ارشيف من :آراء وتحليلات

كوابيس الأزمة تدفع أوروبا الى شد الأحزمة وموجة الاحتجاجات تتواصل

كوابيس الأزمة تدفع أوروبا الى شد الأحزمة وموجة الاحتجاجات تتواصل
صوفيا ـ جورج حداد*

يحاول قادة أوروبا المختلفون فيما بينهم التوصل الى اتفاق جديد، يسمح في النهاية بحل أزمة المديونية في منطقة اليورو. ففي الايام القادمة سيجتمع قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي في بروكسل لاتخاذ قرارات هامة. أما في الوقت الراهن فإنهم، وحسب تعليق جريدة "آيريش تايمز"، يحاولون ان يجدوا الحلول لعدد من المفارقات التي تؤجل منذ سنتين اتخاذ تدابير حاسمة.

وبالرغم من انهما تؤكدان العكس، فإن المانيا وفرنسا تبقيان الدولتين الأكثر اختلافاً فيما يتعلق بالعناصر الأساسية لسلة القرارات الانقاذية الجديدة. وفي الاطار الأوسع فإن معالم الاتفاق اصبحت واضحة. فهو سيتضمن توجيهات جديدة لسلة إنقاذية ثانية لليونان، وتوسيع الصندوق الأوروبي للاستقرار والدعم المالي للبنوك الأكثر ضعفاً. ويتوقع وضع قواعد ميزانوية اكثر صرامة، من شأنها ان تؤدي الى اجراء تغيير في الاتفاقات الأوروبية والى اجراء استفتاء جديد صعب في ايرلندا.

كوابيس الأزمة تدفع أوروبا الى شد الأحزمة وموجة الاحتجاجات تتواصل

وفي هذا الوقت فإن الوكالة الدولية للتصنيف "ستاندرد اند بورز" خفضت التصنيف الإقراضي لاسبانيا من درجة "АА" الى درجة "АА-" مع افق سلبي. وحذرت الوكالة من التمويل الضعيف للنظام البنكي الاسباني، ومن المخاطر التي تحيط بالنمو الاقتصادي ومن البطالة العالية. وبالاضافة الى ذلك وجهت انتقادات الى عدم انجاز الاصلاح في قوانين العمل. وتشير "ستاندرت اند بورز" إلى انه "توجد مخاطر كبيرة حول آفاق النمو في اسبانيا بسبب البطالة العالية، والأوضاع المالية الصعبة والمستويات العالية للدين حتى الان". وحذرت الوكالة من انه يوجد احتمال لتخفيض جديد للتصنيف الإقراضي لاسبانيا. وتعلق وكالة فرانس برس على ذلك بالقول ان تخفيض مستوى التصنيف الإقراضي لاسبانيا يؤكد على ضرورة القيام بفعاليات ضد أزمة المديونية الاوروبية. والآن يتوجب على الاتحاد الاوروبي ان يركز الاهتمام على مشاريع إعادة رسملة البنوك على خلفية الاحتمال المتنامي لوقوع خسائر اكبر بسبب الدين اليوناني.

وتستعد البرتغال لشد الأحزمة أكثر وأكثر. ويجري التحضير لإلغاء الشهر الـ13 والشهر الـ14 من معاشات موظفي الدولة، ولاطالة دوام العمل، ولبرمجة جديدة لاوقات العطل. وكتبت الجريدة النمساوية "دي بريسي" ان البرتغال تريد ان تخفض عجز الميزانية عن طريق الاجراءات التقشفية الشديدة. وصرح رئيس الوزراء بيدرو باسوش كويليو ان البلاد تعيش في اوقات تتطلب القيام باجراءات قاسية.

وسيتم حرمان موظفي الدولة مما يزيد عن 1000 يورو تحت شكل الغاء الشهر الـ13 والشهر الـ14. وفي القطاع الخاص سوف تتم اطالة دوام العمل، واجراء تخطيط جديد للعطل.


وفي بروكسل شارك اعضاء الفيديرالية الاوروبية للنقابات في جزء من المظاهرات الاحتجاجية، حيث اجتمعوا امام مقر اللجنة الاوروبية في بروكسل، ليعلنوا: "لا للاجراءات التقشفية للاغلبية، والمكافآت للاقلية من المحظوظين".

هذا وقد شملت موجة الاحتجاجات مختلف انحاء اوروبا. ففي اليونان جرى اضراب عام، وسارت المظاهرات في تشيخيا، فرنسا، بروكسل ولوكسمبورغ وغيرها. وعملت النقابات على تنظيم المظاهرات في بروكسل خلال انعقاد مؤتمر القمة للاتحاد الاوروبي، للاحتجاج على اجراءات التقشف المفروضة تقريباً اينما كان، حسبما اوردت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي يوم الاحتجاجات الاوروبية الشاملة، المنسق من قبل الاتحاد الفيديرالي للنقابات، وقعت اليونان في ازمة مواصلات بسبب الاضراب العام، ثم تحولت الازمة الى شلل تام. وحرمت العاصمة اثينا بشكل تام من المواصلات الجوية والبحرية والسكك الحديدية لمدة 24 ساعة. وحدث ازدحام شديد في الشوارع بسبب الاضراب في المترو، والنقل بالباصات والتراموايات. وبسبب اضراب البحارة بقيت السفن راسية في اماكنها. وبسبب اضراب الصحفيين حرم الجمهور من وسائل الاعلام. كما شل الاضراب المدارس، المستشفيات، المحاكم، البنوك، الشركات العامة الكبرى وخصوصاً شركات الكهرباء والخدمات البريدية. وكان هدف الاحتجاجات ضد الاصلاحات غير الشعبية واجراءات التقشف الجديدة، التي سبق ان رفضت الحكومة الاشتراكية السابقة تطبيقها تحت ضغط الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، اللذين قدما القروض للبلاد لاجل انقاذها من الافلاس.

كوابيس الأزمة تدفع أوروبا الى شد الأحزمة وموجة الاحتجاجات تتواصل

وفي بروكسل نظمت الفيديرالية الاوروبية للنقابات ما يسمى "حزاماً" بشرياً، حول مدخل مقر اللجنة الاوروبية، كتعبير عن الاحتجاج على اجراءات التقشف.

وقد نظمت النقابات في لوكسمبورغ، بلجيكا، المانيا وفرنسا مظاهرة احتجاجية مشتركة امام مقر البرلمان الاوروبي في لوكسمبورغ. وقد استقبل رئيس الوزراء جان ـ كلود يونكر لجنة من المحتجين، بصفته رئيس المجموعة الاوروبية، التي تضم وزراء المالية في بلدان منطقة اليورو.

وصرح الامين العام للفيديرالية الاوروبية للنقابات جون مونكس ان " البنوك تواصل الاستحواذ على الارباح، وجعل الخسائر عامة"، وأن " النقابات الاوروبية تريد من الحكومات وقف المس بالاجور والمساعدات الاجتماعية".

*كاتب لبناني مستقل
2012-09-07