ارشيف من :آراء وتحليلات
أســئلة مطروحة سورياً تبحث عن إجابات غير مؤجلة
لا تتوقع نتائج مختلفة إذا كنت تكرر الشيء نفسه
البرت اينشتاين
ما عاد ممكناً، ولا عاد جائزاً التهرب من طرح أسئلة تقلق كل حريص فيما سوريا تخوض معركة "نكون أو لا نكون":... كيف أمكن إدخال هذه العبوات الناسفة من الوزن الثقيل إلى مبنى الأمن القومي حيث البؤرة الأمنية للدولة؟!!. وحيث كبار أركانها!!.ولماذا لم يكن هذا الدرس القاسي كافياً كي لا نضطر للتساؤل مرةً أخـرى كيف أُدخِلت تلك العبوة الناسفة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون السوري أحد اهم فيالق المواجهة باعتبار أن الإعلام والحرب النفسية يشغلان الحيز الأكبر في ساح المواجة الجارية...
نلفت إلى أننا قلنا: "كيف"، وليس "من"؛ هذا لأن الأخيرة هي نتاج الثانية في حين أن البحث يجب أن ينصبّ بشكل أساس على السبب وليس المسبب!. ونسأل ايضاً وأيضاً كيف استطاع عميد من الحرس الجمهوري أن يتحرك بحرية دون رقيب تسبقه عائلته فيما مسألة ولائه يفترض بأنها أصبحت باكراً في دائرة الشك بعدما اعترف أخوه فراس بدعمه المالي لما يسمونها: "كتيبة الفاروق" التي يترأسها ابن عمته عبد الرزاق طلاس قائد هذه الكتيبة من "الجيش الحر"؛ وبعد أن انشق العديد ملتحقين بهذا الأخير من المحسوبين على والده مصطفى طلاس!!. ولماذا لم تشكل هذه السقطة سبباً كافياً للتدقيق فيما بعد بالكثيرين على قاعدة لا احد فوق الشبهة، لنفاجأ برئيس للوزراء مُنشق!. مسألة مزعجة، ومضرة على المستوى المعنوي في اقل تقدير؟!!. لكن الأذى النوعي في الصميم جاء من تمكن هذا الجمع الكبير من المقاتلين بأسلحتهم من الدخول إلى احياء بكاملها في مدنٍ كبرى. سبقها بالتأكيد تحضيرات لوجستية من تأمين مخازن، ومبيت ..والخ.. أشياء تأخذ من الوقت كثيره، ومن الحجوم كبيرها، وليست إبرة سقطت خطفاً فضاعت في كومة قش!!... فكيف تم ذلك ؟!، هو السؤال المهم. لكن الأهم منه هو: من أوجد الجسور حتى سَهُلت المهمة!.. ومن تستر عليها!!...الخ الخ !!. كل هذه الأسئلة المهمة تستفز على البحث الموضوعي بعيداً عن الشائعات، وخارج تأثير وقع الحدث بالرغم مما حمل ويحمل من خسائر، وخيبات... ومعاناة.
لا شك في أن منظومة الفساد التي ضربت سوريا هي المفتاح لهذه التداعيات والدليل أن "المنشقين" عن النظام كانوا من أصحاب الغُنم، أو على الأقل من نادي المستفيدين منه، وهذا ما يؤكد مرةً على مرة العلاقة الجدلية بين طرفي المعادلة: تحصين الداخل أخلاقياً ممانعةً للفساد، ومتطلبات الصمود ممانعةً للمخططات الأمبريالية.
لعل ما حدث يفتح الباب واسعا على احد المفاصل المركزية: "إنه الاقتصاد.."!. فقد كانت أولى لبنات التآمر على سوريا، هي تـزيين وتسويق مقولة (لبرلة) الاقتصاد، أي الانتقال السريع إلى اقتصاد السوق في مجتمع تأسس اقتصاده منذ عام 1963 على قواعد الاقتصاد الموجّه. شكّل القطاع العام أكثر من الثلثين من حجمه؛ وهذا في ظل نظام سياسي هو من طبيعة لا يمكنه معها قط مجاراة منظومة اللبرلة وفقا لما تتطلبه الليبرالية من وجود كفة أخرى موازنة لسلبياتها تحد من مساوئها تتأتى من رقابة برلمانية، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني، وحيث الحياة السياسية المفتوحة على تعددية حزبية تنافسية محكومة بقواعد (اللعبة) الديمقراطية.
