ارشيف من :آراء وتحليلات
جورجيا: إيفانيشفيلي بمواجهة سآكاشفيلي
صوفيا ـ جورج حداد*
في الاول من تشرين الاول/ اوكتوبر القادم تجري في جورجيا الانتخابات النيابية. والقوتان الرئيستان اللتان ستتباريان في هذه الانتخابات هما "الحركة الوطنية المتحدة، ذات التوجه يمين الوسط، وهي بزعامة الرئيس الحالي ميخائيل سآكاشفيلي، والائتلاف المعارض المسمى "حلم جورجيا"، بزعامة الملياردير الموالي لروسيا بيدزينا إيفانيشفيلي.
وعلى غرار الانتخابات النيابية المقبلة في اوكرانيا، في 28 تشرين الاول/ اوكتوبر القادم، فإن الانتخابات الجورجية ايضا تستثير اهتماما كبيراً في الاوساط الاوروبية والاطلسية في بروكسل، بسبب الموقع الجيوبوليتيكي الاستثنائي للبلدين.
وحسب تقدير المجلة الاميركية فوربس (المتخصصة بإعداد قوائم الأغنى أو الاكثر شهرة في العالم) فإن إيفانيشفيلي يشغل المرتبة 153 بين اغنى اغنياء العالم. وتبلغ ثروته 6،4 مليارات دولار. وللمقارنة فإن مجمل الناتج الداخلي القائم في جوروجيا هو 24،5 مليار دولار. وحياته هي اشبه بفيلم. ولد في عائلة فقيرة، وهو الأصغر بين خمسة ابناء. ذهب للدراسة في موسكو، حيث التقى فيتالي مالكين، الذي هو حاليا رجل اعمال وسياسي روسي، وبدأ واياه في استيراد كومبيوترات وشيء غير معروف حينذاك في الاتحاد السوفياتي وهو اجهزة التلفون بأزرار بدلا عن القرص. ولكنه جمع ثروته لاحقا من شركات المعادن والبنوك التي كان يشتريها بالملايين ويبيعها بالمليارات. وفي سنة 2010 حصل على الجنسية الفرنسية، ما حدا بالسلطات لنزع الجنسية الجورجية عنه، خصوصا بعد ان اعلن عزمه على المشاركة في الانتخابات.
وبيزدينا هو معروف بميوله الروسية، اما هو شخصيا فيؤكد انه صديق لروسيا ولكنه ليس "جاسوسا". ومنذ سنة تعهد بأن تياره السياسي لن يدخل في البرلمان فقط، بل وسيربح الاكثرية المطلقة في الانتخابات. والائتلاف الذي يقوده يتألف من ستة تنظيمات سياسية، وباعتبار انه منزوع الجنسية، فإن مركز القيادة في الائتلاف تشغله حاليا المحامية مانانا كوباخيدزه.
ويقول ايفانيشفيلي انه يريد دمج جورجيا في الاتحاد الأوروبي، ولكن سآكاشفيلي يعرقل ذلك، بسبب انشائه نظاما فرديا اوتوقراطيا، حيث هناك 15 شخصا يتقاسمون اقتصاد البلاد. فالمدعي العام الرئيسي يسيطر على قسم كبير من الاقتصاد، اما وزير الدفاع فيسيطر على بيزنس النفط، حسب تأكيدات ايفانيشفيلي. ولهذا فهو يدعو الغرب الى التوقف عن دعم سآكاشفيلي.
ويملك ايفانيشفيلي امبراطورية اعلامية، بناها حول تلفزيون TV9، الذي اسسه على شاكلة CNN، بالخبرات والتكنولوجيا الاميركية. وترفض جميع اقمار التشغيل ان تبث لتلفزيون TV9، ولذلك فهو يعتمد على قمر التشغيل Global TV. وتتهمه السلطات بأن ذلك هو "رشوة" و"شراء للاصوات". ويقال ان التجهيزات التي سبق وتلقاها التلفزيون من اميركا، لم تخرج من الجمارك الا وهي معطلة.
ومؤخرا عمدت السلطات الى تجميد الحسابات البنكية لائتلاف "حلم جورجيا" وفرضت عليه غرامات ضخمة من شأنها ان تؤدي به الى الافلاس. وعبرت المفوضية الاوروبية عن القلق حيال هذه التطورات. فهذه المرة لن يكون هناك طرف مفضل من قبل الاتحاد الاوروبي. ومعلوم أن الغرب قد برّد علاقاته مع سآكاشفيلي بعد حرب آب 2008 بين جورجيا وروسيا بسبب اوسيتيا الجنوبية. ففي بروكسل هناك الكثير من الغاضبين على سآكاشفيلي. وقد عبر الكثير من الملحقين العسكريين الغربيين عن دهشتهم من ممارسات سآكاشفيلي التي ادت الى الحرب مع روسيا. كما وعبروا عن الدهشة من صبر الجورجيين الذين لم يزيحوه عن السلطة حتى الان. وقد جرى العكس حيث ان سآكاشفيلي انتخب مرتين لرئاسة الجمهورية بعد حرب 2008. اي انه بقي له مدة قليلة حتى نهاية عهده في بداية عام 2013. ولذلك فإن احتمال خسارته الانتخابات النيابية يمثل موتا سياسيا بالنسبة له. ولهذا فهو يصارع بعنف ليكسب المعركة.
وبالنسبة للغرب، فإن "الحليف الجيد" يتصرف كمستبد، في حين ان "المعارض السيئ"، حتى ولو كان عميلاً روسياً، فهو في الوقت ذاته مواطن فرنسي، يحاول ان يتقرب من اميركا. ويلخص بعض المراقبين سياسة إيفانيشفيلي بالشعار التالي: مع الغرب ولكن ليس ضد روسيا.
*كاتب لبناني مستقل