ارشيف من :أخبار عالمية
مرسي في سيناء... وفي إيران: قلق اسرائيلي كبير من المؤشرات المصرية
يمكن تلمس وقائع الإطار التفسيري الذي قدمه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حول الأزمة السورية والسياقات الدولية لتفعيلها، وقوله إن الولايات المتحدة لن تقبل تعويضاً عن خسارتها لمصر بعد سقوط نظام حسني مبارك أقل من تخسير محور المقاومة والممانعة لأحد اضلعه الرئيسة اي سوريا، يمكن تلمس ذلك في مظاهر القلق الاسرائيلي المتزايدة من التحولات الجارية في مصر، والتي أعادت الاهتمام الى هذه الجبهة بدرجة مرتفعة بعدما رُفع منسوب الخطر الاتي منها.
على الأقل وحسبما هو واقع وحسبما كثف من نشره والحديث عنه من قبل المستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية والامنية وايضا في وسائل الاعلام، فإن ثلاثة عناوين تشغل بال قيادة العدو هذه الأيام، نظراً لما لها من امتدادات مستقبلية تتجاوز اللحظة الراهنة وتقفز عن ان تكون احداثاً عابرة.
العنوان الاول يتمثل بما يسميه الاسرائيليون تجاوز القيادة المصرية الجديدة للملحق العسكري لاتفاقية كامب دايفيد ودفعها بعدد اكبر من القوات والأسلحة الممنوعة الى شبه جزيرة سيناء تحت عنوان مكافحة الخلايا الارهابية. واذا كان الهدف المعلن يحظى بتأييد القيادة الاسرائيلية باعتبار ان هجمات سابقة تعرضت لها وقتل في احداها ثمانية اسرائيليين دفعة واحدة العام الماضي، فإن القلق المرشح للتصاعد هو في احتمال فرض المصريين امراً واقعاً من خلال الابقاء على هذه القوات والدبابات، خصوصا "ام 60" ومروحيات الاباتشي وربما ادخال منظومات صواريخ وطائرات مقاتلة تعتبر "اسرائيل" انها لا تصلح للاستخدام في الحملة العسكرية المصرية الحالية في سيناء، وهو ما يعني عملياً ادخال تعديلات على جوهر اتفاقية التسوية ربما تؤسس لتعديلات أكبر، في ظل قناعة لدى قيادة العدو بان الرئيس المصري محمد مرسي وحزب الإخوان المسلمين الذي ينتمي اليه، يقبلون ظاهراً بالحفاظ على تلك الاتفاقية لكنهم يريدون واقعاً التملص منها تدريجياً.
ولهذا السبب فان "اسرائيل" لا ترى من "الحكمة" الاستعجال في الاصطدام مع الحكم المصري الجديد، حيث ان بعض الاراء الاسرائيلية ترى "ان الاصطدام او على الاقل الافتراق واقع ولو بعد حين، لكن من المهم الآن عدم الدخول في مواجهة مع المصريين لا طائل منها، بهدف تجنب إمكانية تفجير ما تبقى من علاقات بين الجانبين، لأن كل يوم يمر في ظل اتفاق السلام يسمح لـ"إسرائيل" بالاستعداد لأي تحول على هذه الجبهة في المستقبل". لذا تلتزم قيادة العدو الصمت إزاء ما يسمونه خروقاً مصرية، وتلجأ الى الوسيط الاميركي لكي ينقل للمصريين قلقها ويطلب منهم سحب القوات والاسلحة "المخالفة للاتفاقية" او التوقف عن ادخال المزيد، او التعبير عن غضبهم من ادخال هذه القوات من دون اذن رسمي كما تقتضيه بنود كامب ديفيد.
لكن الخطاب الرسمي المصري الذي يتكفل هذه الأيام بتظهيره الناطق بلسان الرئيس مرسي ياسر علي يكرر لازمة لها دلالات لاحقة تتمثل بقوله ان "الامن في سيناء يقف على رأس جدول أولويات مصر ولا يمكن لأي شيء أن يهز هذا"، نافيا ما ذكرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن أن مكتب بنيامين نتنياهو وجّه، في الآونة الأخيرة، رسالة حادة اللهجة الى القاهرة عبر البيت الأبيض، كي تسحب فوراً الدبابات قائلا ان مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية لم تتلقيا أي رسالة بهذا الخصوص.
وثمة من يعطي للأزمة الراهنة حيزاً لحرب اعلامية كامنة، فترى تحليلات مصرية ان التقارير في الصحف الاسرائيلية عن انتهاكات مصرية هي جزء من حملة دعائية ترمي الى ردع الرئيس مرسي، وفي المقابل تفسر تقارير إعلامية إسرائيلية ما يقوم به النظام المصري الجديد من نشر للمعلومات في الصحافة المصرية، بانه جزء من عملية اختبار للطرف الإسرائيلي حول إدخال دبابات وطائرات حربية إلى سيناء، بالرغم من عدم الحاجة إليها في "مكافحة الإرهاب"، بهدف تعويد "إسرائيل" هذا الواقع.
وبمعزل عن البعد الاعلامي فانه في الواقع ثمة حقيقة كشفتها ضمنا صحيفة "معاريف بملاحظتها "ان التدخل الأميركي مع القاهرة كان مطلوباً بعد أن تضرر التنسيق الوثيق بين جهازي الاستخبارات الاسرائيلي والمصري وايضا بين الجيشين في الفترة الأخيرة"، ما يقود الى العنوان الثاني للقلق الاسرائيلي المتزامن مع أزمة سيناء والذي تمثل بسلة التغييرات الجذرية التي اجراها الرئيس مرسي على القيادتين العسكرية والامنية في مصر، وفتحت ابواب الهواجس الكبرى في "تل ابيب" على مصراعيها، بعدما كانت ركنت الى العلاقة الوثيقة التي راكمتها طوال السنوات الماضية مع طاقم المؤسستين العسكرية والاستخبارية في مصر. وطبعا كانت هذه التعيينات مجال تحليل وتداول في قيادة العدو لتقصي آثارها السلبية على العلاقات الثنائية ومجمل مجالات التعاون والتنسيق، وبدا واضحا من خلال ما نشر في صحافة العدو ان المؤشرات تميل نحو السلبية، حيث تم نبش سيرة كل من وزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسي ورئيس الأركان صبحي صدقي، فتبين ان "ماضي الجنرالين يدل على أنهما غير معجبين بـ"إسرائيل"، ولا يعدان ضمن مجموعة الجنرالات التي ترى في "إسرائيل" شريكة كاملة، ولم يقيما أي علاقة صداقة، حتى في أيام المخلوع حسني مبارك، مع نظرائهما الإسرائيليين". وبلغ الامر بصحيفة "هآرتس" ان نبشت من الادراج رسالة التخرج التي اعدها صدقي قبل سبع سنوات عندما انهى دراسة مرحلة الماجستير في العلوم الاستراتيجية في احدى الكليات العسكرية في الولايات المتحدة وأوصى فيها "الجيش الأميركي بالانسحاب من الشرق الأوسط، والتوقف عن ممارسة سياسة أحادية في ما يرتبط بالمصالح الأمنية الإسرائيلية".
واضافة الى ذلك تتكون شبه قناعة لدى قيادة العدو بأن وزير الدفاع الجديد، وايضا رئيس الأركان مدينان بتعيينهما لمرسي، وهذا يعني ان الرجلين وغيرهما ممن تبوأوا المناصب العسكرية والامنية بعد الثورة سيعملون مع " إسرائيل" وفقاً لرؤية الرئيس "الاخواني" الذي لا يزال تنظيمه بعد 84 عاماً من تأسيسه، يمتنع عن استخدام اسم "إسرائيل" مستدلين بتصريح للمستشار القانوني لمرسي، محمد جاد الله وصف فيه "إسرائيل بأنها كيان لا دولة". ويمكن على الاقل اختبار سلوك القيادات العسكرية والأمنية المصرية الجديدة في ازمة سيناء لمعرفة المزيد عن توجهاتهم باعتبار انهم المسؤولون الميدانيون عما يجري على الارض، وهذا ما يهم الاسرائيليين اكثر من اي كلام آخر، وعليه من المنطقي ان تعاد صياغة سيرة القيادة العسكرية والاستخبارية الجديدة بناءً على التجربة الراهنة، وكيفية ترجمتها للمستوى السياسي الذي يبلوره مرسي وفريقه في القاهرة، الذي يبدو انه أزعج قيادة العدو ببلورته مشهدا ايرانياً ـ مصرياً لا يحب الاسرائيليون ان يروه بالمطلق.