أما ما حصل في سوريا فان "تحرير الاقتصاد"! أدى من جهـة إلى خسارة مزايا الاقتصاد الموجّه، ورعاية الدولة للكثير من القطاعات من دون أن تربح مزية الرقابة الديمقراطية. وبذا أصبحت طبقة الرأسمال الطفيلي ليست متفلتةً وحسب من أية رقابة بل ومحمية أكثر عندما تسللت إلى داخل مؤسسات الدولة وبعضها الحساس!، مُفسِدةً من أفسدتهم من رجالاته!!، ومن دون خوف من حسيب. ولعل ما فاقم الأمر سوءًا هو النمو السرطاني لهذه الطبقة الطفيلية حيث جاء صعودها على حساب الرأسمال الوطني المنتج، الذي دفع ثمن الاتفاقات التجارية المجحفة مع تركيا حتى حدود إقفال بعض معامله. نذكر هنا بأن حجم التبادلات التجارية بين البلدين وصل إلى حوالي 2.5 مليار دولار في السنة؛ ثلثاها بضائع مستوردة من تركيا! ما ساعد أكثر فأكثر على استحواذ الطبقة الكومبرادورية على حجم كبير من الاقتصاد، والسـيولة النقدية!... وبالتالي المزيد من النفوذ!!..
لقد بتنا الان على يقين بأن المؤامرة التي تمر مشاهدها أمامنا الآن سبقها إعدادٌ استغرق سنوات من تجهيز كل الأسباب، وتحضير المناخات التي تضعف المناعة ببريق المال. بدأت خيوطها الإفسادية من لبنان ـ أيام الوجود السوري فيه! ـ ثم توسعت نحو الداخل السوري، جاعلة من رداء البعث العقائدي ثوبا مهلهلاً!، هذا بالإضافةً للترهل الطبيعي الذي أصابه بالأساس كما يصيب أية منظومة عقائدية بفعل الإدمان على السلطة!!.. ربما وحدها المؤسسة العسكرية بدت وبنسبة كبيرة بمنجاة من هذا الطاعون حيث أثبتت بكيفية فريدة وغير مسبوقة تماسكها في وقت كان الرهان وما زال على فرطها بوصفها عصب الدولة الشديد. ونحسب بأنه لو تعرض أي جيش في العالم إلى نصف، لا بل إلى ربع ما تعرض له هذا الجيش من ضغوط، لكان انفرط عقده، أولهم الجيش التركي، بل وربما جيش الولايات المتحدة نفسها لو وضع في ذات الظـروف!!.
ويمكننا القول بأن كل الانشقات التي حدثت كان الهدف منها إحداث تأثيرات نفسية من فقدان الثقة بحيث تتراكم لترسخ صورة بأن السلطة مهترئه وعلى وشك التداعي؛ تأثيرات تستهدف عدة جهات منها الصديق في الخارج لاستدراجه إلى عدم اليقين، في بازار المقايضة على الحليف السوري!! كما تستهدف في الداخل الجيش بشكل أساس.. لكن هذا الأخير شكل مفاجأة للقوى المراهنة على فرط عقده. ولا شك بأن معركة دمشق كانت أكبر اختبار مر به الجيش والدولة من حيث قسوته . فقد جاءت العملية الأمنية التي استهدفت القيادات العسكرية والأمنية لتحقيق صدمة نفسية، واستغلالها لأقصى حد من ضمن سيناريو مُعد يتضمن عملاً عسكرياً استثنائياً يستثمر هذه الصدمة بحيث تسقط السلطة تحت تأثيرها!!. ذات الأسلوب اتبعته أمريكا في أماكن أخرى فيما يعرف: باستراتيجية البركان ـ الحرب القذرة (- volcano strategy (dirty war. فشلت المحاولة الذروة في دمشق. وامتصت القيادة الصدمة فيما تصرف الجيش بهدوء وثقة ما مكّنه من الانتصار في معركة العاصمة.
