ارشيف من :آراء وتحليلات

أميركا أكبر مصدّر أسلحة... وشيوخ النفط العرب أكبر الزبائن!

أميركا أكبر مصدّر أسلحة... وشيوخ النفط العرب أكبر الزبائن!
صوفيا ـ جورج حداد*

في ظروف الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة، وبالرغم من سياسة "الانسحاب" الاميركي من افغانستان والعراق لتخفيف أعباء الميزانية، تعتبر صناعة الأسلحة وتصديرها من أهم الموارد المضمونة والثابتة للاقتصاد الاميركي المزعزع. وهذا ـ من وجهة نظر "اقتصادية" ـ ما يفسر التناقض في السياسة الخارجية الاميركية المتبعة: فمن جهة سياسة "تهدئة" عبر عنها "الانسحاب" من افغانستان والعراق؛ ومن جهة ثانية سياسة تحريض وتأزيم للاوضاع الدولية وتوتير الأجواء وصولا الى شفير الحرب، وهو ما يعبر عنه التحريض الاسرائيلي ـ الاميركي ضد ايران ولبنان وحزب الله، وخصوصا التهديد الاسرائيلي بضرب المفاعل النووي السلمي الايراني وبتهديم لبنان بحجة اي " استفزاز" من حزب الله حسب تعبير بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو.

أميركا أكبر مصدّر أسلحة... وشيوخ النفط العرب أكبر الزبائن!

وقد توصلت أميركا الى تحقيق رقم قياسي في تصدير الأسلحة سنة 2011، اذ بلغ اجمالي المبيعات 66،3 مليار دولار، في حين ان مجموع المبيعات العالمية للأسلحة في السنة ذاتها بلغ 85،3 مليار دولار حسبما اعلنت جريدة "نيويورك تايمز".

وتستند الجريدة الى تقرير صادر عن مجلس الكونغرس الاميركي، الذي يستفاد منه أن حصة اميركا من اجمالي قيمة تصدير الاسلحة عالميا تبلغ اكثر من 75%.

وتأتي في المرتبة الثانية روسيا بمبلغ "صغير" مقارنة بالحصة الاميركية، وهو 4،8 مليارات دولار.

وقد ارتفعت المبيعات الاميركية سنة 2011 ثلاثة اضعاف ما كانت عليه سنة 2010، حينما بلغت 21،4 مليار دولار "فقط". وهذا المدخول هو الأكبر الذي تم التوصل اليه في كل تاريخ تجارة الاسلحة الاميركية. والرقم القياسي السابق كان في سنة 2009 وبلغ 31 مليار دولار.

وقد ادت الازمة الاقتصادية العالمية الى تخفيض مبيعات الاسلحة في السنوات الأخيرة. ويرجع سبب الطفرة الكبيرة في سنة 2011 الى ازدياد التوتر في منطقة الخليج الفارسي. اذ ان الازمة الايرانية تدفع دولا مثل العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وعمان الى شراء الاسلحة الاميركية بكميات قياسية.

والتقرير الخاص بتجارة الاسلحة الذي تستند اليه "النيويورك تايمز" صادر عن هيئة الابحاث التابعة لمكتبة الكونغرس.

ويقول التقرير ان العربية السعودية اشترت 84 طائرة مقاتلة من احدث موديلات ف ـ 15، وانواعا مختلفة من الصواريخ والذخائر، وانها جددت 70 طائرة مقاتلة من موديل ف ـ 15 التي كانت موجودة لديها في سلاحها الجوي. كما اشترت العشرات من طائرات الهليكوبتر من طراز "اباتشي" و"بلاك هووك". وبلغت قيمة مجموع مشتريات السعودية من الولايات المتحدة الاميركية مبلغ 33،4 مليار دولار.

أميركا أكبر مصدّر أسلحة... وشيوخ النفط العرب أكبر الزبائن!

واشترت الامارات العربية المتحدة من اميركا منظومة درع مضادة للصواريخ بقيمة 3،49 مليارات دولار و16 طائرة هليكوبتر من طراز "شينوك" بمبلغ مليار دولار تقريبا.

ويضيف التقرير ان حصة الدول النامية من اجمالي التجارة العالمية للسلاح هي 71،5 مليار دولار، منها 56،3 مليار دولار دفعت ثمنا لاسلحة اميركية.


وتكتب "نيويورك تايمز" ان احدى اولويات السياسة الاميركية هي "التعاون" مع "الحلفاء" العرب في الخليج الفارسي، من اجل بناء منظومة درع مضادة للصواريخ، لحماية المدن، مصافي النفط، انابيب النفط والقواعد العسكرية من احتمالات الهجمات الايرانية.

ويشمل المخطط نشر رادارات، من شأنها توسيع مدى عمل منظومات الانذار المبكر في الخليج الفارسي، وادخال انظمة للتحكم، والمراقبة والاتصالات، التي يمكنها تبادل المعلومات مع الصواريخ الجديدة صائدة الصواريخ، التي تم بيعها الى بعض البلدان.

أميركا أكبر مصدّر أسلحة... وشيوخ النفط العرب أكبر الزبائن!

وفي هذا الصدد يقول احد الخبراء انه، بالاضافة الى اهمية الجانب الاقتصادي لاميركا، فان تصدير الاسلحة المتطورة، وبكثافة، الى شيوخ النفط العرب يستخدم ايضا كستار لاحتلال اميركي مبطن لدول الخليج العربية. ذلك ان تلك الدول لا تملك الطواقم البشرية الكافية لادارة وتشغيل هذه التكنولوجيا الحربية الحديثة الفائقة التطور. اولا لان ابناء العائلات الحاكمة هم مشغولون بالفرفشة والليالي الحمراء والليلكية وتحت البنفسجية وآخر همهم الانخراط في العسكرية الجدية اي غير الاستعراضية. وثانيا لان العائلات الحاكمة لا تجرؤ على التدريب العسكري المتطور للمواطنين العاديين وتسليمهم مثل هذه الاسلحة الفتاكة. ولذلك فان الطبقات الحاكمة في بلدان الخليج النفطية العربية تعتمد في ادارة وصيانة وتشغيل هذه الاسلحة وجعلها في جهوزية قتالية، ـ تعتمد على "الخبراء" الاميركيين، الذين يلعبون دورا مزدوجا: اولا دور قوى محتلة مبطنة باتفاقيات "صداقة" "سيادية". وثانيا دور مصدر اضافي كبير للاموال التي تدخل الخزينة والاقتصاد الاميركيين، تحت شكل "اجور" وبدل خبرات وأتعاب لهؤلاء " الخبراء".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب لبناني مستقل

2012-08-30