ارشيف من :أخبار لبنانية

الملف السوري محور اللقاء الأول بين سليمان وهولاند

الملف السوري محور اللقاء الأول بين سليمان وهولاند
يقوم رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان بزيارات عربية ودولية متقطعة . وقد حط رحاله في باريس، التي توجه إليها مؤخراً والتقى الرئيس الفرنسي فرنسوا ھولاند في اجتماع ھو الأول بينھما بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية. والرئيس سليمان هو رابع رئيس دولة عربية يأتي الى فرنسا منذ انتخاب ھولاند في 6 أيار/ مايو الماضي. تحتل زيارة العمل هذه أھمية خاصة بالنظر الى توقيتها في زمن تطور الأوضاع في سوريا ومخاطر تمددھا الى لبنان، علماً بأن الزيارة اتت بعد أيام من انعقاد مؤتمر "أصدقاء سوريا" في العاصمة الفرنسية.

المكتوب يقرأ من عنوانه. والتصاريح المتبادلة كانت بمثابة المقدمات التي اكدت أن هاجس لبنان وفرنسا هو الوضع الاقليمي عامة وخاصة السوري وانعكاسه على لبنان.

الملف السوري محور اللقاء الأول بين سليمان وهولاند

وفي هذه الاجواء أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، أن الهدف من زيارته لفرنسا "تعزيز العلاقات بين البلدين، ودعم موقف لبنان من التطورات الحاصلة في الشرق الأوسط، ومساعدته للحفاظ على استقراره وأمنه وبقائه على موقف الحياد من انعكاسات الحوادث الجارية في الدول العربية، بانتظار التحول الى الديمقراطية، الأمر الذي يعتقده لبنان الفرصة الحقيقية لممارسة راقية في الديمقراطية اللبنانية".


مواقف الرئيس سليمان جاءت خلال لقائه رئيسي مجلس الشيوخ الفرنسي والجمعية الوطنية الفرنسية في مستهل زيارته لباريس.

من جهته نوّه رئيس المجلس بـ"الدور الذي يقوم به الرئيس سليمان في حفظ الأمن والاستقرار في لبنان ومنع انعكاسات ما يحصل في سوريا عليه، إضافة إلى جمعه القيادات اللبنانية على طاولة الحوار الوطني". وأكد بارتولون "دور الرئيس سليمان في ترسيخ الاستقرار في لبنان ومنع انعكاسات ما يحصل في سوريا من التأثير على الوضع الداخلي اللبناني، خصوصاً من خلال رعايته للحوار الوطني"، وأبدى "تمسك فرنسا بدورها الذي تلعبه في حفظ الاستقرار والسلام في لبنان من خلال مساهمتها في قوات اليونيفيل في الجنوب".
وتابع بارتولون: " تناقشنا خصوصاً في المسألة السورية لمعرفة كيف يمكن للبنان أن يتجنّب تصدير الأزمة السورية إليه، خصوصاً أن هذه الأزمة لا تعنيه ولا تعني شعبه، واستعرضنا كذلك مواقفنا لمعرفة كيف نبذل جهوداً مشتركة تهدف الى التوصل لـ"السلام" في الشرق الأوسط، علماً أن الدبلوماسية الفرنسية كررت دوماً موقفها الداعي إلى أن تكون لـ"إسرائيل" حدود آمنة ومعترف بها من جهة، ولرؤية دولة فلسطينية من جهة أخرى!.

واستناداً الى مصادر فرنسية مطلعة فإن المحادثات اللبنانية الفرنسية تركزت في السر والعلن على الملفات التالية:

الملف السوري محور اللقاء الأول بين سليمان وهولاند

1ـ المسألة السورية: أطلع ھولاند الرئيس اللبناني على الاتصالات الدولية التي تقوم بھا فرنسا والاتحاد الأوروبي بعد مؤتمر باريس لأصدقاء الشعب السوري الذي لم يحضره لبنان جرياً على عادته وعملاً بسياسة النأي بالنفس. وبحسب المصادر، فإن باريس تتفھم موقف الحكومة اللبنانية رغم أنھا تلتزم تجاه النظام السوري سياسة تتسم بالتشدد.
وعرض سليمان قراءته للأزمة السورية وتداعياتھا بما في ذلك على الوضع السياسي الداخلي وللتدابير التي قام بھا لبنان للتعامل مع اللاجئين السوريين. وفي ھذا الإطار اكدت فرنسا استعدادها لدعم جھود لبنان لاستقبال اللاجئين وإشعارھم أنھم في أمان. وتقول مصادر فرنسية إن لا مطالبة فرنسية أبداً بمنطقة عازلة أو ممر آمن في شمال لبنان، فما تريده ھو انتشار الجيش اللبناني لأنه عنصر أساسي لعودة الاستقرار والأمن. ولكن باريس لا تقبل أمرين تعتبرھما بمثابة خطين أحمرين:

الأول دخول قوات سورية إلى لبنان، والثاني تسليم لبنان للاجئين السوريين أراضيَ لبنانية.

