ارشيف من :آراء وتحليلات

دولة في الدولة: مناطق عازلة على الحدود مع سورية وأخرى معزولة في الداخل اللبناني

دولة في الدولة: مناطق عازلة على الحدود مع سورية وأخرى معزولة في الداخل اللبناني
سركيس ابو زيد

يشهد لبنان حالة من التفكك والانتظار. والهدف هو اضعاف الدولة المركزية وشق الطريق امام ولادة مناطق عازلة في الشمال خاصة وعلى امتداد الحدود اللبنانية السورية بهدف انشاء قواعد خلفية من اجل امداد واسناد ونصرة المعارضة المسلحة في سورية. لتحقيق هذا الغرض برزت دويلات ضمن الدولة اخذت شكل اجهزة مستقلة ومربعات امنية ومناطق معزولة وانعزالية تبرر قيام المناطق العازلة على الحدود اللبنانية السورية.
يتذكر اللبنانيون بعض الشواهد التي تؤكد سلوك بناء "دولة" داخل الدولة منها ما حصل في اخر ايام الحكومة السابقة وسوف نستعيد التفاصيل والحيثيات لعل في الذكرى ما يفيد:

في ايار 2011 وقع وزير الاتصالات انذاك شربل نحاس على عقد مع الصينيين بشأن تطوير احدى شركتي الخلوي، وقد طلب منهم تحديث الهبة التي قدمت منهم في العام 2007، فتبين أن المعدات قيد التشغيل في الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات في العدلية.
وما أن جاهر نحاس أمام فريق عمله في الوزارة بالأمر، حتى انقلب المشهد في العدلية، حيث حضر فرع المعلومات ووضع يده على المبنى وقام بتغيير الأقفال وبقرار من مدير عام اوجيرو.

و كما كشف عن وجود وصلة ما بين الطابق الثاني في المبنى المذكور، وبين الطابق السابع الذي يوجد فيه مركز التحكم (التنصت). وتبيّن وجود جهاز اعتراض مخابرات هاتفية متطور يتنصت على اللبنانيين من خارج القواعد القانونية، ويستهدف خصوصاً الشبكة الهاتفية الخاصة بـ«حزب اللـه» والمقاومة.

وقد وصف الوزير نحاس في مؤتمر صحافي عقده يومذاك ان ما حصل بأنه وضع شاذ، واتهم فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي بتنفيذ انقلاب. وقد تبين ان الشبكة الخليوية الثالثة كان "فرع المعلومات" يشغلها بالتعاون مع "اوجيرو"، من دون علم الوزارة، ولغايات غير معلومة.

ومن المفارقات التي سبقت هذه الحادثة ضبط الفرق التقنية والفنية في وزارة الاتصالات بث شبكة خلوية مجهولة الهوية والمشغّل والمصدر تحت اسم «أوجيروموبايل» أو LBN Ogero وهو الاسم الحركي للشبكة الخلوية الثالثة.
وتبيّن أن مستخدمي منظومة الاتصالات الخلوية غير الشرعية مجهولون تماماً وعددهم قد يقارب 17 ألفاً، مع ما يعني ذلك من إمكان إجراء اتصالات محلية ودولية (إسرائيلية!) خارج أي رقابة رسمية.
ويغطي بث هذه المنظومة الساحل السوري من الجهة الشمالية للحدود اللبنانية السورية من خلال محطة إرسال وتقوية بث جهزت في مدينة طرابلس، ما يعني أن ثمة جهازاً أمنياً لبنانياً أقام جسراً خلوياً مع مجموعات مجهولة في الساحل السوري، مع ما يطرح ذلك من أسئلة عن التزامن مع المؤامرة التي تستهدف سورية، وهي في جزء غير يسير منها تعتمد على التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 27-5-2011 وتحت عنوان: وزير الداخلية ينعى الحكم...

كتبت السفير تقول : لعلها أكثر الصور بشاعة، تلك التي تصدرت، أمس، المشهد السياسي، عندما يشاهد اللبنانيون دولتهم بالصوت والصورة تُغتال بسلاح أبناء الدولة أنفسهم.
أن تسيطر قوة أمنية رسمية على مقر رسمي كما حصل في مبنى وزارة الاتصالات في العدلية، وأن يقف فرع المعلومات في مواجهة جهاز أمن السفارات، وهما يتبعان لقيادة أمنية واحدة، وان يمنع وزير من دخول مقر تابع لوزارته بالقوة، وأن يلقم أكثر من خمسين عسكريا سلاحهم في لحظة واحدة بوجه وزير وموظفين في وزارته، فتلك سابقة لم تحصل في زمن الفلتان والميليشيات.

هذا ما حصل في ايار 2011 والشواهد المشابهة كثيرة وتتكرر باستمرار. اخرها دويلة الاسيرالذي سجن صيدا وقطع طريقها العام وانشأ منطقة عازلة في الجنوب على امل نقل نموذجها الى بيروت ومناطق اخرى حيث امكن .
ومن اخر مستجداته ان الشيخ أحمد الأسير استقدم مكعبات اسمنتية الى محيط مسجد بلال بن رباح الذي يصلي فيه في عبرا والمكعبات التي رصفت عند مداخله حولت المكان إلى ما يشبه المربع الأمني، علماً بأن وزير الداخلية مروان شربل كان قد نقل إلى قادة الأجھزة الأمنية في اجتماع مجلس الأمن الفرعي في الجنوب مطلب الأسير بتوفير إجراءات أمنية في محيط المسجد. وهكذا يبدو ان دولة الاسير بنيت ضمن الدولة بالتوافق مع دولة شربل .
لان إقامة المربع الأمني اتى نتيجة الاتفاق الذي رعاه وزير الداخلية
مروان شربل عندما أعلن إنھاء اعتصام الاسير في صيدا قبل اسبوعين... وأن ساعة الصفر لتطبيق بنود الاتفاق جاءت بعد أن زار شربل صيدا للمرة الثانية حيث ترأس مجلس الأمن الفرعي في سرايا المدينة.
وهكذا يستمر مسلسل المعازل ليبرر وظيفة المنطقة العازلة على الحدود مع سورية.

2012-08-11