ارشيف من :آراء وتحليلات

يوليا تيموشينكو تقود المعارضة الأوكرانية من السجن

يوليا تيموشينكو تقود المعارضة الأوكرانية من السجن
صوفيا ـ جورج حداد*

بعد اندلاع أزمة الغاز بين روسيا وأوكرانيا عام 2008، بسبب تقاعس أوكرانيا عن ايفاء المستحقات عليها ـ حسب أقوال الطرف الروسي ـ ما دفع روسيا الى قطع الغاز عنها وقطع تدفق الغاز عبر الانبوب الذي يمر ترانزيت الى اوروبا عبر الاراضي الاوكرانية، ما تسبب بأزمة غاز كبيرة في اوكرانيا وعدد من البلدان الاوروبية ومنها بلغاريا.

ثم تجددت الازمة في 2009، وقد التقت رئيسة الوزراء الأوكرانية (حينذاك) يوليا تيموشينكو، رئيس الجمهورية الروسية حينذاك فلاديمير بوتين، وأنهت الازمة بتوقيع اتفاقيات جديدة مع روسيا تقوم اساسا على اعتماد سعر السوق الحر للغاز، في حين كانت الاتفاقات السابقة تحدد سعر الغاز الروسي بأقل من سعر السوق بكثير، مما كان يعتبره الطرف الروسي اجحافاً كبيراً بحقوقه. ومع ذلك كانت اوكرانيا تتخلف عن دفع المستحقات عليها.

يوليا تيموشينكو تقود المعارضة الأوكرانية من السجن

وبعد توقيع تلك الاتفاقيات بين تيموشينكو وبوتين، تمت ازاحة تيموشينكو عن مركز رئاسة الوزراء. وفي السنة الماضية تم تقديمها للمحاكمة بتهمة توقيع اتفاقيات تضر بمصلحة أوكرانيا وحكم عليها بالسجن مدة سبع سنوات. وعلقت تيموشينكو على الحكم بأنه حكم سياسي، وخصوصا أنها كانت قد وقعت تلك الاتفاقيات بطلب من الاتحاد الاوروبي، من اجل تسهيل مرور الغاز الروسي ترانزيت في اوكرانيا الى البلدان الاوروبية. وقد اعتبرت تيموشينكو وانصارها ان هذه التهمة والحكم بالسجن ما هو الا جزء من الحملة الغربية لزرع الشقاق بين روسيا واوكرانيا ودفع اوكرانيا للارتماء في احضان الغرب والانتماء الى الحلف الاطلسي ونشر القواعد الاميركية لنظام الصواريخ المضادة للصواريخ في اوكرانيا، والمطالبة بسحب الاسطول الروسي من مدينة سيباستوبول الاوكرانية، الموجود هناك بموجب اتفاقية تنتهي مدتها سنة 1917.

وبالرغم من مكوثها في السجن واصابتها بمرض جلدي يشكك بعض انصارها بأسبابه، تتابع تيموشينكو نشاطها السياسي. ومؤخراً تزعمت اللائحة الحزبية للمعارضة الموحدة في الانتخابات البرلمانية القادمة التي ستجري في 28 تشرين الاول/اوكتوبر 2012. وبالرغم من انها لا تزال في السجن، فإن جميع المندوبين في المؤتمر قبل الانتخابي للاحزاب المعارضة، الذي عقد في كييف، اختاروا بالاجماع يوليو تيموشينكو لتكون على رأس القائمة الانتخابية للمعارضة. هذا مع العلم ان القانون الانتخابي الاوكراني يمنع الاشخاص الذين صدرت بحقهم احكام قضائية ولم يتم تنفيذها ان يشاركوا في الانتخابات.

ولمزيد من الضغط على تيموشينكو وجهت اليها تهمة جديدة هي التلاعب المالي والتهرب من دفع الضرائب، في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي حينما كانت تترأس احدى كبرى شركات الغاز. وجرت المحاكمة الجديدة في 31-7-2012 في كييف، ولكن تيموشينكو بعثت برسالة خطية ترفض فيها حضور المحكمة، وقالت انها ستقاوم جسديا اذا ما جرت محاولة لسوقها الى المحكمة بالقوة. وكانت تيموشينكو في المحاكمة السابقة ترفض الوقوف للقاضي لدى استجوابها في المحكمة. وهذا ما دفع المحكمة لتشديد الحكم عليها.

يوليا تيموشينكو تقود المعارضة الأوكرانية من السجن

وقد تجمهر يوم 31 تموز/يوليو انصار تيموشينكو امام المحكمة العليا حيث ستجري المحاكمة، للاحتجاج على المحاكمة والتضامن مع رئيسة الوزراء السابقة. وقدر عدد الجمهور بـ 3500 شخص. ولا تزال تيموشينكو تخضع للعلاج في السجن، ويشرف على علاجها اطباء المان واوكرانيون.

هذا، وخلال وجودهما في كييف بمناسبة البطولة الاوروبية لكرة القدم، وجه رئيسا وزراء اسبانيا وايطاليا ماريانو راهوي وماريو مونتي اللوم الى الحكومة الاوكرانية بسبب اعتقال تيموشينكو. وارسل الاثنان رسالة مشتركة الى الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش. واعرب الاثنان عن الامل بايجاد حل لمسألة رئيسة الوزراء السابقة تيموشينكو والوزراء الاخرين معها. وطلب الاثنان من سفيريهما العمل لمقابلة تيموشينكو في السجن.

ومن جهة ثانية كان رئيس البرلمان الاوكراني فولوديمير ليتفين قد قدم استقالته. وجاءت هذه الاستقالة بعد ان اقر البرلمان قانونا اصبحت بموجبه اللغة الروسية لغة محلية (للمحافظة المعنية) في 13 من اصل 27 محافظة في البلاد. ويحافظ القانون على اللغة الاوكرانية بوصفها اللغة الرسمية للبلاد، الا انه يوسع الحقوق اللغوية للاقليات غير الاوكرانية. وقد تظاهر حوالى الف شخص امام البرلمان ضد صدور هذا القانون واشتبكوا مع رجال مكافحة الشغب.
كاتب لبناني مستقل *
2012-08-01