وبسيناريو مشابه جرى الإعداد له لمعركة حلب، حيث سبقها الإعداد اللوجستي والتحضيرات العسكرية على الأرض بعيداً عن العيون!!! ،ثم وفي ساعة الصفر كان الصاعق بعمل أمني "مدوّ" جاء هذه المرة مع "انشقاق" رياض حجاب وترافقت معه حملة اعلامية ومن كل مكان تبشر بانهيارات كبيرة!!!!، لذا وبعـدها ليس من المبالغة القول بأن الجيش السوري قد أثبت بأنه من أكثر جيوش العالم انضباطاً وولاءً لقيادته والتفافاً حولها حتى في أسوأ الظروف التي تغري على الانفضاض.
كلمة أخيرة إن هذه الانشقاقات المدفوع أجـرها!! قد تبدو بعين المتفائلين كالأغصان اليابسة المتعفنة التي تتساقط من الشجرة ليتجدد بعدها شبابها إذا ما اقترن الأمر بظروف موضوعية تحسن من شروط الانبات. وفي المبدأ هذا المثال غير بعيد عن المعقول في الحالة السورية التي ثبت معها ان "الدولة العميقة" أرسخ من أن تتداعى. لذا يبدو من غير الصعب تصور تغيرات نوعية في الداخل جنباً إلى جنب مع خضم المعارك الجارية. من المؤكد أن هذا أو بعضه في حكم المؤجل لو كان في بلد آخـر!... أما في الحالة السورية فكل شيء يمكن تأجيله إلا أمران: الكف عن مواجهة الميليشيات المسلحة، والاستمرار في انتهاج ثقافة جديدة في القيادة والممارسة تخلق ثورة حقيقية من الداخل في وجه الثورة المضادة من الخارج !!. هذه الامكانية النظرية هل يمكن ان تتحقق واقعياً؟ فنرى هذه المفارقة: الحرب التي تأكل نيرانها من جهة تبني إنساناً جديداً وفلسفة جديدة في قيادة الدولة، من جهة أخرى. المستقبل سيجيب عن الكثير من هذه الاسئلة.
لؤي توفيق حسـن (كاتب من لبنان)
البرت اينشتاين
ما عاد ممكناً، ولا عاد جائزاً التهرب من طرح أسئلة تقلق كل حريص فيما سوريا تخوض معركة "نكون أو لا نكون":... كيف أمكن إدخال هذه العبوات الناسفة من الوزن الثقيل إلى مبنى الأمن القومي حيث البؤرة الأمنية للدولة؟!!. وحيث كبار أركانها!!.ولماذا لم يكن هذا الدرس القاسي كافياً كي لا نضطر للتساؤل مرةً أخـرى كيف أُدخِلت تلك العبوة الناسفة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون السوري أحد اهم فيالق المواجهة باعتبار أن الإعلام والحرب النفسية يشغلان الحيز الأكبر في ساح المواجة الجارية...
نلفت إلى أننا قلنا: "كيف"، وليس "من"؛ هذا لأن الأخيرة هي نتاج الثانية في حين أن البحث يجب أن ينصبّ بشكل أساس على السبب وليس المسبب!. ونسأل ايضاً وأيضاً كيف استطاع عميد من الحرس الجمهوري أن يتحرك بحرية دون رقيب تسبقه عائلته فيما مسألة ولائه يفترض بأنها أصبحت باكراً في دائرة الشك بعدما اعترف أخوه فراس بدعمه المالي لما يسمونها: "كتيبة الفاروق" التي يترأسها ابن عمته عبد الرزاق طلاس قائد هذه الكتيبة من "الجيش الحر"؛ وبعد أن انشق العديد ملتحقين بهذا الأخير من المحسوبين على والده مصطفى طلاس!!. ولماذا لم تشكل هذه السقطة سبباً كافياً للتدقيق فيما بعد بالكثيرين على قاعدة لا احد فوق الشبهة، لنفاجأ برئيس للوزراء مُنشق!. مسألة مزعجة، ومضرة على المستوى المعنوي في اقل تقدير؟!!. لكن الأذى النوعي في الصميم جاء من تمكن هذا الجمع الكبير من المقاتلين بأسلحتهم من الدخول إلى احياء بكاملها في مدنٍ كبرى. سبقها بالتأكيد تحضيرات لوجستية من تأمين مخازن، ومبيت ..والخ.. أشياء تأخذ من الوقت كثيره، ومن الحجوم كبيرها، وليست إبرة سقطت خطفاً فضاعت في كومة قش!!... فكيف تم ذلك ؟!، هو السؤال المهم. لكن الأهم منه هو: من أوجد الجسور حتى سَهُلت المهمة!.. ومن تستر عليها!!...الخ الخ !!. كل هذه الأسئلة المهمة تستفز على البحث الموضوعي بعيداً عن الشائعات، وخارج تأثير وقع الحدث بالرغم مما حمل ويحمل من خسائر، وخيبات... ومعاناة.
