ارشيف من :أخبار عالمية

منطقة اليورو تشدُّ الاقتصاد العالمي الى الوراء

منطقة اليورو تشدُّ الاقتصاد العالمي الى الوراء
صوفيا ـ جورج حداد*

يتوقع الخبراء الاقتصاديون ان تحدث صدمة كبرى تكلف الاتحاد العملوي (منطقة اليورو) ليس اقل من 5% من اجمالي الناتج الوطني القائم لدول المنطقة. ان تعمق الازمة في منطقة اليورو يمكن ان يتسبب بهبوط اقتصادي ملحوظ في العالم بأسره. وقد ورد هذا الاستنتاج في تقرير اصدره مؤخرا صندوق النقد الدولي.

وبالرغم من الفوضى التي غرق فيها الاتحاد العملوي، فإن القسم الاكبر من الصدمة الاقتصادية المحتملة لم يضرب بعد القسم الاخر من العالم، حسب تقدير صندوق النقد الدولي. واذا حدثت هذه الصدمة فإنها ستكلف منطقة اليورو اكثر من 5% من الناتج الوطني القائم. وستتحمل بريطانيا العظمى خسائر بهذا المقدار. اما الولايات المتحدة الاميركية فسوف تخسر 2% من الناتج الوطني القائم. وأما خسائر اليابان فستبلغ 1%. وأخذا بالاعتبار النمو الضئيل للاقتصادات المتقدمة، فإن مثل هذه الخسائر يمكن ان تدفع غالبيتها للوقوع من جديد في الركود.

منطقة اليورو تشدُّ الاقتصاد العالمي الى الوراء

ومنذ ايام صرحت مديرة صندوق النقد الدولي ووزيرة المالية الفرنسية سابقا كريستين لاغارد، بأن منطقة اليورو هي كبيرة، ولكنها ليست المشكلة الوحيدة للاقتصاد العالمي، وذكرت بـ"المسائل المهمة المتعلقة بوضع الميزانية الاميركية". "والان تحديدا نحن نراقب خسارة الثقة بالاقتصاد العالمي، وهي الخسارة التي يغذيها مزيج من المؤشرات الاقتصادية السيئة ورد فعل المستثمرين على هذا الوضع"، حسبما اشارت اليه لاغارد في المؤتمر الصحافي الذي عقدته في واشنطن.

وفي الوقت نفسه فإن مفوض الاتحاد الاوروبي للمالية، الفرنسي ميشال بارنيه، اعلن عن تأييده لتحويل الاتحاد الاوروبي الى فيدرالية اوروبية قبل سنة 1916. "لقد عملت اوروبا الشيء الكثير في وقت قصير، لأجل تصحيح الاخطاء المتراكمة في السنوات العشر الماضية... وذلك بإنشاء اتحاد اقتصادي أكثر تحديدا على قدم المساواة مع الاتحاد العملوي. وقد آن الاوان للاتجاه نحو تشكيل الفيدرالية الاوروبية، لأن الازمة تبين اننا لا يمكننا الخروج منها فرادى". هذا ما قاله بارنيه في مقابلة له مع صحيفة "ليبيراسيون" الباريسية. "ان الوقت محدد امامنا ـ حتى سنة 2016. ان الاتحاد الاوروبي ينبغي ان يتحول الى فيديرالية للدول الاوروبية، التي ستشبك مصائرها بعضها ببعض، بدون محو التمايزات. ان الفيدرالية تعني ادارة الاقتصاد، الادارة الجماعية لتوجهاتنا الميزانوية، الاتحاد البنكي، السياسة الصناعية، وميزانية اقوى بكثير"، هذا ما ختم به مفوض المالية للاتحاد الاوروبي.

وفي هذا الوقت اعلن بعض المطلعين ان البنك المركزي الاوروبي قد انقذ سرا اليونان من الافلاس.

ففي شهر حزيران/يونيو كان اندونيس ساماراس قد تولى السلطة واعدا باعادة التفاوض حول الاتفاق الانقاذي الاخير للبلاد. وقد قام البنك المركزي الاوروبي بانقاذ اليونان مؤقتا من الافلاس، متعهدا بتقديم قروض اضافية سريعة للبنك المركزي اليوناني، حسبما تؤكد جريدة "بيلد" الالمانية.

