ارشيف من :آراء وتحليلات
محمد مرسي ... من مرشحٍ للإخوان إلى رئيسٍ لكل المصريين
{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.
(آل عمران ـ الآية 8)
إن التاريخ سيسجل بأن الجمهورية الثانية في مصر ـ جمهورية أنور السادات ـ قد أُسقِطت في ذلك اليوم من 24 حزيران /يونيو من عام 2012. قاتلت هذه الجمهورية كي تصمد في وجه الرياح الثورية العارمة وفشلت. ثم حاولت أن تصانع في كثير من الأمور لتعيد انتاج نفسها بشخص من رجالاتها: عمر سليمان، ومن بعده أحمد شفيق، ولكنها فشلت. لم يبق من هذه الجمهورية الساداتية عمليا الآن سوى "المجلس الأعلى للقوات المسلحة". وبه وعبره سعت وستسعى لتقليص خسارتها، وهو بدوره أدرك بواقعية شديدة أن أي تلاعب بالنتائج الانتخابية سيضعه في مواجهة ساخنة قد تطيح بجنرالاته أي بالبقية الباقية من جمهورية السادات، لهذا لجأً محتاطاً إلى مصادرة السلطة التشريعية في حركة تتجاوز كل المفاهيم الدستورية؛ الغاية منها تكبيل مرسي إذا جاء رئيساً، أو تسهيل حركة شفيق لو جاء الأخير رئيساً. وهذا بالنظر لكون "مجلس الشعب" مكوناً من غالبية أخوانية.
السؤال الأهم الآن ماذا بعد ؟؟.. من المؤكد أن المدرك لمشاكل مصر ولتعقيداتها لن يغبط الرئيس مرسي على موقعه!. إنه سائر إلى حقلٍ من الألغام. الجنرالات تريده ضعيفاً مكبلاً، فهو أول رئيـس ـ لمصر الحديثة ـ من خارج المؤسسة العسكرية؛ وهي لا ترتاح لهذا فكيف وأن القادم الجديد جاء من لدن جهة سياسية كانت حتى الأمس القريب في عداء مستفحل معها! هذا وبالرغم من محاولات حزب التنمية والعدالة مغازلة المؤسسة المذكورة!.
لذا فإن اول حزام من الألغام سيواجهه الرئيس مرسي، أن مفاتيح ومفاصل السلطة ليست بيده وإنما بيد شبكة المصالح التي نشأت أيام السادات وكبرت وتجذرت أيام مبارك.!!..هذه الشبكة المتينة القائمة على أسس موضوعية من تبادل المنافع والدعم، حظيت وستظل تحظى بدعم الغرب لأنها مُجرَّبة منه! فقد أمسكت تلك بالسلطة لمدة 41 سنة وحوّلت خلالها مصر إلى حارسٍ لمصالح الغرب بقدر ما باتت حارساً لحدود "إسرائيل"؛ حتى مشت في هذا الأمر إلى حدود القطيعة مع القيم القومية والإنسانية، فضلاً عن القطيعة مع التاريخ المصري، وذاك عندما أضحت شريكاً لـ "إسرائيل" في حصار وتجويع غزة!! كانت قد سبقتها تغطيتها السياسية للقمع الاسرائيلي للإنتفاضة، ومن ثم محاصرة أبو عمار، انتهاءً باغتياله بالسُم.
أما الحزام الثاني من الألغام فهو في شريحة من الشعب مستعدية للأخوان وتخشاها، حتى باتت مربوطةً بالحزام الأول وجدانياً ونفسياً متجاوزةً كرهها لنظام مبارك!.
أما ثالث أحزمة الألغام التي قد تواجه الرئيس مرسي فهي من داخل جماعة الإخوان نفسها. وبالتحديد جناح المحافظين الآباء الأقدمين للجماعة الذين لم يعتادوا بعد أن يخلعوا ثوب الإخونجي الساخط المعترض ليرتدوا بدلاً منه ثوب الإخونجي المسؤول؛ أولئك الذين ما زالت تحكمهم ذكريات القمع يوم كان الأخوان هم "الخصم" في حين أنهم اليوم "حكم" أو سيصبحون!..