لا شك في أن منظومة الفساد التي ضربت سوريا هي المفتاح لهذه التداعيات والدليل أن "المنشقين" عن النظام كانوا من أصحاب الغُنم، أو على الأقل من نادي المستفيدين منه، وهذا ما يؤكد مرةً على مرة العلاقة الجدلية بين طرفي المعادلة: تحصين الداخل أخلاقياً ممانعةً للفساد، ومتطلبات الصمود ممانعةً للمخططات الأمبريالية.
لعل ما حدث يفتح الباب واسعا على احد المفاصل المركزية: "إنه الاقتصاد.."!. فقد كانت أولى لبنات التآمر على سوريا، هي تـزيين وتسويق مقولة (لبرلة) الاقتصاد، أي الانتقال السريع إلى اقتصاد السوق في مجتمع تأسس اقتصاده منذ عام 1963 على قواعد الاقتصاد الموجّه. شكّل القطاع العام أكثر من الثلثين من حجمه؛ وهذا في ظل نظام سياسي هو من طبيعة لا يمكنه معها قط مجاراة منظومة اللبرلة وفقا لما تتطلبه الليبرالية من وجود كفة أخرى موازنة لسلبياتها تحد من مساوئها تتأتى من رقابة برلمانية، فضلاً عن منظمات المجتمع المدني، وحيث الحياة السياسية المفتوحة على تعددية حزبية تنافسية محكومة بقواعد (اللعبة) الديمقراطية.
أما ما حصل في سوريا فان "تحرير الاقتصاد"! أدى من جهـة إلى خسارة مزايا الاقتصاد الموجّه، ورعاية الدولة للكثير من القطاعات من دون أن تربح مزية الرقابة الديمقراطية. وبذا أصبحت طبقة الرأسمال الطفيلي ليست متفلتةً وحسب من أية رقابة بل ومحمية أكثر عندما تسللت إلى داخل مؤسسات الدولة وبعضها الحساس!، مُفسِدةً من أفسدتهم من رجالاته!!، ومن دون خوف من حسيب. ولعل ما فاقم الأمر سوءًا هو النمو السرطاني لهذه الطبقة الطفيلية حيث جاء صعودها على حساب الرأسمال الوطني المنتج، الذي دفع ثمن الاتفاقات التجارية المجحفة مع تركيا حتى حدود إقفال بعض معامله. نذكر هنا بأن حجم التبادلات التجارية بين البلدين وصل إلى حوالي 2.5 مليار دولار في السنة؛ ثلثاها بضائع مستوردة من تركيا! ما ساعد أكثر فأكثر على استحواذ الطبقة الكومبرادورية على حجم كبير من الاقتصاد، والسـيولة النقدية!... وبالتالي المزيد من النفوذ!!..
لقد بتنا الان على يقين بأن المؤامرة التي تمر مشاهدها أمامنا الآن سبقها إعدادٌ استغرق سنوات من تجهيز كل الأسباب، وتحضير المناخات التي تضعف المناعة ببريق المال. بدأت خيوطها الإفسادية من لبنان ـ أيام الوجود السوري فيه! ـ ثم توسعت نحو الداخل السوري، جاعلة من رداء البعث العقائدي ثوبا مهلهلاً!، هذا بالإضافةً للترهل الطبيعي الذي أصابه بالأساس كما يصيب أية منظومة عقائدية بفعل الإدمان على السلطة!!.. ربما وحدها المؤسسة العسكرية بدت وبنسبة كبيرة بمنجاة من هذا الطاعون حيث أثبتت بكيفية فريدة وغير مسبوقة تماسكها في وقت كان الرهان وما زال على فرطها بوصفها عصب الدولة الشديد. ونحسب بأنه لو تعرض أي جيش في العالم إلى نصف، لا بل إلى ربع ما تعرض له هذا الجيش من ضغوط، لكان انفرط عقده، أولهم الجيش التركي، بل وربما جيش الولايات المتحدة نفسها لو وضع في ذات الظـروف!!.
ويمكننا القول بأن كل الانشقات التي حدثت كان الهدف منها إحداث تأثيرات نفسية من فقدان الثقة بحيث تتراكم لترسخ صورة بأن السلطة مهترئه وعلى وشك التداعي؛ تأثيرات تستهدف عدة جهات منها الصديق في الخارج لاستدراجه إلى عدم اليقين، في بازار المقايضة على الحليف السوري!! كما تستهدف في الداخل الجيش بشكل أساس.. لكن هذا الأخير شكل مفاجأة للقوى المراهنة على فرط عقده. ولا شك بأن معركة دمشق كانت أكبر اختبار مر به الجيش والدولة من حيث قسوته . فقد جاءت العملية الأمنية التي استهدفت القيادات العسكرية والأمنية لتحقيق صدمة نفسية، واستغلالها لأقصى حد من ضمن سيناريو مُعد يتضمن عملاً عسكرياً استثنائياً يستثمر هذه الصدمة بحيث تسقط السلطة تحت تأثيرها!!. ذات الأسلوب اتبعته أمريكا في أماكن أخرى فيما يعرف: باستراتيجية البركان ـ الحرب القذرة (- volcano strategy (dirty war. فشلت المحاولة الذروة في دمشق. وامتصت القيادة الصدمة فيما تصرف الجيش بهدوء وثقة ما مكّنه من الانتصار في معركة العاصمة.
وبسيناريو مشابه جرى الإعداد له لمعركة حلب، حيث سبقها الإعداد اللوجستي والتحضيرات العسكرية على الأرض بعيداً عن العيون!!! ،ثم وفي ساعة الصفر كان الصاعق بعمل أمني "مدوّ" جاء هذه المرة مع "انشقاق" رياض حجاب وترافقت معه حملة اعلامية ومن كل مكان تبشر بانهيارات كبيرة!!!!، لذا وبعـدها ليس من المبالغة القول بأن الجيش السوري قد أثبت بأنه من أكثر جيوش العالم انضباطاً وولاءً لقيادته والتفافاً حولها حتى في أسوأ الظروف التي تغري على الانفضاض.
كلمة أخيرة إن هذه الانشقاقات المدفوع أجـرها!! قد تبدو بعين المتفائلين كالأغصان اليابسة المتعفنة التي تتساقط من الشجرة ليتجدد بعدها شبابها إذا ما اقترن الأمر بظروف موضوعية تحسن من شروط الانبات. وفي المبدأ هذا المثال غير بعيد عن المعقول في الحالة السورية التي ثبت معها ان "الدولة العميقة" أرسخ من أن تتداعى. لذا يبدو من غير الصعب تصور تغيرات نوعية في الداخل جنباً إلى جنب مع خضم المعارك الجارية. من المؤكد أن هذا أو بعضه في حكم المؤجل لو كان في بلد آخـر!... أما في الحالة السورية فكل شيء يمكن تأجيله إلا أمران: الكف عن مواجهة الميليشيات المسلحة، والاستمرار في انتهاج ثقافة جديدة في القيادة والممارسة تخلق ثورة حقيقية من الداخل في وجه الثورة المضادة من الخارج !!. هذه الامكانية النظرية هل يمكن ان تتحقق واقعياً؟ فنرى هذه المفارقة: الحرب التي تأكل نيرانها من جهة تبني إنساناً جديداً وفلسفة جديدة في قيادة الدولة، من جهة أخرى. المستقبل سيجيب عن الكثير من هذه الاسئلة.
لؤي توفيق حسـن (كاتب من لبنان)