ارشيف من :آراء وتحليلات
صخرة الكتلة المالية يمكن ان تدمر الاقتصاد الاميركي
صوفيا ـ جورج حداد*
يخوض الرئيس اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني المعركة الانتخابية الرئاسية في ظروف أزمة سياسية وأزمة خزينة لا سابق لهما. وفي واشنطن يبدو تعبير "الصخرة المالية" كتعبير خبيث عن الاجراءات المثالية للتقشفات، التي أصبحت منصوصاً عنها قانونياً، والانهيار الخزيني على المدى الأبعد وتجميد عمل الحكومة لآخر السنة حسب التوقعات. واذا لم يتم إيجاد حل في الكونغرس الذي يعاني من انقسام عميق، فإن خبراء الاقتصاد يحذرون من توقف حاد للانعاش الاقتصادي الضعيف المستمر منذ ثلاث سنوات.
وقد حذر صندوق النقد الدولي في 3 تموز/يولو الماضي من ان احتمال حدوث هبوط اقتصادي فجائي في اميركا سوف تكون له "انعكاسات سلبية ثقيلة على الاقتصاد العالمي الضعيف دون ذلك".
ان المستثمر الملياردير وورن بوفيت، الذي هو في الـ81 من العمر، ينتقد منذ زمن العجز المتنامي في الخزينة الاميركية. وفي الاسبوع الماضي قال في تصريح له في تلفزيون CNBC ان مأزق الطريق المسدود الحالي يمكن حله عن طريق التسوية، بحيث "ان كل طرف يمكن ان يكون غير راض عن امر ما، ولكن بالتأكيد سيكون ذلك افضل، من ان ننساق في التيار، كما نفعل الان". "يتوجب علينا ان نفعل شيئاً". واذا وضعنا جانباً "الصخرة المالية" فإن الملياردير بوفيت يقول انه متفائل حيال اميركا، وان شركته الهولدنغ Berkshire Hathaway قد وظفت نحو 9 مليارات دولار في الاقتصاد الاميركي خلال سنة 2012. وهو يقول "علينا في الاخير ان نفعل الشيء الصحيح. ولكن لا ينبغي ان ننتظر حتى اللحظة الاخيرة".
في الاسابيع الاخيرة من سنة 2012 فإن الحكومة الاميركية سوف تصطدم بالسقف القانوني للحصول على قروض، وهو ما قد يؤدي الى العجز عن الدفع تكنيكياً، الا اذا عمد الكونغرس الى رفع السقف الاقراضي للحكومة المحدد الان بـ 16.4 تريليون دولار. في نهاية حزيران /يونو الماضي بلغ دين الدولة الاميركية اكثر من 15.8 تريليون دولار. وفي عهد جورج بوش تضاعف دين الدولة وبلغ 10.6 تريليون دولار. وبعد المشاحنة الصاخبة بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، التي انتهت الى الرفع الاخير لسقف دين الدولة في شهر اب 2011، اصدر الكونغرس قانوناً يعمل بموجبه على تطبيق ميكانيكي لتخفيضات حادة في المشاريع الداخلية والنفقات العسكرية حتى نهاية سنة 2012. وفي الوقت ذاته فإن التسهيلات الضرائبية ذات العائدية التي صدرت سنة 2001 ينبغي ان تنتهي في اخر السنة الجارية.
ان هيئة الميزانية التابعة للكونغرس، وهي وكالة غير حزبية متخصصة بالمعطيات الاقتصادية وتابعة للهيئة التشريعية الاميركية، تتوقع ان الاقتصاد الاميركي في حال التطبيق المتداخل للتخفيضات سوف ينتقل من نسبة النمو المعتدلة وهي 2% الى الركود، بعد ان ينكمش الى نمو بسيط هو 1.3% في النصف الاول من سنة 2013. وهذه الضربة الاقتصادية من المحتمل ان تزيد الاوضاع سوءا فيما يتعلق بالبطالة، التي وصلت الان الى 8%، ولكن العجز الفيديرالي سوف ينخفض الى النصف ـ من 1.2 تريليون دولار هذه السنة، الى 600 مليار دولار، او 3.8% من الناتج الداخلي القائم سنة 2013.
ورداً على الزيادة المبرمجة للضرائب اقترح اوباما في شهر تموز تمديد فترة التسهيلات الضرائبية الأدنى وذلك فقط للاقتصادات الصغيرة التي تربح اقل من 250000 دولار سنوياً. واشار الى ان المداخيل المتأتية من الضرائب الأعلى على الاكثر غنى هي ضروروية من أجل تخفيض العجز الحكومي بمقدار 1 تريليون دولار. وقد اعترض رومني والمعارضة الجمهورية التي تسيطر على الغرفة الدنيا للكونغرس، بالقول إن اي زيادة في الضرائب سوف تضر بالاقتصاد الذي هو ضعيف دون ذلك. وربما ان الطرفين يبالغان في اهمية الاقتراح الضريبي لاوباما، الذي حسب التقديرات سيؤمن نحو 50 مليار دولار فقط سنويا من المداخيل الجديدة من الفئات الاكثر غنى.