ووضعت المصادر اللبنانية والفرنسية ھذه الزيارة في إطار "المشاورات" التي تحصل دورياً بين باريس وبيروت على خلفية تخوف فرنسا من تداعيات الأزمة السورية على استقرار لبنان. وتناشد باريس اللبنانيين تفادي استيراد النزاع السوري إلى لبنان الأمر الذي سيكون له أسوأ الآثار على السلم الداخلي والاستقرار اللبناني.

2ـ أمن لبنان ودعم الجيش: تتمسك فرنسا بضرورة إبعاد لبنان عن التوترات الأمنية الحاصلة في سوريا وتحييده عن أي انزلاق أمني بسبب ما يجري ھناك. فأمن لبنان أولوية فرنسية في ھذه المرحلة، وھذا ما سمعه الرئيس سليمان في باريس بالإضافة الى الالتزام الفرنسي الدائم بسيادة لبنان واستقلاله، وبدعم الجيش ليقوم بدوره الكامل ويتولى مسؤولية الوضع الأمني في المناطق كافة، لا سيما في الجنوب حيث إن الھدف الذي تسعى إليه فرنسا ضمن القرار 1701 ھو إيلاء مزيد من الصلاحيات للجيش اللبناني. وستواظب فرنسا على برامجھا التدريبية للجيش وعلى مساعداتھا العسكرية له.

3ـ اليونيفيل والمشاركة الفرنسية فيھا حيث يبلغ عدد الجنود الفرنسيين حالياً 944 .

ومن نتائج الزيارة، جددت فرنسا تأكيد استمرارھا في تحمل مسؤولياتھا في الدور المھم الذي تعتبر أن اليونيفيل تقوم به. وھذا الالتزام سبق واعلنته فرنسا أمام الأمين العام للأمم المتحدة. كما أن السفير الفرنسي في لبنان زار الجنوب مرتين على قاعدة تأكيد ھذا الالتزام. وتراھن فرنسا على حرص لبنان ومسؤوليه على أمن قوات اليونيفيل وسلامة تنقلات جنودھا خصوصاً خارج منطقة عملياتھا.

الملف السوري محور اللقاء الأول بين سليمان وهولاند

وتقول مصادر مطلعة إن من أهم أسباب عدم اجراء اي تغيير في العديد والمهمة، الظروف الحالية السائدة في المنطقة، لا سيما منها الوضع السوري، لأن هناك تخوفاً من تداعيات أي خطوة لترك المنطقة ولو جزئياً، وضرورة الحفاظ على هذا الوجود كاملاً منعاً لأي جهات أخرى تقوم بملء المكان أو أن تبقى منطقة الخفض أو الانسحاب مكشوفة وخارجة عن السيطرة، الأمر الذي لا يناسب المجتمع الدولي.

على خط آخر، أبدت قيادات عسكرية وأمنية إسرائيلية قلقها الشديد من قرار سابق اتخذته وزارة الدفاع الفرنسية بسحب 400 جندي من قواتها العاملة في اليونيفيل. ونقل عن مسؤول عسكري قوله إن "إسرائيل" قلقة جداً مما قد ينتج عن هذا القرار من تداعيات، إذ إن "اليونيفيل" هي عنصر أساسي في ترسيخ الاستقرار في جنوب لبنان، وخصوصا أن حزب الله نجح في تحسين قدرته العسكرية بعد حرب تموز 2006 وكثف نشاطاته السرية خلال عام 2011.

ووفقا للمصدر نفسه، فإن حكومة نتنياهو طلبت من القيادة الفرنسية إبقاء القوات الفرنسية والأوروبية في اليونيفيل لأن سحبها سيجعل الوحدتين الأندونيسية والماليزية الأكبر عدداً، ما يؤدي الى نقل قيادة اليونيفيل مستقبلاً الى أحد هذين البلدين الإسلاميين اللذين لا يقيمان علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل".

4ـ الحوار والحكومة: فرنسا تمتدح مبادرات سليمان لتجديد الحوار كأفضل وسيلة لخفض التوتر وتھدئة الوضع بعد أحداث طرابلس وعكار وخطف اللبنانيين في سوريا، بحيث إن الحوار يبقى أفضل من عدمه. وستشجع فرنسا على العمل لتنشيط المؤسسات من دون التدخل في مسألة تغيير أو عدم تغيير الحكومة. وتؤكد دعم إجراء الانتخابات النيابية في موعدھا و "بشفافية".

باختصار: ظاهرياً اكدت الزيارة على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين كما حصل الرئيس سليمان على دعم جديد لسياسته. لكن بعيداً عن الانظار كان الوضع السوري هو محور اللقاءات كما ان الحدود اللبنانية الجنوبية والشمالية هي الهاجس الاساس .

سركيس ابو زيد
2012-07-16