ارشيف من :آراء وتحليلات

14 آذار قاطعت الحوار وقطعت مع الحل

14 آذار قاطعت الحوار وقطعت مع الحل
سركيس ابوزيد

قبل شھرين لم تتخذ قوى 14 آذارقرار المشاركة في طاولة الحوار بالإجماع، لكن مؤخرا عندما اعلنت مقاطعة الحوار جاء قرارھا بالإجماع. وهكذا التحق الجميع بموقف "القوات اللبنانية" التي سبق وانفردت في مقاطعة الحوار ، لكن جاءت التطورات لتصب في خدمة موقفھا الذي صار الآن موقف كل قوى 14 آذار بمن فيھم حزب الكتائب الذي كان من أشد المتحمسين للحوار، من سعيه لتمييز موقفه عن القوات خاصة . كما التحق بهذه الموجة ، النائب وليد جنبلاط الذي أصبح متفھما ومبررا لموقف 14 آذار .

اتخذت قيادات 14 آذار قرارھا بوقف مشاركتھا في الحوار لأسباب معلنة الى جانب اسباب سياسية فعلية ومستجدة في الجو العام وهي التالية:

1- التلطي بالمواقف الصادرة عن حزب لله وتحديدا عن النائب محمد رعد .
2- التحجج باستمرار "محاولات" الاغتيال السياسي "
3- عدم تسليم كامل حركة وداتا الاتصالات.
4- التطور الدراماتيكي في الأحداث السورية بعد "التفجير القيادي" في دمشق و اندلاع "حرب المعابر الحدودية ومعارك الشوارع في دمشق وحلب" ، وھو ما تعاطت معه قوى 14 آذار بأنه مؤشر حاسم على الانھيار الوشيك في النظام السوري. ومثل ھذا الحدث كافٍ لوحده لإعادة خلط الأوراق والمعادلات وإسقاط حكومة ميقاتي وفتح ملف سلاح حزب لله في ظل ظروف مختلفة تماما... فلماذا الحوار الآن في ظل الوضع الحالي المتأرجح وغير المتكافئ؟
5- التغيير الحاصل في السعودية التي كانت شجعت على استئناف الحوار وتجاوب تيار المستقبل مع ھذه "الرغبة الملكية" على مضض، وتحولت الآن الى تفھم رغبة 14 آذار بعدم الاستمرار في الحوار والى تغطية خطوة الانسحاب منه. وھذا التغيير في الأجواء السعودية يحصل لأسباب وحسابات إقليمية عامة بعضھا مرتبط بتطورات الوضع في سوريا وبعضھا الآخر مرتبط بالمواجھة المفتوحة مع إيران وأحداث القطيف والبحرين واليمن. ومن مظاھر وعلامات التغيير السعودي تعيين الأمير بندر بن سلطان رئيسا للمخابرات السعودية العامة بدلا من الأمير مقرن بن عبد العزيز، ليصبح بندر القوي بعلاقته مع الأميركيين وبخبرته الأمنية الواسعة الرجل القوي في النظام السعودي معلنا انطلاق الحكم الفعلي لولي العھد الجديد الأمير سلمان بن عبد العزيز... وأما المظھر الثاني للتغيير السعودي فقد تمثل في إطلاق حملة تبرعات واسعة لمصلحة الشعب السوري بعدما كانت السلطات السعودية فرضت قيودا على جمعيات وقيادات دينية نشطت قبل فترة باتجاه جمع التبرعات ومساعدة المعارضة السورية...
6- رهان 14 آذار بأن الحكومة تواجه خطر الانفجار من الداخل وأن سقوطھا بات وشيكا من دون الحاجة إلى الحوار، خصوصا وأن المعارضة وافقت على الجلوس الى طاولة الحوار من خلفية فتح ملف تغيير الحكومة لمصلحة حكومة حيادية للانتخابات... بينما فريق 8 آذار لا يود الربط بين الحوار والحكومة...
7- اصرت المعارضة على الحديث عن تعليق المشاركة وليس عن "المقاطعة"، وبالتالي إبقاء نافذة مفتوحة أمام محاولات إنقاذ الحوار وتأمين مقومات استمراره وجدواه ولو بعد فترة.
8- حرصت قوى 14 آذار في مقاطعتھا للحوار التأكيد على أن موقفھا ليس موجھا ضد الرئيس ميشال سليمان... ولكن الرئيس سليمان متضرر ومتأذٍ بسبب توقيت قرار وقف الحوار في مرحلة بالغة الدقة والصعوبة يجتازھا لبنان ربطا بالأحداث السورية، ويصبح فيھا الحوار ضرورة أكثر من أي وقت مضى كمظلة لحفظ الاستقرار وتحييد لبنان عن الأزمة السورية.
9- وقف الحوار لا يضرب فقط الدور الأساسي لرئيس الجمھورية في ھذه المرحلة كراعٍ للحوار والتواصل بين طرفي الصراع في لبنان، وإنما يتعارض مع قناعته الوطنية السياسية بأن ھيئة الحوار تشكل مظلة سياسية وأمنية للواقع القائم ولا بديل عن الحوار للتوصل الى حلول للمشكلات المطروحة.

الرئيس ميشال سليمان كان يستعد لطرح ورقة عمل أعدھا بشأن الاستراتيجية الدفاعية وھي تمثل خلاصة وعصارة الأفكار والمقترحات التي طرحت على طاولة الحوار والقواسم المشتركة، لكن موقف 14آذار استبق مبادرة الرئيس وعطل دوره واحرجه فاضطر الى اعلان التاجيل. لان الرئيس سليمان ليس في وارد عقد جلسة حوار وطني "غير ميثاقية" في ظل غياب فريق أساسي يمثل نصفھا الآخر...

لكل هذه الاسباب اعلنت قوى 14 اذار مقاطعة الحوار فاضطر الرئيس سليمان الى تاجيل انعقاد طاولة الحوار في ظروف تكون فيها المنطقة افضل . لكن اتجاه الاحداث في سوريا الى الحسم قد يسرع الحسم في لبنان . واعلان المقاطعة من طرف واحد هو اعلان حرب ورفض الحلول السلمية والتسويات على الطريقة اللبنانية وفتح الباب امام سياسة الغالب والمغلوب التي استبق اهوالها السيد حسن نصرالله بالدعوة الى عقد جديد قبل الانزلاق الى فوضى جديدة .

2012-07-24