ويشير صندوق النقد الدولي إلى انه اذا بقي قرار رفع سقف دين الدولة معلقاً، فهذا سوف يسيء الى الاقتصاد، وسينشأ "خطر عدم امان مفرط وانهيار في الاسواق المالية".
اما هيئة الميزانية التابعة للكونغرس فهي أيضاً تميل الى الرأي القائل بأنه قبل نهاية العام سوف يبدأ الإحساس بنتائج زيادة الضرائب وتقليص الميزانية الفيديرالية، اذا استمرت واشنطن في التردد. وجاء في تقرير للهيئة ان الاقتصادات سوف تبدأ في تقليص نفقاتها بانتظار رفع الضرائب، واما البيزنس فسيبدأ في الحد من التوظيفات والتشغيل بسبب التخوفات من ان الاقتصاد سوف يضعف في السنة القادمة.
وفي 10 تموز/يوليو اشارت وكالة التصنيف Fitch من وولستريت إلى ان عدم الامان المالي في اميركا، الى جانب النمو المحتمل للازمة العميقة في منطقة اليورو، سوف يكون سبباً للافق السلبي لسندات خزينة الدولة لاميركا ذات التصنيف الاعلى ААА. وفي الوقت نفسه فإن وكالة تصنيف كبيرة اخرى في وولستريت هي Standard & Poor's اجرت تخفيضاً غير مسبوق لسندات الخزينة الاميركية بدرجة واحدة في اب/اغسطس 2011 ـ من درجة ААА الى درجة +АА، بعد ان كانت وزارة المالية قد فرغت تقريباً من الاموال قبل ان يتوصل الكونغرس في اخر لحظة الى تقرير رفع سقف الدين. وبالرغم من هذه الاجراءات، فإن الفوائد على السندات الاميركية قد انخفضت فعلياً منذ ذلك الحين، لأن عدم الامان في اوروبا وفي اقتصادات اخرى يوجه المستثمرين الى اللجوء الى السندات المالية الأميركية كملجأ آمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
يخوض الرئيس اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني المعركة الانتخابية الرئاسية في ظروف أزمة سياسية وأزمة خزينة لا سابق لهما. وفي واشنطن يبدو تعبير "الصخرة المالية" كتعبير خبيث عن الاجراءات المثالية للتقشفات، التي أصبحت منصوصاً عنها قانونياً، والانهيار الخزيني على المدى الأبعد وتجميد عمل الحكومة لآخر السنة حسب التوقعات. واذا لم يتم إيجاد حل في الكونغرس الذي يعاني من انقسام عميق، فإن خبراء الاقتصاد يحذرون من توقف حاد للانعاش الاقتصادي الضعيف المستمر منذ ثلاث سنوات.
وقد حذر صندوق النقد الدولي في 3 تموز/يولو الماضي من ان احتمال حدوث هبوط اقتصادي فجائي في اميركا سوف تكون له "انعكاسات سلبية ثقيلة على الاقتصاد العالمي الضعيف دون ذلك".
ان المستثمر الملياردير وورن بوفيت، الذي هو في الـ81 من العمر، ينتقد منذ زمن العجز المتنامي في الخزينة الاميركية. وفي الاسبوع الماضي قال في تصريح له في تلفزيون CNBC ان مأزق الطريق المسدود الحالي يمكن حله عن طريق التسوية، بحيث "ان كل طرف يمكن ان يكون غير راض عن امر ما، ولكن بالتأكيد سيكون ذلك افضل، من ان ننساق في التيار، كما نفعل الان". "يتوجب علينا ان نفعل شيئاً". واذا وضعنا جانباً "الصخرة المالية" فإن الملياردير بوفيت يقول انه متفائل حيال اميركا، وان شركته الهولدنغ Berkshire Hathaway قد وظفت نحو 9 مليارات دولار في الاقتصاد الاميركي خلال سنة 2012. وهو يقول "علينا في الاخير ان نفعل الشيء الصحيح. ولكن لا ينبغي ان ننتظر حتى اللحظة الاخيرة".