وهذا ما يضمن انقاذ اليونان ماليا حتى شهر ايلول/سبتمبر، حسبما يقول المصدر ذاته كما نقلت عنه "رويترز".

وبموجب هذه العملية من المفروض ان تحصل اليونان على قروض اضافية بقيمة 4 مليارات يورو، بانتظار المقرضين الثلاثة الكبار لليونان (الاتحاد الاوروبي، والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي)، الذين سيقررون في شهر ايلول/سبتمر القادم هل سيقدمون الحصة الجديدة (31،3 مليار يورو) من المساعدات المتفق عليها لليونان.

حتى الآن كان بامكان البنك المركزي اليوناني ان يتقبل سندات دولة يونانية فقط بقيمة 3 مليارات يورو، ولكن البنك المركزي الاوروبي سمح له ان يرتفع السقف الى 7 مليارات يورو، كما تقول الجريدة الالمانية.

وفي هذا الوقت فصَلَ اندونيس ساماراس من الكتلة البرلمانية لحزب الديمقراطية الجديدة عضوا بارزا في الحزب لأنه نشر في موقع تويتر الالكتروني انتقادا للحكومة بسبب برنامجها لاعادة التفاوض حول الاتفاق مع المقرضين الدوليين. وكان نيكوس نيكولوبولوس قد اخلى منصبه كنائب لوزير العمل، بعد ان اتهم الحكومة بأنها لا تواجه بحزم الضغط من أجل اجراء تعديلات في الاتفاق مع المقرضين من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.

منطقة اليورو تشدُّ الاقتصاد العالمي الى الوراء

"ان الطريق المسدود في الاستراتيجية المتبعة هو واضح. والتلويح باعادة التفاوض كان حلما. وقد نسينا ذلك. ماذا ينتظر شعب منهوك القوى من الثلاثية؟ التساهل ام العقاب؟"، يقول نيكولوبولوس في تعليقه في تويتر. ويتابع " الركود القياسي لموسوعة الارقام القياسية غينيس. ان بلادنا عاشت لسنوات متوالية حالة من الركود اكثر من اي دولة اخرى في العالم. انها لا تستطيع ان تصمد اكثر".

هذا وتقول مديرة صندوق النقد الدولي ان الصندوق "لم يغادر ابدا طاولة المفاوضات".

وفيما يخص الدولة الاخرى الواقعة في ازمة مالية صعبة، اي اسبانيا، تقول لاغارد: "لا نريد من اسبانيا اصلاحات جديدة، لانه يجري حاليا تطبيق الاصلاحات المتخذة".

وأضافت لاغارد ان المؤسسة المالية الدولية سوف تقف خلف اليونان الموجودة في ضائقة. وقد توصل السياسيون اليونانيون الى الاتفاق مع الثلاثية حول اجراءات تقشفية بقيمة 11،5 مليار يورو، في مقابل المساعدة المالية للبلاد.

ويوجد الان في اثينا بعثة من خبراء الثلاثية (الترويكا)، مهمتها التحقق مما نُفذ حتى الان من الاجراءات المتفق عليها مع الثلاثية، ومن اجل "مساعدة" البلاد في جهودها من اجل التغلب على مشكلاتها المالية. وحتى الان ظهرت بعض التأكيدات بأن تنفيذ البرنامج المفروض يتأخر، وهذا ما سيطرح السؤال: هل الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي سوف تميل الى اجراء تغيير في النهج المتبع حيال اليونان.

وحسب تعبير مديرة صندوق النقد الدولي فإن عدم اليقين في منطقة اليورو واحتمال نشوء "نطاق مالي" في اميركا، يرتبط برفع الضرائب ونمو النفقات الحكومية ـ من شأنه طرح "مسائل جدية" حول اقتصاد الدولة، وهي مسائل تزداد صعوبة كلما جرى الحديث عن الثقة.

*كاتب لبناني مستقل
2012-08-07