وهنا كان العنوان الثالث للقلق الاسرائيلي الذي قرع جرس انذاره مع التقاط الصورة "النوعية" للرئيس مرسي وهو يصافح ويعانق بحرارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على هامش القمة الاسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة، قبل ان يصدر الخبر الذي يعلن مشاركة الرئيس مرسي في قمة عدم الانحياز في طهران بناءً على دعوة رسميه سلمه اياها مبعوث ايراني رفيع حط في القاهرة. وستكون هذه الزيارة الاولى لرئيس مصري منذ اكثر من ثلاثين عاماً، لذا كان وقعها ثقيلاً لدى قيادة العدو فخرجت تقارير تلفزيونية ومقالات وتصريحات تحذر من الخطوة وتداعياتها، وترى فيها "رسالة بأن مصر في عهد محمد مرسي تتغير دولياً"، كما ذهب التلفزيون الإسرائيلي الى حد التساؤل "عن موقف القاهرة الآن اذا بادرت إسرائيل لضرب إيران؟". واذا كانت هذه الزيارة تصنف بحسب صحيفة "معاريف" بالمغامرة التي يجب ان يحذر منها مرسي، فان الاهم الذي تحدثت عنه صحيفة "يديعوت احرونوت" " يتمثل برغبة الإخوان المسلمين في تحسين العلاقات بقوة مع طهران، والذي من الممكن أن يكون على حساب إسرائيل في النهاية". ولعل تحسن العلاقات الايرانية ـ المصرية من ابرز التحديات التي لا تحب قيادة العدو التفكير بها او تخيلها، مع انهم يرونها امراً واقعا في ظل ما يعرفونه من استعدادات لدى الجانبين الايراني والمصري، ويكفي ان التقارير التي ترد "اسرائيل" عن الحال المزرية لسفارتها في القاهرة تعاكسها تقارير عن رغبة لدى شخصيات مؤثرة ووازنة في المجتمع المصري بالدفع بقوة نحو علاقات اكثر فاعلية مع طهران، يمكن تلمس مؤشراته في حفل الاستقبال الذي اقامته السفارة الايرانية في القاهرة هذا العام في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وشهد حضوراً كثيفاً ذا دلالات مستقبلية تنبئ بآفاق ايجابية بين العاصمتين الاسلاميتين خلافا لبعض الفقاقيع الاعلامية، مقابل الغيوم القاتمة التي تخيم على علاقات القاهرة و"تل ابيب"، والتي بات فيها من الاسباب ما يهيئها نحو مرحلة جديدة من التراجع الفعلي بعدما اكتملت الاستعدادات النفسية لذلك، وان كان الامر يحتاج بعض الوقت.
عبد الحسين شبيب
على الأقل وحسبما هو واقع وحسبما كثف من نشره والحديث عنه من قبل المستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية والامنية وايضا في وسائل الاعلام، فإن ثلاثة عناوين تشغل بال قيادة العدو هذه الأيام، نظراً لما لها من امتدادات مستقبلية تتجاوز اللحظة الراهنة وتقفز عن ان تكون احداثاً عابرة.
العنوان الاول يتمثل بما يسميه الاسرائيليون تجاوز القيادة المصرية الجديدة للملحق العسكري لاتفاقية كامب دايفيد ودفعها بعدد اكبر من القوات والأسلحة الممنوعة الى شبه جزيرة سيناء تحت عنوان مكافحة الخلايا الارهابية. واذا كان الهدف المعلن يحظى بتأييد القيادة الاسرائيلية باعتبار ان هجمات سابقة تعرضت لها وقتل في احداها ثمانية اسرائيليين دفعة واحدة العام الماضي، فإن القلق المرشح للتصاعد هو في احتمال فرض المصريين امراً واقعاً من خلال الابقاء على هذه القوات والدبابات، خصوصا "ام 60" ومروحيات الاباتشي وربما ادخال منظومات صواريخ وطائرات مقاتلة تعتبر "اسرائيل" انها لا تصلح للاستخدام في الحملة العسكرية المصرية الحالية في سيناء، وهو ما يعني عملياً ادخال تعديلات على جوهر اتفاقية التسوية ربما تؤسس لتعديلات أكبر، في ظل قناعة لدى قيادة العدو بان الرئيس المصري محمد مرسي وحزب الإخوان المسلمين الذي ينتمي اليه، يقبلون ظاهراً بالحفاظ على تلك الاتفاقية لكنهم يريدون واقعاً التملص منها تدريجياً.