في الاسابيع الاخيرة من سنة 2012 فإن الحكومة الاميركية سوف تصطدم بالسقف القانوني للحصول على قروض، وهو ما قد يؤدي الى العجز عن الدفع تكنيكياً، الا اذا عمد الكونغرس الى رفع السقف الاقراضي للحكومة المحدد الان بـ 16.4 تريليون دولار. في نهاية حزيران /يونو الماضي بلغ دين الدولة الاميركية اكثر من 15.8 تريليون دولار. وفي عهد جورج بوش تضاعف دين الدولة وبلغ 10.6 تريليون دولار. وبعد المشاحنة الصاخبة بين الحزبين السياسيين الرئيسيين، التي انتهت الى الرفع الاخير لسقف دين الدولة في شهر اب 2011، اصدر الكونغرس قانوناً يعمل بموجبه على تطبيق ميكانيكي لتخفيضات حادة في المشاريع الداخلية والنفقات العسكرية حتى نهاية سنة 2012. وفي الوقت ذاته فإن التسهيلات الضرائبية ذات العائدية التي صدرت سنة 2001 ينبغي ان تنتهي في اخر السنة الجارية.
ان هيئة الميزانية التابعة للكونغرس، وهي وكالة غير حزبية متخصصة بالمعطيات الاقتصادية وتابعة للهيئة التشريعية الاميركية، تتوقع ان الاقتصاد الاميركي في حال التطبيق المتداخل للتخفيضات سوف ينتقل من نسبة النمو المعتدلة وهي 2% الى الركود، بعد ان ينكمش الى نمو بسيط هو 1.3% في النصف الاول من سنة 2013. وهذه الضربة الاقتصادية من المحتمل ان تزيد الاوضاع سوءا فيما يتعلق بالبطالة، التي وصلت الان الى 8%، ولكن العجز الفيديرالي سوف ينخفض الى النصف ـ من 1.2 تريليون دولار هذه السنة، الى 600 مليار دولار، او 3.8% من الناتج الداخلي القائم سنة 2013.
ورداً على الزيادة المبرمجة للضرائب اقترح اوباما في شهر تموز تمديد فترة التسهيلات الضرائبية الأدنى وذلك فقط للاقتصادات الصغيرة التي تربح اقل من 250000 دولار سنوياً. واشار الى ان المداخيل المتأتية من الضرائب الأعلى على الاكثر غنى هي ضروروية من أجل تخفيض العجز الحكومي بمقدار 1 تريليون دولار. وقد اعترض رومني والمعارضة الجمهورية التي تسيطر على الغرفة الدنيا للكونغرس، بالقول إن اي زيادة في الضرائب سوف تضر بالاقتصاد الذي هو ضعيف دون ذلك. وربما ان الطرفين يبالغان في اهمية الاقتراح الضريبي لاوباما، الذي حسب التقديرات سيؤمن نحو 50 مليار دولار فقط سنويا من المداخيل الجديدة من الفئات الاكثر غنى.
ويشير صندوق النقد الدولي إلى انه اذا بقي قرار رفع سقف دين الدولة معلقاً، فهذا سوف يسيء الى الاقتصاد، وسينشأ "خطر عدم امان مفرط وانهيار في الاسواق المالية".
اما هيئة الميزانية التابعة للكونغرس فهي أيضاً تميل الى الرأي القائل بأنه قبل نهاية العام سوف يبدأ الإحساس بنتائج زيادة الضرائب وتقليص الميزانية الفيديرالية، اذا استمرت واشنطن في التردد. وجاء في تقرير للهيئة ان الاقتصادات سوف تبدأ في تقليص نفقاتها بانتظار رفع الضرائب، واما البيزنس فسيبدأ في الحد من التوظيفات والتشغيل بسبب التخوفات من ان الاقتصاد سوف يضعف في السنة القادمة.
وفي 10 تموز/يوليو اشارت وكالة التصنيف Fitch من وولستريت إلى ان عدم الامان المالي في اميركا، الى جانب النمو المحتمل للازمة العميقة في منطقة اليورو، سوف يكون سبباً للافق السلبي لسندات خزينة الدولة لاميركا ذات التصنيف الاعلى ААА. وفي الوقت نفسه فإن وكالة تصنيف كبيرة اخرى في وولستريت هي Standard & Poor's اجرت تخفيضاً غير مسبوق لسندات الخزينة الاميركية بدرجة واحدة في اب/اغسطس 2011 ـ من درجة ААА الى درجة +АА، بعد ان كانت وزارة المالية قد فرغت تقريباً من الاموال قبل ان يتوصل الكونغرس في اخر لحظة الى تقرير رفع سقف الدين. وبالرغم من هذه الاجراءات، فإن الفوائد على السندات الاميركية قد انخفضت فعلياً منذ ذلك الحين، لأن عدم الامان في اوروبا وفي اقتصادات اخرى يوجه المستثمرين الى اللجوء الى السندات المالية الأميركية كملجأ آمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل