ارشيف من :آراء وتحليلات

اليونان تحتار بين اليورو والدراخما

اليونان تحتار بين اليورو والدراخما
صوفيا ـ جورج حداد*

يخضع اليونانيون لحالة ضغط شديدة بسبب الوضع المالي والاقتصادي المتأزم للبلاد. والسؤال الرئيسي الآن: هل ستتم متابعة شحن الاقتصاد اليوناني بدفعات جديدة من المساعدات والقروض من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي. فالدولة لم يعد لديها من الاموال للأجور، والمعاشات التقاعدية والخدمات الصحية إلا ما يكفي حتى 20 تموز/يوليو القادم فقط. والثغرة في عجز الميزانية هي في نمو متزايد. في الشهر الماضي تم جمع مبالغ هي اقل بـ 666 مليون يورو مما كان متوقعا. وفي شهر نيسان/ابريل كان المبلغ المجموع اقل من المتوقع بـ 334 مليون يورو. وفي الاشهر الخمسة الاولى من السنة ارتفع العجز الى 10.9 مليارات يورو.

ويستعد اليونانيون لوقوع "حرب طروادة" جديدة"، إذ يتم يوميا سحب مبالغ تتراوح بين 500 و 800 مليون يورو من البنوك اليونانية.

ومنذ ان جرت الانتخابات في 6 ايار/مايو الماضي، نتج عنها عدم ظهور اكثرية تستطيع الحكم وعدم القدرة على تشكيل حكومة، واليونانيون هم في حالة توتر. وهم يخضعون للحملات الاعلامية من الخارج والداخل. لأن الرهانات كبيرة. فمن الممكن "تزحيط" اليورو، ومعه اغراق الاتحاد الاوروبي.

لم يبق زعيم غربي لم يدل بدلوه ليحذر اليونانيين من انه ليس لهم الحق بأن يختاروا من يشاؤون، وأنهم سوف يتحملون النتائج.

وقد صرح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه باروزو بأن انتخابات الاحد الماضي هي بمثابة استفتاء على بقاء اليونان في منطقة اليورو. وادلى بتصريحات مماثلة كل من المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل والرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند. وحتى باراك اوباما صرح محذرا اليونانيين.

وفي الوقت ذاته جرى الترويج لسيناريوهات مفادها كم سيكون الوضع سيئا فيما لو خرجت اليونان من منطقة اليورو.

ونشرت وكالات الانباء معلومات تقول بانه في حال خروج اليونان من منطقة اليورو فإن الاتحاد الاوروبي يرى امكانية اتخاذ ثلاثة تدابير حيال اليونانيين: ان يوضع سقف لسحب المال من أجهزة الصرف الآلية، وان يجري تحديد حركة الرساميل، وتحديد انتقال المواطنين اليونانيين في بلدان الاتحاد الاوروبي ـ اي تجميد اتفاقية شينغين بالنسبة لليونان.

ومن جهته حذر البنك الوطني اليوناني من انه اذا خرجت اليونان من منطقة اليورو، فإن دخل الفرد من السكان سينخفض بنسبة 55%، والعملة الوطنية الجديدة سوف تفقد 65% من قيمتها حيال اليورو، والبطالة سوف ترتفع الى نسبة 34% (هي الان 22%)، والتضخم سوف يقفز الى 30% (هو الان 2%).

والمعركة الانتخابية الرئيسية الاحد الماضي كانت بين الحزب المحافظ المسمى "الديمقراطية الجديدة" بزعامة أندونيس ساماراس، والتحالف اليساري الراديكالي المسمى سيريزا بزعامة الكسيس تسيبراس. والفارق الرئيسي بين ساماراس وتسيبراس، وعلى العموم الخط الفاصل بين الحزبين، هو الموقف من الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، الذي بموجبه ستحصل اليونان على قرض بقيمة 240 مليار يورو مقابل اتخاذ تدابير لشد الاحزمة.

فـتسيبراس وعد بأنه سيرسل الى محفوظات التاريخ الاتفاق المذكور، علما انه في المدة الاخيرة خفف لهجته. فهو قد وعد بتحضير مذكرة حول الاتفاق في غضون عشرة ايام اذا قدر له ان يربح. كما وعد بالبقاء في منطقة اليورو.

اما ساماراس فهو يتمسك بالاتفاق مع المقرضين الدوليين، ولكن بعد الوعد بتقديم مساعدة الى اسبانيا بقيمة 100 مليار يورو بدون شروط، اخذ يطالب باعادة اجراء محادثات حول الاتفاق مع اليونان.

اليونان تحتار بين اليورو والدراخما

كما ان المفوضية الاوروبية فتحت قليلا "النافذة" حول امكانية اعادة اجراء محادثات، ولكن ليس حول جوهر الاصلاحات كما تراها المؤسسات الدولية.

وفي الاسواق المالية هناك شعور بأنه اذا ربح الحزب اليساري سيريزا وشكل هو الحكومة، فإن البلاد ستكون مضطرة للخروج من منطقة اليورو.

ونظرا لاهمية الانتخابات ونتائجها، فإن وزراء المالية في الـ17 دولة الاعضاء في منطقة اليورو، قد اتفقوا على اجراء محادثات جامعة عقب اغلاق صناديق الاقتراع في اليونان. والهدف هو اتخاذ موقف جامع.

وقبل عدة ايام ظهر بصيص امل، اذ ان مؤشر بورصة اثينا اغلق على ارتفاع بنسبة 20%، في حين زاد مؤشر البنوك بنسبة 23%، وذلك لان المقرضين يعتقدون انه بعد الانتخابات سوف تتشكل حكومة، وانها ستطبق الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي بالرغم من صعوبته على اليونانيين. وهذا يعود الى الاشاعات بأن حزب " الديمقراطية الجديدة" هو الذي سيربح، كما ان الاسواق كانت عرضة لضغط استثنائي في الفترة الاخيرة، حسبما اوضح فاسيليس كاراريزوف ـ المحلل في بنك بروتون.

*كاتب لبناني مستقل

2012-06-20