتضاح أمره، فأعلمه مايك المذكور بأن الجهاز المذكور متطوّر وعلى شكل ستريو عادي ماركة JVC، ولا يلفت النظر رغم الاتفاق بينهما على استلامه من قبل المدعى عليه في زيارته المقبلة لدولة تايلاند.
مكان الجثث
وعاد إلى لبنان، وبدأ بعملية التفتيش مجدّداً في منطقة السلطان يعقوب حيث علم بالتواتر أنّ الجثث العائدة لليهود تم دفنها في منطقة الكسارات بين منطقتي عيحا وعيتا الفخار، فتوجّه إلى تلك المنطقة وقام بالتقاط صور لها، وتعرّف على طبيعة الأرض فيها صخرية أم تحتوي على أشجار، ثم قام بتصوير منطقة الخربة القريبة نوعاً ما من منطقة الكسارات وهي منطقة مهجورة، ورسم الطريق المؤدية إليها.
 وخلال أوائل الشهر الثالث، غادر مجدداً إلى دولة تايلاند لاحضار الجهاز الذي جرى تدريبه عليه سابقاً حيث قابل المدعو جورج الذي أعاد تدريبه مجدداً على الجهاز، فاستلمه بعدها المدعى عليه ووضعه داخل حقيبته وعاد إلى لبنان عبر مطار بيروت الدولي ومعه الجهاز، من دون ان يكتشف أمره وتوجه مباشرة إلى مكتبه الكائن في محلة شتورا ـ سنتر شمس الطابق الثالث، ووضع الجهاز بادئ الأمر فيه، وبعدها قام بوصل الحاسوب إليه وأرسل من خلاله رسالة للإسرائيليين وفقاً للتعليمات بأنه وصل بخير والأمور جيدة وعلى الفور وردته رسالة جوابية من العدو الاسرائيلي هنأوه فيها بوصوله بالسلامة. ومنذ ذلك الحين راح يتواصل مع الاسرائيليين بواسطة الجهاز المذكور الذي يعمل عبر الأقمار الاصطناعية ويبعث إليهم برسائل حول عمليات التفتيش التي قام بها في الأماكن المحددة له من منطقة السلطان يعقوب وبعض الأراضي لآل دحرج، وصوراً ونتائج التقصي وتحديد الأهداف المطلوبة عبر برنامج الـ (X,Y) في مناطق عدة من منطقة البقاع، وهذا ما بدا واضحاً في الرسائل التي تم استخراجها من الجهاز المذكور بعد توقيفه.
توقيف الجرّاح يخيف الحمصي
إلاّ أنه وبعد توقيف الأخوين علي ويوسف الجرّاح في منطقة البقاع، انتابه الخوف من العمل على الجهاز فاتصل بالاسرائيليين، وأطلعهم على موضوع توقيف الأخوين الجراح من قبل مخابرات الجيش اللبناني ومصادرة أجهزة اتصال مسلمة لهما من قبل جهاز الموساد الاسرائيلي، وبأنه خائف من اكتشاف أمره فطمأنه الاسرائيليون بأن لا أحد يستطيع ضبط الجهاز الذي بحوزته، فتابع عندها عمله معهم وبث الرسائل والصور إليهم بواسطة الجهاز المذكور والتردد إليهم لتقييم المعلومات التي زودهم بها.
وخلال فترة تعامله هذا ومن خارج إطار ما كلف به من قبل العدو الاسرائيلي وطمعاً في الكسب المادي الذي اعتاد الحصول عليه، أعلم المدعى عليه زياد الحمصي المدعو جورج خلال اجتماعه به في تايلاند عن امكانية مقابلته لسماحة السيّد حسن نصر الله بعدما أرسل اليه عدداً من مجلة "الإرادة" التي يصدرها تناول فيه الأحداث التي حصلت بين بلدتي تعلبايا وسعدنايل بواسطة الصحافي طلال خريس وزوّده برقم الهاتف الخليوي لهذا الأخير فتفاجأ جورج المذكور بهذا الخبر السار، وألح على المدعى عليه إعلامه بالموعد قبل ثمانية وأربعين ساعة من حصوله.
وتبيّن أيضاً أنه على أثر انهيار شبكات التجسس التي تعمل لصالح العدوّ الإسرائيلي على الساحة اللبنانية ووقوع العملاء في أيدي الأجهزة الأمنية اللبنانية، عمد المدعى عليه زياد الحمصي وخوفاً من افتضاح أمره، وبسبب إقامة مكتب أمني بالقرب من مكتبه في محلة شتورا إلى إخفاء الوصلة العائدة للـ" USB" المشفرة التي يمكن من خلالها الدخول إلى جهاز الستريو وكشف الأنظمة والبرامج التي كان يعتمدها للتواصل مع العدو الاسرائيلي، والاحتفاظ بجهاز الستريو كونه غالي الثمن.
غير أن مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التي كانت قد رصدت تحركات المدعى عليه وتنقلاته وتوفرت معلومات لديها بأنه من العملاء السريين للعدو الاسرائيلي، فقد داهمته دورية منها بتاريخ 16/5/2009 في منزله الكائن في بلدة سعدنايل وأوقفته واعترف بتعامله مع العدو الاسرائيلي واستلامه منها جهاز كمبيوتر وجهاز ستريو مشفراً ومتطوّراً يعمل بواسطة الأقمار الاصطناعية.
2012-06-01