ولهذا السبب فان "اسرائيل" لا ترى من "الحكمة" الاستعجال في الاصطدام مع الحكم المصري الجديد، حيث ان بعض الاراء الاسرائيلية ترى "ان الاصطدام او على الاقل الافتراق واقع ولو بعد حين، لكن من المهم الآن عدم الدخول في مواجهة مع المصريين لا طائل منها، بهدف تجنب إمكانية تفجير ما تبقى من علاقات بين الجانبين، لأن كل يوم يمر في ظل اتفاق السلام يسمح لـ"إسرائيل" بالاستعداد لأي تحول على هذه الجبهة في المستقبل". لذا تلتزم قيادة العدو الصمت إزاء ما يسمونه خروقاً مصرية، وتلجأ الى الوسيط الاميركي لكي ينقل للمصريين قلقها ويطلب منهم سحب القوات والاسلحة "المخالفة للاتفاقية" او التوقف عن ادخال المزيد، او التعبير عن غضبهم من ادخال هذه القوات من دون اذن رسمي كما تقتضيه بنود كامب ديفيد.
لكن الخطاب الرسمي المصري الذي يتكفل هذه الأيام بتظهيره الناطق بلسان الرئيس مرسي ياسر علي يكرر لازمة لها دلالات لاحقة تتمثل بقوله ان "الامن في سيناء يقف على رأس جدول أولويات مصر ولا يمكن لأي شيء أن يهز هذا"، نافيا ما ذكرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن أن مكتب بنيامين نتنياهو وجّه، في الآونة الأخيرة، رسالة حادة اللهجة الى القاهرة عبر البيت الأبيض، كي تسحب فوراً الدبابات قائلا ان مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية لم تتلقيا أي رسالة بهذا الخصوص.
وثمة من يعطي للأزمة الراهنة حيزاً لحرب اعلامية كامنة، فترى تحليلات مصرية ان التقارير في الصحف الاسرائيلية عن انتهاكات مصرية هي جزء من حملة دعائية ترمي الى ردع الرئيس مرسي، وفي المقابل تفسر تقارير إعلامية إسرائيلية ما يقوم به النظام المصري الجديد من نشر للمعلومات في الصحافة المصرية، بانه جزء من عملية اختبار للطرف الإسرائيلي حول إدخال دبابات وطائرات حربية إلى سيناء، بالرغم من عدم الحاجة إليها في "مكافحة الإرهاب"، بهدف تعويد "إسرائيل" هذا الواقع.
وبمعزل عن البعد الاعلامي فانه في الواقع ثمة حقيقة كشفتها ضمنا صحيفة "معاريف بملاحظتها "ان التدخل الأميركي مع القاهرة كان مطلوباً بعد أن تضرر التنسيق الوثيق بين جهازي الاستخبارات الاسرائيلي والمصري وايضا بين الجيشين في الفترة الأخيرة"، ما يقود الى العنوان الثاني للقلق الاسرائيلي المتزامن مع أزمة سيناء والذي تمثل بسلة التغييرات الجذرية التي اجراها الرئيس مرسي على القيادتين العسكرية والامنية في مصر، وفتحت ابواب الهواجس الكبرى في "تل ابيب" على مصراعيها، بعدما كانت ركنت الى العلاقة الوثيقة التي راكمتها طوال السنوات الماضية مع طاقم المؤسستين العسكرية والاستخبارية في مصر. وطبعا كانت هذه التعيينات مجال تحليل وتداول في قيادة العدو لتقصي آثارها السلبية على العلاقات الثنائية ومجمل مجالات التعاون والتنسيق، وبدا واضحا من خلال ما نشر في صحافة العدو ان المؤشرات تميل نحو السلبية، حيث تم نبش سيرة كل من وزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسي ورئيس الأركان صبحي صدقي، فتبين ان "ماضي الجنرالين يدل على أنهما غير معجبين بـ"إسرائيل"، ولا يعدان ضمن مجموعة الجنرالات التي ترى في "إسرائيل" شريكة كاملة، ولم يقيما أي علاقة صداقة، حتى في أيام المخلوع حسني مبارك، مع نظرائهما الإسرائيليين". وبلغ الامر بصحيفة "هآرتس" ان نبشت من الادراج رسالة التخرج التي اعدها صدقي قبل سبع سنوات عندما انهى دراسة مرحلة الماجستير في العلوم الاستراتيجية في احدى الكليات العسكرية في الولايات المتحدة وأوصى فيها "الجيش الأميركي بالانسحاب من الشرق الأوسط، والتوقف عن ممارسة سياسة أحادية في ما يرتبط بالمصالح الأمنية الإسرائيلية".