وبمعنىً آخـر فإن الرئيس مرسي، سيغدو في مكان بين حجري الرحى، حيث متطلبات الناس من جهة، ومافيات النظام المخلوع من جهة أخرى... الناس الذين اختاروه ـ سـواء عن رضا به أو عن مفاضلة قياساً بشفيق ـ على أمل أن يبدد بعض بؤسهم أو يحقق لهم شيئاً من أسباب الحياة الكريمة أو على الأقل أن يقطع الطريق على مافيا النظام المخلوع التي تستأثر بخيرات البلد والكثير من موارده. وهي من التأثير حتى وصفها أحد المراقبين السياسيبن المصربين بـ "الدولة العميقة"! إذ هي شبكة واسعة الطيف من رجال (البزنس!) ـ رأس المال الطفيلي ـ إلى جانب كبار جنرالات الجيش، وقادة الشرطة والمخابرات، فضلاً عن إعلاميين وفضائيات وصحافة، وإلى آخر ما هنالك!! هذه المافيا ستتصدى حتما لمن يتعرض لمصالحها أو امتيازاتها أو لعلها من الآن تتوثب تحوطاً !!
وسيكون أيضـاً محاصراً بين تقليدية إخوانية من آباء التنظيم وشيوخه، وبين استحقاقات قيادة دولة بحجم مصر فكيف وهي تجمع مفارقات نادرة: قلة في غنىً فاحش، إلى جانب كثرةٍ مسحوقة إلى ما تحت خط الفقر. نصف الشعب أمي إلى جانب نخب متميزة في الثقافة، والعلوم، والأدب. بلد اجتمع فيه جمهور من سلفيةٍ متزمتة، إلى شيوخ الطرق الصوفية جنباً إلى جنب مع شركات الانتاج السينمائي. وعمالقة المسرح ورواد الفنون الأخرى... هكذا واقع لا يمكن التعامل معه بتبسيطية الشعارات، فيما هو يحتاج إلى مقاربات عميقة تسيرها رؤية مسؤولة متبصرة منفتحة. والحديث هنا يطول بشؤونه وشجونه.
وعطفاً على ما سبق مباشرةً، سيغدو الرئيس مرسي بين رحى الذين يريدونه رئيسا إخونجياً بالنهج التقليدي، والإلتزام التنظيمي، وبين رحى الرافضين للإخوان بالأساس ولهم في ذلك أسبابهم، منها يعود للماضي البعيد، ومنها يعود للقريب أي بعيد الثورة. ولعل ما زاد الطين بـِلةً، ما أُصيبت به من نشوة بعض النخب الإخوانية إلى حد تناسوا فيها الأصول الديمقراطية، بل وأبسط حدود اللياقات! فيما بدا غرورا منفراً إثر فوز حزب العدالة والتنمية بغالبية المقاعد في مجلس الشعب وهذه أمثلةٌ منها:
* مهدي عاكف (المرشد العام ): "الإخوان سيضربون بالجزمة من يهاجمهم إذا وصلوا للحكم"!!- (في حديث مع طارق مصطفى نشرته روز اليوسف).
* الشيخ صفوت حجازي عضو مجلس أمناء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح: "أيوة عايزين نكوش على كل حاجة وحناخد كل حاجة"!!، مضيفا حتى لا يكون هناك "قط وفأر في البلد". !! ـ جاء ذلك في مؤتمر بمنطقة أبو سليمان بالاسكندرية، كان قد أُعـدِّ ضمن الحملة لانتخابات الرئاسة.
* النائب صبحي صالح، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب: "اللي يقدر يواجهنا يتفضل يورينا نفسه". جاء هذا في كلمته خلال مؤتمر انتخابي في عزبة محسن بمنطقة العوايد في الاسكندرية. كما جاء على لسانه أيضاً ـ وبنفس المؤتمر: "أقول لمن يقولون إن الإخوان يريدون التكويش على السلطات كلها إن الشعب هو من يريد التكويش علينا"!!.
نعم هناك ألغام حول الرئيس مرسي؛ ولكن بالقدر عينه هناك معطيات تمكنه من تعطيل العديد منها إذا صمم على ذلك. فهو الرئيس الوحيد في تاريخ مصر الذي يحكم بالشرعية الدستورية المدعومة من الشعب. فكيف إذا أخذنا بالاعتبار أن موضوعة الشرعية بأساسها لها في مصر قداستها ووقرها التاريخي، وهي تستمد جذورها من عراقة الدولة المصرية التي تمتد عميقاً إلى زهاء 7000 سنة. فضلاً عن ذلك فإن مقارنة بين الأرقام التي نالها مرسي في الجولة الأولى والثانية تكشف بأن مرسي جاء في المآل بإرادة طيف واسع من عدة تيارات سياسية منحته فرصة الفوز الذي ما كان ممكنا بالاعتماد على الأصوات التي يجيرها الأخوان وحلفاؤهم إلى جانب ما يمكن أن يجيره عبد المنعم أبو الفتوح، وبالعودة إلى الأرقام سيجد المدقق ما يلي:
1- هناك كتلة إضافية من 2.8 مليون ناخب، وهي ليست إسلامية لكونها قد أحجمت عن المشاركة في الدورة الأولى ثم عدلت وشاركت في الدورة الثانية عندما لاحت لها احتمالات قوية في فوز أحمد شفيق - (المتغيبون في الدورة الأولى 27.3 مليونا تراجعوا في الدورة الثانية إلى: 24.5 مليونا).
2- هناك كتلة من نصف مليون ناخب عطلت أصواتها متعمدة؛ وهي جلها من الناصريين ممن رفضوا أن يكونوا شركاء في إستنساخ مبارك جديد!!. (بالمقارنة بين نسبة الأصوات المعطلة في الدورة الأولى 1.7%، بينما نظيرتها في الدورة الثانية 3.2%).
إضافة لما سبق فقد دلت الاستطلاعات الميدانية أن العديد من القوى القومية واليسارية ساهمت في صنع النتيجة لصالح محمد مرسي. وهنا يسجل لهذه الأخيرة حسها السياسي المسؤول لتجاوزها خلافها العقائدي مع الإخوان متناسيةً تنكرهم في أكثر من مناسبة لرفاق الأمس، وبالأخص منهم الناصريين مركز ثقل القوى القومية الآنفة الذكر، ممن ظل الأخوان حتى الأمس القريب يتعاملون معهم بخلفية أحقاد الماضي. وهنا فإنه من الحق أن نسجل لهؤلاء حسهم السياسي المسؤل الذي حافظوا به على البوصلة، منهم من تعالى على مشاعره ليختار مرسي، ومنهم من اكتفى بأن لا يكون شريكاً في جريمة استنساخ نظام مبارك بطبعة جديدة، فعطل صوته.
وهكذا فان محمد مرسي الذي أصبح اليوم رئيساً لكل المصريين، وصاحب الشرعية الدستورية، يمكنه إذا ما تسلح بهذا الجمهور الذي محضه التأييد أن يسير بثبات. ونحسب أن خطوة جادة كفيلة بأن تستقطب من حوله جمهوراً آخر جلهم من المحبطين، أي من أولئك الذين أحجموا عن المشاركة في الانتخاب، وهم قرابة النصف إلا قليلاً. وهؤلاء مجتمعين هم رأسماله الحقيقي في مواجهة العواصف والتحديات. وأحسب أن الشرط اللازم لبداية صحيحة هي في أن يتيقن الجيل الشاب من الأخوان بأنهم لن يستطيعوا لوحدهم أن يصلحوا ثقوب السفينة وما أكثرها!! إلى جانب أن يدرك الجميع بأن الأفق لا ينجب مستقبلاً يحكمه الماضي.
لـؤي توفيق حــسن (كاتب من لبنان)
(آل عمران ـ الآية 8)
إن التاريخ سيسجل بأن الجمهورية الثانية في مصر ـ جمهورية أنور السادات ـ قد أُسقِطت في ذلك اليوم من 24 حزيران /يونيو من عام 2012. قاتلت هذه الجمهورية كي تصمد في وجه الرياح الثورية العارمة وفشلت. ثم حاولت أن تصانع في كثير من الأمور لتعيد انتاج نفسها بشخص من رجالاتها: عمر سليمان، ومن بعده أحمد شفيق، ولكنها فشلت. لم يبق من هذه الجمهورية الساداتية عمليا الآن سوى "المجلس الأعلى للقوات المسلحة". وبه وعبره سعت وستسعى لتقليص خسارتها، وهو بدوره أدرك بواقعية شديدة أن أي تلاعب بالنتائج الانتخابية سيضعه في مواجهة ساخنة قد تطيح بجنرالاته أي بالبقية الباقية من جمهورية السادات، لهذا لجأً محتاطاً إلى مصادرة السلطة التشريعية في حركة تتجاوز كل المفاهيم الدستورية؛ الغاية منها تكبيل مرسي إذا جاء رئيساً، أو تسهيل حركة شفيق لو جاء الأخير رئيساً. وهذا بالنظر لكون "مجلس الشعب" مكوناً من غالبية أخوانية.
السؤال الأهم الآن ماذا بعد ؟؟.. من المؤكد أن المدرك لمشاكل مصر ولتعقيداتها لن يغبط الرئيس مرسي على موقعه!. إنه سائر إلى حقلٍ من الألغام. الجنرالات تريده ضعيفاً مكبلاً، فهو أول رئيـس ـ لمصر الحديثة ـ من خارج المؤسسة العسكرية؛ وهي لا ترتاح لهذا فكيف وأن القادم الجديد جاء من لدن جهة سياسية كانت حتى الأمس القريب في عداء مستفحل معها! هذا وبالرغم من محاولات حزب التنمية والعدالة مغازلة المؤسسة المذكورة!.
لذا فإن اول حزام من الألغام سيواجهه الرئيس مرسي، أن مفاتيح ومفاصل السلطة ليست بيده وإنما بيد شبكة المصالح التي نشأت أيام السادات وكبرت وتجذرت أيام مبارك.!!..هذه الشبكة المتينة القائمة على أسس موضوعية من تبادل المنافع والدعم، حظيت وستظل تحظى بدعم الغرب لأنها مُجرَّبة منه! فقد أمسكت تلك بالسلطة لمدة 41 سنة وحوّلت خلالها مصر إلى حارسٍ لمصالح الغرب بقدر ما باتت حارساً لحدود "إسرائيل"؛ حتى مشت في هذا الأمر إلى حدود القطيعة مع القيم القومية والإنسانية، فضلاً عن القطيعة مع التاريخ المصري، وذاك عندما أضحت شريكاً لـ "إسرائيل" في حصار وتجويع غزة!! كانت قد سبقتها تغطيتها السياسية للقمع الاسرائيلي للإنتفاضة، ومن ثم محاصرة أبو عمار، انتهاءً باغتياله بالسُم.
أما الحزام الثاني من الألغام فهو في شريحة من الشعب مستعدية للأخوان وتخشاها، حتى باتت مربوطةً بالحزام الأول وجدانياً ونفسياً متجاوزةً كرهها لنظام مبارك!.
أما ثالث أحزمة الألغام التي قد تواجه الرئيس مرسي فهي من داخل جماعة الإخوان نفسها. وبالتحديد جناح المحافظين الآباء الأقدمين للجماعة الذين لم يعتادوا بعد أن يخلعوا ثوب الإخونجي الساخط المعترض ليرتدوا بدلاً منه ثوب الإخونجي المسؤول؛ أولئك الذين ما زالت تحكمهم ذكريات القمع يوم كان الأخوان هم "الخصم" في حين أنهم اليوم "حكم" أو سيصبحون!..