واضافة الى ذلك تتكون شبه قناعة لدى قيادة العدو بأن وزير الدفاع الجديد، وايضا رئيس الأركان مدينان بتعيينهما لمرسي، وهذا يعني ان الرجلين وغيرهما ممن تبوأوا المناصب العسكرية والامنية بعد الثورة سيعملون مع " إسرائيل" وفقاً لرؤية الرئيس "الاخواني" الذي لا يزال تنظيمه بعد 84 عاماً من تأسيسه، يمتنع عن استخدام اسم "إسرائيل" مستدلين بتصريح للمستشار القانوني لمرسي، محمد جاد الله وصف فيه "إسرائيل بأنها كيان لا دولة". ويمكن على الاقل اختبار سلوك القيادات العسكرية والأمنية المصرية الجديدة في ازمة سيناء لمعرفة المزيد عن توجهاتهم باعتبار انهم المسؤولون الميدانيون عما يجري على الارض، وهذا ما يهم الاسرائيليين اكثر من اي كلام آخر، وعليه من المنطقي ان تعاد صياغة سيرة القيادة العسكرية والاستخبارية الجديدة بناءً على التجربة الراهنة، وكيفية ترجمتها للمستوى السياسي الذي يبلوره مرسي وفريقه في القاهرة، الذي يبدو انه أزعج قيادة العدو ببلورته مشهدا ايرانياً ـ مصرياً لا يحب الاسرائيليون ان يروه بالمطلق.
وهنا كان العنوان الثالث للقلق الاسرائيلي الذي قرع جرس انذاره مع التقاط الصورة "النوعية" للرئيس مرسي وهو يصافح ويعانق بحرارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على هامش القمة الاسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة، قبل ان يصدر الخبر الذي يعلن مشاركة الرئيس مرسي في قمة عدم الانحياز في طهران بناءً على دعوة رسميه سلمه اياها مبعوث ايراني رفيع حط في القاهرة. وستكون هذه الزيارة الاولى لرئيس مصري منذ اكثر من ثلاثين عاماً، لذا كان وقعها ثقيلاً لدى قيادة العدو فخرجت تقارير تلفزيونية ومقالات وتصريحات تحذر من الخطوة وتداعياتها، وترى فيها "رسالة بأن مصر في عهد محمد مرسي تتغير دولياً"، كما ذهب التلفزيون الإسرائيلي الى حد التساؤل "عن موقف القاهرة الآن اذا بادرت إسرائيل لضرب إيران؟". واذا كانت هذه الزيارة تصنف بحسب صحيفة "معاريف" بالمغامرة التي يجب ان يحذر منها مرسي، فان الاهم الذي تحدثت عنه صحيفة "يديعوت احرونوت" " يتمثل برغبة الإخوان المسلمين في تحسين العلاقات بقوة مع طهران، والذي من الممكن أن يكون على حساب إسرائيل في النهاية". ولعل تحسن العلاقات الايرانية ـ المصرية من ابرز التحديات التي لا تحب قيادة العدو التفكير بها او تخيلها، مع انهم يرونها امراً واقعا في ظل ما يعرفونه من استعدادات لدى الجانبين الايراني والمصري، ويكفي ان التقارير التي ترد "اسرائيل" عن الحال المزرية لسفارتها في القاهرة تعاكسها تقارير عن رغبة لدى شخصيات مؤثرة ووازنة في المجتمع المصري بالدفع بقوة نحو علاقات اكثر فاعلية مع طهران، يمكن تلمس مؤشراته في حفل الاستقبال الذي اقامته السفارة الايرانية في القاهرة هذا العام في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وشهد حضوراً كثيفاً ذا دلالات مستقبلية تنبئ بآفاق ايجابية بين العاصمتين الاسلاميتين خلافا لبعض الفقاقيع الاعلامية، مقابل الغيوم القاتمة التي تخيم على علاقات القاهرة و"تل ابيب"، والتي بات فيها من الاسباب ما يهيئها نحو مرحلة جديدة من التراجع الفعلي بعدما اكتملت الاستعدادات النفسية لذلك، وان كان الامر يحتاج بعض الوقت.
عبد الحسين شبيب