وبمعنىً آخـر فإن الرئيس مرسي، سيغدو في مكان بين حجري الرحى، حيث متطلبات الناس من جهة، ومافيات النظام المخلوع من جهة أخرى... الناس الذين اختاروه ـ سـواء عن رضا به أو عن مفاضلة قياساً بشفيق ـ على أمل أن يبدد بعض بؤسهم أو يحقق لهم شيئاً من أسباب الحياة الكريمة أو على الأقل أن يقطع الطريق على مافيا النظام المخلوع التي تستأثر بخيرات البلد والكثير من موارده. وهي من التأثير حتى وصفها أحد المراقبين السياسيبن المصربين بـ "الدولة العميقة"! إذ هي شبكة واسعة الطيف من رجال (البزنس!) ـ رأس المال الطفيلي ـ إلى جانب كبار جنرالات الجيش، وقادة الشرطة والمخابرات، فضلاً عن إعلاميين وفضائيات وصحافة، وإلى آخر ما هنالك!! هذه المافيا ستتصدى حتما لمن يتعرض لمصالحها أو امتيازاتها أو لعلها من الآن تتوثب تحوطاً !!
وسيكون أيضـاً محاصراً بين تقليدية إخوانية من آباء التنظيم وشيوخه، وبين استحقاقات قيادة دولة بحجم مصر فكيف وهي تجمع مفارقات نادرة: قلة في غنىً فاحش، إلى جانب كثرةٍ مسحوقة إلى ما تحت خط الفقر. نصف الشعب أمي إلى جانب نخب متميزة في الثقافة، والعلوم، والأدب. بلد اجتمع فيه جمهور من سلفيةٍ متزمتة، إلى شيوخ الطرق الصوفية جنباً إلى جنب مع شركات الانتاج السينمائي. وعمالقة المسرح ورواد الفنون الأخرى... هكذا واقع لا يمكن التعامل معه بتبسيطية الشعارات، فيما هو يحتاج إلى مقاربات عميقة تسيرها رؤية مسؤولة متبصرة منفتحة. والحديث هنا يطول بشؤونه وشجونه.
وعطفاً على ما سبق مباشرةً، سيغدو الرئيس مرسي بين رحى الذين يريدونه رئيسا إخونجياً بالنهج التقليدي، والإلتزام التنظيمي، وبين رحى الرافضين للإخوان بالأساس ولهم في ذلك أسبابهم، منها يعود للماضي البعيد، ومنها يعود للقريب أي بعيد الثورة. ولعل ما زاد الطين بـِلةً، ما أُصيبت به من نشوة بعض النخب الإخوانية إلى حد تناسوا فيها الأصول الديمقراطية، بل وأبسط حدود اللياقات! فيما بدا غرورا منفراً إثر فوز حزب العدالة والتنمية بغالبية المقاعد في مجلس الشعب وهذه أمثلةٌ منها:
* مهدي عاكف (المرشد العام ): "الإخوان سيضربون بالجزمة من يهاجمهم إذا وصلوا للحكم"!!- (في حديث مع طارق مصطفى نشرته روز اليوسف).
* الشيخ صفوت حجازي عضو مجلس أمناء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح: "أيوة عايزين نكوش على كل حاجة وحناخد كل حاجة"!!، مضيفا حتى لا يكون هناك "قط وفأر في البلد". !! ـ جاء ذلك في مؤتمر بمنطقة أبو سليمان بالاسكندرية، كان قد أُعـدِّ ضمن الحملة لانتخابات الرئاسة.
* النائب صبحي صالح، وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب: "اللي يقدر يواجهنا يتفضل يورينا نفسه". جاء هذا في كلمته خلال مؤتمر انتخابي في عزبة محسن بمنطقة العوايد في الاسكندرية. كما جاء على لسانه أيضاً ـ وبنفس المؤتمر: "أقول لمن يقولون إن الإخوان يريدون التكويش على السلطات كلها إن الشعب هو من يريد التكويش علينا"!!.
نعم هناك ألغام حول الرئيس مرسي؛ ولكن بالقدر عينه هناك معطيات تمكنه من تعطيل العديد منها إذا صمم على ذلك. فهو الرئيس الوحيد في تاريخ مصر الذي يحكم بالشرعية الدستورية المدعومة من الشعب. فكيف إذا أخذنا بالاعتبار أن موضوعة الشرعية بأساسها لها في مصر قداستها ووقرها التاريخي، وهي تستمد جذورها من عراقة الدولة المصرية التي تمتد عميقاً إلى زهاء 7000 سنة. فضلاً عن ذلك فإن مقارنة بين الأرقام التي نالها مرسي في الجولة الأولى والثانية تكشف بأن مرسي جاء في المآل بإرادة طيف واسع من عدة تيارات سياسية منحته فرصة الفوز الذي ما كان ممكنا بالاعتماد على الأصوات التي يجيرها الأخوان وحلفاؤهم إلى جانب ما يمكن أن يجيره عبد المنعم أبو الفتوح، وبالعودة إلى الأرقام سيجد المدقق ما يلي:
1- هناك كتلة إضافية من 2.8 مليون ناخب، وهي ليست إسلامية لكونها قد أحجمت عن المشاركة في الدورة الأولى ثم عدلت وشاركت في الدورة الثانية عندما لاحت لها احتمالات قوية في فوز أحمد شفيق - (المتغيبون في الدورة الأولى 27.3 مليونا تراجعوا في الدورة الثانية إلى: 24.5 مليونا).
2- هناك كتلة من نصف مليون ناخب عطلت أصواتها متعمدة؛ وهي جلها من الناصريين ممن رفضوا أن يكونوا شركاء في إستنساخ مبارك جديد!!. (بالمقارنة بين نسبة الأصوات المعطلة في الدورة الأولى 1.7%، بينما نظيرتها في الدورة الثانية 3.2%).
إضافة لما سبق فقد دلت الاستطلاعات الميدانية أن العديد من القوى القومية واليسارية ساهمت في صنع النتيجة لصالح محمد مرسي. وهنا يسجل لهذه الأخيرة حسها السياسي المسؤول لتجاوزها خلافها العقائدي مع الإخوان متناسيةً تنكرهم في أكثر من مناسبة لرفاق الأمس، وبالأخص منهم الناصريين مركز ثقل القوى القومية الآنفة الذكر، ممن ظل الأخوان حتى الأمس القريب يتعاملون معهم بخلفية أحقاد الماضي. وهنا فإنه من الحق أن نسجل لهؤلاء حسهم السياسي المسؤل الذي حافظوا به على البوصلة، منهم من تعالى على مشاعره ليختار مرسي، ومنهم من اكتفى بأن لا يكون شريكاً في جريمة استنساخ نظام مبارك بطبعة جديدة، فعطل صوته.
وهكذا فان محمد مرسي الذي أصبح اليوم رئيساً لكل المصريين، وصاحب الشرعية الدستورية، يمكنه إذا ما تسلح بهذا الجمهور الذي محضه التأييد أن يسير بثبات. ونحسب أن خطوة جادة كفيلة بأن تستقطب من حوله جمهوراً آخر جلهم من المحبطين، أي من أولئك الذين أحجموا عن المشاركة في الانتخاب، وهم قرابة النصف إلا قليلاً. وهؤلاء مجتمعين هم رأسماله الحقيقي في مواجهة العواصف والتحديات. وأحسب أن الشرط اللازم لبداية صحيحة هي في أن يتيقن الجيل الشاب من الأخوان بأنهم لن يستطيعوا لوحدهم أن يصلحوا ثقوب السفينة وما أكثرها!! إلى جانب أن يدرك الجميع بأن الأفق لا ينجب مستقبلاً يحكمه الماضي.
لـؤي توفيق حــسن (كاتب من لبنان)